الفصل التاسع والعشرين

2.8K 272 217
                                    


توقف التاريخ هنا ليشهد ومجددا على فظاعة البشر ، هو دون هذه الحادثة المريعة بين طياته بينما يسترجع بذاكرته حادثة وقعت قبل زمن طويل ، تحمل ذات طابع الخبث و الفظاعة فقط تبدلت وجوه الضحايا و الشهود ، هو وقف ليسجل بين أحداث الزمن أن هذه الأسرة مصابة بلعنة ما ، و كأنه يخبر الجميع بأنه هنا شاهد على الجريمتين وبأن البذرة السيئة لن تخرج زهرة تسر الناظرين ولا تعطر الأجواء بعبقها الندي .

سيارات الإطفاء والشرطة إضافة لسيارات الإسعاف تقف بإنتظام أمام ذلك القصر المشتعل كالجمر،  الدخول إليه بات مستحيلا لذا هم فقط رأوا أنه من المستحيل إنقاذ من بالداخل !

القصر الثاني لأسرة روبنز العريقة ، والذي يقطن به الشقيق الأصغر أليكسس مشتعل بشدة ، رجال الإطفاء وجدوا أنفسهم عاجزين تماما أمام قوة هذه النيران ، والصحفيون فقط مشغولون بإلتقاط الصور والثرثرة التي لا طائل منها وكأن من يحترق بالداخل ليسوا أناسا حقا .

الأسر النبيلة وعلى رأسهم الحاكم ينظرون لهول المنظر أمامهم ، إينوري كريس رولند  ديريك وأسرته وأسرة جيفرسون هنا يقفون بمشاعر متفاوتة للغاية ، بين السعادة والقلق و الحزن !

دعونا نعد لساعتين أو ثلاثة كاملة حيث بدأ كل شيء من هناك ، بذلك الوقت ربما كانت الساعة تشير للسادسة مساءا كان لورانس بغرفة المكتب الخاصة به وهو يفكر بأوراق العمل ، وما إن إنتهى حتى رسم ابتسامة هادئة على شفتيه والتي سرعان ما تلاشت وهو يذكر حالة رولند بالأمس بسبب تلك الرصاصة ، هو عبس بينما يفكر بأنه لم يكن يعلم بأن عمه أيضا يستخدم مثل هذه الأساليب المزعجة .

تنهد بتعب وقد قرر التوجه لمكتب والده من الطابق نفسه بما انه أخبره على مائدة الغداء انه يريد الحديث معه على الساعة السادسة ، نظر للساعة ليجدها تعدت السادسة والعشر دقائق لينطق بهدوء :" يبدوا أن الأمر لن يمر على خير لاسيما إن كان غاضبا " 

نهض ليتوجه للمكتب بآخر الرواق الهادئ فهذا الطابق بالذات لا يسمح لأحد من الخدم التواجد به فهو يحتوي على جناح سيد القصر وزوجته إضافة لمكتب أليكسس وابنه .

هو طرق على باب المكتب بينما يتحدث بهدوئه المعتاد :" أبي أنا هنا كما طلبت "

صمت بإنتظار الرد لكنه لم يتلقاه ليضيق حاجباه فهذا يعني أن والده غاضب وبشدة منه ، تنفس بعمق بينما يفتح الباب ببطئ لكنه ما إن فتحه حتى وقعت عيناه على منظر لن ينساه طوال حياته المتبقية - هذا إن تبقى له الكثير أساسا - .

والده كانت عيناه متسعتين بشدة وخاليتان من الحياة بينما هو يقسم بأنه يرى دموع عالقة بين رموشه ، وهنالك سكين مغروسة بقلبه ، هو لم يتمكن من التراجع للخلف أو على الأقل الصراخ لعل أحدهم يأتي ، فالنيران كانت تلتهم المقعد وجسد والده من الأسفل بينما تنتشر ببطئ للأعلى وتتغذى بالخشب الفاخر الذي صنع منه مكتبه .

 ~ روابط القدر ~حيث تعيش القصص. اكتشف الآن