:2:

705 41 24
                                    


رمى دروعه لخادمه، وهم مسرعًا، حين نظر جميع الفرسان حوله نحوه بدهشة كبيرة.

- ترى ما الذي يجعل سموه على عجلة؟

أخذ البعض يتساءل، لكنهم لن يدركوا ذلك إلا حين يكون هناك من ينتظرك، فهو متلهف كل اللهفة بعد هذا اليوم الطويل الشاق إلى رؤيتها، لتنفخ في روحه الحياة من جديد، فما إن وجدها مكانها أسفل شجرة الدراق، ترسم النهر المنعكس بالوان قوس المطر، حتى عادت لقلبه السكينة، وتنهد بارتياح.

- اذًا أنتِ هنا!

علق ممازحًا:

- هل تريدين رؤيتي لتلك الدرجة؟

نظرت نحوه بصدمة، وما إن رأت وجهه الساخر، حتى أشاحت وجهها لتخفي بيدها ضحكة طفيفة، فابتسم ابتسامة عريضة لعفويتها، وجلس بقربها، حين أظهرت نحوه لوحتها، عليها صورة أرنب يجري، وخلفه خطوط ثم قلب، أخذ يحدق في اللوحة متمعنًا، في محاولة لفهم ما تقصده، فكر قليلًا، ثم آخذ يتساءل:

- هل تقصدين أنني آخذ خطوات سريعة باتجاهك؟

فأشاحت وجهها بحياء وزمت شفتيها بتوتر، فضحك بخفة، وقال بمرح:

- لا بأس، سأخفف سرعتي قليلًا.

ثم سألها بهدوء:

- هل يعجبك الأمر هكذا؟

اتجهت نظراتها نحوه ببطء، نظراتها الدائرية التي تبديها كالبلهاء، ووجنتيها التفاحتين، وهزة رأسها للإيجاب، جعله يضحك لاإراديًا. استلقى على الحشائش، وقال مشيرًا بيده:

- تابعي وكأني لست هنا، سأكون هادئًا.

ثم غطا وجهه بذراعيه، وأردف بمرح:

- هاه! أنظري! لن أرى حتى.

فابتسمت، وعادت لرسم لوحتها بهدوء، واستمرا على هذا الحال لبعض الوقت، حتى رفع نفسه بهدوء، وأخذ يتسلل خلفها لينظر إلى اللوحة، لكن أنفاسه لفحت جيدها، ما جعلها تستيقظ لوجوده، فأخفت اللوحة على صدرها، وابتعدت بجسدها عنه، لتجد وأن اللوحة لطخت ثوبها، لم يستطع أن يتمالك ضحكاته، فأخذ يضحك بلا توقف محاولًا إخفاء وجهه، وبقيت هي تنظر إلى حالها بحرج شديد.

أخذت تنظر إلى اللوحة بحزن، فسدت بعد هذه الأيام الطويلة، إلا أنها لاحظت يده تمد نحوها، فنظرت إليه، وقال بشيء من الندم:

- أنا آسف، هلا سمحتِ لي أن أعبر عن أسفي لافسادي لوحتك.

ترددت، أخذت تتنهد بعمق في محاولة لاتخاذ قرار عاجل، ثم استسلمت للأمر ووضعت يدها على يده ليساعدها على النهوض، وسحبها معه بهدوء ولا تزال يدها الصغيرة في كفه. اختبئ خلف حائط عتيق، نظر مليًا، ثم همس لها بان تسرع، عبرا الخيام المتروكة، ثم استند على حائط آخر، وهم يتفقد الطريق، بينما أخذت تتأمل الخيام بفضول شديد، استيقظت على سحبه لها، ثم توجه بها إلى مرج واسع مليء بالأزهار والأشجار المزهرة بألوان مختلفة، يتوسط تلك الجنة من الألوان طريق ترابي ضيق، أخذا يعبرا طريق الأشجار بينما تتأمل ذلك الجمال الآخاذ، تراقب العصافير الملونة التي تقفز من غصن إلى آخر، والنحل الذي يقفز من زهرة إلى زهرة، الفراشات الملونة منثورة في كل مكان، أشعة الشمس اللطيفة التي تداعب الأوراق، فتعكس على الطريق أضواء ملونة بلونها، وكأنها ستائر شفافة تحيط المكان.

الاكسير السحري - The Magical Elixirحيث تعيش القصص. اكتشف الآن