Part 40

260 14 20
                                    


واقفة أمام باب شقتها منذ دقائق عديدة، رفعت يديها تتلمس بأصابعها المرتجفة اللوحة المعلقة على الباب « هنا شقة يحيى وفريدة، ممنوع الإزعاج»..

إرتسمت إبتسامة طفيفة على شفتيها، متذكرة يحيى وهو يقوم بتعليقها يوم زفافهم..

هبطت دموعها أثناء فتحها للباب، ثم دخلت تجر قدميها، مدت يدها تُضئ النور، تمرر نظرها على العفش المُغطى..

مشت بخطوات شبه ميتة وجهها تغرقه دموعها حتى وقفت أمام صورة كبيرة معلقة على الحائط..

صورة زفافها.. لمست وجهه تخاطبه بقلبها " لما حبيبى، لما رحلت وتركتنى ورائك، ألم نتعاهد أن نظل سوياً "..

قَبلت صورته دموعها تتساقط على وجهه وهمست تحدثه كأنه يسمعها ( حبيبى.. كان نفسى أودعك بس.. أخدك فى حضنى لأخر مرة.. كنت هحضنك بس..)

إرتفعت شهقات بكائها تتمعن فى ملامحه، لقد إشتاقت له ولنفسها معه..

منذ وفاته ماتت الحياة بعينيها، قلبها ينزف وهيئتها صامدة، تتحمل فقط من أجل أولادها، تعيش على ذكريات حبهم، كلما تخاف تحتضن نفسها متخيلة أنه يحاوط جسدها كما كان يفعل، كل ليلة تتحدث مع صورته تقص عليه تفاصيل يومها كما إعتادت أن تفعل معه..

إستدارت تدخل غرفتهم، وفى طريقها عينيها على كل زاوية بها ذكرياتهم وهم يتحدثون، وهم يلعبون، وهو يشاركها تحضير الطعام..

تشعر بوحشة عجيبة تجتاحها، وكأن دفئ المنزل إختفى برحيله..

أضاءت نور الغرفة.. ثم إتجهت للدولاب فتحته تنظر لملابسه المنظمة..

إنهمرت دموعها ملتقطة جاكيته ورفعته لأنفها تشتم رائحته..

إرتدت الجاكيت تشعر وكأنه يحتضنها بدلاً عن صاحبه، ثم إلتقطت عدة قطع من ملابسه وجلست على الأرض تحتضنهم وهى تبكى بهستيرية، لقد إنهار تماسكها تماماً، كأن خبر وفاته وصل لها الآن..

بالخارج وهى فى طريقها للصعود لأعلى، رأت باب الشقة شبه مفتوح..

وقفت سيلين تنظر للباب، تفكر مَن قد يكون فتحه، بالأسفل نوال وحنين وولاء يشاهدون التلفاز، ومازن منذ ساعتين صعد مع رفاقه ليتحدثون فى أشياء تخص عملهم، وفريدة أخبرتهم أنها ستنام ودخلت الغرفة مع أسر ومليكة ومعهم قطتها.. إذن مَن فتحه؟!..

إقتربت من الباب تفتحه ودخلت تنظر فى الأرجاء.. توسعت عينيها عندما وصلها صوت بكاء عالى..

زادت حدة تنفسها، لم يحتاج الأمر لمزيد من التفكير، علمت أن هذه فريدة..

مشت لإتجاه الصوت وكلما تقترب يزداد علو الصوت وتزداد معه دقات قلبها..

تجمدت خطواتها عندما وقعت عينيها على فريدة، جالسة بالأرض و ملابس يحيى حولها، دافنة وجهها بين كفيها تبكى وجسدها يهتز بقوة..

حنان القاسى حيث تعيش القصص. اكتشف الآن