:15:

242 22 3
                                    


عانقت السيدة لافرتين ابنتها بحرارة، والحزن يرسم مقلتيها، فها هي ستقتلع قطعة من فؤادها إلى مكان بعيد، آخر قطعة تبقت لها، وها هي ترحل بعيداُ، فماذا بقي لها كي تعيش؟ عانقتها ولهب الشوق يضمر في صدرها، هي قلقة أكثر من كونها مرتابة، فكيف ستسير حيات ابنتها الصامتة بدونها، وهي من كان يتكفل بالحديث عنها، أما بشأن الاكسير فليذهب للجحيم، لا يشغل حيزاً في بالها. كل ما يخالجها، الهواجس التي رسمتها عن حياة ابنتها هناك، وما يمكن أن تواجهه.

واجهت الرئيسة إليزابيل أخيراً، بدت شاحبة، ذابلة، نظرت إليها وكأنها تودع طفلاً عزيزاً على قلبها، كيف لا وهي من رعتها طوال طفولتها، وتعلمت منها طوال هذه السنين، وإذ بها ترحل لذنب ليس لها يد فيه.

"ذلك الحاكم الجشع!"

همست في نفسها وهي تنظر إلى عينا نورس اللوزية:

"من يتنبأ بما يفكر فيه"

أمسكت كتفها بقوة، ونظرت إليها بحدة، وقالت مشجعة:

- عليكِ أن تكوني قوية، راسليني من حين إلى آخر...

ثم شدت نبرتها:

- أخبريني بكل شيء !!

هزت نورس رأسها بينما عيناها جاحظتان من الدهشة، أي نوع من الأماكن ينتظرها، بدأت تفكر!

ركبت العربة التي تنتظرها أمام البوابة، حارسين ملكيين برفقتها، والأمتعة في مكان ما خلف العربة الصغيرة المزخرفة بالذهب، نظرت إلى والدتها والرئيسة مودعة، ثم سارت العربة تاركة السيدتان في حزن عميق، بينما يرقب رحيل العربة من أعلى السور، فلم يجرؤ روهان على الاقتراب، إلا أنه بدا مكتئباً.

- هل تراها ذهبت وهي تكرهني الآن؟!

همس بحزن، لكن مارون الواقف خلفه في صمت، لم يجد ما يستطيع قوله ليواسي سيده.

...

شاردةً في ضبابية الطريق التي تتحرك بتحرك العربة، ضبابية لا تفاصيل فيها من شدة السرعة، وكأنها تنتظر رحيلها بفارغ الصبر، حتى هذه العربة لا تبدو كما لو يمكنها تحملها، لكنها في قرارة نفسها تشعر بالانتصار، ها هي تتخلص من ازعاج فتيات الدفيئة ومكرهن، وتقرب السيدة مروة الامتناهي، ها هي الآن حرة متفرغة للعمل التي تفرغت لأجله، ألا وهو الاكسير، في قرارة نفسها تعلم جيداً أن حياة عائلتها على المحك، وأن صمود العائلة المالكة ليس الا لصمود عائلتها، لذلك ستثبت للجميع من هي ابنتة لافرتين!
في أعماق تفكيرها، حين أيقظها صوته منادياً:

- توقف! توقف!
أصوات صهيل وأقدام لأحصنة مهرولة، وصوت يخرج بصعوبة من بين اللهاث:

- توقف!

بدأت العربة بالخفوت، تدريجياً تدريجياً حتى توقفت.

"يا له من صوت آمر، حتى انه استطاع ايقاف العربة بكلمة واحدة!"

الاكسير السحري - The Magical Elixirحيث تعيش القصص. اكتشف الآن