ظل الأصدقاء يمشون و أشعة الشمس تمشي معهم،إن المدة المستغرقة بين أرض الأرواح و أرض السايلنت ركوبا على العربة حوالي نصف يوم،لكن صعوبة الطبيعة و عدم قدرة الحصان من التحرك على الأرض بسرعة جعلت المدة تصل إلى يوم كامل للوصول...
و فور وصولهم إلى بلد السايلنت وجدوا جنديان يحرسان باب ذلك البلد تبدو عليهما علامة الرعب و هذا لعدم تبسمهما ،نظرتهما تدل على القسوة و التعصب.
فحياهم الجنديان بصمت و كأنهما يقولان مرحبا لكنهما لم يقولانها مشيرين بيدهم فقط.
قالت ديانا:"أهلا ايها الجنديان نحن من بلد الأرواح هلا دخل...."
توقفت ديانا عن الكلام من شدة الخوف لأن أحد الجنديان رمقها بنظرة حادة مخيفة و كأنه سيكاد يعدمها على الفور.
أخرج رامي رأسه من العربة ليحي الجنديان بنفس تحيتهما دون كلام و كأنه يرد عليهما،لتظهر عليهم فجأة علامة الرضا على وجه الجنديان ليفتحا لهم البوابة بسرعة و يسمحا لهم بالدخول .
قالت ديانا :"عندما تكلمت أنا انزعجوا و عندما حييتهم انت أدخلاننا؟لأي سبب أم أنهم لا يريدون التكلم عن النساء؟بل يكتفون بالتكلم معكم فقط؟؟!"
رد رامي ضاحكا:"بالطبع لا،اياكم أن تنسوا انكم في بلاد السايلنت و التي تعني الصمت. بلاد يشرع فيها كل شيئ عدا شيئ واحد و هو الكلام،بمجرد تكلمك الكثير ستعدم يعني أن الكلام الذي لا حاجة للفظه لا يلفظ فمثلا عند ذهابك للخباز تدخل للمخبزة فبدل من أن تقول المجاملات تلك -اهلا يا سيدي العزيز كيف حالك ؟اريد أن أشتري خبزة واحدة-،يكفي أن تقول خبزة حينها سيفهم البائع حاجتك...فبكلتا الجملتان الهدف واحد و هو شراء الخبز حتى الخباز لا يكترث لما تقوله فكل ما يهمه هو شراء الخبز...هذه قواعد البلد هنا فالتزموا بها ،القليل من الكلام و الكثير من الهدوء"
قالت ديانا:"من الصعب جدا وقوفنا عن الكلام لكن ما باليد حيلة سنحاول ذلك"
قالت زينة:"بلد مجنون آخر نسقط فيه مجددا"
دخل الأصدقاء بلد السايلنت الذي كان بمثابة الصحراء القاحلة المهجورة رغم تكاثر الناس حولها لكن الصمت هناك قد ساد الأرجاء،حتي التجار توقفوا على الكلام،توقفوا عن الصراخ بأعلى اصواتهم لعرض سلعهم و بضائعهم ،انه بلد حزين جدا و ممل لا يستطيع أحد التعبير عن ما فيه داخله فمبجرد كلامه بدون فائدة فهذا حتما سيكلفه حياته.كيف استطاع هؤلاء الناس التأقلم على هذا الوضع المريب
كان الحزن و الخوف يكسو ارجاء البلد اطفال صغار كبار شيوخ نساء...
قالت زينة:"لم نأتي إلى هنا لنعلق عن هذا المكان لا تنسوا السبب الذي جعلنا نأتي إلى هنا "
قال ربيع:"يجب أن نجد مكانا نستقر فيه و الأفضل أن يكون بعيدا عن أعين البشر لا أريد أن نحدث مشاكلا،هل تعرف أي مكان لا يقطن فيه الناس كثيرا يا رامي؟".
قال رامي:"سآخذكم إلى جبل من جبال هذا البلد أو إلى أي نهر أو غابة فهذه الأماكن لا يتواجد فيها الناس غالبا فبهذا نستطيع أن نستقر بضع أيام و ليعالج ربيع الأمير".
مشى الأصدقاء بحثا على مكان بعيد عن أعين البشر إلى أن استوقفهم جبل كبير ضخم يصعب رؤية قمته،كان المكان هناك هادئا خاليا من البشر على عكس بلد الأرواح الذي كان يقدس فيه الجبال خاصة الجبال الضخمة حيث أن الجبال هناك كانت تكتظ بالناس،فرأى الأصدقاء بأن ذلك الجبل هو الخلاص الوحيد من البشر لذا بقوا و استقروا فيه، اوقف ربيع العربة ليهبط الجميع منها و وضعوا بساطا هناك خاصا بالأمير الذي كان يجلس برفقته ربيع ،أما رامي فقد ذهب لشراء بعض المأكولات الصالحة للطبخ،و ما إن عاد قامت ديانا و زينة بتحضير الطعام ....
أما في الجانب الآخر هناك في بلد الأرواح فقد اندلعت تلك الحرب انها حرب البقاء حرب القوي ضد الضعيف حرب الطويل ضد القصير.كان سبب تلك الحرب هو اتفاق العديد من الطوال على شنها وضعوا جماعة سرية ليروي كل واحد منهم الحالة التي آلت إليها بلادهم بعد وفاة الحاكم و مرض إبنه الأمير فالبعض منهم لم يوافق على هذه الحرب خوفا على أبنائه أو عائلته فاعترض عليها أما البعض الآخر فكان مسالما اتجاه القصار فأشفق عليهم أما الفئة الثالثة و هي الفئة صاحبة القلب القاسي فكان كل ما يهمه هو موت القصار الذي قد يحي الأمير فاتفقت تلك الفئة و بدأت بالتدمير و الخراب و القمع بكل أنواعه من خلال القتل المتوحش القصار وبدون رأفة أصبح المكان هناك أشبه بمجزرة خاصة بعد اختفاء الأمير اتهم الطوال القصار بأنهم وراء ذلك و هذا سبب آخر يؤكد لاندلاع الحرب...بعد كل هذا الظلم و العذاب قرر القصار و لأول مرة الخروج عن صمتهم الذي لم يجلب لهم سوى الذل فقرروا بإعلان حرب هم أيضا من أجل الدفاع عن أنفسهم لتبدأ مجزرة أخرى تحت شعار:"البقاء لمن يريد البقاء"
وراء كل هذه الفوضى بقيت فلة و أسماءويسرى و خولة في البيت منتظرين أصدقاءهم الذين ذهبوا و لم يسمع عنهم خبر و في بعض الأحيان كن يخرجن للعمل ثم إلى البيت مباشرة تجنبا لتلك المجزرة التي تحدث خارجا و التي قد تكون سببا في مقتل إحداهن ...
عندما أكمل ربيع و رامي و ديانا و زينة أكلهن أخذ كل واحد منهم شغله .
فرامي أخذ في حراسة المكان يمينا و شمالا
أما زينة و ديانا فبدأتا بقراءة بعض الكتب التي قد تفيد في طرد الروح المريضة و قد قدمت ليلى لهن الكتب من مكتبة الأستاذ عاصم لعلها تقدم بعض المعلومات التي قد تشفي نديم.
أما ربيع فقام بعلاج ربيع فأخذ يقيس نبضات قلبه لكنها كانت بخير كإنسان عادي تنبض ستون نبضة في الدقيقة الواحدة فأخذ يقيس ضغطه فكان ضغطه أيضا لا بأس به كذلك درجة حرارته.
قال ربيع:"إن كل شيئ فيه عل ما يرام لكن هناك شيئ واحد فقط هو الذي جعله طريح الفراش هكذا"
قالت زينة:"نعم إن روحه فقط من تحتاج للعلاج و يجب عليك معالجة روحه بدل من جشده"
وأخذت كتابا من تلك الكتاب يسمى "طريد الروح الشريرة" يحتوي ذلك الكتاب على بعض التعويذات التي يقرأها سكان بلد الأرواح لعلاج أرواحهم، ذلك الكتاب كان لكاتب يسكن في بلد الأرواح قام بكتابته بعدما مات إبنه و قام بإرجاعه إلى الحياة عن طريق تلك التعويذة...
فأخذت زينة تقرأ كلمات تلك التعويذات لكن لم تنجح إحداها في إحياء الأمير...
قالت زينة:"يبدو أن خطة فلة التي أقدمنا عليها كانت خاطئة فلو كانت كذلك فبمجرد دخولنا إلى هنا لكان نديم بخير،اظن أننا أخطئنا خطأ كبيرا عند قدومنا الى هنا فروحه ليست متعلقة بهذا المكان روحه تبقى متعلقة بلاده فقط و لا دخل لبلد آخر بذلك خاصة و أن أهل هذا المكان لا يتكلمون لذا لاتستطيع طلب المساعدة من أحد"
قاطعتها ديانا و كأنها تخفف عنها:"لا تقطعي الأمل يا صديقتي ربما لو غيرنا بلدا آخر كبلد باور أو ما شابه ربما سيفي بالغرض"
قال رامي :"بلد باور أسوأ من كلتا البلدين فذلك البلد لن يقوم باستقبالنا حتى فالمقياس الذي يقاس عليه معيشتهم تكون بالقوة"
قاطع حديثهم هذا شيخ عجوز طويل القامة كان أبيض و كثيف الشعر كانت لحيته تصل إلى ركبيته و كأنه لم يستحم و لم يحلق منذ مدة فقال:"من الذي سمح لكم بالإقامة في بيتي؟"
ضحك ربيع قائلا:"أي بيت؟ انت أمام جبل في طبيعة هادئة هي ملك للجميع"
لم يكترث العجوز لما قاله ربيع بل بقي يحدق في الأمير نديم بنظرة لا تبشر بالخير ثم قال:"يا إلاهي انه الأمير نديم ابن الحاكم التاسع عشر...اذن أنتم المختطفون الذين قاموا بخطفه...!"
أنت تقرأ
بلد الأرواح
Horrorما رأيك ببلد ظالم آثم سيسرق روحك و انت حي و يعيش بتلك الروح و تبقى انت جسد لا جدوى منه ...