كانت تجلس شاردة الذهن ..عيونها الزيتونية تسبح في هذا المكان الجديد ..حتى لو كانت تجلس في المطار فهذا المكان غريب عليها .. الناس ، الأجواء .. لم تعهد أن ترى الهذا الكم من النساء المحجبات فهي ولاول مرةٍ ستسقر في بلدٍ عربية .. رغم كل الجولات التي خاضتها حول أوروبا إلا أنها أول مرةٍ تحس بهذا الإنتماء .. تحس أنها رجعت إلى أصلها .. رجعت إلى موطنها .. كانت تنتظر بفارغ الصبر الشخص الذي يقلها .. فهي تتلهف شوقاً لرؤية أقربائها الذين مضى فترة طويلة لم تراهم فيها فآخر مرة زاروها في إسابنيا كانت قبل سنتين .. قاطع انتظارها وشرودها صوت هاتفها معلناً وصول إتصال .. ابتهجت لحظة رؤيتها للهاتف فردت مسرعةً عليه :
" مرحباً جدي ماذا تفعل انت وجدتي أتعلم انني اشتقت لكما من الان ولم يمضِ على فراقنا يضع ساعات ان.. ؟؟ "رد عليها مقاطعا حيثها المتلهف مع ألم بقلبه لمفارقته أوكسجينه الذي يتنفسه فهو يحبها حد الجنون قائلاً :
" نحن أيضا مشتاقان لكي .. انتي الآن اخبريني هل وصلت إلى بيت خالك ؟؟ هل أنت بخير ؟؟ هل تعبت من السفر ؟؟ "ابتسمت ولم تعرف على أي سؤالٍ سوف تجيب فقالت :"تمهل قليلا عليّ " ثم أكملت وهي تقهقه :
" أنا بخير .. وأنتظر بالمطار السيارة التي ستقلني .. ولا تقلق فأنا لم أتعب بل على العكس متحسة جداً للقاء العائلة كلها ....غالباً "ارتاحت نفسية سمير لاطمإنانه على ألما فنطق لسانه بكلمات تفيض بالحب والحنان :
" حسنا يا ألما عندما تصلين إلى بيت خالك اتصلي بي ..ادامك الله بخير ورضي عنك "ردت عليه وهي تبتسم ابتسامة ممزوجة بقليلٍ من الحزن :
" حسنا وداعاً .. أوصل سلامي لحبيبتك الاخرى.. لا تطل الكلام معي واغلق الهاتف قد تغار جدتي الآن أليس كذلك ؟! "أجابها :
" من يراك البارحة والآن لايصدق انه انتي قد طال لسانك اضعاف اضعافه لكن لا تخافي سأوصله إن شاء الله .. الآن ساغلق يبدو ان الذي قلته سيتحقق ... هيا اذا وداعا صغيرتي "أنهت حديثها مع جدها وعدلت من جلستها فوضعت قدماً على الأخرى وأخذت تتصفح بتروٍ وترى ماذا يوجد من أخبار ورسائل على حسابها الشخصي في الفيس بوك .. لعلها تقضي على الملل الذي بدأ يستوطنها من كثرة الإنتظار .. فالإنتظار لها هوليس أكبر ملل وحسب بل وأقبح شعور يمكن أن يعايشه الإنسان في وجهة نظرها ..
===================
كان يتكلم على الهاتف-مع انها ليست عادته في اثناء القيادة - وفجأة اصتدمت به سيارة من الخلف بقوة لاتعد كبيرة فدعس على الفرامل بقوة للتتوقف السيارة عله يخفف من حدة الصدة - مع انها لا تعد حادة - .. رمى هاتفه على المقعد الذي بجانبه وترجل مسرعاً ليفتح الباب ويتجه ليرى من سيئ الحظ هذا الذي صدمه وليرى ماذا حصل لمعشوقته .. نزل سائق السيارة الأخرى واتجه إلى ليث حاملاً تبريراً للموقف وهو يريد الإعتذار حسب ما كان يظن لكنه وجد ما لم يرحه قط ... بدى أن الشرار يتتطاير من مقلتيه السوداوتين اللتان تبدوان في وهجانهما كاللؤلؤ الأسود - النادر - فعلم الرجل ان يومه لن يمر على خير ابداً فحاول تصحيح ما حدث والإعتذار قبل أن تشب حرب لا نهاية لها .. لكن ما كان من ليث إلا ان يتفحص سيارته الغالية على قلبه التي لم يلبث على شرائه لها سوى شهر...اخد يدور حولها ويمسحها بعناية مبالغ فيها بمجهريه الاسودين ويرى الأجزاء المتضررة فيها .. لم يكن الضرر كبيراً فالصدمة لم تكن كبيرة إلا أنه شعروكأن هناك من حمل فأساً وقام بجعل سيارتيه فُتاتاً لا يصلح حتى أن يباع كخردة .. فوجه نظراته الحادة إلى الرجل التي كادت أن تقلتله وزفر بحدة موجها كلامه إليه فكان هناك حشدٌ من الناس تجمهرت حول المكان لترى ماذا حصل فقال :
"هل أنت أعمى ؟! ألم ترى أني أمامك ؟؟ هل أنت...."
أنت تقرأ
البريئة
Romanceالإنسان بطبعه لا يصدق إلا ما ترى عيناه ... وهكذا يحدث مع بطلتنا تتعرض إلى موقف يغير لها حياتها ولا يصدق الناس من حولها انها بريئة فكيف ستتعامل مع الامر ؟؟؟