( الفصلُ السابع )لخِدمة الحُسين سرٌ لا يفقهُ أحد، هذا ما رأيته في عيون الخدم، نظراتهم، أفعالهم، لم تكن طبيعيةً أبداً!
لقد كانوا مثالاً لِلسخاء الذي يُذكر في روايات الكَرم
والعروبة.أن تجد إنساناً يهبُ كُل ما يملُك لإجلِ إنسان قُتل أكثر مِن ألف سنة، ليس ذلك فقط بل أنه يهبُ راحته وراحة عياله وأحبته
فالرجال لا يأتون وحدهم لهذه الخدمة بل يحظرون معهم زوجاتُهم وأطفالهم!
إنها قصةٌ من الخيال لا نجدها إلا عِند الحُسين.سِرنا هذه المرة ونحنُ سُعداء بوجود
ابنة عمي التي سوف ترافقنا في رحلة الأربعين، وجودها معنا اعطانا شعوراً جميلاً فلقد عثرنا على رفيقٍ آخر للرحلة، أما هي فتكادُ تطير من الفرح؛ لأنها تسيرُ في هذا الدرب.بينما نحن نسير ونستمع لصوت اللطم والعزاء والمواكب
وقفت لِبرهةً انظرر بدهشةٍ أمامي
رباه ما هذا !
" أرجوكِ خُذي مني هذا الطعام، بحق ضلعِ الزهراء عليك أختاه، أوتردين يدي ؟ خذي كي أتشرف بأن اكون خادماً لكم، خذيهِ أرجوكِ "
ترقرق الدمع في عيني وأنا أرى هذا الجالس أمامي،
شابٌ يبدو في الـعشرين من عمره يجلس على الارض جلسة المذلول ويضع صينية الطعام فوق رأسه يحملُ فيها بعض الشطائر البسيطة.وجههُ ولحيتهُ ملطخات بتربة الحسين، حافي القدمين، يتصبب العرق على جبينه.
رباه أيُ حبٍ هذا ؟ بل أي حياةٍ ستعيشها بحبك هذا أيها الشاب؟ الشباب في هكذا أعمار تغلبهم الشهوات غالباً ما يكونون طائشين، يتسلون ويمرحون بالأمور الدنيوية أكثر من أمور الآخرة.
ولكن لا حُب الحسين هو الذي جمع الكل هنا، جعل الناس كُلهم مجانينا.
لم أستطع رفض طلبه من خجلي من منظره فاين أنا من هذا العشق !
أخذت من صينية الطعام وقلت له بصوت منخفض : أجرك على الحسين" وذهبت مسرعةَوالدموع قـد زينت وجهي
اخذتها رغم أنني لستُ بجائعة فمعدتي مملوءةٌ من كثرةِ الطعام؛ وذلك بسبب كثرة توزيع الطعام هنا وخجلنا من أن نرد خدمة الحسين خائبين لا سيما أن أكثرهم كانوا كبارا ً في السن.حبيبي يا حسين لقد جعلت الجميع مجانين بك،
خادمك الذي يجلس على التراب هذا اليوم
يتوسل بالزوار كي يأخذوا منه الطعام
هو في حقيقة الأمر في يوم القيامة سيكون ملكاً لأنه كان خادماً لك مولاي في الدنيا.إبتسمتُ وأنا أرى بيتاً شعرياً الذي كتب على إحدى الطاولات التي يضعون عليها الشاي يصفُ حال هؤلاء الخدم :
كل الخـــــدم تنهـــان شفنــــاهه بالعيــــن
بــــس بكــــرامة تعيش خدام الحسـين
أنت تقرأ
مسيرُ الحُب ": مُكتملة :"
Spiritualتلك اللحظة التي رأيتُ فيها قبةَ ضريحه أخذتني لعالمٍ مختلف يُسمى العشق،فغصتُ في ملكوتِ الحُب وتعلقتُ بِتلكَ القبة، وأصبح وجودي يتمحور حولك، أنت هديتني إليك. رواية تحكي قصة فتاة ذهبت مشياً على الاقدام لزيارة أربعين الامام الحسين (عليه السلام) وعندما ر...