الفصل الثاني

46.5K 945 25
                                    

الفصل الثاني
*********

أخذت تُطالعه بحنان وكأنه ابنها الذي أنجبته، واقتربت منه تُلامس بذلته السوداء المُنمقة بأناملها قائله بحب:
ربنا يسعدك يا ابني.
ليلتف أياد علي اثر صوتها وهو يُكمل ربط رابطة عنقه قائلا ببشاشة: تفتكري سليم هيقدر يتقبل سالي؟
فأبتسمت حسنيه بحنان: هي بس تفهم طبع سليم، وكل حاجة هتبقى كويسة، ده سليم حبيبي ما فيش زيه.
ليضحك أياد علي حديثها وهو يعلم أفعال طفله الذي تجاوز عامه السادس : يا داده بلاش كذب، مكنش لسه موقعك ولولا ستر ربنا كان حصلك كسر.
فلمعت عين تلك السيدة الحنونة بدفئ وهي تتحدث: علي قلبي زي العسل، و أنا راضية.
وتتسع ابتسامته وهو يُشاهد طفله يدخل حجرته ويحمل حذائه بيديه الصغيره مُرتدي بذلة صغيرة مُنمقة تشبه بذلة والده قائلا بطفوله : مش عارف ألبس الجذمة .
ليطالع أياد أبنه : فين المُربية بتاعتك؟
فجال الصغير بعينيه بين أبيه وحسنيه.. فنطقت حسنيه: مشيت، سليم ضربها بالقلم.
فزفر بعمق وهو يُعاتب طفله بنظراته الجامدة، حتي ترك الصغير الحجرة وهو يحمل حذائه ثانية.
لتخفض حسنيه وجهها أرضا،فيُعاتبها : دلعك ليه ياداده بيأذيه .. سليم بقي فاكر إن اللي بيعمله ده صح، أرجوكي يا داده بلاش دلعك اللي هيطلعه شخص أناني وفاشل.
وترك الحجرة وهو يتنهد بغضب، وأتجه ناحية حجرة صغيره ليجده جالسً علي فراشه بصمت فأقترب منه : فين جذمتك؟
فناوله سليم الحذاء بسعادة ظناً منه بأن والده لم يغضب ولن يُعاقبه... وأخذ يبتسم وهو يرى والده يُلبسه حذائه.
ورفع وجهه قائلا بملامح جامدة: فسحتك بكره محروم منها يا أستاذ سليم، ويلا قدامي عشان نلحق مشوارنا.
فتذمر سليم فكيف لوالده أن يحرمه من فسحته التي ينتظرها شهرياً ليُطالعه بجمود : يلا عشان منتأخرش.
ويسير سليم خلفه وهو يُتمتم بغضب: أنا مبحبش سالي ديه عشان وحشه.
ليلتف إليه بتحذير صائحا: سليم
...................................................................
أغلق هاتفه بضيق، و قذفه علي مكتبه وهو يُتمتم بغضب: غبي، غبي
ثم أخذه بتوتر ليجري اتصالاً، فأتاه صوت أحدهم يتحدث بتأفف: خير يا هاشم؟
هاشم بقلق: الراجل وقع من طوله قبل ما يوقع علي البضاعة و يعديها من الجمارك .. زين أنا في مصيبة لو البضاعة اتفتشت واكتشفوا انتهاء تاريخ الصلاحيه هروح في داهيه .. مُنتجات الألبان مُسرطنة.
ليهتف زين بغضب: هتفضل طول عمرك غبي، هي وصلت لكده ياهاشم .. وتابع حديثه بحزم: تستاهل لو أتقبض عليك.
و أغلق هاتفه بغضب .. ليسير نحو محاميه قائلا بهدوء: نكمل كلامنا بكره يا متر
وبعد انصراف مُحاميه الخاص، وجد هاتفه يرن بأسم زوجته ليتأمل اسمها ببرود قاتل فرغم علاقتهم القويه الظاهره أمام اعين الناس ويحسدونهم عليها .. الا ان كل ذلك مُزيف
فهي تمتعة وتبهرهة بجسدها وترضي غروره وهو يدفع المقابل من أسمه وأمواله
................................................................
نظرت إلي والدها بسعادة وهي تراه يأمر مُنظمين الحفل بتوقف الموسيقي للحظات.... ليتناول هو الميكروفون ويشكر ضيوفه لإستجابتهم دعوة حفله .. ثم نظر إلي ابنته وأياد معا : عندي خبر ليكم وصمت قليلا ليُطالع أعين ابنته و تابع حديثه:
أياد المنصوري طلب إيد سالي بنتي...
لتتعالا أصوات تصفيق الحضور فتابع: أنا مبسوط إني هناسب فرد من أفراد عيلة المنصوري، مبروك يا ولاد!
وأنهي حديثه سريعا، ليترك مدعويه يستمتعون بالحفل مُجدداً، وأقترب من أياد قائلا بسعادة: متعرفش أنا مبسوط قد إيه يا أياد، مش هتلاقي زي سالي بنتي زوجه وأم لسليم.
ونظر إلي الصغير المُمسك بيد والده، وإلي إبنته التي تُطالع ذلك الطفل بضيق ..
ليبتسم أياد مجاملة: وأنا أسعد يا عبدالرحيم باشا.
فمد عبدالرحيم يده اتجاه إبنته ووضعها في يد أياد : يلا روحوا أرقصوا ياولاد.
فجذبت سالي يده وأُزاحت يد سليم قائله بأبتسامه مصطنعه: حبيبي سليم ممكن أخد بابا منك شويه صغيرين بس.
فنظر أياد إلي طفله فوجده ثابت بمكانه لا يتحدث، وصار معها فقد جذبته رغما عنه ومازالت أعينه مسلطه علي صغيره لينحني عبدالرحيم قائلا وهو يربت علي وجنتي سليم: خليك ولد شاطر ياحبيبي
وإبتعد ليُكمل الترحيب بضيوفه، ويفتخر بذلك النسب الذي أضاف الي سمعته سمعه وسوف ينقذه من أفلاسه..
فوقف الصغير بمفرده لا يُدرك أي شيء من هذا العالم المُزيف .. وطالع والده بأسي وهو يحتضن سالي وأخذ يغمض عيناه بغضب وهو يُفكر في أمر ما وسريعا ما وجده.
فحبى كالرضيع نحو احدي الطاولات وجلس تحتها يتلاعب بأقدام النساء ويخلع لهن أحذيتهن.. ومن طاولة لأخري أنقلبت الحفل إلي صرخات النساء وأصبح الهرج يعلو المكان ليقف أياد مذهولا بعد أن أنهي رقصته مع سالي والتي أنهتها بقبلة علي شفتيه، وركض نحو الطاولات باحثا عن طفله الذي من المؤكد هو من فعلها بحجمه الصغير وقد ساعده قرب الطاولات من بعضها ... فوقفت سالي مذهولة مما حدث باحثه بعينيها عن أياد.
فكانت فرصة سليم سانحة بأن يسحب ذيل فستانها ليلفه حولها ضاحكا .. حتي سقطت سالي أرضا وأياد يقف كالتائه لا يعلم أيظل بمكانه أم يركض نحوها.
لكنه سريعا أدرك ما يجب فعله، فصغيره يركض بعيدا ضاحكا وكأن شئ لم يحدث!
...............................................................

و سقطت الاقنعة .(سهام صادق)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن