لحظات كسكون الليل هادئة
أود أن أصرخ....
شعور بالعجز يتملكني.....
دقات قلبي متسارعة...
أشعر بالخوف
أنفاسي تتقطع...
أعجز عن الإستيعاب
أصبح العالم مخيف فجأة...
شعور الخوف يجتاحني من جديد ..
أحاول جاهدة الخروج من سجني
الأبدي...لكن...
إلى أين المفر؟ ....
وكل ماحولي ظلام ...
..............................
بات توفيق وأبا إحسان بجانب السيد عادل
ذاك الرجل الذي مابخل بصدقة أو زكاة وما أساء لخادم أو عامل لديه ...
بذل من ماله الخاص وأعطى مما أعطاه الله وتكفل بعائلات وبيوت ،طالباً من الله الرضى والقبولباتا يدعوان له ، وحزن الفرقة يكوي القلوب بإنتظار الصباح، لدفن جثمانه
هلَّ الصباح وكأن شمسه مريضة لم تشرق بسبب الغيوم في السماء والريح تحمل أوراق الشجر لتنثرها في الفضاء الرحب...
واروه لحده بجانب قبر جلال مودعينه ..
شاكين لله مصابهم آملين أن يتغمده بواسع الرحمة والغفران وعادوا لقصرهم الصغير الذي غطاه سواد الحزن ...
وفي اليوم الثالث للعزاء أتت لبنى تعزي عمتها..فرفضت أم توفيق ولينا إستقبالها وأشاحتا بوجهيهما بعيداً متجاهلات سلامها وكلامها بينما كانتا قد أستقبلتا صفية سابقاً بأجمل العبارات ....
أتت صفية فأجلستها أم توفيق جانبها تعرف الجميع عليها وعلى أنها زوجة ولدها توفيق الثانية
علمت لبنى بأنها خسرت الآن كل شيء فتركت المجلس عائدةً إلى منزل والديهامرت أيام العزاء ثقيلة كئيبة على العائلة وبعد مكوث لينا وزجها بجانب والدتها يواسوها المصاب ويهونان عنها استأذناه بسفرهما للرجوع لأولادهما في الخارج
لم تذهب سارة إلى المدرسة خلال هذه الأيام
جلست جدتها بجانبها على مقعد حديقة الفيلا تلفها بذراعيها واضعة رأسها على صدرها تمسح شعرها
"سارة ..عليك العودة للمدرسة غداً يا حبيبتي "
"لماذا رحل؟"
رفعت جدتها حاجبيها متعجبة
"ماذا قلتِ!؟"
أجابتها
"جدتي ...لماذا رحل جدي أيضاً؟!"
ثم راحت تبكي ودموعها تسبح على وجنتيها
أبعدتها جدتها برفق عن صدرها ،ووضعت يديها الحنونتان على وجهها الصغير قائلة
"هذا لايجوز ياسارة ...الموت والحياة آيتان من آيات الله وكل نفس ذائقة الموت ...حبيبتي عليك ِأن تتحلي بالإيمان ، فهذا قضاء الله وقدره ولكل أجل كتاب "
أومئت برأسها وأجابت ماسحة دموعها
".. ...سأذهب لأصلي العصر "
"بارك الله فيك ياغالية وأنا أيضاً .... هيا لنصلي معاً...ونقرأ ماتيسر لنا من القرآن"
امسكتا أيدي بعضهما وسارتا في هذه الحديقة الهادئة
حل المساء وعاد توفيق للفيلا فقد طلبت أمه منه أن يبات وزوجته الجديدة عندهم بينما الأولاد يبقون في منزله الأخر مع لبنى التي عادت إليه من أجل أولادها واضعةً الأمر جانباً بينما تنقضي أيام العزاء بطلب من توفيقإستقبلته صفية في الصالة قائلةً
"عزيزي توفيق أمك تحتاج مكالمتك ...إنها في غرفتها "
طرق الباب طرقات خفيفة وولج قائلاً
"السلام عليكم ..."
"وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته...أهلاً يابني ...إجلس ياتوفيق لي معك حديث"
جلس بكل إنتباه لما ستقوله أمه التي بدأت حديثها
"بني...رحم الله أباك قد ترك لك الكثير من المسؤوليات ...أريدك أن تدير الشركة وتعهد بالمعملان لموظفان موثوقان .....فالشركة من أهم أولوياتنا ..فهي أولاً من أموال يتيمة ونحن مسؤولون أمام الله عنها... ثانياً قد تعب أباك جداً لتصل لهذا المستوى لذا أريدك أن تديرها أنت وليس موظف ما
... الأمر الأخر لا أريدك أن تطلق لبنى.. إن إقتنعت بوجود صفية..."
أجابها يتنهد
"يا أماه...لبنى ليست هينة وستفتعل المشاكل وقد تتمادى فتؤذي صفيةو.."
قاطعته سريعاً
"لا بني... أنا أخبر بلبنى وبتصرفاتها قد تكون مثيرة للمشاكل ..وتثور كثيراً لديها الكثير من الهفوات إلا أنها لا تؤذي أحد ، مايحصل بسببها ماهو إلا قضاء وقدر لا تحملها الملامة يابني إن الله كره الظلم لنفسه فلا يحبه لعباده ... فلا تظلمها ياتوفيق"
"حسناً، سأبذل ما بوسعي ألا أظلم إحداهما أساساً صفية رضيت بوجود لبنى ولم تشترط عليّ طلاقها..."
إبتسمت أم توفيق وقالت
"صفية فتاة عاقلة ومثقفة بارك الله لكما ..أحسنت الإختيار هذه المرة أتدري ...لقد فرح أبيك رحمه الله بإختيارك لها كثيراً ،ناهيك عن جمالها لديها خصال حميدة كثيرة بين صفاتها "
إبتسم إبتسامة حزينة توفيق وتابع حواره مع أمه
"الحمد لله الذي وفقني لرضاه "
ثم جثى على ركبتيه أمسك يد والدته وقبلها بعمق يقول ودموعه في عينيه
"رضاكِ يا أمي أعلم أنه بسبب لبنى غضبتم مني كثيراً كنت أحبها جداً ، لكن تصرفاتها جعلتها تخرج من قلبي حتى أني بت لا أعرف مشاعري إتجاهها "
"لا.. لا يابني ...إياك وأن تفكر بأننا قد غضبنا عليك يوماً ،الأمر ومافيه أريدك أن تكون عادلاً ولا تنساق خلف مشاعرك أبداً"
نهض ينظر لساعته يمسح دموعه
"لدي إجتماع مهم لتعذريني يا أجمل سيدة في العالم"
وقبل رأسها وضعت يدها على كتفه وقالت
"بارك الله فيك يابني إمضي لعملك."
سار يفتح باب الغرفة فإلتفت وقال
"أمي ... سارة إبنتي أيضاً والله إني لأعتبرها كعبير تمام لا أريدك أن تقلقي عليها البتة ،فأنا منذ اليوم أباها وصفية أحبتها جداً.. لنتمنى أن تبادلها سارة المحبة"
"سارة طيبة جداً كهالة رحمها الله فلم يكن قلبها يحمل لا غل ولا حقد إذهب يا بني لعملك لي حديث أخر معك ... عرّج إلى غرفتي حين تعود في المساء"
"إن شاء الله... والآن ...السلام عليكم ورحمة الله"
"وعليك السلام ورحمة الله وبركاته"
غادر توفيق الفيلا تاركاً أمه رافعةً يديها للسماء داعيةً المولى عز وجل أن يحفظه ويسدد خطاه فحمله بات غير هين ... الشركة والمعملان وأولاده وزوجتاه إضافة لسارة اليتيمة
حل مساء يوم ثاني دخل توفيق الصالة معتذراً ل امه
"السلام عليكم ...لتعذريني يا أماه وصلت الأمس متأخراً كنتِ نائمة وغادرت باكراً لم أشأ إزعاجك أعذريني.."
وضعت أمه يديها على وجهه قائلةً
"لابأس يابني... لا بأس ....إتبعني أريد محادثتك"
سار يتبع أمه التي وصلت لغرفة المكتب
تكلمت أم توفيق جالسة على الأريكة
"سيصل نزار بعد قليل محضراً الأوراق ليأخذ كل ذي حق حقه بالنسبة لأموال لينا طلبت مني وضعها في حسابها بالبنك والبقية أنت تعرفه"
"حاضر يا أماه ...هل هذا كل ما في الأمر ...؟!"
"شيء آخر بني أريدك متابعة نفقة دراسة حسان لقد تكفل أباك بها كما تعلم... لا أريد أن تتأثر دراسته بوفاة أبيك"
"سأفعل ...لا تقلقي كل شيء سيستمر وكأن أبي لازال موجوداً... أعدت جدولة الحسابات بالأمس ستبقى أموال الصدقات والزكاة سارية المفعول ولن تتوقف رواتب أي عائلة "
رنت أم توفيق للأرض بحزن وقالت
"بني.. مضى على وفاة أباك أيام... عليك الآن أن تحل مشكلاتك ...لاحظت حازم يتجاهلك ويتجاهل الحديث معك لماذا؟!"
تنهد توفيق قائلاً
"أعتقد بأنه غاضب لزواجي من صفية "
"بني ...إستوعب غضبه فهو مراهق وهي أسوء فترة تمر على الإنسان تتقلب الحياة في نظرهم وتصبح لا تطاق ..حاول أن تُبرد ناره واحتويها لا تقسو عليه "
"لا تقلقي .... سأفعل إن شاء الله"
"بارك الله فيك ياولدي ،هذا جرس الباب لابد أن نزار قد وصل "
أنت تقرأ
أثريـاء ولكــن
Roman d'amourجنون ينتفض حين تميل النفس إلى ماليس من نصيبها ويصبح الطمع الدافع الأكبر لها تعمى البصيرة والفؤاد وتتخابط الهواجس ... فيستولي الحقد والكره النفس البشرية وتبدأ الخطوات بالإنحدار نحو مستنقع الجريمة... فتنشب الحرب الضروس بين الحب والمال ذكريات مؤلمة...