الجزء التاسع عشر

14 2 2
                                    

خرجت السلطانة من الزنزانة وطلبت في إحضار وزير الحكام وقاضيان من قضاة البلد واتجهت الى ساحة الإجتماعات وقامت بدعوة الناس جميعا قصيرا كان أم طويلا وهذا لتغيير الدستور...كانت تفعل هذا من أجل ابنها لكنها لم تكن تعرف بأن هذا التغيير سيكون سببا في ازدهار البلد وسببا في نزع كل الكراهية والحقد بين الجميع...
بدأت السلطانة في إلقاء كلمة للحضور:"شعبي العزيز لقد دعوتكم جميعا لتغيير الدستور والكل منا يجب أن يعلم بهذا،فنحن أبناء بلد واحد فيحب علينا الاتحاد بدل الإختلاف ...."
بدأ الجميع في الصراخ معرضين عن ذلك،لكن السلطانة لم تكترث لذلك الصراخ وشرعت في كتابة القانون الجديد الذي ينص على:"المساواة بين الجميع،وأن التعدي عن الآخرين مهما كان شكلهم تعتبر جريمة يعاقب عنها القانون"
ما إن انتهت السلطانة من كتابة ذلك القانون حتى هدأ الجميع فجأة وأصبح الكل يبتسم والطويل يقبل القصير كأن تلك الخلافات لم تكن من قبل كانوا يفعلون ذلك وهم راضون عن ذلك وليسوا مرغمون عنها...كأن أحد اقتلع الشيء الأسود  الموجود في قلوبهم، فربما ما قالته زينة كان صحيحا فإن تغير القانون قد أصلح العلاقات بين الشعب...
لكن هل بتغير هذا القانون أصبح الحاكم معافى؟!
أسرعت السلطانة إلى غرفة الحاكم للتفقده فكان نائما هادئا على فراشه مغمض العينين لا يتحرك فيه سوى بطنه الذي كان يصعد وينزل عندما يتنفس...
تفاجئت السلطانة لأن شيئ من حالته لم يتغير فأسرعت الى الزنزانة وبوجه الخصوص الى زينة وقالت:"كاذبة لايزال ابني كما كان،ستعاقبين على هذا الخطأ الجسيم الذي اقترفته...
قالت زينة :"ولما السرعة بوسعك الإنتظار لمدة ثلاث أيام"قالتها زينة والخوف يهدد كيانها بأن الخطة التي إقترحتها قد لا تنجح...
قالت السلطانة:"حسنا سأنتظر ثلاثة أيام فقط...."
ذهبت السلطانة لتترك الأصدقاء يتناقشون في ذلك الأمر ...
مرت ثلاث أيام وحل ذلك اليوم الموعود الذي ينتظره الجميع إما الرجوع الى الوطن وإما إكمال حياتهم في بطن الكلاب...
مرت ثلاث أيام و نديم لايزال على تلك الحال نائم هادئ لا يتحرك فيه سوى بطنه وبهذا يعني إعدام زينة وأصدقاءها لامحالة وإرجاع القانون القديم لتستمر الحياة كما كانت قبل مجيء زينة وأصدقاءها الى بلد الأرواح...
فتحت الغرفة المخصوصة للإعدام التي تسمى عندهم "بيت الموت" أسمها فقط يوحي على أن من دخل تلك الغرفة من المستحيلات أن يخرج وإن خرج سيخرج بنصف ساق أونصف ذراع أو بدون لسان وكذا،كانت تلك الغرفة أنذاك مخصصة  للمجرمين القصار فقط لكنها اليوم مخصصة لزينة و أصدقاءها...
كانت السلطانة هي من توعدت بإعدامهم وهذا ليدفعوا ثمن اختطاف الحاكم و تشويه القانون على يد الغرباء... وطلبت من زينة أن تكون أولاهم لأنها وببساطة صاحبة الفكرة السخيفة التي لم تجلب لها سوى الإعدام...
دخلت زينة  تلك الغرفة خائفة من مصيرها التي أوقعها فيها طول لسانها لكنها قالت في نفسها وكأنها تطمئن حالها:"لكني كنت ميتة لا محالة بسبب إختطاف ذلك الوغد الحقير الذي ينام هو الآن بكل راحته و أنا سألاقي مصرعي...لن أسامحه ماحييت، سيموت أصدقائي بسببي ليتني أمتلك آلة الزمن لأعود للوراء لأغير بعض أقصد الكثير من الأخطاء"
و بينما هي كذلك تستعد للموت رأت من النافذة روحا بيضاء تصعد إلى السماء كانت تلك الروح تنظر مباشرة لزينة كانت تلك النظرة هي نظرة رضا من روح الحاكم روشارد إليها...
طار قلب زينة فرحا وأخذت في الصراخ قائلة :"لقد مات مات أقصد لقد شفي نديم لقد صعدت روح الحاكم روشارد الى السماء"
قالت السلطانة:"أتظننيني بلهاء ؟!"
قالت زينة:"أقسم لك أني رأيت روحه أرسلي حارسان ليتفقدا الأمير..."
ذهبا الحارسان فلم يجدا الأمير في مكانه وماهي إلا لحظات حتى جاء نديم الذي يبدو عليه أثر التعب وقال:"أنا هنا لن تقلقوا لن تموتوا بعد فما زال لديكم  المتسع من الوقت"
أسرعت السلطانة لإحتظان ابنها و
ظلت تتفقده وكأنها لم تصدق ما حصل له بعد
اما الأصدقاء فكل ماكان يهمه هو نجاتهم وسلامتهم ...
جلس الجميع في غرفة الأمير غير مصدقين لهذه الفرحة أي أن كابوس إنتقال الروح المريضة قد إختفى عند صعود روح الحاكم روشارد إلى السماء ...
أما السلطانة فقد إعتذرت من زينة وأصدقاءها بسبب تلك الوقاحة التي تعاملت بها معهم و
تعهدت بتحطيم جبل الأرواح وأن من الأن فصاعدا ستعود الحياة عادية لا فرق بين طويل و قصير و أن الكل سيعاقب إذا أخطأ... وقد عرف الجميع بأن تلك الأمراض التي كانت تسود المنطقة هي بسبب ذلك الحقد والكراهية التي تسكن الطوال وبمجرد مسح القانون ذلك أصبحت القلوب عامرة بالحب ناقية صافية...
لكن حدث شيئ لم يكن في الحسبان أن السلطانة أمرت بإرجاع كل روح إلى صاحبها و أن تدع الموتى يموتون بكل راحة...وفي تلك الأثناء سقط ربيع مغشي عليه وبدأت الدماء تكسوه من كل ناحية مثلما كان عندما قتلته أسماء أي أن روحه التي أعطاه اياه رامي -عندما كان رهف-قد أخذت...
بدأت أسماء في الصراخ خائفة من أن تكون هذه النهاية و بالفعل كانت هذه نهاية ربيع لقد مات بعدما عادت إليه روحه الخبيثة...صدم الجميع غير مصدقين لما حصل لربيع .
تأسفت السلطانة عما فعلت وقالت :"سأسرق له روحا وأسلمها له حالا"
لكن أسماء استجمعت قواها وقالت:"وانتي في محاولتك لتصليح الأمر ستفسدين كل شيء، لقد أحببت روح ربيع الطيبة ولن أنسى طيبته تلك لكنه الآن هو مجرد ربيع الوغد الذي يراني مجرد جسد سآخذه عند ذهابي وسأسلم نفسي للشرطة فأنا لم أفعل شيء إنه مجرد دفاع عن النفس"
و بعدها بكت بكت كثيرا وكأن دموعها أقسمت على خذلانها هذه المرة...أما صديقاتها وعدنها بتعويضها كل شيء...
فتح نديم تلك الباب التي كانت وراء  مقعده الملكي
قالت زينة:"إذن تلك الباب التي بحثنا عنها و خاطرنا بكل شيء لأجلها توجد هنا؟!"
رد نديم:"نعم إنها الباب التي تؤدي بكم إلي وطنكم"
ثم أردف مخاطبا زينة :"لكنكي لن تذهبي معهم ابقي هنا أرجوك"
ردت زينة :"لا أستطيع هناك عالم بانتظاري-وأشارت بيدها إلى تلك الباب-عائلتي تنتظرني تلاميذي في انتظاري أصدقائي في أمس الحاجة إلي لذا لن أتركهم لكني أعلم أننا سنلتقي...رغم كل شيء كانت أيام لاتنسى..."
ودعت خولة رامي التي لن تنسى حبه وفضله مهما حدث،أما ديانا فقد وعدها وسيم بأنه سيأتي لخطبتها من أبويها،وودع الجميع ليلى ومصطفى وابنهم عاصم الذي ولد البارحة فقط حيث قالت ليلى أنه يشبه جده كثيرا...
وقبل خروجهم ناولهم نديم محلولا شرب منه الأصدقاء لينسوا الأحداث التي جرت في تلك الوطن ليتمكنوا من العيش في وطنهم بسلام...
وبعض لحظات استيقظت زينة لتجد أمامها أختها خولة نائمة على سرير أبويها كالطفلة الرضيعة...
قالت زينة:"نديم،صولز،قصار،الحاكم روشارد لا أظنه حلما فالحلم عادة تكون مدته ثلات ثواني فقط...يعني إنها حقيقة "
وماهي إلا لحظات حتى وصلتها رسالة صوتية من أسماء على الواتساب قائلة فيها:"بنات قررت أنا وربيع أن نتزوج"
وماهي إلا لحظات حتى  أضافت صورة على الواتساب ملتقطة لربيع وأسماء معا......
نهضت زينة من سريرها صارخة:"غير معقوووول!!!

بلد الأرواححيث تعيش القصص. اكتشف الآن