الفصل التاسع و الاربعون(قبل الاخير)

29.9K 614 6
                                    

الفصل التاسع والأربعون(وقبل الأخير)
****************************
ترجل من سيارته بخطوات متثاقله وبخطي بطيئه منهكه بدء يصعد الدرجات الرخاميه القليله .. ووقف يتنهد وهو يلتف نحو سائقه بعدما هتف بأسمه .. واقترب منه السائق يُخبره عن مجئ رحمه اليوم وانه أصطحبها لشقتها منذ ساعات بعدما أخبرته هي بموعد رحلتها كي ينتظرها .. فطالعه بنظرات هادئه وزفر أنفاسه وهو يفكر لما لم تخبره عن موعد قدومها
وأكمل طريقه بعد أن أشار لسائقه بالانصراف وصرف ذهنه عن هذا الأمر .. فاليوم كان حافلا لديه من أعمال ومقابلات عدة وقد أصبحت قواه لا تحتمل مزيد من الأرهاق والتفكيروكاد ان يصعد للأعلي الا انه لمح طيفها تجلس بحجرة الجلوس بأسترخاء وامامها العديد من الأطباق .. وعندما صار نحوها تبين وضوح ما رأي .. فهي تأكل بنهم شرائح التفاح .. وأمامها طبق أخر يحمل قطع من الكعك وتشاهد التلفاز بأستمتاع .. رؤيته لها في تلك الحاله جعلته لا يعلم ايضحك علي هذا الهم أم يستمتع .. فبعد يوم طويل مرهق يعود لمنزله وبدلا من أن يجد زوجته تنتظهره بكامل زينتها واناقتها يراها علي تلك الهاله المبعثره ... بل وكل تركيزها علي التلفاز وسمع صوتها اخيرا : زين انت جيت
فضحك ساخرا وهو يُطالعها : بيتهيألي
فعقدت حاجبيها وزمت شفتيها وهي تستمع لبنرته المتهكمه .. واقترب منها وهو يتأمل المكان متسائلا :
ايه اللي مصحيكي لحد دلوقتي
فنظرت للساعه فوجدتها قد اقتربت من منتصف الليل .. وهمست بتعب من كم الطعام الذي أكلته : كنت مستنياك .. انت اتأخرت كده ليه
وكاد ان يُجيب علي سؤالها الا ان أصوات عجيبه صدرت من التلفاز جعلته ينتبه لما تشاهده ..
وحدق بصدمه لما تراه هي :بتتفرجي علي عالم الحيوان ... وكمان قرود ياحنين
ونظر بأسف علي حاله : قرود .. ناويه تخلفيلي قرد شكلك
فتعالت ضحكاتها .. وتركت الطبق الذي كان بيدها واقتربت منه تداعب وجهه بيديها وتُحرك أنفها بأنفه .. حركه ناعمه هادئه جعلته ينسي حنقه منها وينسي أرهاقه وكأن لمساتها كالمخدر .. وهمست بحب وهي تتأمل صفحات وجهه التي تعشقها : لاء هخلف راجل جميل وحلو زي باباه
فأبتسم بمشاغبه وهو يُحاوط وجهها بكفيه : قعدت البيت طلعت مفيده وخليتك تقولي كلام حلو .. ونظر للمكان حوله ثم تابع : بصرف النظر عن اللي انا شايفه دلوقتي
ونهض من أمامها وهو يتأمل ما يعرض علي التلفاز ساخطا : هتطلعي معايا تنامي ولا هتفضلي هنا مع القرود
فضحكت بقوه وهي تري نظراته المتذمره وتنهدت وهي تغلق التلفاز : لاء كفايه كده .. انا كنت قاعده بتسلي لحد متيجي
ورفعت عيناها نحوه وتلك الفكره تلح في عقلها .. فهي لا تتذكر يوماً طلبت منه هذا الشئ ولكن اليوم قررت أن تطلبه منه دون ان يفعله هو من تلقاء نفسه : شيلني يازين
وكان قد ألتف بجسده كي يسبقها لأعلي وينعش جسده بحمام دافئ ثم يسترخي ولكن طلبها اوقفه وعاد يُطالعها متسائلا : نعم
وضحك وهو يري ملامحها التي تغيرت سريعا واصبحت حانقه وتسأل : وايه المناسبه
رده الفظ جعلها تشتعل غيظاً وهتفت بحنق قبل ان تنصرف من امامه لاعنة نفسها وما شاهدته في احدي المسلسلات : هو لازم يكون في مناسبه ..
وتابعت وهي تتحرك من أمامه : مش عايزه أتشال خلاص
فتمالك ضحكاته وهو يري تصرفاتها .. وألتقط ذراعها قبل ان تتحرك خطوه اخري  : لاء وعلي ايه وتفضلي فكرهالي طول العمر ..
وحملها بخفه بعد اعتراضها الطفولي لما فعله في البدايه ولمح نظرة سعاده في عينيها وبدء يصعد الدرجات متسائلا وهي يضحك : فرحانه
فعانقته وهي تشعر بسعاده ممتعه ... وأقترب من أذنها وظنت انه سيهمس لها بكلمات عاشقه الا انه :
وزنك زاد ولا انا اللي كبرت 
فحدقت به بعبوس : انت اللي كبرت
وما كان منه الا انه انفجر ضاحكا ووضعها علي الفراش برفق : انا اللي كبرت ولا انتي اللي وزنك  زاد ..
وقبل ان يُكمل باقي سخريته وجدها تنهض من فوق الفراش وتذهب نحو المرآه تتأمل هيئتها بحزن
وتركها وأتجه نحو غرفة الملابس ثم بعدها للمرحاض وهي مازالت واقفه تنظر لجسدها الذي امتلئ بعض الشئ
وعاد اليها يحتويها بذراعيه هامسا لها بكلمات دافئه أسرتها 
...................................................................
وضعت أمامه أستقالتها وقد عزمت عليها بشده .. فقلبها بدء يخونها برسم عالم وردي لن تتحمل نتائجه عندما تتلقي صدمة انه لا يراها ولا يُحبها .. وتذكرت ما خططت له مع حنين ولكن تلك الحيله اشعرتها بأنها أمرأة ضعيفه وهي لم تكن يوما بذلك الضعف ... فأذا كان حبه نصيبها فسيأتي لها دون خطط واذا كان لا .. فالبعد هو أفضل طريق كي تنقذ قلبها قبل أن يسقط صريع حب بائس
فتأمل فادي تلك الورقه ... ثم نظر اليها بغضب : ايه ده
فتنهدت وهي تطالعه بهدوء يقتلها : استقالتي .
ظلت الكلمه تدور بعقله وهو يشعر بأنه لا يُريدها ان ترحل من أمام عينيه .. بها شئ عجيب يجذبه يوماً بعد يوم ولولا شجارهم في رحلة باريس لكانت الامور أختلفت تماماً
فالشجار لم يكن سوي غيرة وغضب صبهم عليها بعدما رأي اهتمامها ب" عمر" ولكن بدل ان يصلح الامر ويعتذر اخبرها ان الامر لا يعنيه
لا يعلم لما أصبح فظاً هكذا وهو دوما ما كان الا رجلا يتعامل مع النساء بكل فنون الذوق ولكنه قد تغير واصبح شخصا لا يعرفه حتي اليوم يشعر وكأنه رجلا أخر
وألتقط قلمه وبدء يسطر الورقه بكلمتان .. قد ظنتهم امضائه علي طلب استقالتها ولكن عندما ألتقطت الورقه وجدت
" طلبك مرفوض "
فحدقت به بخليط من السعاده والغضب .. غضب أظهرته كي تحمي قلبها وتخبر عقلها بقوتها وسعاده أرادت ان تشعر بها داخلها وأبتسم وهو يتأملها بنظرات جامده : أرجعي علي شغلك وبلاش لعب عيال
واكمل وهو يطالع بعض التصميمات التي أمامه وقد تركها تغلي من القهر : احنا حاليا في موسم مهم والاصدار الجديد قرب عرضه يبدء .. نبقي نتكلم في موضوع الاستقاله ده بعد ما العرض ينتهي
وخرجت الكلمه دون قصد منها وهي تُغادر : غليظ
وأنصرفت من أمامه ..وهي تضرب الأرض بكعب حذائها بقوه .. لتتسع أبتسامته وهو يُطالع طيفها وحروف الحب تسطر داخل قلبه وهو لا يشعر بأنه بدء يرفع حصونه ويسقط قناعه الذي وضعه بعد فشل اول حب قد ظنه حباً
...................................................................
جلست  ليلي في عالمها الذي تعشقه وسط سطور الكتب .. فقد أصبحت مكتبته هي عالمها حقاً عالم يجعلها تري في سطوره فلسفه لم تعهدها .. لم تكن من قبل تهوي تلك الفلسفه
كان كل ما تهواه رواية بها الكثير من مشاعر الحب التي تفقدها .. مشاعر يبحث عنها القلب كالمحروم ولكن اليوم أصبحت حياتها كروايه .. روايه بها كل شئ ألم وسعاده حزن وحب وامومه تنتظرها من رجل احبته وأغلقت الكتاب الذي كان بيدها وبدأت تسرح في حياتها وابتسمت وهي تتذكر ذلك النعيم الذي أصبحت فيه وقد عوضها الله به
وفجأة أردفت امرأة حسناء وقد فزعت عندما رأتها وبدأت تعتذر : انا أسفه .. مكنتش اعرف ان في حد هنا
وتابعت بلهجه سريعه : انا سكرتيرة دكتور اياد .. وجيت اخد ملف نسيه علي المكتب
فنهضت ليلي من مقعدها واقتربت منها وظلت تتأملها وهي لا تُصدق ان هذه هي سكرتيرة زوجها .. وبدأت تتفحصها من قدميها الي شعرها المصفف بعنايه ..وهي تشعر بمزيج من الغيره والغضب .. زوجها يجلس ساعات طويله مع تلك المرأة وتسألت دون وعي : اسمك ايه
فتعلثمت رانيا في الحديث وفركت يديها بتوتر وخرج صوتها الرقيق الناعم  : رانيا يافندم
وبدأت تعدل من خصلات شعرها التي سقطت علي وجهها وعين ليلي تتسع بشده وهي تتسأل داخلها
هل تفعل ذلك امامه؟ .. كيف يراها ؟
واردف سليم للحجره راكضا نحو ليلي يخبرها بقدومه من مدرسته وعندما رأي رانيا طالعها بأستغراب .. ولكن هي لم تستعجب فهي تعلم بأنه لديه طفل
وتسأل وهو يتأملها : انتي مين
فأبتسمت رانيا بهدوء وهي تطالعه : انا رانيا
وتابع الصغير : رانيا مين
فأنحنت نحوه تداعب خديه بود وتتذكر حديث معتز اخيها عنه دوما عندما كان يذهب لزيارتها من حين لأخر : السكرتيره
وشعرت بالخجل عندما بدأت تري نظراتهم تحاوطها .. وأقتربت من الملفات الموضوعه علي سطح المكتب واخذت الملف الذي أتت من اجله وهمست برقه : عن أذنك يافندم
وانصرفت من امامهم سريعا وهي تشعر بالتوتر ..
وفاقت ليلي من تأملها علي صفير سليم : حلوه اووي ياليلي
كلمات الصغير كانت كصافرة التنبيه بالنسبه لها وابتلعت ريقها .. فأكمل الصغير : احلي من سكرتيرة بابا القديمه اللي كانت بتجبلي شيكولاته
وانصرف الصغير سريعا بعدما تذكر شيئاً سيفعله
وبدأت هي تُردد اسمها : رانيا .. ودون شعور منها اكملت :
رانيا الحلوه
وهزت رأسها بيأس وغيره : لاء انا لازم اعرف كل حاجه عنها
وتذكرت حسنيه وذهبت اليها تسألها عنها فضحكت حسنيه وهي تتأملها : ياستي ديه رانيا اخت معتز
وبدأت تسرد لها حكايتها منذ زواجها من رجلا لا يعرف معاني الرجوله الي طلاقها منه بصعوبه ..
وتنهدت حسنيه : بس ياستي ومعتز وصي اياد عليها قبل ما يسافر سنة الاعاره اللي جاتله .. واياد شغلها سكرتيرته
وعندما رأت حسنيه شحوب وجهها تسألت : مالك ياليلي ياحبيبتي
ومسكت بيدها كي تجلسها علي احد المقاعد : تعالي اقعدي يابنتي لحد اما اعملك كوباية لبن دافيه
وانصرفت حسنيه لتتركها في دوامة ماتشعر به
...................................................................
يومان تجلس هكذا لا تخرج ولا تُحادث احداً ..تجلس شارده في حياة ذهبت اليها كي تعود قويه ولكن هيهات عادت اضعف مما كانت ..عادت بخيبة أمل جديده عادت بقلب دامي يعيش علي الذكريات وظهرت أبتسامه طفيفه علي محياها وهي تتذكر وسامته وابتسامته وبعض المواقف التي كانت بينهم
ذكريات ومشاهد تقتلها .. وما أقبح ما تعيشه ثم يكون كمجرد ذكري عالقه في قلبك وعقلك
وخرجت آه ضعيفه من فاها وأخفضت رأسها أرضا واحتوت وجهها بكفيها وهمست بأنين : رجعتي ضعيفه يارحمه .. رجعتي أضعف ما كنتي
وتابعت بألم : ليه ياعمر .. ليه دخلت حياتي وانت لسا عايش في الماضي
وسقطت دمعه من عينيها وألتقطت هاتفها لعلها تجد أتصالا منه او رساله ولكن لا شئ .. لا شئ منه وكأنها كانت طيفاً
وما أصعب ان يكون وجودك مثل عدمه عند من تظنهم هم هوائك
وابتسمت بأسي وتذكرت زين .. تذكرت من تُريد ان تذهب اليه لعله يُداوي جرحها .. زين الرجل الذي اليوم اكتشفت ان حبها وتعلقها به المرضي ما كان الا شعور بالامان والسند وكأنه ابيها ... كم انت عجيب ايها القدر محطاتك دوما تجعلنا نري الحقيقه .. نري ان الحب الذي كنا نظنه حب ماكان الا شعور لا نعلمه .. وان الخير الذي كنا نظنه بشئ ما كان الا شراً لا ندركه ... وان الشر الذي أرهبنا ماكان الا خيرا عظيما كنا نجهله
وبدأت تتفحص هاتفها.. تتمني لو ان تجد له شئ تعرف من خلاله أخباره
ووجدت صوره حديثه يبدو انها وضعت اليوم تجمعه مع فريق طبي .. فتأملت وجه الشاحب وابتسامته الجامده وقلبها يشتاق اليه وهي تتمني لو ان الفراق لم يكن نهاية حكايتهم
...................................................................
وقفت ليلي تتأمل هيئتها بالمرآه وهي تبتسم لما أصبحت عليه .. ليردف لداخل الحجره بأنهاك دون النظر اليها .. فأقتربت بدلال ليس من طباعها وعانقته بشوق : وحشتني
فأبتعد عنها بصدمه وقد شعر بغرابة الامر .. ولكن الصدمه الحقيقيه رؤيتها بهذه الهيئه الجميله المنمقه تسأل بدهشه :
ليلي انتي طبيعيه ياحبيبتي النهارده
فطالعته بعبوس وتابعت : انا عارفه اني بقالي مده مش بهتم بيك ..
وعادت تُعانقه ثانية وعضت علي شفتيها بقوه من شدة خجلها لما ستخبره به : الدروس وحشتني علي فكره
وأبتعدت عنه تخفض رأسها أرضا وقد تورد وجهها من الخجل .. فوقف يعيد الكلمات علي عقله الي ان انفجر ضاحكا وهو لا يُصدق بما تفوهت به .. ليلي زوجته الخجوله تخبره عن اشتياقها له وللمساته
وانحني نحوها ووضع جبينه علي جبينها : يااا اخيرا ياليلي
فنظرت اليه بأعين هاربه وهي تتمني ان لو لم تتفوه بتلك الكلمات ولكن بعدما رأت النساء اللاتي تُحاوط زوجها .. فلا بد ان تصبح أمرأه كامله .. امرأه تعلم فنون الدلال أمرأه تتقن فنون الخجل والجرئه معا
...................................................................
تقلب علي فراشه وهو يطلب من سلطان النوم ان يرحمه ويفرض ظلامه عليه من تلك الذكريات... ذكريات تجمعه بزوجته القديمه وذكريات تجمعه بتلك التي أقتحمت حياته
وهمس بأنفاس مرهقه وهو يتذكر زوجته الراحله :
" آه ياعمر منك .. نسيت عهدك القديم ليه .. نسيت انك وعدتها انها هتكون اول واخر ست في حياتك "
وظل يتقلب لساعه ولكن لا النوم أتي ولا الذكريات رحلت
ونهض من فراشه ليسير نحو شرفته لعله يجد هواء الليل تخفيف لما يدور داخله 
ووقف يتأمل الأنوار البعيده التي تلمع في الظلام وهو يري حياته مثلها .. حياة كانت تتراقص حولها الورود ثم فجأة ذبلت وسقطت وما بقي منها أخذته الرياح حتي أنتهت
ولكن الرياح عادت مجددا تحمل اليه ورود جديده .. ورود أشتاق الي رائحتها القديمه التي رحلت وتركته يعاني لسنين
وزفر انفاسه بقوه وهو يتذكرها ... يتذكر المزيج العجيب الذي تجمعه ... وتمتم اسمها بعذوبه وشوق " رحمه"
رحمه المرأه الناعمه القويه ..
وتذكر هاتفه والصور التي تجمعه بها هو وهي وطفلته .. وتناوله من مكانه بلهفه وبدء يتأمل الصور بشغف وعيناه تلمع بوميض لا يعرفه الا المحبين
..................................................................
تأملها بندم ورغم انها تبتسم له ولا تظهر اليه شعورها الحقيقي الا انه كان يعلم ما يدور داخلها .. يعلم انه لم يحقق لها حلمها بل حلم كل فتاه ... فحفل زفاف خديجه اليوم قد اعاد اليها الذكريات واعاد اليه هو ايضا ذكريات زواجه منها .. زواجهم الذي لم يكن الا اجباراً ليس به اختيار ..وكلما جاء طيف نظراتها منذ ساعات عندما كانوا في حفل الزفاف شعر بألمها وتنهد بأرهاق وهو يري النادل يضع لهم مشروباتهم بعد ان انتهوا من تناول العشاء .. فأبتسمت وهي تنظر لكأس المثلجات خاصتها ثم اشارت اليه بمعلقتها: تاخد تدوق
فأقترب منها .. ومدّ بكفه يُلامس وجهها بنعومه : لاء ياحبيبتي انا ماليش في الحاجات ديه
وضحكت بخفوت وهي تنظر لفنجان قهوته : ليك بس في شرب القهوه والشاي
ثم تابعت بدعابه : يازين يانصار
فما كان منه سوي أن أتسعت أبتسامته وفي داخله قرار يُفكر به .. وهمس بعشق : ياروح وعقل وقلب زين نصار
وبعدما كانت حزينه داخلها علي ليلة عرسها الا ان كلماته أذابتها وأنستها تلك الذكري ... فكل شئ يُمحي بالكلمه
وما أجمل الكلمات حينما تكون كالماء تروي القلوب العطشه
...................................................................
ضحكت زينب بسعاده مصطعنه وهي تُحادث احد زملائها ..وبدأت تمزح بخفتها المعتاده وهي تراه يقترب منهما ونظراته تخترقهما بملامح جامده .. ملامح قد رأتها من قبل حينما كانت تمزح مع عمر ولكن هو بفظاظة حديثه جعلها تعلم ان الامر لم يكن غيره كما ظنتها انما مجرد شئ عادي .. ولكن اليوم تري النيران تشتعل بعينيه وخاصة ان تلك الايام يلعبون دومان لعبة القط والفأر وما اجملها من لعبه بدأت تشعر بتلذذها معه... رغم الألم الذي يقتحمها ليلا ولكن ستستمر في أشعال غيرته حتي تجعله أما يبوح بما داخله او يتركها تُلملم ماتبقي لها .. واقترب منهما وهتف بجمود :
اظن وقت الراحه خلص خلاص ..
وتأمل ساعته بجديه ليخبرهم بوجود أجتماع بعد ساعه
فتنهدت ببرود وهي تنظر الي زميلها ثم الي ساعة هاتفها: اوه الوقت عدي من غير ما نحس يامحمد ...
وتابعت ببرود أكبر : احنا اسفين يافندم ..مأخدناش بالنا حضرتك عارف بقي الاوقات الحلوه الواحد مبيحسش بيها
وأنصرفت من أمامهم سريعا بعدما رأت الصدمه علي وجه فادي والأرتباك الذي أرتسم علي ملامح الاخر الذي لا دخل له في تلك اللعبه التي لا يعلمها
فزفر فادي أنفاسه بغضب .. وانصرف نحو غرفة مكتبه .. ضاربا بابه بقوه قد أفزعت سكرتيرته
وضرب مكتبه بحنق : الاوقات الحلوه مبتحسيش بيها .. ماشي يازينب
...................................................................
نظر اليها مدحت بألم وهو يسمع صوت شهقاتها... فكلما تذكر تلك المهانه التي استقبلها بها أهلها جعلته يقسم ان لا يخطوا اليهم خطوة أخري مجدداً .. أب قد ترك كل شئ لزوجته اللعوب واصبحت تتحكم به وكأنه لا شئ .. حتي انه كان يسمع استهزاء زوجته بأبنته دون ان يتفوه بكلمه
واقترب منها بضيق حاول ان يخفيه حتي لا يشعرها بمهانة أهلها .. وهمس بدفئ : فاطمه
فرفعت عيناها نحوه ودموعها مازالت تسيل علي خديها .. فلم يتحمل مظهرها هذا .. فبعدما كانت سعيده بذهابها لعائلتها التي لم تسأل عنها منذ زواجها وأرادت ان تُشاركهم فرحتها بحملها وأعدت لهم الهدايا وأرتدت اجمل الثياب لديها ورسمت في مخيلتها أحلام جميله وفي النهايه كانت الحقيقه لم يغفر لها أهلها فعلتها ورأوها كالعار
وجثي علي ركبتيه وهو يطرد ما حدث من عقله سريعا وتناول كفيها بحنان وبدأ يُقبلهما : انا ابوكي واخوكي واهلك كلهم
وتابع بنبرة مازحه لعلها تُخفف عنها : وامك واختك لو عايزه كمان ياستي ...
فأبتسمت بل وضحكت رغم أن الحزن مازال داخلها
فتنهد بسعاده وهو يسمع ضحكتها : ايوه كده أضحكي .
ونهض وجلس جانبها علي الفراش .. وضمها اليه بحب :
مش عايزك تفكري في حاجه غير في أسرتنا الصغيره اللي هنبنيها .. فكري فيا وفيكي وفي الطفل اللي جاي
واغمضت عيناها وبدأت تسرح في حياتها ... وكم كان حلما جميلا حلماً قد حرمت منهم ..و تمنت ان تحياه مع أطفالها
وهمست برجاء وهي تتمني من الله ان يُحقق لها هذا الحلم 
   : يـــــــارب
...................................................................
أوقف السائق سيارته بعد أن اخبرته بوجهتهما الأخري ..
وهبطت من السياره بقلق لانها لم تخبره بقدومها ثم هبط الصغير خلفها بأناقته المعهوده كوالده .. ونظر اليها ثم تقدم أمامها : ليلي احنا مش هندخل الشركه ولا هنفضل وقفين هنا
فطالعته ليلي بأرتباك .. واخذت تُفكر بما ستقوله له عن سبب مجيئها هنا بعد ان ذهبت للتسوق هي وسليم .. ونظرت الي سليم طويلا وقررت ان تجعل سليم حجة لها وانه هو من أراد القدوم
وأنتبهت الي الصرح الهائل الذي امامها وطالعت المبني بأعين منبهره وخطت بخطواتها نحو الداخل والصغير بجانبها
وعندما رئه أحد الموظفين تقدم نحوه ورحب به والصغير سعيد بذلك الاهتمام وبالطبع لا احد يعلم بهويتها فهي لأول مره تأتي هنا ...
ووصلت الي غرفة مكتبه التي تتقدمها حجرة سكرتيرته الحسناء " رانيا " وعندما رأتها رانيا وقفت تُرحب بها بود
ولكن ليلي كانت تُطالعها بتفحص فهي اليوم أجمل من ذلك اليوم الذي رأتها فيه
وأردف سليم لداخل حجرة والده دون الطرق وقد كان منهمك في أجتماعه وعندما رأه وقف بصدمه فكيف أتي طفله هنا
ولكن عندما رأها علم كيف أتوا .. وتحولت صدمته لأبتسامه جميله .. ونظر الي موظفينه مُشيرا لهم بالأنصراف
وبعد أن اصبحت الحجره خاليه الا بهم ... طالعهم بدعابه:
أستاذ سليم وليلي هانم عندي هنا ايه الرضي ده كله
وبعدما كانت تشعر بالخوف من عدم ترحيبه بها .. الا ان مافعله جعلها تعلم انها بالفعل ذات قيمة لديه وليس بما تظن انها لا شئ كما اعتادت قديما ...
وأقترب من طفله وانحني يُقبله .. ثم اقترب منها يحتضنها ويقبلها هي الاخري لتهمس : مبسوط اننا جينالك
فأتسعت ابتسامته وهتف بحب : طبعا ياحبيبتي .. ياريت كل ضيوفي في الشركه يكونوا انتوا
وكاد ان يبتعد عنها .. الا انها مسكت بيده وجذبته نحوه تُقبله علي خده .. فشعر بالدهشه وأبتسم سريعا وهو يتأمل احمرار وجهها : مش عارف ايه الرضي العالي اللي بقيت فيه ده
وهمس بالقرب من أذنها بعد ان رأي صغيره أنشغل في الجلوس علي كرسي مكتبه : شكل بنتي بتوصيكي عليا الايام ديه اووي
فأبتسمت بخجل ليضحك هو علي هيئتها ويده تتحسس بطنها بحب وقلبها يخفق بعشق
...................................................................
شهقت بصدمه وعيناها بدأت تلمع بالدموع .. دموع الفرح التي أصبحت تنتظرها بصبر .. وها اليوم تحقق ما لم تتوقعه فمنذ ايام واخواتها يعدوها وكأنها عروس ولم تسألهم عن شئ فهي كالبائسه مازالت تسبح في الامها .. الامها الذي زاد عندما امتنع طارق عن مهاتفتها وعدم الرد عليها حتي أصبحت تظن انه قد تخلي عنها ولكن اليوم علمت السبب الحقيقي .. فهو كان يعد ليوم عرسهم .. ونظرت الي الحجره الفخمه المعده لها في أحد الفنادق .. وقبل ان تسأل اختها عن ما تري وجدت أمرأه جميله تسحبها نحو أحد الكراسي واجلستها وأخري تساعدها لتبدء مرحله تزينها كعروس ..
وكلما سقطت دمعه من دموعها كانت تمسحها سريعا كي لا تفسد زينتها ..
...................................................................
سحب الكرسي بطريقه دراميه جميله .. فأبتسمت هبه بحب وهي تتأمل رقي المكان وهدوئه فتلك الليله أعدها هاشم من أجلها وقد بعثوا طفلتيهم عند والدتها .. عشاء فخم ثم سيذهبون لشقتهم ليكملوا الأحتفال .. فغمز اليها هاشم بعينيه وهو يُداعبها : مش بيفكرك المكان ده بحاجه
فتأملت هبه المكان بحنين وهتفت : احتفلنا فيه بأول عيد جواز لينا
وتابعت بحسره : وبعد كده انا اللي بقيت أفكرك باليوم
ونظرت اليه بغل : بلاش تفكرني الليله ديه بلي كنت بتعمله .. خليني هاديه
ووضع بيده علي فمها ونظر حوله ثم هتف : ياهبه ياحبيبتي ابوس ايدك بلاش تنكديها عليا وعليكي ..
وتابع : توبة وربنا توبة وبقيت راجل مستقيم
فرفعت أحدي حاجبيها وتأملته قليلا : قلبي مش مطمنلك ياهاشم .. مش عارفه ليه
فضحك بأستمتع وامسك بيدها يُقبلها وكي يُنهي ذلك الحوار:
بس انتي طالعه النهارده قمر ياحبيبتي
وأشار للنادل كي يجلب له قائمه الطعام .. وبعدما أخذ النادل طلباتهم انصرف سريعا .. فتأملها هاشم وهي تُطالع النساء حولها وهمست بصوت خفيض للغايه : هاشم الستات ديه مسلوعه كده أزاي .. ولا انا اللي بتخن
فأبتسم وهو يقترب منها بكرسيه وهمس : هم اللي مسلوعين ياحبيبتي زياده عن اللزوم .. ونظر اليها طويلا واكمل :
انتي عجباني ياحبيبتي بأي شكل ..
وسحرها بكلماته الصادقه بالفعل .. وفجأه انتفض وهي تصرخ بوجهه : كداب ياهاشم .. فاكر زمان ولا افكرك
وبدأت تذكره بأفعاله وكلماته .. الي ان عاد يبتعد بكرسيه عنها وظل يمسح وجهه بيديه بملل واخيرا هتف :
خلاص ياهبه .. ابوس ايدك خلاص .. بتحبي ديما تنكدي علينا
وعندما رأت ملامحه التي تغيرت حتي أنه كاد ان يخرج سيجارة له رغم انه لا يدخن امامها كي لا يؤذيها
فمسكت يده بحب : أنا أسفه ياهاشم .. انا مش عارفه ليه بقيت بحب النكد اووي الايام ديه
فتبدلت ملامح وجهه سريعا وابتسم .. فمهما فعلت فهو قد فعل بها الكثير وتحملت .. وجاء وقت تحمله لها
وتابعت وهي تضع بيدها علي بطنها المنتفخه : ابنك بيلعب جامد الليله ديه ولا كأنه في ماتش كوره
فضحك وهو يتأملها : لاء قوليله بلاش الليله ديه
وغمز اليها بمكر فضحكت هي الأخري
وجاء الطعام وبدئوا يتناولوه بمزاح الي ان أقتربت منهم أحداهن بملابسها الخليعه .. وهتفت : هاشم
فألتف اليها ثم عاد ينظر الي هبه التي اتسعت حدقتي عينيها وتمتم بخفوت : بوسي .. الليله كده باظت
ونظرت هبه اليها بتفحص .. حتي مدت بوسي يدها الي هبه قائله وهي الاخري تتفحصها : اكيد ديه المدام ياهاشم .. اهلا يامدام انا بوسي
ومالت علي هاشم وهمست بصوت قد وصل لهدفها : وحشتني ايامك ..
وانصرفت وهي تضحك .. فكانت الحقيقه واضحه ولا تحتاج لتبرير .. فدمعت عيناها وهي تطالعه : ماتروح لبوسي اللي وحشتها
ونهضت وهي لا تري شئ امامها وداخلها يحترق .. هي تعلم بأفعاله ولكن لاول مره تري احدي النساء اللاتي كان يعرفهم عليها .. وبدء شيطانها يصور لها لقائتهما وكيف كانت في أحضان زوجها وكيف كان يُدللها
وخرجت من المطعم وهي لا تقوي علي تحمل ألم قلبها وبطنها... وصرخت فجأه هاتفه : أه
فأقترب منها مهرولا وحاوطها بذراعيه : انا بولد ياهاشم الحقني
فلم يدري بما يفعل فالصدمات في دقائق معدوده تلاحقه وقد شلت تفكيره.. وحملها سريعا واعين المارين جوارهم تُحاوطهما بقلق وهي تصرخ حتي اجلسها في السياره ليقود سريعا وصراخها يصم أذنيه : منك لله ياهاشم .. أه ..
انت السبب هتولدني بدري .. أه .. اتصل ب ماما ..
وعادت للتأوه وضحك دون شعور منه وهو يستمع لدعائها :
ياريت اللي فيا يجي فيك .. منك لله ..منك لله ياهاشم ياابن
ونظرت اليه بألم : هي حماتي كان أسمها ايه
فكتم ضحكاته : جبريه ...
فعادت للعويل : منك لله ياهاشم ياأبن ... أه هولد
..................................................................
ظلت تسير وهي معصوبة العينين واحدي اخواتها تمسك يدها حتي وصلت الي باب القاعه .. كل شئ يمر بسرعه وكأنها في حلماً جميل .. اليوم ترتدي فستانها الأبيض وقد تزوجت مما أحبت وقد خطت بأسمها علي وثيقة الزواج في حجرتها التي بالفندق ورغم ان طارق كان يرغب بأن يتزوجوا في القاعه أمام الحضور ولكن هي ارادت ان تتبطئ ذراعه وهي زوجته .. وقد حقق لها مارغبت بكل حب .. وشعرت بملمس شفاه دافئه علي جبينها ثم خدها وسمعت همسات أخواتها فعلمت لمن كانت تلك القبله
وأزال الشريط الذي يحجب الرؤيه عنها فوجدته امامها بأبهي صوره وحلته الانيقه وخلفه اخته ساره التي تعيش مع زوجها خارج البلاد وتحمل مولودها الجديد وبجانبها طفلتها الاخري .. ورأت الابتسامه علي وجوههم جميعا .. فأرادت ان تبكي ولكن هو مال عليها : مش عايز النهارده اشوف دموعك مفهوم
وتبطأت ذراعه بعد ان تأمل هيئتها الجميله المحتشمه بتفحص .. وهذا هو ما كان بداية عشقه لها احتشامها وخجلها اللذان اصبحوا نادران .. ورغم انه كان رجلا لاهيا قديما الا انه أصبح شخصاً أخر عندما قابلها وسيطر حبها علي قلبه
وبدأت تسير معه بخطوات هادئه وكل ماحدث لها كأن تلك اللحظه الجميله قد امحته ولم يعد له وجود .. رغم ان اثاره كانت ليلة امس تقتحمها في أحلامها
وتأملت القاعه بتألقها الجميل وفرحت والدتها وصوتها الذي ضاع من زغاريطها المتواصل
وفي جانب بعيد كان يقف مسعد يُطالع كل شئ بملامح جامده .. وينظر الي ابتسامتها التي أشرقت ونظرات الحب  والعشق التي تختصها لهذا الرجل ..
وألتف بجسده كي ينصرف قبل أن يختنق من ذلك المشهد فاليوم ودع ورد اخري .. ورد حبيبته التي ماتت وسهيله التي لم تعد له حتي انها ابعد من احلامه فهو لن يدخلها عالمه الذي اختاره .. عالمه المظلم الذي حتي وان تاب منه سيُقتل كما قتل غيره ..حياه اختارها بضعفه رغم ان النجاه من الغرق تأتي حتي لو كان الموت تسلل الي روحك وأيقنت ان الهلاك لا مفر منه ..
وتأمل طارق ملاكه الجميل الذي يجلس جانبه وهمس : بحبك اووي ياسهيله .. بحبك يااغلي واجمل حاجه حصلت في حياتي
فأبتسمت اليه بحب .. ليُكمل هو : عندي ليكي مفاجأه تاني هتبسطك اووي
فتسألت بصوت ضعيف : مفاجأه ايه
فغمز اليها بأحدي عينيه : وهتبقي مفاجأه ازاي لو قولتلك عليها .. وتابع بحب : بس صدقيني هتعجبك اووي
..................................................................
نظرت الي الرجل وهو يُغادر الحجره ومعه زين يتبعه وهي لا تُصدق ان بعد تلك السنين الطويل التي تجاوزت الخمسه عشر عاما ولا تذكر الحكايه الا من والدتها ووالدها
ان صديق والدها قد فاق وهو علي فراش الموت وتذكر المال الذي شاركه به والدها في أحدي قطع الاراضي ولحسن ظن والدها بصديقه أتمنه علي امواله دون أن يسجل  نصيبه وفي النهايه استولي صديقه علي ماله وأخبره ان لا حق له لديه ومهما فعل فلا يوجد شئ يثبت حقه بقطعه الارض .. ولكن اليوم أبنه قد أتي اليها بعد ان بحث عن والدها الذي علم بوفاته هو ايضا فبحث عنها وعن والدتها كي يأخذوا حقهم في قطعة الأرض بثمن اليوم
ليكون ثمنها اربعمائه ألف جنيها .. فقطعه الأرض أصبحت لهدف الاستثمار الأن وان هذا نصيب والدها
لم تسعدها الاموال بقدر .. انها ستدفع منها دين والدها
ذلك الدين الذي جعل والدها يُطالبها بسداده كي يرتاح بقبره
وجلست تحمدالله وهي لا تصدق .. وتفكر بالاموال
ستعطي لزين امواله وتضع باقية الاموال في حساب خاص بوالدتها

و سقطت الاقنعة .(سهام صادق)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن