الجزء الرابع عشر

16 2 5
                                    

دخلت زينة القصر برفقة رامي ،كانت في في بعض الأحيان يحاول الحراس ايقافها سائلين :"من أنت؟ "لكن رامي كان يتكلف بالرد بدلا منها:"انها معي"
كان ظن الحراس بأن زينة ماهي الا خطيبة رامي ...
قالت زينة ضاحة:"لو سمعت خولة ما يظنونه ستقتل كلانا"
قال رامي:"لا أظنها تنتبه لوجودي حتى فما بالك بقتلي"
_ لا تقلق كل شيء سيحين في أوانه"...
بصفة رامي من الجنود المقربين القصر و خاصة الأمير لم يمنعه هذا من التجوال كيف يشاءفي القصر الى أن وصل إلى الغرفة المنشودة التي يجلس فيها الأمير منتظرا الضيوف فدخلا و ما إن رأهما الأمير أمر الحارسان الذين يحرسان باب غرفته بالانصراف،ثم أمر الضيفين بالجلوس ...
سألته زينة:"كيف حالك الآن"
_سأكون على مايرام...
_ لقد اقترحت علينا صديقتي فلة فكرة و إحتمال نجاحها ليس بالكبير لكن على الأقل نجرب بدلا من عدم فعل أي شيئ..
_ و ماهي الفكرة؟
بدأ رامي يشرح الخطة لنديم و في نفس الوقت تقنعه زينة بالقيام بها...
وبعد إقناع دام حوالي ساعة أو أكثر وافق الأمير نديم بالمجازفة التي يخرج منها حيا أو مريضا مع أنه في نفس الوقت مريض لامحالة
قاطعهم نديم سائلا:"لكن كيف سيحدث هذا ؟و متى؟ كيف سأخبر والدتي و شعبي بهذا؟"
نظرت زينة الى رامي نظرة حائرة ليبدأ كل منهما التفكير في شيئ لإصلاح هذا
وبعد تفكير لم يدم طويلا
قالت زينة:"الجنازة ستكون بعد يومين من الآن و في ذلك الوقت سيجهز رامي و ربيع نفسيهما لهذه الرحلة و عندما يصل ذلك اليوم سيدخل ربيع من النافذة محاولا اختطافك،اما رامي سيحرس ربيع فلا أحد سيشك برامي وقتها و ينطلقا بحصانهما الى بلاد ما في تحت الأرض و عندما تشفى ستعود "
قاطعها نديم:" لكن ماذا أقول لشعبي وقتها؟ أنني جبان و هربت من الحرب"
قالت زينة:" وقتها ستشرح لهم كل شيئ لأنك ستشفى.."
_ حسنا أتمنى ذلك...لكن هلا أتيت معنا؟
_ولماذا؟!
_لايوجد سبب هكذا فقط
_ لكن عندي تلاميذ ينتظرونني يجب علي تعليمهم.
قال نديم مستهزءا :"أي تلاميذ و منذ متى أصبح لديك تلاميذ؟هيا اذن فلتأتي...
_ حسنا،حسنا ليس لأجلك بل أريد أن أكتشف مكانا آخر تحت الأرض أو ربما اعرف طريقا ما تؤدي بنا إلى وطننا...
اتفق الثلاثة عن الخطة التي ستطبق بعد يومين و لكي لا ينتبه عليهم أحد انصرف رامي و زينة و تركوا الأمير ليكمل استقباله للضيوف...
في ذلك الوقت كان الأصدقاء ينتظرون عودة زينة و رامي على أحر من الجمر و ما هي إلا لحظات حتى دق الباب على يديهما، أسرعت خولة لفتح الباب فدخلا ثم جلسا ليحكيا لهم المستجدات بأن الأمير قد وافق و يجب عليهم التجهيز من الآن.
قالت زينة:" لقد طلب مني أن آتي معه و أنا لا أريد أن أكون البنت الوحيدة هناك لن نخاطر بذهابنا جميعا اكيد فهذا سيكشف خطتنا هيا إختاروا واحدة لتأتي معي.."
قالت فلة:"لو ذهبت معك سيكشف أمري خاصة تلك المرأة البدينة التي أتشاجر معها لن تدع أي شائعة لتخرجها بحقي.."
قالت يسرى لزينة:" سأكون أنا مكانك عندما تغيبين لذا أرى أنه ليس من الجيد أن تذهب معلمتان من نفس المدرسة"
قالت أسماء :" أمّا أنا فسأحل محل ربيع عند غيابه فقد تعلمت منه بعض الأشياء التي تعالج المرضى..."
أما خولة فقالت:"لدي جامعة و هذا العام الذي سأتخرج فيه لذا آسفة"
قالت ديانا:"سأذهب معك أنا....لأن وسيم سيفهم جيدا سبب غيابه لأن رامي سيخبره لاحقا لذا لا شيئ يمنعني من عدم الذهاب معك"
شكرت زينة ديانا و طلبت منها تجهيز كل مايستحقانه في هذه الرحلة الغير معروف مدة البقاء فيها....
جهز الأصدقاء كل حاجاتهم بشرط أن تكون حاجاتهم تلك مهمة و عدم الإكثار من الحمولة زائدة خوفا من حصول شيء لم يكن في الحسبان....
و في اليوم المقرر تنفيذ الخطة ودع رامي و ربيع صديقهم مصطفى، أما زينة و ديانا لم يستطعن المغادرة من تلك الأحضان و الدموع و الوصايا بين صديقتهن لم تدع لهن المجال للذهاب أخذ الكل منهن يحضن زينة و ديانا في شوق و كل واحدة توصيهن بالأكل و النوم جيدا و عدم إرهاق أنفسهن
إلى أن قاطعهن ربيع:"لا تقلقن سنعود لن يطول هذا الغياب ...بالمناسبة سأشتاق لك يا أسماء"...
نظر الجميع إلى أسماء التي كانت الدموع تكسو وجهها حزنا على صديقاتها و قالت:"حسنا فلأعترف أنني أيضا سأشتاق لك لكن ليس أكثر من ديانا و زينة"
ضحك الجميع من أسماء أما ربيع فكانت تلك الكلمة التي تبدو صغيرة بصمة أمل سيعود لأجلها مهما بلغه الثمن...
انطلق رامي و ربيع و زينة و ديانا لحضور موعد دفن الحاكم و في الوقت ذاته موعد دخول تلك الروح جسد الأمير نديم كانت المقبرة هادئة ذلك الوقت كعادتها رغم جميع الناس حولها و كأنهم أمروا بأنه مجرد الكلام سيؤدي بهم إلى الموت هذا ما حدث حينما حاولت زينة الكلام فأسكتها أحد الحضور مع نظرة لئيمة منه و كأنها ارتكبت جرما ..
و ما هي إلا لحظات حتى بدأ أحد الشيوخ الكبار يقرأ تعويذة على الميت تلك التعويذة الكثير من الحضور كان يبكي لسماعها و فجأة بدأت تتعالى أصوات البكاء في كل دقيقة في حين أن الرباعي ذاك لم يفهم شيئا مما يسمعه.
بعدها أدخل الميت الى قبره،و ما لفت انتباه زينة نظرات نديم اتجاهها الممزوجة بالحب تارة و بالخوف تارة و بالأمل تارة أخرى.،لكن تلك النظرات لم تدم طويلا حتى سقط نديم فوق كرسيه الذي خصص له فقط...صرخت ديانا صرخة قوية من ذلك المشهد لتتبعها زينة بصرخة أقوى هما الوحيدتان اللذان تفاجئتا غير أن الناس هناك ظلوا يشاهدون ذلك صامتين و كأنهم يعرفون ما قد يحصل و هم يألفون ذلك المشهد، صحيح أن الجميع كان ينتظر ذلك بمن فيهم زينة و أصدقاءها لكن ليس إلى حد الصمت أين ردود أفعالهم؟فالصمت ليس ردة فعل اطلاقا بل الصمت هو علامة توحي للرضا توحي للقبول توحي الرضوخ للأمر الصمت لا يوحي لمشهد غريب قد حصل لكنه كذلك بالفعل ...
مشهد غريب عادة الروح تكون شيئا معنويا يسكن الجسد شيئا لا يمكن أدراكه بالعين المجردة لكن ليس في بلد الأرواح،ما إن أدخل الجنديان الحاكم الى قبره تصاعد شيئ غريب أبيض الى السماء على هيئة رجل عجوز ليصيب في اللحظة ذاتها جسد نديم فيسقط مغشى عليه ليكمل ذلك الشيخ تعويذاته خاتما بها جملة:"أتمنى أن لايدوم هذا الحزن طويلا"....
انتهت مراسم الدفن و عاد كل شخص إلى شغله في حين أخذ الخدام الأمير المغمى عليه في عربته برفقة السلطانة لتبدأ حكاية الروح المريضة من جديد لشخص جديد...
انتظرت زينة و أصدقائها هدوء الوضع لتطبيق خطتهم ...
دخل رامي القصر محاولا تشتيت الخدم و الحراس بينما تسلل ربيع من النافذة ليجد الأمير مستلقيا لايدري ماحوله شبه حي و شبه ميت لايزال قلبه يخفق لكن روحه مريضة...
قال ربيع :"لحسن الحظ أنه وحيد هنا"
حاول ربيع حمل الأمير على ظهره لكنه لم يستطيع و بينما هو كذلك سمع صوت شخص يحاول دخول الباب...أسرع ربيع بالإختباء... دخل ذلك الشخص الغرفة و إذا هو رامي
قال ربيع بعد خروجه من مخبأه:"أحمق لقد أفزعتني"
قال رامي:"بالتأكيد لن أدع شخص متوسط القامة مثلك يحمل هذا الطول كله لوحده"
قال ربيع ضاحكا:"تفكير منطقي"
حمل رامي و ربيع الأمير و أخرجانه من النافذة و وضعوه في العربة....نجحت الخطة الأولى إذن.
ركب الجميع العربة و برفقتهم الأمير ...فقام ربيع و ديانا بقيادة العربة أما رامي و زينة و الأمير فكانوا في الداخل لكي لايراهم أحد...
وصلت العربة الى ذلك الباب الذي يفصل بلد الأرواح و البلدان الأخرى بحيث أنه كانا حارسان يحرسانه. فأوقف أحد الحراس العربة خفق قلب الجميع و صعدت الدماء الى رؤوسهم خوفا من تفتيش العربة فسيكون حتما وقتها إعدام الجميع عدا نديم.
قال الحارس:" شكرا على زيارتكم لكن إلى اين وجهتكم؟"
قال ربيع مرتبكا فهو حقا لا يعرف وجهتهم فلم يتفقوا على ذلك:"وجهتنا؟!لا أعلم؟!نحن لم نتفق!اه أقصد إلى بلد السايلنت..."
قال الحارس:"لماذا ترتجف؟!"
قالت ديانا:"ان أخي محرج إجتماعيا إضافة الى أنه بخاف من الحرب التي ستندلع لذا اسرعنا في الرجوع الى وطننا..و أردفت مخاطبة الحارس وكأنها تنسيه سؤاله:"لقد قضينا أوقاتا ممتعة في وطنكم كما نتمنى الشفاء العاجل لحاكمكم"
اطمئن الحارس لكلامها فترك العربة تمر بخير و سلام عابرة ذلك الباب متجهة لبلاد السايلنت ....
أخرج رامي رأسه من العربة مخاطبا ربيع:"غبي لقد كدت أن تكشفنا"
أما زينة فقالت لديانا:"لقد كدت أصدقك انت تجدين التمثيل حقا.."
لحد الآن لم تحدث مشكلات كل شيئ سار طبق الخطة .
و عقب خروجهم انطلقت أول صرخة من بلاد الأرواح أنها صرخة أم قصيرة قتل ابنها القصير على يد الطوال،نعم لقد اندلعت الآن تلك الحرب التي كان ينتظرها الطوال بينما القصار لم يكونوا يدركون أن موعدها حان بهذه السرعة...

بلد الأرواححيث تعيش القصص. اكتشف الآن