"خطَرت على قلبي فكرَةُ الكتابَة عن عاشوراء، حينَ قرأتُ الرّسائِلَ التي ورَدَت من الامام الحُسين إلى أهل الكوفَة اليومَ مجدّدًا، وحينَ مُدَّ أوّلُ شريطٍ أصفَر في شارِع بيتِنا.
بِينَ كِتابٍ أُرسِلَ مِن الحُسينِ ابنِ عليّ، بطَلِبِ النُّصرَة وَبينَ كِتابٍ أُورِدَ من مسلمٍ ابنِ عقيلٍ إليهِ يُقالُ فيهِ أنَّ أهلَ الكوفَة أجمعوا على نُصرَتِه، استُشهِدَ السِّبطُ العزيز في سنة ٦١ للهجرة.
نحنُ اليوم، بُتنا على مشارِف نهاية سنة ١٤٣٨ للهجرَة، ومرَّ على النّاس الكثيرُ من السنين الهجريّة، وبينَ العاشِر من المُحرَّمِ، إلى الأوَّل من المحرَّمِ المُقبِل من كُلِّ سنَة مَضَت،
هُنا، في شوارِعِ الضّاحية، كانت تُفتَقَدُ الرّاياتُ السّوداء، تُفتَقَدُ الـ "هريسَة" وَيُفتَقدُ صوتُ اللّطمِ الّذي يَصدَحُ من العرباتِ المركونَة في أروِقَةِ الأحياءِ كُلِّها، يُفتَقَدُ اللباسُ الموحَّد، وَعلاماتُ الحُزن على وجوهِ المعزّين.
إنَّ هذه التّفاصيلَ الّتي يوجِدُها مُحرَّم غريبَةٌ فعلًا.
أنا أذكُرُ الأوَّل من محرّم مِن كُلِّ سنَةٍ مرَّ عليَّ فيها، وَلا بُدَّ أنَّكُم لاحظتُم كما فَعلت، أَنَّ هناكَ إلفةٌ ما، تُخلَق بينَ النّاس في هذه الأيّام العزيزة.
إنَّ لحظات الانتِظار لدينا تبقى مستيقِظَة بينَ العامِ وَالعام، وحينَ تَقتَرِب اللحظاتُ العاشورائية من قلوبِ المؤمنين عند أطرافِ ذو الحجَّة، حينَ تبدأ مراسِم العزاء الحُسينِيّ، وَتُنشَرُ الدّعوات في كُلِّ مكان، حين يتهافَتُ مُعزّوا الزّهراء عليها السّلام إلى مجالِسِ أبي عبد الله، تُدرِكُ أنَّكَ قَد وُلِدتَ في مكانٍ عليكَ فيهِ أن تَحمَد الله صُبحًا وَعشيًّا على نِعمَةِ الحُسينِ الّذي رُزِقناها، وَعلى حُبِّ الحُسينِ الّذي رُزِقناه، وَعلى أنَّكِ شيعيٌّ موالٍ، يَصرَخُ في كُلِّ عاشِرٍ من مُحرَّم "يا ليتنا كُنّا مَعَك يا ابنَ رسولِ الله".
اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.