صوت تلك الحجارة التي كانت تتحطم بقوة وصوت الأنفاس المُتقطعة وضحكات الحرس المُزعجة والعالية والخبيثة ربما هي ما كان بإمكانك إيجاده في إحدى تلك المناجم التي يُعاقب بها القليلون ممن حُكم عليهم بالعمل الشاق حتى نهاية حياتهم .. كان العاملون من مختلف الأعمار منهم الشباب ومنهم كبار السن و لكن أصغرهم عُمراً كان ذلك الفتى ذو السابعة من عُمره .. كان يحطم الحجارة وينقلها لمكان آخر دون الاحتكاك بأي أحد .. عيناه الزرقاوتين فقدتا بريقهما .. لقد كان أشبه بِجُثة مُتحركة لا حياة فيها أو ربما بطفل آلي يُنفذ كل ما يُطلب منه .. توقف عن الحركة عند سماعه لصوت أحد الحرس يتحدث إليه :" هي أنت يوجين روبنز سيتم إعادتك إلى زنزانتك في القصر حتى يتم إعدامك بعد يومين "
أومأ إيجاباً دون أن يفتح فمه بأي حرف أو كلمة ليتقدم باتجاه مُحدثه ويسمح له بتقييد يديه وقدميه بِحبال خشنة وقاسية سببت له العديد من الخدوش والجروح .. ولكنه بالرغم من ذلك لم يُبدي أي ردة فعل .. وكأن الأمر لا يهمه .
عاد إلى زنزانته المُظلمة ليستلقي على الأرض الباردة وهو يضع ذلك الغطاء الخفيف على جسده الهزيل .. لم يمضِ الكثير من الوقت حتى كاد يغط في النوم ولكن قفل الزنزانة الذي فُتح أجبره على الاعتدال بجلسته وهو يراقب الشخص الذي دخل إلا أن عيناه جحظت وهو يتأمل بذلك الوجه الذي كاد أن ينسى ملامحه تماماً .. احتدت نظراته وهو يراه يقترب منه إلا أن تلك النظرات استبدلت بالألم عندما قام بركله على معدته بقوة ومن ثم رفعه إلى الأعلى عندما أمسك بشعره الفضي وكأنه على وشك انتزاعه .
تحدث الصغير بألم :" دعني وشأني الآن , أنا أُريد أن أخبر الحاكم بما أخبرته لأبي سابقاً .. هو سيقابلني للمرة الأولى بعد هذه السنتين "
ابتسم ذلك الرجل بسخرية :" أخبره بما تريده يا أحمق .. أخبره بما توصل عقلك الصغير إليه وستُعدم في النهاية كقاتل وربما يتم ترحيلي وأسرتي من هذه المدينة بسبب المعلومة التي لديك ولكن يوجين أتعلم ماذا سيحل بشقيقك الأصغر حينها ؟ أنا سأخبره بالحقيقة أيضاً ما رأيك ؟"
نظر له وقد بدى أن الألم قد اشتد عليه ليتحدث بصوت منخفض :" الأموات لن يهتموا بأي حقيقة توجه لهم "
رماه أرضاً أخيراً ليتحدث بصوت ماكر وخبيث :" لا يا عزيزي , فجين لازال على قيد الحياة .. لقد أنقذه والدك ولكنه مات بعدها مُتأثراً بحروقه .. إنهُ بخير وهو الآن يعيش معي في منزلي ."
نظر له يوجين بعدم تصديق ليقف وهو يتحدث بصوت قد استعاد به شيئاً من قوته واستعادت روحه شيئاً من تماسكها :" أأنت جاد ؟ هل أخي بخير حقاً ؟ هل يُعاني من أي جرح ؟ أو حرق ؟"
ابتسم ليجيبه :" أجل جاد , ولا تقلق كثيراً إنهُ بخير تماماً , حتى الآن على الأقل .. ولكنني أعدك بأنني سأدمر له نفسيته وسأسبب له أسوء الآلام الجسدية إن تفوهت بحرف واحد "
أنت تقرأ
~ روابط القدر ~
Adventureعندما يجتمع غدر البشر مع خفايا القدر ... لا يبقى للصغير ولا للطيب مكان ... عندها يجب فرض السلاح بكل أنواعه ووسائله ... فتختفي البسمة والطيبة ليحل مكانه بحر من الغدر .. ويصبح العدو صديق وهو عدو .. لا يتغير .. يصبح الأخ غداراً .. يطعن بلا إهتمام ..بحر...