في تلك الليلة المظلمة ذاتها وقف يوجين أمام منزل صغير الحجم يتكون من طابق واحد .. بينما كانت حبات المطر تداعب وجهه وجسده .. نظر إلى نفسه مرة أخيرة وهو يرى ثيابه الممزقة كيف له أن ينسى أن يستبدلها لابد أنها ستقلق وبشدة إن رأته بهذه الحالة .. ربما من الأفضل له التراجع عن زيارتها .. ولكن ماذا عن لهفته لرؤية صغيره .. إنه يومه الأول وقد أتته الفرصة على طبق من ذهب للبقاء معه في أول يوم له .. أومأ برأسه سلباً ليقرر أن زيارته لهما ستؤجل لأجل غير معلوم ليستدير مغادرا المكان .. سار بخطوات بطيئة مثقلة ومحملة بالكثير من الحزن والألم .. أوقفه عن السير صوت الشهقة التي صدرت فجأة من العدم .. نظر للخلف سريعاً ليراها أمامه تقف تحت حبيبات المطر وهي تضع يدها على فمها بينما إمتلئت عيناها الخضراوتان بالدموع .. نظر لها بصدمة وألم في آن واحد فهو حقاً لم يرغب في أن تراه بمثل هذا المنظر أبداً ! .. اخفض رأسه وقد تجمدت الأفكار في عقله بينما تقدمت هي منه لتمسك به من ذراعه .. تحدثت بصوت باكي :" لماذا أنت مصاب بهذه الطريقة يوجين ؟"
إبتسم بتوتر وهو يربت على شعرها البُني ليتحدث بصوت هادئ لعله يبعث القليل من الطمأنينة إليها :" لا داعي للبكاء إينوري أنا بخير حقاً , أعني لقد ذهبت إلى المشفى وتمت معالجة جروحي بالكامل لذلك لا تقلقي رجاءاً "
أبعدت يده عنها بقوة لتبتعد بدورها عنه .. تسمر هو في مكانه يراقب حركاتها وهي تمسح دموعها ثم تاخذ نفساً عميقاً وكأنها تهدأ نفسها .. إبتسم وهو يستعد للتوبيخ الذي سينهال عليه بعض لحظات قصيرة .
نظرت له بغضب لتتحدث بلهجة حادة ومندفعة :" وأنت أين تظن أنك كنت ذاهباً ؟ أراهن ان عقلك الغبي هذا أوحى لك بفكرة الهروب من هنا بسبب هذه الجراح وبذلك تغادر دون أن تلقي التحية أو حتى دون أن ترى إبنك الصغير يوجين ."
أخفض رأسه وهو يحاول إخفاء الإبتسامة التي علت شفتيه فهو قد توقع تماماً مالذي ستقوله له .. إقتربت هي منه بغيظ ورفعت رأسه للأعلى بعد أن وقفت على أطراف قدميها لتصل له وتضع عينيها مباشرة اما عينيه .. أردفت بعد ذلك بغضب :" يمكنك الإبتسام إن رغبت لستُ وحشاً كاسراً كما تعلم يوجين !"
أطلق ضحكة جميلة أجبرتها على الإبتسام وضرب خطة إنتقامها لما فعله للتو بعرض الحائط !أمسك يوجين بإحدى خُصل شعرها ليتحدث بهدوء :" لا يجب عليكِ الوقوف تحت المطر كثيراً إينوري قد تصابين بالحمى دعينا ندخل إلى الداخل الآن "
أومأت برأسها موافقة وهي تمسك بذراعه بقوة وكأنه على وشك الهروب منها .. إبتسم وهو يضع يده الثانية فوق يدها فربما يشعرها ذلك بالقليل من الطمأنينة .. قام يوجين بجعل زوجته تجلس على إحدى الأرائك البُنية اللون وأحضر لها منشفة وقام بتجفيف شعرها لها .. إبتسمت له بسعادة لتتحدث :" يوجين , أتعلم كم أن وجودك هنا يشعرني بالسعادة .. أنا مستعدة للتضحية بحياتي كلها مقابل هذه الأوقات القصير التي تكون بها هنا "
أنت تقرأ
~ روابط القدر ~
Adventureعندما يجتمع غدر البشر مع خفايا القدر ... لا يبقى للصغير ولا للطيب مكان ... عندها يجب فرض السلاح بكل أنواعه ووسائله ... فتختفي البسمة والطيبة ليحل مكانه بحر من الغدر .. ويصبح العدو صديق وهو عدو .. لا يتغير .. يصبح الأخ غداراً .. يطعن بلا إهتمام ..بحر...