أين الجميع ؟
أين أنا؟
سواد يلتحف الأماكن
ماهذه الأصوات؟
ماهذه الوجوه العابسة؟!!
أيُ أنين ٍ هذا؟
رأسي تؤلمني.
أريد أمي
فلتوقفوا هذا الضجيج
أين أبي ؟
أين أمي
سواد كَّـلل الأشياء
سواد فقط
إرحلي أيتها الأطياف...
أيها الحزن القابع في الصدور
أعلن الرحيل
لا تودعني موافقة
لكن إرحل فقط
...... ......... .........
استيقظ جلال على صوت هالة وهي تصرخ في نومها
"سارة سارة"
ثم استيقظت هلعةً ترتجف والعرق يتجمع على جبينها الحنطي كحبات ندى
كان جسدها يرتجف كورقة شجر في مهب ريح قالت بجزع
"بسم الله الرحمن الرحيم"
ووضعت يدها أيسر صدرها فنبضات قلبها تكاد تخرج من صدرهالشدة خفقانها
أعطاها جلال كأس ماء ثم ضمّها قائلاً
"لابد وأنك ِ تحلمين يا عزيزتي إهدئي لقد إنتهى؛إنه مجرد كابوس أخر"
لكنها لم تهدأ بل هرعت من سريرها إلى غرفة إبنتها فتبعها زوجها كانت الصغيرة نائمة بكل أمان، فحملتها وعادت إلى سريرها بالقرب من زوجها الذي عاد أدارجه للسرير ضمت سارة ونامت حتى الصباح
إستيقظت الشمس لتبدء عملها الأزلي بالسطوع فوق ربوع هذه القرية ذات الجمال المميزوأثناء تناول العائلة لإفطارهم تحدث أبا توفيق معلناً للجميع الإستعداد لنزهة
كان الجد وجلال وتوفيق خيّالة ماهرون فركبوا فوق خيولهم بينما النسوة فضلنّ ركوب السيارات خلال هذه النزهة
إستعاد جلال وتوفيق بضع ذكريات لهما في جنبات الأماكن يضحكان لتلك الحركات الطفولية الشقية،كان الأب سعيداًَ بهذا التوافق الذي أثمرته النزهة بين جلال وتوفيق مزيحة غمام التوتر بينهماوصل الجميع لبستان جميل يتوسطه منزل متوسط الحال أطلت منه سيدةً عجوز مربوعة الطول حنطية البشرة بعينان صغيرتان بنتيا اللون تضع على رأسها شالاً ابيضاً ورحبت بهم بحرارة جلسوا في الباحة الخلفية تحت شجرة توت ضخمة بدت كالمظلة تقيهم من شمس الظهيرة في هذا الجو الربيعي اللطيف والدافء
وعلى طالولة بيضاوية الشكل ذات لون بني فاتح بزخرفات فضية وضعت العجوز صحون الفواكه
وصل شاب في الثلاثين من عمره مُرَحِباً بالجميع ،طويل القامة نحيل الجسد شعره أخذ بالتراجع ليجعله شبه أصلع سمار بشرته التي لفحتها الشمس جعلته وسيماً بعينيه البنيتين ثم ابتسم قائلاً
"مرحباًَ بأبا توفيق،ماهذه الزيارة المفاجئة؟يا أهلاً وسهلاً،أهلاً بالسيد أبا حازم، وسيد أبا سارة،أنرتم داري مرحباً بكم جميعاً؛لقد حلت علينا البركة بزيارتكم "
رد أبا توفيق بصوته المهتز لديه ذاك الصوت الذي يميزه عن الكثيرين من الرجال
"أهلاً أهلاً يا دكتور سامر كيف حالك يابني،رحم الله أباك كان صديقي المفضل "
"أبا توفيق وأبا سامر أصدقاء منذ مقاعد الدراسة، تزوجني قبل أن يتزوج السيد عادل من السيدة يسرى لذا ابني اكبر من توفيق بقليل "قالتها والدة سامر تتحدث مع هالة
ودار الكثير من الحديث الودي بين أهل المنزل وهذه العائلة الزائرة إلا لبنى فلم تنبس ببنت شفة فعجرفتها منعتها من الإختلاط بمن دونها إجتماعياً بحسب رأيها
أخذت عبير أخاها رامي وابنة عمها سارة ليلعبان معها لكنها نسيت أمرها وتركتها في الحقل عائدة مع رامي
إنتفضت هالة حين رأتهما عائدان بدونها و هبت واقفة تسأل عبير بقلق
"أين سارة ياعبير ؟"
تلعثمت عبير وقالت
"لا ادري،لاادري، ليست معي أعطيتها لرامي ليعيدها "
انزعج جلال جداً وصاح
"أعطيتيها لرامي ؟!، وهل رامي بالكبير لتعهدي إليه بسارة ؟!"
وقفت صاحبة المنزل مرتعبة تقول
"علينا إيجادها،فالأبقار طليقة في الخارج،لقد أخبرت الولدان أن لا يذهبا للجهة الشرقية من الحقل ، لأننا قد أطلقنا بضع بقرات ترتع العشب "
"ياإلهي علينا إيجاد الصغيرة "
قالها الجد الذي ضرب بعصاه الارض الترابية ويقف لبدأ رحلة البحث، راح الجميع يبحث عن سارة هنا وهناك فأخذتهم عبير حيث لعبوا للمرة الأولى لكنهم لم يجدوها وظلوا يبحثون عنها بهلع
أنت تقرأ
أثريـاء ولكــن
Romantikجنون ينتفض حين تميل النفس إلى ماليس من نصيبها ويصبح الطمع الدافع الأكبر لها تعمى البصيرة والفؤاد وتتخابط الهواجس ... فيستولي الحقد والكره النفس البشرية وتبدأ الخطوات بالإنحدار نحو مستنقع الجريمة... فتنشب الحرب الضروس بين الحب والمال ذكريات مؤلمة...