( الفصـــل السادس )
" إستيقظي يا اختي إستيقظي، أقترب وقتُ صلاة الفجر "
هذا كان صوتي وأنا اُوقظ أختي من النوم فصلاة الصبح قد إقترب وقتها وعلينا أن نُعد أنفسنا لأننا سنُعاود المشي بعد الصلاة مباشرةً.
إستيقظت أختي ولكننا لم نستطع الخروج للحمامات من أجل الوضوء لأن المنزل ليس منزلنا وقد يخرج لنا رجل من أي مكان لذا كان الحذرُ واجبا.
كون المكان أمن لا يعني أن نأخذ راحتنا في الخروج فلا أحد مستيقظ الآن ولا ظمان لنا أنهم سيبقون نائمين لحين إنتهاءنا.
بعد انتظار عدة دقائق والحمد لله اتت صاحبة المنزل وارشدتنا إلى الحمامات،
أكملنا الوضوء وعدنا إلى داخل الغرفة، جهزنا كل حاجاتنا وصلينا الفجر ثم تناولنا الإفطار وانطلقنا مرة أخــرى في مسيرنا بعد أن إلتقينا بوالدي أمام بوابة المنزل.: هل تعلمان ماذا حدث ليلة البارحه في بيت ذلك الشاب" قالها أبي لنحرك رؤوسنا نفياً، تبتسم ابي بالمقابل وهو يقول:
"اتى ابن عمه عند الساعة الثانية عشرة ليلاً، يبدو أنه لم يعثر على زوار ليستظيفهم في منزله، اراد أن يأخذنا معه ولكن الشاب الذي احظرنا رفض بالمقابل قائلاً:إنهم زواري أنا، أنا خادمهم ولن تأخذهم مني .
وصل الأمر به إلى أن يزعج إبن عمه فقط كي يحتفظ بنا، اي جنون هذا!
هذا ماكنت أفكر به هذه المرة،ولم أكن أعلم أن العِشق الذي وصل إليه هؤلاء لا يعرفُ قريباً ولا بعيدا،فهم يتنافسون لِقرب محبوبٍ واحد، ومحبوبهم الحُسين.كانت الأجواء تزداد روحانية شيئا فشيئا،
كنا نستمع الى صوت قراءة القرآن وادعية الصباح من خلال مكبرات الصوت التي وزعت على طريق الزوار من قبل المواكب.
نُسبحُ الله، ونستغفر، ونكثرُ الدعاء لنا ولأهلينا ولأحبابنا، خطر في بالي حينها هؤلاء الذين يقولون بإننا نعبدُ الحُسين، عجبتُ لأمرهم ألا يرون أننا نعبدُ الله حق عبادته
ونسير طوع أمره، ونسير خلف نهجِ نبيه ونتبع وصيته باتباع أهل القربى والقرآن!
الحُسين هو قرآن الله الناطق، الحسين هو باب الله الذي يتوجه إليه الأولياء للوصول إلى الله.أثناء المسير وللمرة الأولى بحياتي أجد كل هذه اللذة في التسبيح ! أحسست بأن ذاتي تغيرت، وتأدبت في ساحة المحبوب، أصبح قلبي خفيفاً لا يفكر باي سيئة ! هذا الإحساس الذي يجتاحني الآن بدى غريباً جداً عليّ ولم أعلم بأنه ستكون نقطة تحولي.
" الساعة الحادية عشرة علينا أن نتوقف الان من أجل الغداء والصلاة والراحة "
قالها أبي وهو يشير إلى موكب النساء
توجهنا نحو الموكب فدخلنا فيه ووضعنا حقائبنا عنده ثم اتجهنا للحمامات وجددنا وضوئنا وجلسنا حتى اتت إحدى خادمات الامام الحسين (عليه السلام ) جلبت لنا الغداء ورحبت بنا أشد الترحيب ثم تركتنا بعدها لنتناول غدائنا.
سمعنا صوت الأذان وهو ينبعث من مكبرات الصوت وما أجمله من صوت روحاني اختلط مع اصوات الزائرين.
كان الكل يدخل للمواكب لأجل الصلاة
"فالحسيـــن مات من أجل الصـــلاة ولم يترك الصلاة حتى في ساحة الحرب والسهام تتدافع نحوه واحداً تلو الآخر"
عدنا لأبي بعدما انهينا صلاتنا
نظر إلينا ثم قال :
",ستأتي إبنة عمكما بعد قليل لتذهب معنا لكربلاء!نظرت في وجه اختي بدهشة وهي فعلت ذات الشيء، كيف ذلك ولقد سرنا مسافة الخمسين كيلو تقريباً !
بعد مدة قصيرة وصلت ابنةُ عمي، وهي الاخرى لاتصدق ما حدث معها، تكاد تطير من فرط السعادة لأن والدها الذي كان يرفض ذهابها وافق على ان ذهابها معنا اليوم واحظرها إلى هنا بسيارته، وبنفسه!
" الحسين أرادكِ فاحظركِ إليه "
قالها ابي لابنة عمي وابتسمت أنا
ولم أعلم بأن هذا الحديث كان قد إنطبق عليَّ ايضاً.
أنت تقرأ
مسيرُ الحُب ": مُكتملة :"
Spiritualتلك اللحظة التي رأيتُ فيها قبةَ ضريحه أخذتني لعالمٍ مختلف يُسمى العشق،فغصتُ في ملكوتِ الحُب وتعلقتُ بِتلكَ القبة، وأصبح وجودي يتمحور حولك، أنت هديتني إليك. رواية تحكي قصة فتاة ذهبت مشياً على الاقدام لزيارة أربعين الامام الحسين (عليه السلام) وعندما ر...