وريث الدم..!!

329 39 2
                                    

لحظة هطول المطر.....هدوء الليل....تلك السماء المليءة بالنجوم المبعثرة....ياله من منظر بديع....ولكن هناك من هو مشغول عن ذلك المنظر....لطالماكان يحب أيام الشتاء الباردة....

صافي القلب وشارد الذهن ....

_لكن...هناك ما يشغله الآن.....لم يعد ذلك الشخص الذي كل ما كان يتمناه هو ان ينجو من الرسوب في امتحان الفيزياء....الآن همه اصبح كبيرا....والحمل يزداد اكثر وأكثر.....

[لا يسعه سوي الصبر وأكمال ما بدأه....]
______

ممسكا مظلة سوداء بيده ومقربا تلك المظلة من رأس نور وواضع يده الأخري في جيبه.....أوصل نور إلي مبنى بجانب الجامعة.....يشبه السكن الجامعى....سكن مؤقت.....لحين انتهاء فصول ذلك الكتاب اللعين....قام بتوصيلها إلى المبنى الخاص بالفتيات....مودعا إياها ببسمة باهتة تملأها اليأس.....وأستدار إلى الباب....ومشى....لقد كان في مزاج سيء هذا اليوم....ذلك المشهد الذي لا يتوقف عن تذكره....تلك العيون الحمراء....وذلك النقش المحفور على رقبة ذلك الفتى؟!!.....توقف احمد عن التفكير وقد قرر ان يريح باله من هذا العناء الذى لا ينتهى.....نظر لأعلى واخذ نفسا عميقا....وشرد...شرد في ذلك الجو البديع....مستمتعا بكل قطرات المياه التي تسقط علي وجهه...وجهه الصامت الجامد.....وجه لا يفضح اي مشاعر....وعيناه...تلك العينان المليءة بالدموع التي لا تهبط....كلما تذكر والدته....يود ان يرجع لها ثانية ويرمي نفسه في حضنها للحنون....يود ان يقول لها انه لا يزال يحبها....يحبها من كل قلبه.....ولكنه لا يقدر....لم يحن الوقت بعد...عليه أولا ان ينتهي من تلك المشكلة....دوامة 'وجد نفسه فيها ولا يستطيع الخروج...عليه ان يضغط علي نفسه ويكمل....

وتلك المسكينة التى ترافقه....تلك التي اقحمت نفسها في تلك المشكلة...قاصدة مساعدته علي تخطي عقبة فقدان والده وجده....هي الآن تعاني وتنازع....من أجل ماذا؟! .....من اجل مساعدة شخص لا يستحق حتى ان يسأله احد عن حاله.....توقف قليلا......وقام برفع رأسه للسماء.....ونظر بعينان بائستان....لتخطلت دموعه بقطرات المطر....قلبه ينزف من كثرة الأسى علي حاله.....إنه الآن وحيد....بلا أب يُهوِن عليه تلك المتاعب.....حتى امه التى لا تزال على قيد الحياة: تركها وحيدة....لا تعرف أي شيء عنه......
لقد ملل من المشى وحيدا....لذا نظر بعينين مودعتين على ذلك المنظر الذى كان يحبه.....وأستدار ورجع إلى البيت أو بمعنى اخر إلي ذلك المبنى البائس الذي اصبح يقيم فيه.....
_________________________________
أما نور فقد ظلت طوال الليل تفكر فى حال أحمد....ومدى اليأس الذى احاط به دفعة واحدة......ليس هذا احمد الذى كان يقابل كل المتاعب بوجه باسم مفعم بالأمل والحياة.....ليس هذا احمد التى كانت تشعر بالغيرة منه لأنه يتقبل أي شيء......استلقت على السرير وشردت بذهنها فى ذكرياتها مع هذا الشاب الغريب....تذكرت خوفه من امتحان الفيزياء.....والملل الذى يصيبه عند البدأ فى عمل فروضه......لقد احبت مادة الفيزياء لأجله.....لكى تجعله اكثر تفوقا فيها.....لكنه كان أيضا مبدع فى اشياء اخرى كثيرة.....تذكرت شروده فى الليل ونظرته للمطر المتساقط....نظرة حنين وعشق لم ترى مثله من قبل.....اسندت ظهرها على السرير وهى تنظر بعين مشفِقة حنون....
[ولكن؟! اين انت الآن من كل هذا يا أحمد]
.....!
دق باب الغرفه ليقطع ذلك الشرود....فردت نور فى كسل:
مين بيخبط؟!.....
_لا يوجد رد!!
رجع صوت الطرقات ثانية!!! ولكن بقوة اكثر....
تسلل الخوف إلى قلب نور وهى تقول بصوت مرتجف:
م..مين؟! مين بيخبط؟!

أرض الحاويحيث تعيش القصص. اكتشف الآن