الجزء العاشر

18 2 0
                                    

صرخت الفتيات من هول المشهد أما ليلى فقد أغمي عليها و لم تستطيع تصديق عينيها ...خافت البنات من لمس الجثة فذهبت أسماء و يسرى لتنادي ربيع و مصطفى أما ديانا فأسرعت مع فلة لتنادي لخولة و رهف
بحيث زينة بقيت مع ليلى تحاول ان تفيقها لكن ليلى لم تستفيق...
ما إن وصل الجميع أسرع مصطفى الى ليلى ظل يعالجها الى ان استيقظت و هي تصرخ :"لقد قتل بسببي، ابي مات لا أريد ذلك". ظل الجميع يحاول تهدأتها خاصة مصطفى الذي انتابه حزنا كبيرا لدرجة انه أخذ معه ربيع الى أحد الغرف و بدأ بالبكاء ...ظل ربيع يحاول مواساة صديقه ،اما زينة و الباقيات بقين هن الأخريات يواسين ليلى التي لم تستطع ان تكف عن البكاء و النحيب ..
و ماهي إلا لحظات حتى جاءت فلة مسرعة حاملة في يدها ورقة قائلة:" ليلى انظري تبدو انها رسالة من الأستاذ عاصم".
أخذت ليلى الرسالة ثم مسحت دموعها و شرعت في قراءة الرسالة:"
ابنتي العزيزة انا آسف على ما تسببته لك حقا لم أردك ان تعيشي هذا الحزن كله،اسف لأني أحزنتك بدل من افراحك انا ضعيف لدرجة اني لم استطع حمايتك لكن اياك ان تكوني مثلي كوني قوية و افتخري بإبنك و اخبريه عندما يولد ان جده كان يحبه كثيرا و ظل ينتظر موعد ولادته ،آسف على كل شيئ..."
اكملت ليلى الرسالة و مسحت دموعها للمرة الثانية قائلة :" هيا ساعدونن لنقل أبي الى جبل الأرواح لندعه ينم بسلام،لقد طلب مني ان أكون قوية و سأفعل ذلك".
كانت الدموع تملئ عينيها لكن ليلى لم تسمح للدموع ان تسقط ظلت ثابتة قوية و صامدة الكل تفاجئ من قوتها تلك ....
قالت أسماء:" لما لا ننادي للشرطة ربما هي جريمة قتل".
قالت ليلى:" انها ليس جريمة قتل و تلك الرسالة أقوى دليل كما أنه ليس عندنا شرطة و لكن نملك مركز المخابرات السرية "
_ اذن للناديهم...
_لا فأنا لا أثق بهم ،الى جانب ذلك انهم ليسوا بشر مثلنا بل هم من عالم الجن و كل مرة يتنكرون بمظهر ليتجسسوا على الضيوف ،لذا اياكن ان تثقوا بأي مخلوق هنا كان قصيرا او طويلا".
تفاجئ الجميع من هذه المعلومة المخيفة الى ان قطعتهم رهف :"اذن ماذا سنفعل؟؟
قالت ليلى:"سنشيع جنازة لأبي على انه توفي جراء مرض و سيذهب به ربيع و مصطفى لجبل الارواح"
حمل ربيع و مصطفى السيد عاصم الى جبل الأرواح لترفع روحه الى السماء ...
اما ليلى اخبرت سكان الحي ان اباها توفي لمرضه و لم تخبر احدا انه انتحار لأن انتحار الطوال هناك اشبه بجريمة و اختراق القوانين ....
مرت ثلاث ايام على وفاة السيد عاصم ليعود كل شيئ لطبيعته وقرر الجميع العودة الى العمل الا ليلى فقد أخذت اجازة مطولة لتجهز بيتها الجديد بحيث انها و مصطفى انتقلوا الى العيش في بيت السيد عاصم و اتفقت ليلى مع زينة و الاصدقاء بأن تقرأ من كتب والدها لعلها تجد مخرجا لهم ....
و اصبحت أغلب لقاءات الجميع هناك في بيت السيد عاصم ليحكي كل شخص عن ما هو جديد
و في صباح اليوم التالي استيقظ الجميع بحيث ان مصطفى و ربيع ذهبوا للعيادة ...فلة ذهبت الى معمل الخياطة و ديانا الى مطعم وسيم و خولة الى الجامعة أما يسرى فيوم الثلاثاء كان يوم إجازتها فبقيت مع ليلى تساعدها في أعمال البيت و بهذا اضطرت زينة للذهاب وحدها الى المدرسة و في طريق الى المدرسة توجد مقبرة ليست مقبرة عادية إنها قبرة الحكام بحيث ان الحكام عند موتهم لن ترفع روحهم في جبل الأرواح بل تدفن في تلك المقبرة الخاصة بهم فقط....كانت تلك المقبرة كثيرة الهدوء لدرجة انها لم تلاحظ زينة وجودها في أغلب الأوقات إلى أن سمعت صوت فأس يضرب على أحد القبور و صوت تنفس يعلو و ينخفض اسرعت زينة لدخول تلك المقبرة لحسن الحظ ان تلك المقبرة لا يوجد بداخلها حراس لأنه لا أحد يجرأ على دخولها ....
عندما دخلت زينة الى تلك المقبرة المكسوة بالأزهار و الأشجار من كل جهة كانت نظيفة للغاية و كأنها تنظف كل ثلاثين ثانية انها الشيئ الجميل الوحيد في بلد الأرواح ،اقتربت زينة من ذلك الصوت و إذا هو صوت شخص يحاول فتح قبر ما ،
_ "أنت ما الذي تفعله هنا؟ "قالت زينة .
استدار ذلك الشاب اسود اللحيةابيض البشرة حاد العينين ضخم البنية طويل القامة واضعا قبعة فوق رأسه و كأنه يحاول إخفاء وجهه قائلا:" كيف تجرئين على الدخول الى هنا؟و كيف تجرئين على ملاحقتي؟"
ضحكت زينة :" اه صحيح كيف أجرأ على الدخول الى هنا محاولة حفر قبر احد الحكام،اذا سنفعل؟؟ أحدهم ستدفن مثلما دفن هذا الحاكم او ربما ستعطى روحك لأحد القصار"
_ ربما انت من ستعطى روحك لأحد القصار اذا بقيت تنكلمين معي هكذا...
_ "ما الذي تظن نفسك فاعلا بعملك هذا؟"
أبعد ذلك الشاب زينة عن طريقه و مشى و في يده ذلك الفأس قائلا:"اخرج من هنا و انسي ما رأيته الآن يا صغيرتي"
_ صغيرتك؟؟ انا بالكاد في نفسك عمرك صحيح انك طويل و انا لست بنفس طولك و هذا لا يعني اني صغيرتك ماذا تظن نفسك وغد لئيم مغرور ؟كيف تتكلم مع الناس بهذه الطريقة؟....
ظلت زينة تصرخ غاضبة بينما كان ذلك الشاب يواصل خطاه غير مكترث لصراخها الى ان إختفى عن الأنظار أما زينة فواصلت طريقها الى المدرسة تفكر في سبب حفر ذلك الشاب لقبر الحاكم الأول لبلاد الأرواح ...
انتهى عمل اليوم ليلتقي الجميع في بيت ليلى و مصطفى بدلا من العيادة و بيت رهف، فيبدأ كل واحد منهم حكاية يومه
ففلة كانت تحكي شجارتها الدائمة مع تلك الخياطة اللئيمة بسبب تصميماتها الخاطئة المخالفة لسكان تحت الأرض،
اما ديانا فلا تتحدث سوى عن وسيم الذي طلب منها الخروج ...صحيح انها معجبة به لكن لا وقت لذلك فهي عالقة في هذه البلاد العجيبة و انها ستذهب عنها يوما ما و كما انها لا تريد ان تعطيه أمل مزيف قد يغيره القدر في يوم من الأيام لذا طلبت منه اعطاءها بعض الوقت
اما اسماء و ربيع فحكاية المرضى لا تنتهي ،في حين أن زينة لم تخبر احدا عن ذلك الشاب الذي قابلته في المقبرة لأنها نسيت أمره و ظنت بأنه مجنون من مجانين هذه الأرض..
سكت الجميع الى ان تكلمت يسرى:" لكن انا و ليلى عندنا خبر شبه مفرح و جدناه في كتاب السيد عاصم"
نهضت رهف فزعة :" ماذا ما هو؟ كيف ذلك؟"
احضرت ليلى الكتاب و قالت: " إن تاريخ هذه البلاد مزيف و لا أساس له من الصحة فقد وجدت هذا الكتاب المكتوب بخط اليد الموقع بإسم الحاكم الأول بحيث أن حكاية بلاد ما فوق الأرض و بلاد ما تحت الأرض و سبب الشجار كله كذب "
صرخ الجميع :" ماذا؟؟؟"
بدأت ليلى القراءة:" في أحد الأيام عندما كنا متصلين بأهل ما فوق الأرض وقع الحاكم في حب فتاة قصيرة القامة تسكن فوق الأرض و كان حبه لها كبير و عندما حكى لوالده ذلك رفضا رفضا قاطعا لأن القوانين تنص على ان لا يتزوج الحاكم امرأة غريبة عن بلده و بهذا لم يخضع الحاكم لأمر والده و تزوجها بالخفاء و انجبت له العديد من الأولاد القصار و عندما سمع والده بذلك بنى جدارا يعزل سكان فوق الأرض عن ما فوق الأرض و كتب قانونا جديدا في دستوره ينص على تعذيب القصار انتقاما لما جرى و بهذا قتل زوجة ابنه و أحفاده و عندما علم الحاكم بذلك مرض مرضا شديدا و مات و انتقلت روحه المريضة الى باقي الحكام الذين خلفوه و لم يستطع أحد معالجة ذلك الأمر "
قالت رهف صارخة:"كذب كل ما قلته ما هو الا كذب و لا يوجد شيئ من ذلك "
تفاجئ الجميع من رهف و ما الذي يجعلها تقول ذلك
قالت أسماء:" يجب علينا نسخ هذا الكتاب و توزيعه على جميع الناس ليعلموا ذلك "
قالت خولة:" بما أن والد الحاكم من بنى ذلك الجدار فالجدار اصبح سهل الإيجاد ربما هو في مملكته "
قالت ليلى:" لا أعلم لننم الآن و غدا سأكمل قراؤته"...
نام الجميع في بيت ليلى و مصطفى
و في صباح اليوم التالي استيقظ الجميع على رائحة الحريق و إذا بذلك الكتاب احترق كليا و بعد لحظات فتحت الباب و إذا بهم ستة جنود أخذوا ربيع و أسماء و زينة و فلة و ديانا و يسرى قائلين:" سكان ما فوق الأرض انتم متهمون بتهمة دخول بلدنا و محاولة استعماره....'
تفاجئ الجميع من ذلك و طلب الجنود من الباقين عدم مرافقتهم لأن مرافقتهم تعتبر مخالفة يعاقب عليها القانون ....
وصل ربيع و البنات الذين وضعوا داخل زنزانة صغيرة قال أحد الجنود :" سوف يأتي سيدي الأمير لاستجوابكم ايها المجرمون"
قالت ديانا:" من الذي وشى بنا ؟ أيكون ذلك التاجر الذي وجدناه عند دخولنا هذه الأرض"
قالت زينة:" شخص واحد قادر على ذلك!!!
قال الجميع:"من ؟؟"
_ انها رهف، الوحيدة التي تعلم بأننا من سكان فوق الأرض ،انكارها بحقيقة هذا البلد رغم علمنا بالحقيقة ، هي من أحرقت ذلك الكتاب بلا شك لأنها الوحيدة التي وضعته داخل المكتبة عندما أكملت ليلى قراءته لنا، و كيف تستطيع بنت قصيرة التعامل مع طوال القامة كوسيم و غيره و عرضها علينا فكرة الشغل و كأنها تريدنا البقاء هنا لأطول مدة ....خولة ضيفة مثلنا لماذا لم تحتجز معنا؟ هذا لأن رهف لا تريد الحاق الأذى بها لهذا ذكرت أسماءنا فقط... انها تعمل لصالح الأمير
قالت فلة:" لكنها قصيرة"
_ ريما تنكرت و فعلت ما فعلت او ربما تكون من عالم الجن كما أخبرتنا ليلى"...
و في تلك الأثناء فتح احد الجنود باب الزنزانة قائلا:" انهضوا لقد وصل الأمير"
دخل الأمير و نظر إلى زينة قائلا:" يا إلاهي انتِ؟؟؟؟؟
قالت زينة بصوت عال:" لا أصدق أهذا أنت؟؟؟

بلد الأرواححيث تعيش القصص. اكتشف الآن