لحظةُ عشق !

1K 111 22
                                    

(( الفصل الأخير ))


أستيقظنا فجراَ وتوضئنا للصلاة ،صليت وأنا أعد الثواني كي أكمل المسير، أريد الوصول لغايتي، الغاية التي أسعى اليها منذ عشرون يوما أو لنقل لمحبوبي الذي أجهلهُ للآن.

" ڪيف ستسيرين بدون نعليك في هذا البرد! "

قالتها إبنة عمي وهي تنظر لقدمي الخالية من أي شيء سوى الجواريب
فلقد فقدته البارحة قبل المبيت ولم أجد للآن محل لبيع الاحذية ولڪنني لم أهتم لذلك بل أردت ان ابقى على ذلك الحال، للحظة في تلك الارض البارده فكرت كيف سارت مولاتي زينب تلك المسافة يوم سُبيت هل كانت ترتدي شيئاَ بقدميها أم لا ؟
أولسنا نحن من نقول إننا جئنا من أجل أن نواسي زينب !
إذن لنواسيها قولاً وفعلا.

لقد كنت امشي وشعرت بعد مدة أن قدماي تجمدتا وبان ذلك على مسيري فرفض أبي أن أكمل المسير على هذا الحال واشترى لي نعلاً خاصاً بالرجال لأنه لم يجد محلاً للنساء.
أنا قد تكفلني أبي أما زينب فلقد عادت بلا كافل.

كنا نسير في شارعٍ طويل وهو الذي يوصلنا لضريح،
في ذلك الزخم الكبير من الناس توقفت للحظة أنظر إلى السماء، وماذا الآن؟
ها نحنُ في كربلاء، ماذا بعد!

" تلك هي، تلك هي قبة حؤم أبو الفضل العباس سلام الله عليه هل ترونها "

قالتها أختي فنظرت بسرعة ورفرف قلبي وبدأ ينبض بقوة، دموعي نزلت وأنا لا أعرف السبب، وكأن روحي خرجت من جسدي في تلك اللحظة ورفرفت نحو السماء مع 
تلك الراية السوداء،
أردت أن اركض بأقصى قوتي واقترب اكثر من الحرم، أحاسيسي أصبحت مشتتة ولا أعلم مايحدث لي الآن، صوت في داخلي بخبرني أن هذا هو من تبحثين عنه، من أردتِ أن تعرفي من يكون، هذا هو الذي أرادكِ بقربه فأحضركِ إليه.

إنه محبوبك ِ الذي ڪنتِ تبحثين عنه هو السبب الذي ڪان يدفعك للٲمام، اردتي أن تري حبيبك الذي لاتعلمين من يكون وهاهي طبول قلبك تخبرك بأنه هو محبوبك ومعشوقك
" ابو الفضل "

اوهذا صحيح ؟ أنت هو ضالتي! إذن أنت هو من ڪنت أبحث عنه! أنت من اردتُ وصالك من غير أن اعرف من تكون دعوت أن اصل إليك بسرعة ڪي أعلم من تڪون وهاهو قلبي يجيبني بأنك ضالتي وحبيبي الذي احتل كياني وها أنا اليوم أتعلمُ العشق منك!

أنت الذي قد قيل فيه " نعم الأخ المواسي لأخيه "
فلقد واسيت أخاك بروحك، وكفيك، وعينك، حتى رحت شهيداً إلى ربكَ وأستبدلت كفاك بجناحين!

دموعي ڪانت حائلاً بيني وبين محبوبي إذ أنها ڪانت تسيلُ بغزارة فلم تجعلني أرى محبوبي بصورة جيدة فكنت أمسحها بسرعة وتعود مرة أخرى ،ڪم تمنيت أن أرڪض الآن وأترك ڪل شيء واحتضن شُباك ضريحه الذهبي  وأبقى هنالك إلى الأبد ...

ولڪن هذه الحياة لاتريد أن تُقربني من معشوقي إذ أن الجموع الغفيرة الملتفة حول حرمه حالت بيني وبينه فلم أستطع أن أدخل الحَرم بسبب زحام الرجال ولإني أعلم أن أبا الفضل غيورٌ جداً على النساء
وسيغضب اذا ما زاحمت امرأة رجل أجنبي
هو غيور جداً جداً وانا أحبه جداً ولذلك لم أقترب من أي رجل وبقيت بعيدة عنه ..

لم أهتم حينها لأي شيء مثل اهتممت بقبة الضريح ، بأبي وأمي من فدى بروحه فداءً لأخيه الذبيح، وكيف قُتِلَ شر قتلة، وحرموا من كان سيدا عليهم من الماء، بل حرموا النساء والأطفال أيضًا، وذبحوه بلا رحمة.

أدرت بوجهي نحو الحسين ونظرت نحو الذبيح!
تأملت بمن  ذبح فدى البشرية جمعاء، وصان دين الله الواحد من الانتهاك، الذبيح الذي أرسى للبشرية مجدها الذي ترتع في نعمته الآن، وإلى أبد الدهور، وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ [التوبة: 32] ، وها هيي دموعي تجد مرساها تتقاطر فطريا على وجنتي، وتسأل نفسها: «مولاي هل تقبلني؟ هل تأخذ بيدي أيها الذبيح ؟!».

لم أتمالك نفسي ووقفت في مكاني وتمنيت لو اني أصرخ بصوت مسموع وأردّد تلك الكلمات المروية عن جبل الصبر زینب سلام الله عليها : بأبي المهموم حتى قضى، بأبي العطشان حتى مضى، بأبي من شيبته تقطر بالدماء، بأبي من جده رسول إله السماء، بأبي من هو سبط نبي الهدى...»، وانتابتنا أنا وأبي ومن كان حولنا موجة بكاء بحرقة وألم امتدت لبعض الوقت إلى أن سكن نشيجنا، ثم مضينا صامتين لا يريد أحد منا غير ذلك السيد الذبيح شدّة تأثرنا بهموم الفراق، الفراق الذي ما ذكره مؤمن إلا استعبر.

ڪان قلبي يبڪي دماً والسيارة تتحرك عائدة بي لمدينتي التي فارقتها منذ عشرون يوماً
للبحث عن قلبي الضائع وها أنا أعود ولكن هذه المرة وجدت قلبي فتركته في كربلاء وعدت...


أقسمت حينها أن أكرس كل حياتي فداءً له، وأن لا يمضي عمري هباءَ، نذرت من ذلك اليوم عُمري، لآل البيت قد نذرتُ حياتي.


🎉 لقد انتهيت من قراءة مسيرُ الحُب ": مُكتملة :" 🎉
مسيرُ الحُب ": مُكتملة :"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن