مقتطفات

2.1K 55 4
                                    


في ذلك القطار النفقي كان يجلس الشاب و هو يستعيد بذاكرته تلك اللحظات التي كادت تهدد حياة الأشخاص المنوط بحمايتهم، و يستيقظ فجأةً علي صوت الفتاة التي تستأذنه بالمرور من أمامه لتجلس علي المقعد الفارغ أمامه، فسمح لها بالمرور و لكن كانت تلك واحدة من اللحظات التي جعلته يغيب عن عالم الواقع، ليذهب لذلك العالم الخيالي التي تحلق فيه تلك الفراشات و اليرعات المضيئة، عالم جذبه إليه بكل قوة و عنفوان، عالم لم يستطع الهروب منه فكان سحر تلك الفتاة، ذات الطول المتوسط و الجسد الممشوق، و الشعر الكستنائي المتموج الذي يجسد حول العينان الذهبيتان القابعتان في ذلك الوجه الدائري، تخلق أمامك مثالاً حياً للألهه أثينا.

فأستمر بالتحديق بها إلي ذلك الحد الذي يجعل الأخر يصل حد الجنون، فقامت بمبغاتته فجأة فأغلقت الكتاب الذي كانت تقرائه، و نظرت إليه بحدة تجعل الأرض تهتز من قوتها، و لكنه أستمر بالتحديق بها و أستغلها فرصة ليخترق عينيها الذهبية بعينيه العسلية.

فهمت لتقول له شيئاً بتلك الجدية الظاهرة عليها فأسرع في محاولة لتهدئتها، ليخفي ما يحدث عن أعين الركاب المجاورين :سيدتي الجميلة، عندما تشبهين أثينا، فلا أظنك تملكين الحق بالغضب من المتملقين، والمحدقين في ملامحك الجميلة.

وابتسم بتواضع ليكمل: أعرفك بنفسي ديف، و أظنك هي أثينا، فأنت تملكين الجمال ما يفوق الخيال، و أيضاً. ..

و نظر إلي الكتاب الذي تحمله بيدها، و أردف :و تملكين الذكاء الذي يجعلك تقرأين في علوم الأثار...

و نظر إليها فوجدها لا تستوعب ما يقوله، و لكنه لاحظ غضبها فأكمل :و أدعو أن لا تكوني من المحاربين الذين يحملون السيوف أينما ذهبوا.

فأبتسمت قليلاً، و قالت بجدية :فلتدعو ألا لا تتواجد في طريقي مرة أخري، سيد ديف لأنك عندها ستواجه سيف لا يمكنك صده.

عزيزتي الفاتنة، مستعد لمواجهة سيوف العالم بأجمع، إذا كان المقابل الوصول لقلبك الذي ينير تلك العين الذهبية،فلتنيري حياتي بشمس عيناك كما تضئ الشمس العالم بخيوطها الضبابية :قالها و هو ينظر في عيناها، و ينحني بطريقة رومانسية.

ردت عليه بسخرية :و ماذا سيحدث لو لم تملك قلبي بين يداك يا رفيق السفر.

فرد عليها بحزن مختلج بالألم :إذا حكمتِ عليٰ بالموت في سبيل حبكِ فاتنتي و حبيبتي.

هزئت من كلماته و قالت بمرح :يتقابل البشر و يتعارفون و يتركون بعضهم، و لا يموت أحد في سبيل الحب سيدي، فزمن الحب و الرومانسيات قد أنتهي، لا نعرفه سوي في تلك القصص.

فقال بحزم :و لكن قد ابتليت بلعنة غجرية فيما مضي، جعلت الموت درب من لا يحصل علي حبه الحقيقي في حياتي،فأنت ستحكمين بموتي لو لم توافقي علي منحي تلك القبضة الدموية التي تنبض داخل جسدك حبيبة قلبي، فقد منحتك قلبي بكل حب و أريحية، فلتتصرفي فيه كيف ما تشائي حبيبتي.

ألا تظن أنك تبالغ في كلماتك يا رفيقي، فهذه الحياة لا تسير كما نشاء، و لكن لا أنكر أن لديك أسلوب رائع في الغزل و تبادل أطراف الحديث، و لو كانت فتاة غيري لوقعت في شباكك الماهرة في التصويب، منذ أول جملة نطقتها.:قالتها و هي تبتسم.

أفقدتنى صوابى.             بقلم Ami Ismael حيث تعيش القصص. اكتشف الآن