الليلة حالكة، والقمر يتوسط السماء كسراج بارد، يعكس وهجه على القصر المظلم الذي يعلو قمم الجبال كسيد يراقب مملكته بصمت. أسواره الشاهقة مغطاة باللبلاب الأسود، ونوافذه الزجاجية العتيقة تعكس لمحات من النيران المشتعلة في الداخل. صوت الرياح يزمجر بين الأبراج الحجرية، حيث تنتصب تماثيل الغارغويل، تحرس القصر كأنها ستنقض في أي لحظة.
داخل القصر، في القاعة الكبرى، يمتد السجاد القرمزي كأنه بحر من الدماء، فيما تتوهج الشمعدانات الفضية بلهب أزرق مخيف. الستائر الثقيلة تتمايل ببطء تحت تأثير النسيم المتسلل عبر الشقوق، بينما يعكس الرخام الأسود الأرضي صورًا مشوهة للظلال المتراقصة.
على العرش، يتربع داميان أرنولد، البكر، بهالته الملكية التي تفوح منها رائحة السيطرة المطلقة. شعره الأسود ينسدل على كتفيه، وعيناه الحمراوان تلمعان ببرود كأنه يرى العالم مجرد رقعة شطرنج. أصابعه تداعب المقبض الفضي لكأس مملوء بسائل أحمر كثيف، ممسكًا به باستخفاف.
إلى جانبه، يتكئ كاسبر أرنولد على أحد الأعمدة الرخامية، يدير خنجره بين أصابعه بملل. شفتاه ملوثتان بآثار دماء حديثة، بينما عينيه الداكنتين تراقبان داميان بعدم اكتراث. شعره الفضي القصير يتناقض مع ملامحه الحادة، وهو يبدو مستعدًا للانقضاض في أي لحظة، كذئب يترقب الفرصة المناسبة.
أما عند الطرف البعيد من القاعة، يقف جوزيف أرنولد، متشنجًا كأنه على وشك الانفجار. معطفه الطويل يكاد يلتصق بجسده النحيل، وعيناه السوداوان مليئتان بالكراهية. أصابعه تنقبض حول مقبض سيفه، لكنه لا يحركه، فقط يحدق في أخويه كمن يود تمزيقهما أشلاءً.
"كم هو لطيف أن نرى العائلة مجتمعة،" قال داميان بصوت هادئ، يملؤه السخرية، ثم رشف من كأسه ببطء.
كاسبر ضحك بخفوت، يقلب خنجره بين أصابعه. "مجتمعة؟ لا أذكر آخر مرة شعرنا فيها وكأننا عائلة."
جوزيف زمجر، نبرته تقطر غضبًا. "لأننا لم نكن يومًا عائلة، فقط وحوش تربت تحت سقف واحد!"
داميان أدار الكأس بين يديه، ثم رفع نظره نحو جوزيف، بابتسامة بالكاد تُرى. "وحوش؟ هل تقول ذلك وكأنك لست واحدًا منا، جوزيف؟"
كاسبر تدخل، نبرته باردة كالصقيع. "لا تتظاهر بالبراءة، يا صغيري. كلانا يعلم أنك تشتاق إلى تذوق الدماء أكثر مما تحب أن تعترف."
جوزيف قبض على مقبض سيفه، شرايين يده تبرز تحت جلده الشاحب. "أنا على الأقل لم أقتل والدتي كما فعلت أنت، كاسبر."
الصمت حلّ فجأة، كأن القاعة ابتلعت أنفاسها. نظرة قاتلة مرت بين كاسبر وجوزيف، لكن داميان فقط ابتسم، وكأنه يستمتع بالمشهد.
"يكفي،" قال داميان، ببطء لكن بسلطة لا تُقاوم. "الدماء التي سالت بيننا كافية، ولكن إن كنتم تتوقون إلى المزيد، فلنمنح مملكتنا عرضًا جديدًا من المجازر."
كاسبر ضحك بخفة، بينما جوزيف أشاح بوجهه بغضب، لكنه لم يغادر. في النهاية، كانت روابط الدم تقيّدهم، مهما كرهوا بعضهم البعض.
لطالما حكمت عائلة أرنولد مملكة مصاصي الدماء بقبضة من حديد، لكن الإخوة الثلاثة - داميان، كاسبر، وجوزيف - لم يكونوا متحدين كما ينبغي لأي ورثة لعرش الظلام. على الرغم من أن دماءهم واحدة، إلا أن قلوبهم اختارت مسارات مختلفة، وكان لكل واحد منهم قصة انتهت بتخليه عن إرثه بطريقة لم يتوقعها أحد.
كان داميان فخورًا بدمائه الملكية، لكنه لم يكن يعلم أن قلبه سيقوده نحو امرأة لم يكن يفترض به الاقتراب منها. سيلين، ابنة لعالمين مختلفين، نصفها بشري ونصفها مستذئب، كانت تجسد كل ما كرهته عائلته. لكنها كانت مختلفة، قوية بقدر ما كانت لطيفة، حرة بقدر ما كان هو مقيدًا.
عندما قرر الزواج بها، وقف أمام المجلس الملكي لعائلته، خلَع خاتم أرنولد الفضي، ووضعه على الطاولة ببطء. "لن أكون أسير هذا الاسم بعد الآن،" قال بصوت ثابت. "من اليوم، أنا لست داميان أرنولد، بل داميان فقط."
لم يكن الأمر سهلاً، لكنه لم يندم. لقد ترك القصر والعرش خلفه، واختار حياة جديدة حيث لا يُحكم عليه بناءً على نسبه، بل على من يكون حقًا.
على عكس أخويه، لم يكن كاسبر يهتم كثيرًا بالسلطة أو النسب. كان دائمًا يشعر بالغربة بين مصاصي الدماء، ولهذا لم يكن مفاجئًا عندما وقع في حب بشرية تدعى ماريان. كانت مختلفة عن كل ما عرفه في حياته المظلمة-دافئة، مشرقة، وبسيطة.
لكن الزواج منها لم يكن سهلاً. كان يعلم أن مصاصي الدماء والبشر لا يعيشون الحياة ذاتها، وكان يدرك أن حبه لها يعني التخلي عن عالمه بالكامل. في الليلة التي أعلن فيها قراره، أخذ خنجرًا صغيرًا، وحفر خطًا رفيعًا على معصمه، ليس كجروح الماضي، بل كرمز للتحرر.
"أنا كاسبر، فقط كاسبر،" قال مبتسمًا، بينما أخذ بيد ماريان، وغادر القصر دون أن ينظر خلفه.
كان جوزيف أكثر إخلاصًا لدمائه، لكنه كان أيضًا الأكثر تمردًا على قوانين العائلة. لم يكن يخطط للوقوع في حب مستذئبة، لكن راينا لم تكن مجرد أي مستذئبة. كانت شجاعة، عنيدة، ولم تكن تخشى مواجهته. في كل مرة حاول أن يثبت تفوقه، كانت تذكره بأنه ليس فوق الجميع، بل مجرد كائن آخر يبحث عن مكان ينتمي إليه.
عندما قرر الزواج بها، لم يكن ذلك بدافع التحدي لعائلته، بل بدافع الرغبة في بناء شيء جديد. في الليلة التي جمع فيها عشيرة الذئاب وعائلة مصاصي الدماء، وقف أمامهم جميعًا وقال بصوت ثابت: "أنا ابن هذا العالم الجديد، عالم لا تفرق فيه الأسماء، بل القلوب."
لم يكن الأمر سهلاً، لكن بمرور الوقت، أصبح جسرًا بين عالمين لم يكن لهما أن يلتقيا، ليصنع إرثًا جديدًا مختلفًا عن إرث عائلة أرنولد.
لم يعد أي من الإخوة الثلاثة يحمل اسم "أرنولد"، لكنهم لم يكونوا بحاجة إليه بعد الآن. لقد صنع كل واحد منهم طريقه الخاص، بعيدًا عن القيود التي وُلدوا فيها. كانت نهايتهم كأفراد في العائلة، لكنها كانت بداية لحياة اختاروها بأنفسهم.
يتبع...

أنت تقرأ
رهينة مصاص الدماء V❤️🔥❤️🔥H
Übernatürlichesسام ارنولد رئيس مجلس الطلبة،شخص هادئ،وسيم،غامض،طويل القامة،ذو شعر طويل عينان حمراوتين...و أهم شيء كونه ليس ببشري أنه مصاص دماء...هنا في أكاديمية ارنولد الداخلية حيت إنتقلت مؤخرا، أنا هيرا جاك مجرد بشرية تعيش وصط مصاصي الدماء،من حسن حظي أن والدي ق...