أَلفَصـلْ أَلـأَولْ

4.5K 158 18
                                    

لوحت ماريا هاتفها في الهواء يميناً ويساراً لربما تلتقط اشارة ولكن دون فائدة.
*بحق الجحيم!* شتمت وهي تصر اسنانها بغضب،استدارت تنظر في محطة البنزين الفارغة عن اي اثر لوالدتها ثم زفرت عن غضبها ، لم يكن هناك اي احد في الجوار سوى تلك العجوز البغيضه التي ضلت ترمقها كل خمس دقائق من نافذة المحل المجاور. بالطبع لم تكن لتذهب وتطلب المساعدة منها، ربما لأن العداوة كانت  تشع من تلك العجوز لسبب ما او لأن ماريا شاهدت الكثير من افلام Resident Evil بسبب اختها التوأم توبا.
كانت الساعة قد قاربت الواحده والنصف ظهراً والشمس في اوجها تلفح بشرة كل من يقف تحت اشعتها، وعلى الرغم من ذلك ، شعرت ماريا بالارتعاش لمجرد التفكير في الزومبي وبأنهم سينهضون من الرمال لينقضوا عليها فجأة، *تباً لكِ ايتها السافلة* قالت في نفسها وهي تقصد اختها بالطبع التي كانت تهوى جميع انواع افلام الرعب، خصلة ورثتها عن خالتها ، اما ماريا فقد حصلت على لسان والدتها السليط.
جلست على احدى المسطبات المضلله على جانب الطريق العام لتحتمي من الشمس بينما تنتظر مجيء والدتها التي تأخرت ساعة كامله لتقلها الى المنزل، بالطبع ارادت ان تطلب من احدى السيارات الماره اقلالها بدلاً عن ذلك الا انها كانت تكره الملاطفات التي يغمرها بها الرجال بمجرد ان يقتربوا منها.
كانت ماريا تعلم بإنها رائعة الجمال ولا تعتبر ذلك غرور على الاطلاق، فهي واختها كانتا طويلتي القامة وممشوقات القوام ذوات خصر نحيل وبشرة بلون الكاراميل مع شعر اسود فاحم وعيون كبيرة كعيون الغجر، وبالرغم من تشاركهما في الكثير من الصفات الا ان ماريا اخذت عن والدها لو عينيه الاصفر وعظام وجنتيه البارزه، ولطالما ارادت ان تتميز عن غيرها من الفتيات لذلك تركت شعرها ينمو حتى انسدل تحت فخذيها، اما فمها فكان صغير الفوهه ذا شفاه مملوئة يزينها شق في منتصف شفتها السفلى وشامة سوداء عند الزاوية اليسرى لشفتها العليا على عكس توبا التي كانت ذا وجنتين ممتلئتين وفم معتدل ساخر وشعر قصير غطى كتفيها واحبت ان تجعده دائماً.
بينما اخذت ماريا تذكر سبب عودتها الى بلدتها الصغيرة ، توقفت امامها حافلة النقل ونزل منها شخص بدا عليه الاستعجال وحالما وطأ الارض اخذ يركض نحو المحل الصغير، ضحكت ماريا في نفسها وهي تقول * ياله من احمق، الا يعلم ان قانون السفر بالحافله ينص على تجنب السوائل قدر الامكان؟*، بعد ذلك سمعت صوت شخص يضحك بخفه داخل الحافله وبدا كأنه يستعد للخروج، وما ان مرت ثواني حتى ظهر رجل يرتدي سروال الجيش ويحمل حقيبة ظهر كبيره بيد وعصا طويله بيد اخرى، ضل يتحدث قليلاً مع السائق ويتبادل المزاح اللطيف بينما راقبته ماريا بأعجاب، كان نقطة ضعفها الرجال وهم في زي الجيش او اي زي عسكري اخر، استدار الجندي لينزل درجات الحافله وهو يستعين بعصاه لمعاونته، كانت تظنه في بادئ الامر مصاب، الا انها ادركت بعد ان رإته يلتمس جدران الحافله وهو ينزل انه أعمى!!!. صاح عليه سائق الحافلة بعد ان وطأ الأرض * امامك درجة غير مرتفعة بعدها سر اربع خطوات نحو اليمين ستلتمس المقاعد الانتظار حسناً؟* ارتفع الجانب الايسر من فم الجندي بإبتسامة  ولوح له وداعاً دون ان يلتفت ، تسلق الدرجة بخفة وبدأ يسير نحو ماريا ، استطاعت ان تلاحظ بنية جسده العضلية الصلبة البارزة من خلال الشيرت الاسود الضيق وذراعيه الكبيرتين اللتين لم يقم كم الشيرت بتغطية نصفهما! ولم تلحظ لون عينيه التركواز حتى تمكن من الجلوس بجانبها . ضلت تتأمل شعره المقصوص بشكل قصير كشعر كابتن أميركا الا ان لونه كان يميل الى الكستنائي الغامق، كانت معالم وجهه تأسر قلب اي شابة، خط فك بارز وذقن زينته لحية خفيفة ذات لون مال الى الذهب في اشعة الشمس، أنفه رفيع ومستدق عند نهايته ، اخذت تتجول بعينيها على وجهه ورأت ندبة اخذت تشق طريقها من جبهته نزولاً خلال عينيه اليسرى ثم لاحظت تفاحة ادم البارزة التي توسطت عنقه بشكل جذاب. قطع تأملها فجأة عندما سمعت صوته الهادئ يقول بنبرة مرحه ولهجة رعاة البقر التي تذوب القلوب *مساء الخير انستي* ثم اومأ برأسه نحوها ليظهر الاحترام بينما هامت عينيه نحو الطريق.
فتحت ماريا عينيها بعجب وقالت توتر *م...مساء الخير...كيف......كيف لك...* فقاطعها بأبتسامة *كيف لي ان اعلم انكِ هنا؟*، اومأت برأسها لتوافقه ونسيت لثانية انه لا يرى ، فقال * هل اومأتِ بالايجاب؟*، فتحت ماريا عينيها بدهشه وقالت *هل هذه الكاميرا الخفيه؟* واخذت تبحث هنا وهناك عن كاميرا مخبأة في مكان ما، الا انه ضحك بلطف وقال* كلا ولكن لأجيب عن سؤالك ، استطعت ان اشم عبير رائحتك، تشبه الفانيلا *، جلست ماريا ونظرت اليه لثواني وقالت * انها الفانيلا بالفعل، ان حواسك قويه* ضحك مجدداً واجابها * لآكون منصفاً، اخبرني سائق الحافله ان هناك فتاة رائعة الجمال تجلس هنا وحذرني من ان ارتدم بكِ* ، هل كان يغازلها؟ كانت ماريا قد تعبت من ملاطفات الرجال لها في كل مره يروها ألا انه لم يرها ، وهي لم تنزعج من ملاطفته البسيطه بل شعرت بتورد وجنتيها نتيجة لذلك.
لم تتحدث معه، بل نظرت الى الطريق وعقلها يسكنه الفراغ، لآول مرة في حياتها لم يتمكن لسانها السليط من خلق او حتى مجاراة حديث مع هذا الشخص، حاولت ما بوسعها لتجميع اي سؤال بسيط فقالت له *هل نتتظر الحافلة التالية ام ان احداً ما سيقلك؟*.
اتكئ الجندي على عصاه وحمل حقيبة ظهره التي وضعها على الارض سابقاً على المقعد المجاور وقال * اتوقع مجي احدهم، ماذا عنكِ؟*، *انا كذلك* قالت بحزن *ولكنها تأخرت كثيراً *، *اوه لا تقلقي * قال بأبتسامة * الكل يإتي في النهاية*.
**********************************************************************************
ملاحظاتي:
هذه القصه مهداة الى طفلتي اختي التوأم ،اللتين لم يكتب لهم الله الحياة في هذا العالم❤️
Maria & Tuba, you're aunt loves you so much❤️ I'll never forget you my angels ❤️
- وقت هذه القصة ٢٠١٩

In the soldier's dark paradise  فْيّ جَـنّةِ أَلجُنْــديّ أَلمُظّلِــمّةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن