الفصل الواحد و الاربعون

30.5K 645 3
                                    

الــفــصــل الــواحـــد والأربـــعــون
***************************

أدهشته فعلتها وهو يشعر بشفتيها علي عنقه وحرارة انفاسها وهي تدفن وجهها به ..فضحك بأستمتاع وهو يعلم سبب ذلك الدلال المفرط ..
وهمس بخفوت : طب بالنسبه اني قربت أتخنق كده
فنظرت الي تلك التي تسير بغرور خلفهم ..فيبدو ان مسرحيتها الضعيفه لم تخل عليها بعدما أستنتجت سببها
وأرخت يديها عن عنقه ..ودارت بعيناها حول المكان
لتجده خالي ولم يري أحد حماقتها
وعاد صوته الدافئ يُداعب أذنيها : حنين انتي نمتي
وكتم ضحكته وهو يستمع اليها : انا عايزه ارجع مصر ،كرهت ألمانيا خلاص
وعندما أنتهت من تمتمتها الطفوليه .. كانوا قد أقتربوا من السياره السوداء الفاخره التي تنتظرهم
وتسأل : حبيبتي هتعرفي تمشي الخطوه ديه ..وتدخلي العربيه
فضحكت بأستمتاع بعدما أحست بضيق لا تعرف سببه ..فحماسها لزيارة تلك البلد قد ضاع : نزلني يازين أصلا انا مفيش حاجه
فأبتسم بعدما أنزل قدماها أرضاً ..فهي بالفعل تعتدل في وقفتها دون ألم .. وأنحني نحوها هامساً وهو يُطالع ماريانا التي اوشكت علي الأقتراب منهما : اممم ،يعني بتدلعي
فهربت بعيناها نحو الطائره التي كانوا يستقلونها ..وطالعته قبل ان تردف لداخل السياره : لو مكنتش هدلع عليك ..هدلع علي مين
جمله واحده قالتها بأفتنان كي لا تُثير حنقه منها ..جعلته يقف يضع بيده فوق رأسه بعالم أخر .. رغم افعالها الحمقاء الا ان بساطتها التي يعشقها تزيده رغبة بها كل يوم
كان يظن ان رغبته ستنطفئ بعدما يحصل عليها
.. ولكن قد وقع في عشقها وانتهي الأمر
واقتربت منهما ماريانا متسأله بحقد : كيف حالها .. زوجتك تتدلل علي مايبدو زين ؟
فطالعها وطالع تلك التي تجلس تُحدق بهم بغضب .. وسريعا ما أبتسم وهو يُشير لها بالصعود
وصارت السياره بهم بعد أن اتخذت ماريانا المقعد المجاور للسائق ..وبدء الجو هادئ للحظات
وبدأت ماريانا بالحديث بأمور عده .. أستمالت زين بحديثها بعدما كان مشغولا في رؤية هاتفه
وتعالت ضحكاته وهو يستمع لما تقصه عليه من مغامرات ... وهو لا يُصدق بأن ماريانا الصغيره التي عندما ألتقي بالعجوزويليام كانت في الثامنه من عمرها قد كبرت وهي الان أمرأه في الثالثه والعشرون من عمرها تدير أعمال جدها بحنكه ومهاره
ومع كل ضحكه من ضحكاته ..كانت تزداد أفتنان به أكثر .. فهو حب طفولتها ومراهقتها وظلت تُحافظ علي قلبها اليه وحده حتي عندما علمت بزواجه من رحمه أستمر حبها له أملا بأن تُعيده اليها حين تصبح أمرأه ناضجه
ويالة من حلم قد تبخر فهو أصبح زوجاً لأمرأه اخري ..امرأه ليست فاتنه لتلك الدرجه لتجعله مُتيم بها
لتُتابع حنين حديثهم دون فهم ..فهي تُحادثه بالألمانيه وهو يستمع اليها ويُحادثها بطلاقه ..اما هي تجلس مثل مقعدها في صمت ..واحيانا تبتسم حتي لا تظهر جهلها
وفي تلك اللحظه أقسمت أن تتعلم الألمانيه مهما كان
وأخذت تُطالعهم بأعين ثاقبه ..وقلبها يحترق من نظرات الأخري فهي تعلم تلك النظرات
وعندما شعرت بالملل من حديث لم تفهمه .. ألتفت بجسدها نحو نافذة السياره .. وظلت تُحدق بالمسار الذي تسلكه بخفه .. فأبهرتها المرتفعات والأشجار التي تُحاوط الطريق .. ومنظر الجليد
وأغمضت عيناها تنعم ببرودة الاجواء التي لم تعتد عليها
وظلت علي وضعتها هذه ..والحديث مازال دائر بين زوجها وماريانا ولكن الحديث اصبح أكثر جديه علي مايبدو ..فضحكاتهم قد أنتهت
وبعد ساعه تقريبا .. كانت السياره تعبر طريقها نحو قصراً من قصور الأساطير ..تُحاوطه حديقة خلابه ونافورات الكريستال
واخيرا وقفت السياره في وجهتها .. وألتف نحوها وكأنه الأن تذكر وجودها جانبه : حنين
فطالعته بأعين ناعسه .. وحركت رأسها له وهي تخبره بأنها بخير
وهبطوا ثلاثتهم .. لتجد زوجها في حضن رجلا بسيط ورغم انه في عامه الثمانون الا ان جسده مازال رائعاً
فعلمت بأنه العجوزويليام .. فما قصه عليها زين جعلها تعلم بهويته دون عناء
وأقترب منها بلطافه وحادثها بالعربيه : مُبارك لكي أبنتي الزواج
وأحتوي يديها بداخل يديه .. وربت بعدها علي رأسها
وأبتسم لها بدفئ
وبعد ترحيبه الجميل الذي أعاد الراحه الي قلبها والتي هدمتها تلك التي لم تُعيرها أي انتباه وكأنها هواء
امر العجوز خادمته بأن تأخذها الي جناحهم المخصص ..واصطحب هو زين لغرفة مكتبه
...................................................................
تنهدت ليلي بيأس وهي تفرك يديها ..فصمته أصبح يزعجها
لا تنكر أن وجوده بجانبها الأن بعدما أصطحبها للطبيب لمعرفه وضع جنينهما ..جنينهما الذي يضمه رحمها منذ شهران ولم تشعر به الا منذ أيام
وأخرجت أنفاسها بتوتر .. وألتفت نحوه تسأله : اياد
فحرك أصبعه علي هاتفه بملل : نعم
فأبتلعت ريقها بصعوبه واكملت ببتسامه شاحبه :
انت مبسوط
فألتف نحوها يتأمل وجهها المرهق وقبل ان يعود ليُحدق امامه : اكيد
وظل الصمت يُحاوطهم للحظات .. حتي السائق لا يتفوه بشئ سوي انه يقود ببطئ من أجلها كما أمره هو
وهمست بخفوت : تفتكر سليم هيفرح
فتمتم ببرود : اكيد
كلماته البارده المقتضبه ..كانت تنزل علي قلبها فتدميه
تلعن بكل لحظه داخلها سيلين ولكن لما لا يستمع اليها ويضع لها الأعذار كما وضعت ...
وضغطت علي شفتيها بقهر .. واخذت تزفر أنفاسها بقوه
جعلته يلتف اليها يسألها بقلق : انتي كويسه ياليلي
فطالعته بنظرات حانقه وتمتمت بصوت ظنت انه لم يسمعه ولكن هيهات : اه كويسه جدا جدا
فأستدار بجسده بعيدا عنها حتي لا تري أبتسامته وتنهد هامساً : طب كويس
وكادت أن تبكي بسبب معاملته تلك ..ولكن تذكرت حديثها مع نفسها صباحا : كفايه دموع ..هكون قويه
وظلت تعيد تلك الكلمات داخلها الي ان أسترخي جسدها
وابتسمت وهي تضع بيدها أسفل معدتها لعلها تشعر بجنينها
.................................................................
ألجمته الصدمه وهو يري زوجته تجلس بجانب تلك التي يعلم بخبثها وتواسيها وهي تبكي
لتنهض هبه نحوه .. وتسحب ذراعه بعيدا كي لا تسمعها صديقتها : هاشم ..لمياء جوزها طلقها وطردها من بيتها وهي جات تقعد عندنا لحد ماتسافر لأهلها .
وأكملت بحزن عليها: انت عارف ان أهلها مهاجرين
، جوزها ده راجل قليل الأصل
فطالعها هاشم وألقي بنظره بعيده نحو التي تُحدق به بنظرات يعلمها : هو اللي راجل قليل الأصل برضوه
وتسألت بحزن : بتقول حاجه ياهاشم
فقبض علي يديه بقوه .. وتنهد بحنق : بقول تعالي حضريلي شنطتي
وصار من أمامها .. فوقفت قليلا تُفكر بحال صديقتها
وركضت نحوه وهي تتذكر ما تفوه به قبل ان يتركها
ووصلت الي حجرتهما تُطالعه وهو جالس علي فراشهما حانقا واقتربت منه تتسأل : شنطه ايه اللي أحضرهالك ياهاشم
فأغمض عيناه كي لا يخرج غضبه عليها .. فرؤيته للمياء دوما تعيد له الماضي بأفعاله الشنيعه : هبه حضريلي شنطه هودمي من غير كلام ..
وتنفس بضيق : انتي فاكره اني هقعد هنا ، طول ما صاحبتك موجوده
وجائه ردها الذي كاد أن يخنقها فيه : وفيها ايه ياهاشم ، لمياء زي ريم اختي وانت اكيد بتعتبرها أختك وانا بثق فيها
فضحك ساخراً .. زوجته الحمقاء تري صديقتها التي ترغب بزوجها كالاخت وتثق بها
وصاح بضيق : طب ياحبيبتي ..يلي بتثقي في كل الناس
حضريلي شنطتي لان انا رايح اقعد في الشقه التانيه
وعندما تذكرت شقته الأخري ، هبطت دموعها : يبقي هتخني تاني ياهاشم
فأقترب منها بحنق: اخونك ايه خلاص انا كرهت صنف الستات كلهم ..
واكمل بيأس : هبه حبيبتي ..ياروحي أنسي اللي فات
واغمض عيناه بأرهاق : لأحسن أخنقك
ولكن ذكري أفعاله الحمقاء وخيانته لها وتحملها جعلته يضمها لأحضانه مُتمتماً بأعتذار : هبه وجودي هنا مينفعش صدقيني .
فتنهدت براحه .. وعادت عادتها التي جائت مع حملها
فأخذت تُمرمغ انفها بجسده .. وتنفست بعمق رائحه عطره :
ريحتك حلوه اووي
فلم يتمالك صوت ضحكاته .. واخذ يضحك بقوه علي فعلتها : يادي ريحتي
وتابع ضاحكا : أعبيهالك في أزايز
فمرمغت وجهها بالكامل بجسده وهتفت كالمغيبه: اه ياريت
ولم يشعروا بتلك التي وقفت خلف الباب .. تستمع لحديثهم بقهر وحقد علي حياه تراها كثيره علي صديقتها ولا تعلم ان حياتها تلك أتت بعد قهر ومعاناه
...................................................................
وقفت تتأمل الحديقه الواسعه التي لا نهايه لها بأعين لامعه .. ونسمات الهواء تُداعب وجهها ..وبدأت تستنشق الهواء بعذوبه وعيناها مسلطة للأمام وألتفت بأعينها نحو الجها الأخري .. فشعرت بجفاف حلقها
زين يتمطئ فرس وماريانا علي فرس أخر يتسابقون حتي هدأت خطوات أحصنتهم شيئا فشئ وهبط زين من علي فرسه .. فمدت له ماريانا يدها كي يساعدها علي الهبوط
وكأي راجل ساعدها بلطافه فتساقطت خصلات شعرها علي وجهه .. واخيرا صاروا معا مغادرين ساحة الاسطبل بعد ان اخذ السايس الأحصنه
رغم بعدهم الا ان أندماجهم كان يجعل الدماء تغلي بعروقها
فهتفت بخيبة أمل : ماريانا أجمل من رحمه .
وهبطت ببصرها نحو جسدها ..فهي تمتلك جسد قليل الوزن قصير الي حد ما ..ملامحها جميله ولكن ليست فاتنه ..لا تملك عينان خضراء ولا زرقاء .. بشرتها بيضاء ولكن مع الأرهاق تبدو شاحبه .. لا تضع مساحيق تجميل بكثره فكل ماتضعه مرطب شفاه ومرطب للوجه وكحلا يُزين عينيها
اما ماريانا جميله بجمال الغرب ..بشرتها بيضاء متورده واعين خضراء وشعر أشقر وجسد طويل كالعارضات
ولم تجد شئ تضع به حرقتها وحنقها الا شفتيها
فظلت تقضمهما بقوه .. لعلها تهدأ
وعادت تُطالعهم وهم قادمون نحو ساحة القصر .. فوقفت ماريانا فجأه امامه ووضعت بيدها علي فروة رأسه تزيل بعض الاتربه من عليه وتضحك فيبادلها زين ضحكاتها
صورة جعلت طاقة تحملها تنفذ .. فذهبت الي فراشها وجلست عليه تتمني لو أن تمر رحلتهم هنا سريعا
قبل ان تحرقها نيران الغيره
وبعد دقائق .. وجدته أمامها متعرق الوجه وأزرار قميصه العلويه منفتحه بعضها ..
ويتحرك نحوها بجسده الذي يطغي عليه هاله من الوقار .
واقترب منها متسائلا : صحيتي ياحبيبتي
ونظرت اليه وأخذت تلعب بتطريز غطاء الوساده التي وضعتها علي أرجلها : صحيت من بدري
فمال نحوها يُقبل جبهتها بنعومه : هاخد دوش وننزل نفطر .. لو عايزه تسبقيني
وتحرك من أمامها نحوها المرحاض وتابع : مافيش مشكله
وعندما أغلق باب المرحاض خلفه .. ألقت الوساده بعنف صارخه بحنق
.................................................................
جلس طارق بقلق ينتظرها بجانب أختها ... فجلستها مع الطبيبه قد طالت .. فهو أراد ان يكون بجانبها يستمع الي مافعله بها الحقير حاتم ولكن رفضها الشديد وبكائها جعله يتراجع
فهو بالكاد أستطاع ان يقنعها بأن أبنة خالته كاذبه وأنه مازال يُريدها بشده ..فكلما تذكر أن ذنبه أنتقل اليها دون ذنب منها اوجعه ماحدث ... وبعد أكثر من ساعه قضي بعضها يُطالع احدي المجلات والبعض الأخر يُدخن سيجارته خارجاً
خرجت بوجه شاحب فالجلسه تعيد لها كل مافعله بها حاتم
وجلسة اليوم أرهقتها بسبب ماقصته علي الطبيبه بما فعله بجسدها
فأتجه نحوها .. فطالعته بأعين شارده ..وكل ما تفكر به
هل ستعود أمرأه صالحه للحب والزواج ثانية
وسمعت صوته الدافئ : حبيبتي انتي كويسه
فحدقت به للحظات وأخفضت رأسها ارضاً وهي تري عيناه الدافئه وصوته الذي يأسرها بألم ..
فهو أقسم لها بأنهم سيبدئوا صفحه أخري سويا .. ولا يُريد معرفة ماحدث .. وحتي لو حاتم أخذ عذريتها فلن يتركها
ولكن مالم يعلمه الي الان ..بأنها مازالت عذراء ولكن لمساته مازال اثرها علي جسدها تتمني لو تُشفي منها يوما
ورفعت وجهها مجددا نحوه ..فرأت نظرة حب ووعود كثيره
وعادت بذاكرتها عندما سألتها الطبيبه
هل لها حبيب .. وهل تخلي عنها ؟
فأجابتها بكل مافعله لأجلها ..
وكان رد الطبيبه " اوعي تخسري انسان مد ايده ليكي وقت ضعفك ، الناس ديه مبتتعوضش تاني .. يمكن هو طوق النجاه ليكي بعد ربنا .. الماضي بيتنسي بس لو موجهنهوش بيفضل ياكل فينا لحد ما بيموتنا .. وجهي ماضيكي ..يمكن المواجه تطول ويمكن لاء .. بس في النهايه اثر الماضي بيروح وبيبقي ليه طيف بسيط بس ..بيفكرنا بمحنتنا الا لولاها ما اختبارنا صبرنا وقوتنا علي تحمل البلاء "
وطالت نظراتها نحوه .. وألتفت بأتجاه أختها
وتذكرت بكاء والدتها كل يوم
وطريق واحد ستتخذه " ستواجه كل مامرت به لتحيا من جديد "
..................................................................
وقف يبتسم وهو يري طفله ينحني برأسه نحو بطنها
يسترق بسمعه صوت الجنين .. وحسنيه وليلي يضحكون
لتخبره حسنيه وهي تشير بأصبعها : ياحبيبي ده لسا حاجه اد كده ... مش هتسمع حاجه دلوقتي
فرفع سليم اذنه عن بطن ليلي .. ونظر اليهم بتذمر :
ييييه انا عايز أسمع صوته .
وهدأ تذمره قليلا ليهتف بعدها : انا عايز بنت أسميها لوجي
ومن هنا عادت صوت ضحكاتهم مجددا
لتلمحه واقف يعقد ساعديه يُطالعهما ببتسامه اشتاقت اليها
تتمني لو أن ينتهي عقابه لها .. ولكن مازال العقاب مستمر رغم أهتمامه بطعامها وصحتها ..الا ان علاقتهما لم تعد كما كانت
وبعدها تركهم وذهب نحو غرفة مكتبه .. وجلس يعبث بالاقلام التي امامه .. يتذكر زوجته الراحله ويتذكر ذكري وفاتها التي ستكون بعد غد ولابد ان يأخذ سليم كما أعتاد لزيارتها ففي النهايه هي ولادته وسيظل يتذكرها ويذكر صغيره بها وكم كانت أمرأه عظيمه أحبها بصدق..
ولكن ليلي هل ستتقبل تلك الذكري ؟
اجابة خشي معرفتها ولكن يجب ان يُخبرها اليوم
وسمع صوت طرقات يعلمها .. فتنهد براحه لقدومها
وأردفت بضيق .. فهي أصبحت تكره تلك الحجره
وهتفت كالأطفال لعلها تجد بحديثها ما يجعله يميل لها مجددا : سليم فرحان اوي اني حامل
وتابعت بأعين لامعه : انا كنت خايفه انه يزعل .. وميتقبلش الموضوع
فطالعها قليلا وفكره مشغول بشئ أخر .. وعندما رأي خيبة الامل علي وجهها ..تنهد بأرهاق : كلنا مبسوطين ياليلي بالطفل
وأكمل بهدوء : تعالي اقعدي عايزك في موضوع
فأقتربت وجلست بتوتر ..تنتظر حديثه
وهتف : بعد بكره ذكري سلوي والدة سليم ..
فشعرت بالأسي نحو سليم .. فهي مثله يتيمه الوالدين : ربنا يرحمها
واكمل : احنا اليوم ده بنروح المقابر انا وهو ..
وقبل أن يُكمل باقي كلماته هتفت بألم : انا هاجي معاكم
ورطبت شفتيها بلسانها واكملت بحزن حقيقي : داده حسنيه قالتلي حاجات كتير عنها حلوه...قالتلي أنها كانت انسانه جميله وطيبه
غير .. وتذكرت سيلين فصمتت واكملت : انا حبيتها جدا
ومش زعلانه من انك اليوم ده بتكون ليها ولذكرياتكم سوي
وأخفضت رأسها لتفرك بيديها : ديه كانت حبيبتك ومراتك وام أبنك واكيد لازم تفضل فاكرها
فلم يجد اي كلمه تعبر عن مدي حبه لها .. ونهض من فوق كرسيه بعد ان كان الحنين يأخذه لذكريات الماضي
وأوقفها ليضم جسدها بقوه وهمس بحب : انا محظوظ بيكي ياليلي
.................................................................
تأملها مدحت بنظرات هادئه تخفي رغبته الشديده بها .. يُقاوم جمالها وسحرها بأقوي الطرق وكل ذلك بسبب ماضي لا ذنب لها فيه .. ولكن عقله كل يوم يضع اليه الف شريط وشريط
ووجدها تضع أكواب الشاي علي الطاوله وبعض قطع الكعك
وتسألت : محتاج حاجه تانيه
فطالع جهاز التحكم الذي بيده ..ثم نظر الي مايعرض علي الشاشه التي أمامه : اقعدي يافاطمه عشان نتفرج علي الفيلم
فجلست علي الأريكه الاخري .. واخذت تُطالع بداية الفيلم الذي يدل من هيئته بأنه يحتوي علي مناظر مرعبه
وتناولت كوب الشاي وقطعة الكعك خاصتها وبدأت تأكل لعلها تُلهي عقلها من تلك المشاهد التي تُرعبها
ومع كل مشهد كانت تغمض عيناها ليُطالعها هو ضاحكا
فهو يري أمامه طفله وليست أمرأه ناضجه .. وانهي كوبه سريعا وهتف : تعالي اقعدي جنبي بدل ما نص الفيلم هيضيع وانتي مغمضه عينك
ووضع كوبه علي الطاوله التي امامه .. وانتظر قدومها
فوجدها تتحرك نحوه بأرتباك .. وجلست جانبه علي الأريكه
وبدأت أحداث الفيلم تزداد اثارة ورعب ..
وقفزت بجسدها نحوه
ودفنت وجهها داخل صدره .. وتمتمت : قوله ميقتلهاش .. حرام عليه يقتل ست قد امه
فضحك بقوه وهو يستمع لعباراتها .. فكل مايحدث تمثيل ليس أكثر وهمس وهو يربت علي ظهرها : فاطمه ده تمثيل
فرفعت وجهها قليلا .. ولكن الصرخات التي ضوت من جهاز التلفاز ..جعلتها تعود لأحضانه ثانيه
فلم يشعر بنفسه سوي وهو يغلق التلفاز بجهاز التحكم الذي جانبه .. ورفع وجهها يتأمل الذعر الواضح عليه
ومال نحوها يُقبلها برغبه .. فلم يعد لديه قدره ان يقف امام عقله .. فليذهب العقل والماضي للجحيم
تلك العبارات التي ظل يُخبر بها نفسه وهو يلتهم شفتيها بحب
لتكون تلك البدايه
.................................................................
أبتسمت بسعاده وهي تري أنتصارها بلعبة الشطرنج علي العجوز بعدما علمها مبادئ اللعب .. ورغم علمها بأنه قد هزم نفسه لأجلها الا انها كانت سعيده للغايه
وابتسم لها العجوز بدفئ : لقد هزمتيني ايتها الصغيره اللعينه
فضحكت برضي ..فهو الوحيد في هذا القصر من يُحادثها بالعربيه ويحترم عدم فهمها للغتهم
وعادوا للعب مره أخري .. فوجدت ماريانا تتجه نحوهم بفستان أسود قصير عاري وتنحني نحو جدها تُقبل وجنته بحب
ولاول مره تتحدث أمامها بالعربيه .. وكأنها كانت تقصد فعل ذلك
" سأمر علي زين بالشركه ، واصطحبه لفندقنا كي يبدل ملابسه بالبذله الجديده التي اخترتها اليه .. وسنذهب للحفل سويا "
كلمات كانت تسقط علي مسمعها وكأنها نيران
فسقطت القطعه التي كانت ستلعب بها بجولتها
لينظر اليها ويليام بعدما رحلت ماريانا بعد ان رمقتها بنظرات سعيده لاثر كلماتها عليها ..وتسأل : هل تعبتي صغيرتي؟
فطالعته بأعين لامعه .. ونهضت وهي تعتذر منه بكلمات سريعه .. كي تذهب لغرفتها
وخطت بخطوات سريعه نحو الدرج وصعدت الي غرفتها..تبحث عن هاتفها ..فأخذته بلهفه
ودقت رقمه .. ولكن الهاتف كان مغلق
وظلت تُعيد طلب رقمه ولكن النتيجه كما هي
فجلست علي فراشها بوجه شاحب .. فكلما تذكرت كلمات ماريانا وهيئتها أشتعلت النيران داخلها ..
هي تعلم بأمر الحفل ولكن لم تعلم بأن ماريانا ستكون معه وترافقه
وتنهدت بيأس : يارتني كنت وافقت اروح معاه
...................................................................
وقفت رحمه تُطالع ذلك الواقف امام باب شقتها ..وعندما تذكرت أخر لقاء بينهم .. قررت غلق الباب بوجه
ولكن يده منعتها .. ليتأمل وجهها الذي يبدو عليه أثر البكاء
فقد كانت تبكي علي وحدتها .. هي تكره الوحده تكرهها بشده
وهتفت بألم ..فهو اول رجل يشعرها بالمهانه :
عايز مني ايه مش قولتلك طلبك مرفوض
وأردف لداخل شقتها بهدوء .. وجلس علي احد الأرائك بأرهاق : رحمه انا اسف
فكلماته ..كانت كالمزحه ..فضحكت بهستريه :
اسف ، دكتور عمر بجلالته بيعتذر
فتأملها بندم ، فهو لا يعلم كيف أتته الجرأه بأن يطلب منها طلب هكذا .. يطلب منها ان تكون في فراشه ليله واحده
من أجل متعته ولكي تكون متعتهما بالحلال عرض عليها الزواج وكأنه يراها عاهره
ووضع وجهه بين راحتي كفيه : رحمه صدقيني انا معرفش قولتلك كده ازاي
وزفر أنفاسه بضيق : فرح مبطلتش عياط عشان مبترديش عليها
وحركت يدها بتوتر نحو خصلات شعرها ، وجلست أمامه تُطالع وجهه المرهق وتسألت بقسوه :
ليه عملت كده ؟
فرفع وجهه نحوها .. وأبتسم بحنين للماضي : انا تعبان اووي
حاسس اني بتخنق كل يوم .. بشوفها كل ساعه في بنتي مش قادر انساها
فشعرت بالشفقه نحوه .. واقتربت منه تجلس جانبه وربتت علي ذراعه وتنهدت بألم : انت اللي مش عاوز تنسي ، محدش فينا متعذبش من الحب .. بس فيه اللي بيقوم وبيكمل
واكملت بأسي : الحياه مبتقفش علي حد
لمستها لذراعه كانت كالسحر ..حتي دفئ صوتها جعله يعلم بأن تلك المرأه أصبحت ترياق له ..فهو لم يحتمل بعدها
وما جعله يطلب منها قضاء ليله ..ظننا انه اذا حصل عليها سيطفئ رغبته بها ويعود لحصونه مجددا
...................................................................
تلملمت في الفراش بأعين مكتئبه .. وكلما نظرت الي الساعه التي بجانبها كانت تجد الوقت يمر ببطئ .. واخيرا استسلمت للنوم بعدما دقت علي هاتفه مجددا ولكن كما هي النتيجه لا يوجد تغطيه
وفي احلامها كانت تري ماريانا مع زوجها وتقبله ..وفجأه استيقظت وهي تشهق من الخوف لتجده يحتضنها وقد عاد للتو من حفلته وأبدل ملابسه وكان سينام جانبها
وتسأل بقلق : حنين مالك ؟
وشعر بأرتجاف جسدها : ده حلم متخافيش
وأخذ يُقبل جبينها بدفئ .. حتي هدأت
وأبتعدت عنه وتذكرت أمر حفلته : روحت الحفله مع مين
فلامس وجهها بحنان .. ومسد برفق علي خصلات شعرها :
ماريانا عدت عليا وروحنا الحفله سوي
وتسأل : ليه بتسألي
فأشتعل جسدها بنيران الغيره .. فهو يُجيبها ببرود تام ولا يشعر بغيرتها .. وكادت ان تُحقق معه بأمر الحفل
الا ان ذراعيه قد جذبتها نحوه .. لتشعر بملمس يداه علي جسدها .. ويهمس بخفوت : ماريانا بأعتبرها صديقه واخت مش اكتر .. عارفه انا لما جيت القصر هنا كان عمرها كام سنه كان عندها 8 سنين كبرت قدام عيني لسا شايفها لحد دلوقتي طفله
وحاوط وجهها بيديه : انتي كل حياتي .. ومحدش بيشاركك في حبي ليكي تأكدي من ده
وهمس بقرب شفتيها : انتي اللي عريت حياتي ونفسي قدامها من غير ما أحس بالضعف
وخفق قلبها بقوه أثر كلماته .. وبعدها لم تشعر بشئ سوي انها غرقت بين ذراعيه وانفاسه الدافئه
.................................................................
تسارعت دقات قلبها .. وهي تراه قد عاد من جديد
وسمعت ترحيب زملائها به ..فأيقنت بأنها ليست بحلم وستستيقظ منه
وتنفست بوجه شاحب ..ف فادي قد عاد
عاد من احبته في الخفاء .. عاد من كانت تُطالعه من بعيد
تتنمي يوماً يُبادلها النظرات ولكنه دوما يُعاملها كمدير وهي موظفها تحت التدريب رغم علمه بمهارتها في تصميماتها
واقترب منها وهتف أسمها : انسه زينب ، عايزك في مكتبي حالا
وأدار جسده سريعا بعدما أمر بعض من زملائها باللحاق به ايضا
فشعرت بأن الأرض تدور بها .. فغيابه جعل الشوق يضعف كيانها وهي التي تخفي ضعفها دوما بالمرح والمشاغبه
وعلي صوت أحدي صديقاتها ..أفاقت من سحر اللقاء
وانتبهت الي الاوراق التي تحملها .. وعندما رأت نظرات صديقتها المتفحصه ..هتفت بمرحها : احنا ماصدقنا سافر ، لازم يرجع تاني ويقرفنا
كلمات قد ألقتها من وراء قلبها .. كي تقنع من حولها انها لم تقع بالحب ولكن هيهات
وهل لم يقع احداً بالحب يوماً ؟
.................................................................
شعرت بأنفاسه المضطربه علي عنقها .. فوجدته غارق كالطفل بها .. وتذكرت اليوم بأكمله يوم رغم صعوبته الا انه مضي بأحزانه ..
ذهبت معهم حيث مدفنها وتأملت الصغير الذي جثي علي ركبتيه يقص لوالدته كل شئ .. حتي انه حكي لها عن حبه لها وسعادته بأن سيكون له أخت كما يتمني ..اما هو وقف كالصنم ينظر الي قبرها بشرود لا تعلم بما كان يُفكر
ولكنها ظلت صامته بينهم تُحارب دموعها
وعندما عادوا ..ظل سليم ساكن دون مشاغبه يلعب بألعابه بصمت .. حتي ضمته لأحضانها ونام بين ذراعيها وهي تخبره بأن والدته ستكون سعيده به عندما يصبح رجلا كوالده ..رجلا طيباً نبيلاً
اما أياد تركته يقضي اليوم في الغرفه التي كانت خاصتهم هما الاثنان ولم تتطفل عليه ابدا .. رغم الغيره لكنها تعلمت ان احترام أحزان الغير احترام للذات
وهاهو الان بين ذراعيها يضم جسدها اليه .. يدفن أحزانه داخلها ..
تأوهت بمتعه وهي تشعر بيده أسفل منامتها .. يمسد بطنها بحب : نفسي تكون بنت
واكمل وهو يُقبل عنقها بدفئ : تكون جميله وبريئه زيك ياليلي
.................................................................
كانت تنظر إلي الطعام الشهي أمامها والعجوز يخبرها عن الأصناف التي جعل الخدم ان يعدوها لها... فتلك الأطعمة من أشهر الوجبات لديهم فكل بلد تشتهر بطعام مميز
وابتسمت للعجوز الذي أحبته بشده
ويليام العجوز صاحب البسمه الجميله والملابس البسيطه رغم ثرائه الفاحش ..وابتسمت عندما وجدته يحادثها :
هيا ياصغيره تناولي طعامك.. ام تريدين ان اطعمك بيدي
فضحكت .. فتعالت ضحكاته
فالعجوز منذ ان اتت وهو يعتبرها كحفيده له مثل ماريانا
وعندما جاء بذهنها ماريانا ... امتقع وجهها بشده
فألتفت نحو غرفة المكتب التي يتناقشوا فيها معا بأحدي الصفقات... فهي ترأس أعمال جدها منذ ان اتت من الولايات المتحده كما أنها الوريثه الوحيده له
ليلاحظ العجوز نظراتها فيضحك : يعشقون العمل بشده
فأعادت نظراتها نحوه وابتسمت بأبتسامه شاحبه .. فزين يجلس مع امرأه شديده الجمال والحنكه وهتفت بخفوت وهي تنهض من علي مقعدها وقد فقدت شهيتها :
هروح اشوفهم خلصوا ولا لسا
وكادت ان تلتف... لتذهب إليهم
فسمعت صوت ضحكاتهم تتعالا
ووليم يخبرها :لقد جائوا
لتقف بنصف وقفه.. والغيره تنهش قلبها
فرغم جمال تلك الرحله الا ان وجود ماريانا يجعلها ترغب بالعودة
فقد كرهت اليوم الذي جائت به لتلك البلد التي دوما حلمت بالذهاب إليها
وعندما اقترب صوتهم .. استدارت نحوهم .. لتري ماريانا بلبسها الفاضح .. وتسير بجانب زين وتضحك بقوه وتتحدث معه بالألمانية التي لا تفهم بها شيء
وهتفت داخلها : نفسي افهم بتقوله ايه وبيضحكوا علي ايه
وأخذ الشيطان يلعب بعقلها ... الا ان وجدت ماريانا تجلس علي المقعد في الجهه الاخري وتبتسم لها بخبث
فطاوقها زين من حضرها وهمس بخفوت :هنخلص غدانا وهاخدك مكان هيعجبك
ومال نحو وجنتها ليطبع قبله لطيفه عليها....
وجلس علي المقعد الذي بجانبها وامام ماريانا
والعجوز بدء يأكل برضي بعد ان جلسوا جميعهم
فجأة شعر زين بقدم تتسلل نحو أرجله تتلاعب بخفه ببنطاله

و سقطت الاقنعة .(سهام صادق)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن