أَلــفَصْـل أَلــخامِـــس

1.5K 105 9
                                    

* اه...بالطبع...*
قالت ماريا بحذر وهي تقف مكان والدها الى جانب بلو.
ساد الصمت بينهما، لم تكن تملك اي شيء لتتحدث عنه وهو بدا كمن يقدس الصمت ويتجنب الاحاديث، حتى اثبت لها كم هي مخطئه:
* كيف هو الحفل؟*
سألها وهو يلتمس الطاولة خلفه ليتكئ عليها برفق، فأجابت بهدوء:
* لا بأس به...*
لم تسع الفتاة سوى ان تلاحظ النساء اللاتي عبرن من امامها وهن ينظرن لها بمقت وحقد...ماذا فعلت؟!
* لكنكِ لا تبدين مستمتعه...*
قال بلو وهي يبتسم بشكل بالكاد يمكن ان يُلاحظ...
* انا لا احب الاماكن المزدحمة*
اجابت وهي تتنهد وتمسد جبهتها لتبعد تداعيات صداع قريب:
* اذن هلا طلبت منكِ طلباً اخيراً ثم سإدعكِ وشأنك...*
قال بنبرة مرحة فنظرت اليه بأستغراب واجابت * بالطبع*
* اذكر ان هناك كانت بحيرة صغيرة ذات مقاعد مريحة في مكان ما...هلا اخذتني اليها؟ فالصداع يكاد ان يقتلني من شدة الضوضاء*
* بالتأكيد*
اجابت ماريا دون تردد، لقد ارادت ان تقدم المساعدة ولو بالشكل القليل، * لقد كنت اجلس هناك للتو* اكملت وهي تخطو لتقترب منه لتأخذ بيده ثم تتراجع...
لم ترغب بإن تصبح مثل بقية الفتيات اللاتي كدن ان يتقاتلن من اجل ان يلمسن اي جزء فيه لذا تراجعت وتنهدت ثم قالت * كيف سنفعل ذلك؟*
* بأمكانكِ ان تإخذي بيدي او سأضع يدي على كتفكِ ثم ستسيرين امامي حتى نصل وبما انكِ تراجعتِ عن الخيار الاول لم يعد لدينا سوى الخيار الثاني*
اجابها وهو يبتسم...لكن كيف عرف بأمر تراجعها؟
* حسناً * اجابت وهي تشعر بنبضات قلبها تتسارع ثم دنت من يده لتتناولها وتضعها فوق كتفها.
لامست اصابعه كتفها العارِ والناعم ببطئ وشعر الاثنان بلسعة من الكهرباء والدفئ، فتوترت ماريا وبدأت بالسير دون ان تعلن عن ذلك حتى.
بدأ الاثنان بالابتعاد عن الضوضاء والاغاني الراقصة والحديث العال وقبل ان يصلا قال بلو * ان كتفكِ بارد انسه ماريا ...لابد من انك تتجمدين*
تنبهت ماريا لذلك وتجاهلت لكنته الجذابة * لا بأس...سأعود قريباً* قالت له وهي تتناول يده من على كتفها وتضعها فوق المسطبة ليجد طريقه الى الجلوس.
* لابد من انها حفلة كبيرة لكي تجعلكِ ترتدين فستاناً كهذا*
قال بلو ليفاجئها مرة اخرى...لكن كيف علم بأمر الفستان؟! هل كان هذا الرجل كاذباً؟ أكان يرى بالفعل؟!
* انه حفل كبير بالفعل* اجابت وهي تقطب حاجبيها، لقد ارادت الرحيل عن هنا وبسرعة.
* كيف هو؟*
سألها بلو وهو يحدق نحو الامام نحو البحيرة، ودهشت ماريا...ماذا كان يقصد؟ فستانها؟
* الحفل...كيف هو الحفل*
اعاد سؤاله كما لو قرأ ما يدور في عقلها فتنهدت مجدداً واتكأت بجسدها نحو المسطبة لتوازي وجه بلو وتنظر الى المياه الزرقاء* لا بأس به لقد قلت لك ذلك*
* اجل لكن اريد ان اراه...صفيه لي...اذا لم تمانعي بالطبع*
كيف تمانع؟ تبا جميع فتيات البلدة شعرن بالغيرة منها بسبب وجودها الى جانبه!
* انه ملون...*
قالت بحذر وهي تبحث عن الكلمات المناسبة...
* هناك العديد من الشرائط والاضواء الملونه المعلقه في الاشجار واعمدة الكهرباء...كما لو ان الجميع قد اخرج زينة عيد الميلاد من اجل هذا اليوم*
قهقهت في نفسها وشاهدته وهو يبتسم بلطف ويغمض عينيه فأكملت وهي تعتقد بأنه يتصور الحفل ويراه بكلماتها * السماء سوداء وهناك الاف النجمات هذه الليله لكن بدون قمر ليزينها، هناك العديد من الضيوف ارى عائلة العمدة وفتيات الثانوية، ارى كريسي المحاسبه وكذلك مارتن الشرطي في زيه الرسمي، هناك العديد من الطاولات المغطاة بغطاء ابيض وتحتوي على العديد من المشروبات الملونه الحمراء والصفراء، كما يوجد اصناف الطعام، ارى شرائح لحم واسبغيتي بكرات الجبن وبعض المقبلات هنا وهناك، كذلك ارى احفاد القس يرتدون الابيض وهم يلعبون حول الشجرة المليئة بالاضواء، ووالداي عند نادي راكبي الدراجات وفي الزاوية البعيدة الهادئه هناك رجل يرتدي شيرت اسود وبنطال عسكري برفقته فتاة عند حافة البحيرة*
كان بلو لا يزال مغمض العينين حين قال:
* وماذا ترتدي الفتاة؟*
سكتت ماريا وهي لا تجد الكلمات لتصف نفسها وبعد عدة دقائق سمعته يقول * اقراط؟*
فأجابت بنعم ثم قال * قلادة* هزت ماريا رأسها بالنفي فأبتسم مجددا وقال * هل كانت هذه لا؟*
احمر خداها واجابت * اجل، اسفه...*
* لا بأس*
قال لها ثم اكمل * ماذا عن الفستان، اي لون؟*
* احمر...*
سكت بلو قليلاً ثم اكمل * بلا اكمام؟*
* اجل*
* طويل ام قصير؟*
* يغطي ركبتاي...*
سكت بلو مجدداً...لماذا كان يفعل ذلك؟
* ماذا عن الحذاء؟*
* انه ذا كعب عال اسود اللون وقبل ان تسأل فشعري مسدول دون اي جهد فيه*
* لا بد من انكِ اسرت قلوب العديد من الفتيان هذه الليلة انستي*
قال لها وهو يفتح عينيه ويمسد جبهته لتظهر عليه ملامح التعب والارهاق المفاجئ.
* حسناً...شكراً لكِ على ما فعلته من اجلي...اقدر ذلك حقاً*
* لا شكر على...*
* لا تقولي واجب انسه ماريا نحن لسنا في السلك العسكري*
اجابها وهو يقطب حاجبيه ، شعرت ماريا بأن تلك اشارة لها لتعلن انسحابها وتتراجع :
* حسناً اذن...عمت مساءً سيد غلادستون*
* عمتِ مساءً انستي*
اخبرها دون ان يفتح عينيه لترى مقلتيه ذوات اللون الآسر...
ترجعت ماريا الى الحفل ومن ثم غادرت ساحة البلدة وهي تنظر الى الوراء تارة ثم تسير الى الامام تارة اخرى...
كل ما كانت بحاجة اليه هو رجل غامض مثل مايكل غلادستون ليرسل عالمها المعقد الى المزيد من التعقيد...
.
.
.
.
يتبع

In the soldier's dark paradise  فْيّ جَـنّةِ أَلجُنْــديّ أَلمُظّلِــمّةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن