الفصل التاسع و العشرون

33K 646 6
                                    

الـــفــصــل الــتــاســـع والــعشـــرون
*************************

فكان الصمت هو من فرض سيطرته عليهم في تلك اللحظه
وتعالت أصوت أنفاسهم المضطربه ..وكل منهم يقف ينتظر الخطوه القادمه وسيل من التوقعات تتدفق
فأغمض هاشم عيناه وقد بدء يعتدل في وقفته ..ونظرات أبنتيه وزوجته تُحاوطه ..ليأتي صورة كل مافعله في حياته
من ذنوب ..ولمعت عيناه بتمني لحظه واحده من الماضي كي يمحي كل ذنوبه ..ولكن نظرته للسكين جعلته يشعر بأن هذا ما يستحقه ...فأراد ان يستسلم لقدره
ولكن صرختها المكتومه قد جعلته يلتف اليها ليأمرها بوجه خالي : ابعدي انتي
ونظر الي أخيها الذي يقف يُطالعهم بغضب رغم أرتعاش يديه ..وفي لحظه كالبرق كان نصل السكين يُغرز
ليفر بعدها هارباً
فوقف هاشم مذعوراً مما حدث فهو كان ينتظر الطعنه ولكن هي من تلقتها ..فسقطت بين يديه بدمائها لتتنهد :
متقلقش انا كويسه
ووضعت بيدها علي بطنها التي تتدفق منها الدماء لتبتسم بوهن : ياريت أموت واخلص من عاري
ولأول مره كان يقف كالتائه ..فما حدث كان بالنسبه له كالصاعقه
وعندما وجد أنفاسها قد انخفضت وأغلقت عيناها
حملها بين ذراعيه وهو يُتمتم برجاء : اوعي تموتي يافاطمه ...
.................................................................
كان يتحرك بكرسيه دون هواده ..وهو يُفكر في أخر شبح من ماضيه ..هو لم ينتقم ممن جاروا عليه قديما بمثل مافعلوه معه ..لكنه أراد أن يريهم بأنه عاد يأخذ كل شئ قد طُرد منه  في الماضي وكأنه حشره ..
طُرد من ورشة صغيره لتصليح السيارات ..فأصبح لديه مصانع لتصنيع أحدث السيارات
أحتقره صاحب المطعم الذي عمل فيه كطباخ ونادل .. أصبح لديه سلسلة من أفخم المطاعم
حُرم من دراسته الجامعيه وظُلم زور ..فأصبح يملك العديد من الأسهم بنسب كبيره في الجامعات الخاصه
بل وأصبح يعطي دورات تدريبيه للطلبه في مصانعه ..بعد ان تعرض عليه ادارة الجامعات ذلك بألحاح
وضحك وهو يتمايل علي كرسيه ..فهو الأن " زين نصار " رجل الأعمال القوي .. وكل هذا لم يأتي من فراغ ..كل هذا كان عمراً قد قضاه في الغربه في بلاد بارده ولولا "ويليام " العجوز الذي فتح له ذراعيه ومُساندته ما كان خطي اول خطوات سُلم نجاحه
"فالله عادل ..لا يترك عبدا من عباده دون ان يُعوضه جزاء صبره "
ليسمع صوت مدحت الذي مازال ينتظر قرار سيده : مقولتليش ياباشا هنعمل ايه بالمعلومات اللي صونيا جمعتها
فألتف اليه زين بعد أن عاد لواقعه ..فحربه الأن قد نشأت مع أخر فرد وهو " أسعد المنفلوطي " وتمتم بجمود : كل المعلومات ديه متأذيش أسعد في حاجه ..لازم دليل
فوقف يُطالعه مدحت ..الا ان اكمل : محتاجين نحط كاميرات مراقبه في بيته وبالأخص مزرعته
وما كان من ذلك الواقف الا أن حك فروة رأسه وهو يُفكر فيما سيفعله ..وألتف بجسده كي ينصرف بعد ان أخذ بالأوامر
ليتنهد زين بأرهاق ..فذكري ذلك الرجل دوماً تُزعجه
ولكنه يستحق ..ان يقضي عليه ..فهو رجل قانون خائن
وبدء هاتفه بالرنين فزفر بضيق في البدايه قبل ان يُطالع الاسم الذي قد ظهر علي الشاشه
وعندما رأي أسمها ..لمعت عيناه بالسعاده
فأسمها لوحده قد جعل قناع جموده وقسوته يتساقط ..ليكون لها زين صاحب القلب
وهمس بأسمها غير مُصدقاً : حنين
فأبتلعت ريقها بصعوبه وهي تستمع لبنرة صوته الشجنه
وهمست برقه : زين انا محتاجه هدومي اللي في الفيله ..لان معنديش هدوم هنا
وتأملت ملابسها التي أصبحت لا تطيق المكوث بها أكثر وهتفت بحنق من رائحتها : خلي كريمه تجبهوملي لو سامحت
فأبتسم وهو يستمع اليها ..فأخيرا اصبحت تتعامل معه كجزء من حياتها وتمتم : حاضر
وتسأل بخفوت : محتاجه حاجه تانيه
فأجابته سريعا : لاء شكرا
ليزفر أنفاسه مُكملا : طب تمام
وبعدما أنتهت مُكالمتهم .. نظر الي هاتفه قليلا
الي ان وقف وحمل سترته وهو يُقرر الذهاب اليها
اما هي وقفت تشتم رائحة ملابسها بضيق وتمتمت :
يارب كريمه تيجي بسرعه ، انا مش طايقه ريحة نفسي
وتذكرت مُحادثتهم المُقتضبه ..فأبتسمت وهي تتمني لو ان تراه
...................................................................
كانت عيناها تفيض بالحب وهي تُطالعه ..فحركت جفونها وهي تختلس النظر اليه تارة وتارة أخري تتأمل سطور كتابها ...فقد أتخذت الاريكه الموضوعه في حجرة مكتبه مكاناً تجلس عليه لتُذاكر في حجرة مكتبه بعد أن أخبرته بأنها تحتاج لأحد الكُتب العلميه التي لديه
وكانت هذه حجه لها لكي تجلس معه ..فهو أصبح بالنسبه لها هوائها الذي ينعش روحها التي أزهرت علي يديه
ليرفع أياد وجه عن الاوراق التي أمامه قائلا ببتسامه واسعه بعد ان لاحظ نظراتها : نذاكر كويس مفهوم ، وبلاش نتأمل كده في الناس الوحشه
فطالعته بصدمه ..فهو قد كشف أمرها وعلم بنظراتها التي كانت تختلسها نحوه ..واخفضت رأسها نحو كتابها بأرتباك
ثم مدّت بيدها نحو المنضده التي أمامها وقد وضعت عليها ما تحتاجه ..فسحبت كتاب من عليها وهي تتمني الفرار
ليضحك أياد علي أفعالها ..فهي كالطفله الصغيره في تصرفاتها ..فمن يراها لايظن بأنها علي مشارف اتمام عامها الثالث والعشرون 
ونطقت اخيرا وهي تُلملم حاجتها : انا خلاص خلصت ، وهطلع اوضتي
فأبتسم ، وأشار اليها بأصبعه : تعالي ياليلي
فرفعت وجهها نحوه وقد ظهر عليه الأحمرار ..وتسألت وهي تنهض : في حاجه عايزها مني
فحرك أصبعه ثانية وأكمل : تعالي بس وانا هفهمك
وأزاح بعدها مقعده خطوه للخلف .. فأقتربت منه وهي لا تعلم لماذا يُريدها
حتي فجأه شهقت وهي تري نفسها في حجره وبين ذراعيه
لتهتف بفزع : آه ..
وحاولت النهوض الا انه كان يحكم قبضة يديه عليها وقد لمعت عيناه بالمكر
ليرفع حاجبه الأيمن : متحاوليش ، لاني مش هسيبك
وأخذ يُنعش أنفه برائحتها الجميله الي أن تمتمت بخجل :
  داده حسنيه بتنده عليا
فضحك وهو يتأملها : محدش بينادي
وبدء يُلامس وجهها بأطراف أنامله .. الي ان وجدها تخفض رأسها ..فحرك يده نحو ذقنها ليرفعه نحوه هامسً :
ليلي ..
ففتحت فاها كي تُجيبه بنعم ..ولكنه ألتقط شفتيها ليُقبلها بقبله حنونه
وابتعد عنها ليري وجهها الذي بالتأكيد قد تحول لشعله من الأحمرار وابتسم : كل حاجه فيكي بتسحرني
..................................................................
فتحت باب المنزل بلهفه وهي لا تُصدق بأنها ستتخلص من ملابسها تلك ..لتقف مصدومه مما تري
فزين كان يقف أمامها يحمل حقيبه متوسطه الحجم في يد ويده الأخري يحمل بعض الأكياس التي يبدو بداخلها
ان بها طعام
وأردف للداخل ..فأبتعدت عن الباب بخجل
فهيئتها الغير نظيفه وجهها المُتعرق من حملة التنضيف
قد جعلتها تود الهروب من أمامه
فهو يقف أمامها بأناقته الكامله وعطره المُميز
وأبتسم وهو يراها هكذا .. وتسأل : ايه اللي عمل فيكي كده
فنظرت اليه ، ثم نظرت الي ملابسها وتنهدت بيأس :
كنت بنضف الشقه
فضحك وهو يُتمتم : ديه مش حملة تنضيف ..ديه معركه
وتابع : كنتي قولتيلي وكنت بعتلك حد ينضفهالك
ووضع الأشياء التي بيده أرضً ..واقترب منها ثم مال علي اذنها : عارفه انتي شبه ايه دلوقتي
فرفعت عيناها لتُحدق به ..الي ان صدمها بعبارته :
شبه الساحره الشريره
وكادت ان تنصرف من امامه حانقه ..الا انها عدلت عن ذلك القرار وقررت فعل شئ أخر..وارتمت علي صدره فجأه
فظن بأنها ستحتضنه ..ولكنه شهق وهو يراها تُمرمغ جسدها العالق به بعض الأتربه في ملابسها علي ملابسه الفخمه ..
وظل ساكناً بصدمه ... ثم ضحك بقوه وهو لا يُصدق ماتفعله
وعندما سمعت صوت ضحكاته ..أبتعدت عنه فهو لم يكن حانقاً او غاضباً منها بل كان مُستمتعا مصدوما
وضربت قدماها أرضً وتناولت حقيبتها وركضت سريعا الي غرفتها وهي تُتمتم بحنق : انا ساحره شريره يازين
ونهضت كي تقف أمام المرآه وهمست :
عنده حق والله ..انا لو مكانه أهرب منك ..
واخذت تُخاطب نفسها : ده منظر ده
وأشارت لجسدها وهي تُكمل : فين الاناقه ، فين الانوثه
وتنهدت بيأس ..فهو حتي الان لم يراها الا في حاله سيئه
واقتربت من حقيبتها كي تخرج منها ما سترتديه
الا انها شهقت بفزع ..فملابس البيت التي امامها جميعها أما ضيقه او قصيره ..فيبدو ان من احضر الحقيبه يُحبها كثيرا
وأخذت تنظر الي كل قطعه بتأفف ..حتي اخيرا اختارت أحدهم بيأس
وتحركت نحو الباب لتفتحه كي تذهب لأخذ حمام منعش
فتنظيم شقة والديها الصغيره ليس كمنزله الضخم الذي تحتوي فيه كل غرفه علي حمام خاص
وتطلعت للطرقه المؤديه الي المرحاض ..ثم ركضت سريعا قبل ان  يلتفت اليها ويراها ..فهو يبدو مشغولاً مع من يُحادثه
...................................................................
ضحك حاتم بقوه وهو يستمع الي مايُخبره به مسعد ..الذي وقف يتأمل ضحكات سيده المُقززه
ليتسأل حاتم : والبنت كويسه ولا ماتت
فهتف مُسعد نافيا : لاء حالتها بقيت مُستقره ،اظاهر الطعنه مكنتش جامده
فلمعت عين حاتم ببريق الخبث : كان نفسي الضربه تيجي في هاشم ، بس شكله زي القطط
ثم تابع بضيق: أكيد طبعا محدش من البوليس سأل عن حاجه ولا قرب منه ..ماهو قريب " زين نصار "
فأجابه مسعد : ما انت عارف ياباشا ..ان هاشم مسنود ديما بزين
ليتنهد بيأس : خلينا احنا دلوقتي في شغلنا .. العمليه الجديده محتاجه تركيز جامد فاهم يامسعد
................................................................
داعبت رائحة الطعام انفها بقوه ..فأخذت بطنها تصدر أصوات مُزقزقه بالجوع ..وبعد ان كانت ستدخل غرفتها كي تُمشط شعرها ..اكتفت بتجفيفه
وصارت نحو طاولة الطعام ..وتأملت الأطباق الموضوع بها اطعمه مشويه تفوح رائحتها
وظلت تتأمل المكان حولها ..فوجدته خالي
وشعرت بالأحباط لتركه لها .. الي ان وجدته يدخل من الشرفه بعد ان أغلق هاتفه بتأفف
وعندما رأته أبتسمت وعادت تنظر الي الطعام ثانية بجوع
ليرفع زين أعينه عن الهاتف .. وبعد أن كان يشعر بالغضب بما قصه له هاشم وامر مدحت بأن يذهب اليه ليُساعده في كل شئ ..
ابتسم وأقترب منها ..واخذ يتأمل كل تفاصيلها
فكانت ترتدي منامه حريريه ذات قطعتين ..شورت قصير يصل لركبتيها وقطعه علويه بالكاد تُغطي بطنها
وشعرها مازال مبلول ..يعطيها هيئها كامله من الأغراء
فزفر أنفاسه بصعوبه وهو يُقاوم رغبته في سحقها بين ذراعيه ويأخذها لعالمه لتصبح له
ولكنه تمتم بخفوت : الصبر يارب
وألتفت اليه في تلك اللحظه : الأكل ريحته جميله
فأبتسم وأقترب منها أكثر .. لتشعر بالأرتباك وهي تري هيئته الجذابه بعد ان تخلي عن سترته ورابطه عنقه وقد حرر بعض الأزرار العلويه لقميصه
وحركت رأسها سريعا كي تفيق من سحره الرجولي الطاغي
وتمتمت : انا هروح أجيب مايه عشان عطشانه
فتنهد بيأس وهو يري هروبها المُعتاد منه .. ولكن يبدو ان الطعام قد جعلها تنسي هيئتها التي لأول مره يراها بها
وعادت اليه بأرتباك وهي تحمل زُجاجه المياه وكوب
وجلست علي المقعد ..وبدأت تتناول الطعام كي تُلهي نفسها عنه
اما هو كان سارحاً في كل أنش بجسدها .. يستنشق رائحتها التي داعبت أنفه .. ولمعت عيناه وهو يراها تأكل بنهم
وتمني داخله ان يكون هو الطعام ..واخيرا أفاق من شروده
علي صوتها : انت مش هتاكل
فضحك وهو يتأمل فمها المملوء بالطعام :
لدرجادي كنتي جعانه
وعادت تقضم لقمه أخري : كنت جعانه جدا ..
فأبتسم .. وأخذ يُطالعها ..فجوعه الحقيقي كان بها وليس بالطعام
ووقف الطعام بحلقها ..وبدأت تكح .. ليُناولها كوب الماء ضاحكا : انا لو قاعد مع طفل مش هياكل بالطريقه ديه
فطالعته بنظرات حانقه .. فأتسعت أبتسامته
حتي شربت وزال الطعام من حلقها فتنهدت بشبع : الحمدلله
وهتف بُحب : كملي اكلك ، انا كنت بهزر
فتذمرت كالأطفال بسبب ماقاله : لاء خلاص شبعت ، انا بحب اكل بسرعه غير اني كنت جعانه
فلمعت عيناه وهو يري حملات منامتها الرفيعه قد سقطت احداهما عن كتفها
وجذب كرسيه بالقرب من كرسيها .. ومدّ بيده نحو خصلات شعرها الرطبه وتمتم بخفوت : انا ومعاكي بحس فعلا اني عايش
ومال نحوها ليتنفس رائحتها .. فشعرت بالصدمه من أفعاله
وأحست انها لو ظلت أمامه للحظه واحده فستنهار حصونها أمامه .. ونطقت بتعلثم : زين
ليهمس بدفئ وهو مُغيب : عيونه
فتابعت : ابعدي عني أنت مقرب كده ليه .. زين انت وعدتني انك مش هتعمل حاجه انا مش عايزاها
فأبتعد عنها قليلا .. وضم وجهها بين كفيه مُطمئناً : وعمري ماهعمل حاجه غصب عنك
ورغم انه يُصارع رغبته بها .. الا انه تمالك نفسه من اجلها
ومال نحو جبينها ليضع بقبله حنونه عليه ثم وضع بجبينه علي جبينها مُتنهدا :  أديني فرصه ياحنين نقرب من بعض
انا عايزك في حياتي ..
وعندما وجد الدموع تلمع في عينيها .. ضمها اليه وهو يتنهد : يارتني كنت قابلتك من زمان 
..................................................................
نظرت سهيله بخوف الي الدماء التي تدفق من رأس الخادمه
بعد أن ضربتها بأحدي الفازات .. فبعد ما فعله معها وبجسدها
شعرت بأنها قد أنتهت وان حياتها ضاعت في قبضة ذلك اللعين .. وهبطت دموعها بأسف وهي تنظر الي الخادمه :
سامحيني والله ماكنت أقصد اموتك
ورغم ان ضربتها ليست بالقاتله الا ان خوفها جعلها تشعر هكذا .. وأرتجفت يدها وهي تبحث في جيوب الخادمه عن هاتفها ..فهي قد رأتها تضعه في جيب عبائتها عندما جائت اليها بالطعام
فلا يوجد حل لها سوي الهاتف .. فحاتم يجعل رجاله يُحاوطون مزرعته من كل أتجاه .. حتي الشرف أحكم عليها الغلق وكأنها سجن
وعندما وجدت ضالتها .. شعرت بالسعاده .. فهي ستُهاتف طارق لينجدها
وظلت تضرب الرقم بأصابع مُرتجفه .. وكادت ان تضغط علي زر الاتصال الا ان صوت أقدام قد جعلتها ترفع
وجهها قليلاً
لتراه يقف امامها يُطالعها بشر .. وفي ثانية واحده كان يخطف الهاتف من بين يديها : انتي فاكره حد هيقدر ينجدك مني ياسهليه
وصفعها علي وجهها بقوه .. فصرخت :
انت عايز مني ايه .. مش اخدت خلاص الي عايزه
وأنتهت أخر كلماتها بصفعه أخري ..
فجذبها من ملابسها نحوه وهو يُطالع الخادمه التي تنبطح أرضاً : عايزه تهربي مني ..
وتابع بقسوه : انا هعرفك مين انا
وظل يُحرك جسدها .. وصرخ بأسم احد رجاله
حتي جاء اليه.. ليأمره : شيلوا ديه من هنا ..
وبالفعل أخذوا الخادمه .. ليُطالعها :
هعاملك زيهم بالظبط ..
فحدقت به بفزع .. وتسألت بخوف : انت هتعمل فيا ايه
ليضحك بسخريه .. وهو يتذكر افعاله الساديه
وتمتم : هتشوفي وهتحسي بعذابك النهارده
واكمل : انا فضلتك عليهم كلهم .. واتجوزتك
بس أظاهر انك عايزه تشوفي حاتم الشيطان بجد
وتعالت ضحكاته التي افزعتها ليُتابع : هخليكي تصرخي ، وتطلبي مني اني أرحمك
...................................................................
أردف الي شقته بوجه خالي .. وعرقه مازال يتدفق من فوق جبينه ..فاليوم كان حافل بمصائب قد أنهكته
فتعالت صوت ضحكات يعلم أين مصدرها ولكن لم يُخمن من هم ضيوفه الذين يظلون في بيته في مثل هذا الوقت
وحمل سترته علي أحد كتفيه .. وهو يحمدالله بأنه قد أبدل قميصه المُلطخ بالدماء في شقته الأخري قبل أن يعود
وعندما أقترب من حجرة المعيشه ..رأي زوجته وصديقتها "لمياء"وزوجها الذي يبدو بأنه لا يعرف عن الأصول شئ 
ونظر الي ساعته قبل ان يتقدم نحوهم ..فالساعه كانت تقترب من الحاديه عشر
لتلتف هبه نحوه بعد أن غمزت لها صديقتها..ونهضت سريعا مُتمتمه : انت جيت ياحبيبي
ومالت عليه قليلا لتهمس : كده ياهاشم تحرجني ومتجيش تقابل صاحبتي وجوزها
وكاد أن يرد عليها ..الا انه طالعها بأقتضاب وانصرف بعد ان تمتم : اهلا
لتطالع هبه صديقتها التي نظرت اليها بحنق :
معلشي يالمياء ..هاشم ميقصدش هو شكله تعبان مش أكتر
فجائها صوت لمياء المُقتضب : عادي ياهبه
ونظرت الي زوجها الذي يجلس وكأنه لا شئ : يلا ياحبيبي
وتابعت : ممكن ياهبه تصحي هيثم ، عشان نمشي
فأقتربت منها هبه بصدق : اوعي تكوني زعلتي
فتمتمت لمياء ببرود : لاء عادي ياحبيبتي .. هو جوزك طوول عمره كده
وقبل أن يطيل الحديث بينهم .. انصرفت هبه من اجل جلب الطفل النائم
لتشرد الواقفه في ملامح ذلك الذي فضل صديقتها عديمة الشخصيه عنها .. وخاطبت نفسها ساخره : هي ديه اللي فضلتها عليا ياهاشم
اما هو جلس في وضع لا يُحسد عليه ..وأرتمي علي فراشه بملابسه الغير مُهندمه والتي لم تُلاحظها زوجته حتي قميصه المُختلف عن ما كان يرتديه صباحاً
ورغم حنقه منها ومن استضافتها لهؤلاء ..الا ان ما فيه الان يكفيه
وشرد في بداية يومه الحالك
عندما خرج الطبيب من حجرة العمليات ..ركض نحوه
لتُطالعه أعين مدحت الذي جاء اليه بعد أمر من زين
فتنفس الطبيب براحه : الحمدلله الجرح مكنش عميق ..حمدلله علي سلامتها
ووضع بيده علي كتفه مُتمتما : المفروض البوليس يعرف لانها حالة شروع في قتل
فطالعه هاشم بصمت ..الي ان وجد مدير المشفي يتقدم نحوهم
مُرحبا بهاشم وتمتم ببعض العبارات الهامسه الي الطبيب المُتكفل بالحاله ..ليعلم بعدها ان الموضوع سيمر دون تدخل اي أجراء قانوني ..فزين قد تدخل له في الأمر
لينصرف الطبيب ومعه مدير المشفي الذي يوضح له الأمر
وكاد ان يسأل عنها احدي الممرضات.. فوجدها تخرج من حجرة العمليات
فتأمل وجهها الشاحب بأسي لا يعرف مصدره ..حتي اختفت من أمامه لتوضع في حجرة العنايه
وفاق من شروده علي صوت رنين هاتفه ...
فتجاهله الي ان رن ثانية
وأخرج الهاتف من جيبه ليري رقم زين
وعندما هتف بأسمه تمتم : زين بلاش نصايح دلوقتي وعصبيتك الله يخليك
ولكن هدوء زين قد فاجئه .. فقد كان يُطمئنه أن لا يقلق .. فتنهد هاشم قائلا : حاتم هو اللي ورا الحكايه ديه كلها انا واثق في كده
فأجاب عليه بكلمات مُبهمه : نهاية حاتم قربت ..ياهاشم متقلقش
وتسأل : البنت فاقت
ليُتمتم هاشم : اه .. وكاد ان يُخبره عن بعض الامور التي حدثت منذ ساعه قبل ان يُغادر المشفي
لكن دخول هبه جعله ينهي مُحادثته سريعا
ليجدها تقترب منه بوجه مُحقن : ممكن تفهمنى انت ايه اللي عملته ده
وأشار اليها بيده قائلا بجمود : من غير ولا كلمه ، خدي الباب في ايدك وروحي نامي جنب البنات
فأقتربت منه بعدما تأملت وجه الشاحب وتسألت بقلق : هاشم انت فيك ايه
فضحك ساخراً : لسا فاكره تسألي ..
وتقدمت خطوه ثانية منه ..فأشار بيده : هبه لو سامحتي سبيني دلوقتي
فحدقت به .. وكادت أن تنصرف بهدوء الي ان تذكرت نصائح صديقتها فهتفت بغضب : ييييه ، خدي الباب خدي الباب ..ماشي ياهاشم ..الصبح لينا كلام تاني مع ببعض
وغادرت من أمامه ..ليقف هو مصعوقاً من طريقتها ..فزوجته الهادئه الوديعه قد تغيرت
وتنهد بضعف : اه ياهبه ..لو تعرفي انا محتاج اترمي في حضنك أزاي دلوقتي
واغمض عينيه بعدما شعر بالأختناق .. وعاد يتمدد علي فراشه ثانية وهو يتذكر رجاء تلك التي قد أوقعه القدر في طريقها ... فحلمه بها ليس الا واقعا قد أصبح
وترددت صدي جملتها في اذنيه ..
"فهي تُريده أن يتزوجها حتي لو سراً ولن تطلب منه شئ سوي حمايته فقط "
...................................................................
كان يقود سيارته وابتسامه حالمه تُداعب شفتيه .. فتنفس بعمق وهو يتذكر يومه معه ..ورغم بساطة كل شئ فيها الا انه تشعره بالحياه وكأنه ولد من جديد
فتسعت ابتسامته وبدء يحك ذقنه بتنهد مُتمتماً :
مش معقول يازين بقيت غارق في حبها ، وكأنك طفل صغير
ونظر الي مُشغل الموسيقي الذي من النادر يستمع اليه
وضغط علي الزر الالكتروني
لتتعالا الغنوه بطرب علي أذنيه .. فهو ليس من مُحب اغاني العشاق ولكن ماأصبح به جعله يشعر بأنه كالمُراهق
سألوني الناس عنك يا حبيبي
كتبوا المكاتيب و أخدها الهوا
بيعز عليّ غني يا حبيبي
و لأول مرة ما منكون سوا
سألوني الناس عنك سألوني
قِلتلّن راجع، أوعى تلوموني
غمضت عيوني خوفي لا الناس
يشوفوك مخبى بعيوني
...................................................................
وقفت تتأمل الغرفه في الظلام بخوف ..ورغم أنها تعلم بأن تلك الغرفه لا يدخلها أحد الا انها أرادت ان تدخلها ثانية
فالمره الاولي كانت عندما كانت فاقده لوعيها وقد أعترف لها بحبه وعشقه ...
فلمعت عيناها بسعاده .. وهي تتذكر ذلك اليوم الذي تغيرت فيه حياتها رغم بشاعة بدايته
وأقتربت من زر الاضائه .. واضاءت المكان وهي تتمني ان لا أحد يستيقظ ويراها وخاصه أياد
ونظرت الي البيانو الذي قد جاءت خاصة اليه ..رغم انها لا تعلم كيف يكون العزف عليه ...الا ان شغف ما جعلها تُريد أن تضع بأصابعها عليه
وخطت بخطوات مُرتجفه وهي تلتف يمينا ويسارا ..حتي وصلت للمقعد الموضوع أمامه ورفعت غطاء البيانو
وتأملته وكأنها طفله صغيره ..ستُجرب لعبه جديده
وضربت علي مفاتيحه  بعشوائيه فصدر صوت مُزعج
فأنتفضت بخوف ..ولكن عادت تُجرب ثانية وهي تبتسم
وكأن اللعبه قد أعجبتها
اما هو أستيقظ كي يهبط لمكتبه لجلب كتاب له يقرئه ..فالنوم قد غاب عن جفونه
وكاد ان يردف الي غرفة مكتبه الا ان صوت ما جعله يتسأل : مش معقول يكون حد في الاوضه
وبعد أن كان هدفه غرفة مكتبه أتجه الي الغرفه التي كانت لزوجته وشهدت علي الكثير من حبهما
وتقدم أتجاه الغرفه .. الي ان فتح الباب لينصدم مما يراه
فليلي تجلس أمام البيانو ..تلعب في مفاتيحه البيضاء والسوداء بعشوائيه وتبتسم وكأنها طفله صغيره
ورغم انه لا يجعل أحد يدخل تلك الغرفه ولا يُحب ان يدخلها فهي تُذكره بالماضي الجميل مع زوجته
ولكن اليوم لأول مره كان الماضي بعيدا جدا وكأنه قد انتهي
فأبتسم وهو يراها هكذا ..فشعرها يتحرك مع خفة أصابعها
وأبتسامتها تُنير وجهها الرقيق .. وبيجامتها الورديه تجعلها أشبه بالحلوي
فتقدم نحوها بخطوات هادئه الا انها شعرت بوجود أحدهما
فألتفت نحوه ..وأنتفضت من جلستها بخوف :
انا أسفه ..مش هعمل كده تاني
وتابعت بأرتجاف : انا عارفه انك مش بتسمح لحد انه يُدخل الاوضه ديه .. بس
ومع كل كلمه كانت تتفوه بها ..كان يقترب منها خطوه وأبتسامته تتسع
الا ان وجدها تخفض رأسها أرضاً وهمست : انت هتزعق  وهتزعل مني
ومع أخر عباره لها ..كان قد وصل اليها ..فرفع وجهها نحوه وهمس بدفئ : بصيلي ياليلي
وعندما نظرت اليه ..أحتوي وجهها الدافئ بين راحتي كفيه مُتمتما بحنان : كل حاجه كانت مُحرمه عليكي في البيت ده أنتهت .. انتي دلوقتي أغلي حاجه عندي
فأبتسمت ..ليبتسم هو : عايزه تتعلمي عزف علي البيانو
فحركت رأسها له .. فضمها اليه قائلا : ملاكي يؤمر بس .. وانا أنفذله كل اللي نفسه فيه
وازاح المقعد قليلا  بعد أن أبعدها عنه.. وجلس وأجلسها بجانبه وبدء يعزف بأحتراف .. جعلها تُحدق به بأندهاش
فموهبه أخري أكتشفتها في زوجها .. زوجها الذي تخلي عن أشياء كثيره كان يفعلها لان رفيقته في كل شئ قد رحلت
ولكنه الان يعيش مُجددا .. يعيش بحب جديد قد ملئ قلبه
وعندما أنهي مقطوعة عزفه الجميله .. ألتف اليها كي يأخذ بأناملها ويبدء في تعليمها القواعد الاساسيه
الا ان نظرتها الحالمه له .. جعلت قلبه يخفف بجنون
ووجدها تقترب منه .. وقبلته برقه علي شفتيه هامسه :
بـــــحــبـــــك
................................................................
وقفت رحمه تتأمل هيئتها المُغريه في المرآه وهي تبتسم
فقد تزينت له وأرتدت أكثر الملابس اغراء .. فجمالها الساحق بالتأكيد سيكون سلاحها
فدوما كان هذا فكرها ..
وتمتمت بغرور : هخليك النهادره تنام في حضني يازين
وأحكمت ربط مئزرها وصارت نحو غرفته كي تجعل تلك الليله هي بداية جديده لحياتهم
وعندما فتحت باب غرفته .. نظرت الي جسده المُمدد علي الفراش وأقتربت منه بسعاده حتي وصلت الي فراشه
وأخذت تُحرك بيدها علي خصلات شعره .. بهدوء
الي ان وجدته يبتسم وهو مُغلق العينين
وحررت مئزرها الحرير من فوق قميصها الناعم
وتمددت بجانبه وظلت تقترب من جسده الا ان ألتصقت به
فهو كان في عالم أخر .. كان يحلم بحمقائه الأخري
يحلم بها بين ذراعيه ..يُعلمها أبجديات الحب والعشق الذي عرفهما معها فقط ..
وعندما شعر بدفئ جسد قريب منه ظن بأنه مازال في حلمه
فأحاطته رحمه بذراعيها .. ومالت نحوه بعد أن أبعدت خصلات شعرها للخلف وأبتسامتها تتسع علي وجهها

و سقطت الاقنعة .(سهام صادق)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن