كان طعم الطعام مختلفاً.

2.3K 200 12
                                    


( الفصل الرابع )

يختارُ الله من يشاء فيغمره من رحمته، يفيضُ عليه بفضله وحنانه، ينتشلهُ من غيابات الجُب إلى نور الحُب، وهكذا إنتشلني الله من الظلمات إلى النور، فأختصني بأن أنال شرف أن أكون زائراً من زوار الحُسين، ذاك الذي قيل فيه أنهُ من زاره عارفاً بحقه كان كمن زار الله في عرشه!

ها أنا الآن أسيرُ بين حشود الزائرين،أتصفحُ الوجوه المُحبة، وأستشعرُ لذة الحب واللقاء، أتيهُ بعلامات الجمال وتلك اللحظات، لحظةٌ ما بعدها لحظة تمر عليّ وعدد الزوار يزداد،

موكبٌ تلو الآخر واصوات الدعاء تصلُ القلي قبل الأذنين ، نظرات الدهشة تزين وجهي مع كل لحظة تمر عليّ بسبب مواكب الخدمة التي نُصبت على طول الطريق، عدد الزوار الذي يزدادُ مع كل دقيقة، اشياءٌ أخؤى كثيرة منها الأطعمة اللذيذة التي وزعت على طول الطريق !.
إلهي أيُ طريقٍ هذا، وإلى أين نسير.

قررنا أن نستريح اخيراً في أحد المواكب التي صادفتنا علة الطريق فجلسنا على أحد المقاعد،
احضر لنا أحدا أصحاب المواكب وجبة الافطار فنحن لم نتناول شيئاً مُذ خرجنا،

كانت أول لُقمة أبتلعها وأنا أي أسير ُ في هذا الطريق ،وكان طعم الطعام مختلفاً ولذيذاً جداً، وكأنهُ من موائد الجنة!

رغم بساطته إلا أنه كان لذيذاً لدرجة أنك لا تشبع منه ابداً
وهذا سرٌ يدركُ كُل من تذوق الطعام في هذه المسيرة، سرٌ عجيب لا يفهمهُ إلا العُشاق.

اكملنا مسيرنا ونحن نسير بحريةٍ وسعادة وأمان ونحنُ نرى
سيارات القوات الأمنية مصطفةٌ على طول الطريق، ونقاطُ التفتيش التي وزعت على أماكن الازدحام،
حقيقةً إن من يسيرُ في هذا الطريق لا يشعر بالخوف لا من قتلٍ ولا من إختطاف أو اي شيء، وهذا لأنه يشعر أن الحسين (عليه السلام) يمشي معهُ ويحرسه في كل خطواته.

بدأنا أنا وأختي بالتسبيح والأستغفار باستخدام خواتم التسبيح أما ابي فلم يتخلى عن المسبحة التي لا تفارق كفهِ الحنون.

إنها الساعةُ الحادية عشر صباحاً ، قررنا أن نستريح برهةً من الوقت حتى يحل وقتُ الصلا فنصلي الفريضة ونتناولُ الطعام ثم نُكمل المسير.

كانت صلاتنا قصراً، صليناها في أحد المواكب،
إستقبلونا فيه إستقبال الملوك، أحظروا لنا ما لذ وطاب من طعام،وما أجمل طعام المواكب!

يُنادوك نحن خدمك، يقبلون يدك، يتوسلون بك فقط ليتشرفوا بخدمة زائر الحسين!،يتنافسون فيما بينهم وأسعدهم من حصل على زائرٍ وتشرف بخدمته!

أين حاتم الطائي من كل هذا الكرم!

كيف لا ونحن شيعة علي،
ذاك الذي كان يطعم الطعام على حبه مسكيناً، ويتيماً، وأسيرا
حتى نزلت فيه آيات تصف كرمه وسخاءه.

الشاب والشيخ الكبير، المرأة و الطفل الصغير، الكل متواجدٌ هنا ما بين خادمٍ صغير، ومابين زائرٍ كبير،
لا فرق هنا بين الأسود أو الأبيض العربي أو الأجنبي
أو الأعجمي، الغني أو الفقير ، حتى إنه لا فرق بين مسلمٍ أو مسيحي ، شيعي أو سني لقد رأينا كُل الطوائف تسير في هذا المسير، بل حتى الديانات!

صلينا صلاة الظهر والعصر قصراً فلقد إجتزنا المسافة الشرعية بالفعل.
أنهينا صلاتنا وأنتهت الاستراحة، واصلنا السير وكأن شيئاً لم يكن، عند الساعة الواحدة عصراً بدأ التعب يظهر علينا، خفت حركتنا، وبدأت أقدامنا تبطىء المسير شيئاً فشيئا.

مسيرُ الحُب ": مُكتملة :"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن