:40:

119 16 43
                                    


في الجهة الأخرى من الشمالي للمملكة، قصر أبيض شاسع أعلى جبل شاهق شديد الانحدار، يحيطه فضاء واسع تزخرفه الغيوم، بينما يقف الأمير أنيس بجانب إحدى النوافذ الطويلة التي تغطي الغرفة فتشعل الغرفة بنور أشعة الشمس، يعطي جو الغرفة شعوراً دافئاً وكأنك لست في غرفة من جدران وإنما تجلس وسط الطبيعة.

شرد أنيس في السماء، الغيوم تبدو شيئاً يستحق المشاهدة من مكانه، والطيور تحلق بشكل اعتيادي، تنهد بعمق حين سمع ضجة كلاب الدوبرمان السوداء، نظر باتجاه الباب، ليجد كلباه يدلفان ثم ظهرت كريستينا التي كانت تمسك لجامهما، مدت يدها مرحبة بخجل تعلو وجهها ابتسامة بلهاء، ثم جثت لجانب الكلبين وفكت لجامهم، حين هم الكلبين يلعقانها ويداعبانها.

كلب الدوبرمان كلب شرس، وكلبا أنيس ليسا من النوع الودود نحو الغرباء، بالكاد استطاع أحد من الخدم أو الحرس التعامل معهما، كريستينا هي الشخص الثاني الوحيد بعد أنيس والذي يصبحان معهما بهذا الود، وكأنهما طفلين يطلبان الرعاية. ابتسم أنيس بتلقائية ابتسامة خافتة، ثم عاد شارداً في النافذة، لاحظت كريستينا تصرفه الغريب هذا، فهو يقترب من الكلبين ويداعبهما بعد جولتهما معها. 

نهضت ونظرت نحوه بدهشة ثم تساءلت:

- أمن خطب ما؟

تنهد، تناولت كريستينا كيساً قماسياً من جيب ثوبها، وفتحته للكلبين حتى ينشغلان عنها، داعبتهما بلطف:

- هيا، خذا هذه.

نظر أنيس نحوها وهي تطعم الكلبين، رائحة زكية جعلته متنبهاً، اختلس النظر في محاولة لمعرفة ما يأكلانه، وجابه الفضول ليقترب، أمسك ذراعها فوجد قطعاً من البسكويت المتفحم، تجمدت كريستينا مكانها إثر المفاجأة، نظرات أنيس نحو البسكويت تظهر خيبة الأمل بشكل واضح، أفلت يدها بعنف، وهم يعود نحو النافذة، بينما بقيت كريستينا جاثيةً كالتمثال حتى أنها لم تشعر بالكلبان وهو يقتربان من الكيس في يدها.

- يبدو أن لمايك وبيتر مكانة أعلى مني في قلبك.

شهقت ببطئ، وفتحت ثغرها بالتدريج ثم ابتسمت بلطف في محاولة لإخفاء إحراجها، وهمست:

- لكنني ظننت أنه سيكون من اللانساني أن تتناوله.

- فتطعميه لهما.

ثم نظر نحوها باستفهام، لتزم شفتيها بحرج، فسقطت القطعة الأخيرة من يدها على الأرض، فتسابقا كلاهما على تناولها، ابتسمت بمرح، وقالت:

- أنظر، ألا يبدوان سعيدان بها.

لكن نظرات أنيس نحوها لم تتغير فعادت تتحاشى نظراته بحرج، ثم نفضت ثيابها ونهضت، توجهت نحو مكتبه في محاولة لتحاشي نظراته الغاضبة، وأخرجت منديلها العطر لتمسح يديها، سمعت صوت تنهيدته، بدا أنه منزعج جداً، فعدلت خصلات شعرها وسألت:

الاكسير السحري - The Magical Elixirحيث تعيش القصص. اكتشف الآن