الجزء السادس عشر

16 2 0
                                    

أخاف الأصدقاء منظر ذلك الشيخ و كلامه الذي أخذ في نطقه
قال ربيع محاولا تشتيت أفكار ذلك العجوز:"كيف يكون هذا الغبي ابن الحاكم؟إن صديقنا هذا كسول جدا لذا جاءه النعاس و نام قليلا ...حسنا سنذهب من مكانك هذا الآن لقد جئنا من مكان بعيد من بلد الأرواح فاسترحنا هنا و ها نحن ذاهبين "
اقترب ذلك العجوز من ربيع قائلا:"ايها المغفل انظر إلي جيدا "و أردف :"أنا عجوز كبير لقد مر علي الكثير من التجارب لذا اياك و أن تحاول تكذيبي فأنا لست طفلا صغيرا تسخر منه بحبة حلوة قلت لكم أنه الأمير يعني أنه الأمير"
قالت ديانا" لكن كيف يستطيع الأمير القدوم إلى هنا؟ حسنا سأتكلم الصدق هذا صديقنا مرض في نصف الطريق و ها نحن هنا نحاول علاجه..."
ضحك ذلك العجوز ضحكة سخرية على ما قالته ديانا وأخد يقترب من نديم رويدا رويدا فأزاح عنه قميصه لتظهر على كتفه وشمة منقوش عليها تاج ...
قال ذلك العجوز:"اتستطيعون تكذيبي الأن...حتى أكاد أقسم أنكم لم تنتبهوا لهذا الوشم بأنه موجود، أنه وشم ملكي و هذه الوشمة تدل على مكانة الشخص العالية"
سكت الجميع لأن ماقاله ذلك العجوز صحيح...قاطعته زينة قائلة:"اذا كان ذلك الوشم الموجود في كتف نديم يدل على أنه أمير فما سبب وجود نفس الوشم على كتفه..."
كانت ملابس ذلك العجوز شبه رثة بحيث أن معظم جسمه ظاهر لم تستطع تلك الملابس اخفاءه،اما كتفه فكان يحتوي على نفس الوشم لم يكن وشما مزورا بل أن تلك النقوش تدل على المكانة العالية لصحابها فلا أحد يستطع أن يحتمل ذلك الألم الذي يحدثه ذلك الوشم إلا من كان بقوة الحاكم...
أردفت زينة قائلة: " صحيح اني لم أنتبه على وشم نديم لكني قد قرأت في أحد الكتب بأن كل سلالة حكام بلد الأرواح لهم شيء يميزهم عن باقي الملأ  و هو الشارة الملكية المنقوشة عن كتفهم،فمن تكون يا سيد؟
قال العجوز:"بل أنتم من ستجبون عن هذا السؤال و انا لست مضطرا لفعل ذلك !تختطفون الأمير محاولين قراءة بعض التعويذات عليه إضافة الى ذلك أنتم لستم من بلد الأرواح الا هذا - وأشار بإصبعه الى رامي- لستم من الطوال و لستم من القصار إذن من أي بلد أنتم؟"
قالت ديانا:"نحن من بلد السايلنت"
_ لو كنتم كذلك لأنتم الآن على مقصلة الإعدام فأنتم كثيرين الكلام..."
قالت زينة :"حسنا سنحكي لك فلم يعد لنا شيئ لنخاف...نحن من بلاد ما فوق الأرض و بالضبط من الجزائر..."
اتسعت حدقة عينا ذلك العجوز قائلا:"لا يمكن كيف ذلك؟!"ليتحول كل ذلك الغضب و التعصب إلى نظرة رضا و أردف:"يا الاهي لا أكد اصدق ما سمعته أذناي...كيف استطعتم الوصول...لا لا فهذا مستحيل فالباب الذي يفصل بين فوق الأرض و تحت الأرض قد أغلقه أبي.."
و أغلق فمه و كأن ما تلفظه خرج بدون تفكير منه، ليصرخ الجميع:"أبووووك؟من تكون؟!
قال رامي :"إن الوحيد الذي أغلق ذلك الباب هو والد الحاكم الأول لبلاد الأرواح بسبب إبنه الذي أصبحت روحه تتناقل بين الحكام...لا يعقل بأنك أنت الحاكم روشارد التي روحه مرضت بل هذا مستحيل"
قال ذلك العجوز في ثقة:"نعم إنه أنا الحاكم روشارد و الروح التي تسكن روح نديم هي روحي "
تفاجئ الجميع مما يقوله ذلك العجوز حتى ظنوا بأنها أضغات أحلام و سيفيقون من ذلك الحلم لاحقا...كيف لرجل عجوز مات منذ أعوام بل منذ آلافات السنين أن يعود الآن...
قال العجوز و كأنه يكلم نفسه:"من قال لكم بأنني مت حتى ؟ أنا لم أمت بعد و ها أنا أمامكم حي أرزق" و أخذ يقهق بصوت عالي و كأنها قهقهة انتقام من المأساة التي عاشها آنفا...
قالت ديانا مستهزءة :"إذا أنت الحاكم روشارد أنا زوجته"
و أخذ الجميع يضحك مما قالته ديانا ماعاد ذلك العجوز الذي انتابه حزن عميق حتى كادت دموعه تسقط ثم قال بصوت حزين:"لا تمزحي بأشياء مثل هذه ياصغيرتي فبعض المزاح يكون قاسيا أحيانا"
تأسفت الأصدقاء من العجوز ثم قال ربيع :"كانت تقصد اننا لم نصدقك بأنك هو، فما هو دليلك بأن الحاكم روشارد"
قال العجوز:"لست من محبي التبرير لكن سأبرر بسبب نديم"
فتمتم ذلك العجوز  ببعض الكلمات ثم  تنفس نفسة كبيرة ليتبعه نديم بنفسة كبيرة مثلها ثم ضحك بصوت عالي فيضحك نديم وراءه بصوت عال ايضا، غير أن نديم كان نائم و يفعل هذه الأشياء .
قال ذلك العجوز:"لا تتفاجئوا فروحي متصلة بجسده ...و الآن هل صدقتم ذلك؟!"
قال ربيع :"لقد قصصنا لك مجيئنا الى هنا من فضلك احكي لنا كيف ومتى ولماذا أنت حي ولم تمت بعد؟!"
جلس العجوز على الأرض و قال:" مادامت روحي مريضة فأنا لا أزال حي لن يستطيعوا دفن جسد بلا روح .
قال رامي:"لكنهم دفنوك في مقبرة الأرواح وقتها؟!
_ نعم بالطبع فعلوا لكن جسدي لم يتحمل التراب و روحه حية لذا فتحت القبر و ركضت هاربا الى هنا... و ظلت روحي تتناقل بين الأجيال فكل من تنقل إليه روحي آخذ روحه فأعيش بها إلى أن أموت...
قالت زينة و كأنها تأنب الحاكم روشارد:"ماهذا الظلم تسلب حياتهم ليعيش عجوز مثلك...و نديم؟ماذنبه يتعذب هكذا و هو لم يعش الحياة التي يريدها...
رد العجوز:"لو كان الأمر بيدي لكنت مت من مدة فليس لدي شخص أو هدف أعيش من أجله..."
و أردف :" لو استطعت نزعها لقدمتها لنديم فهو الوحيد من بين الحكام السابقين الذي يستحق أن يعيش حياة هنيئة...صحيح أنه لم يكن لديه سبب للعيش لكن قبل مرضه بأيام أصبح يمتلك سببين للعيش....
قالت ديانا:"و ماهم ياترى؟!
_ السبب الأول أنه أصبح يحس بالمسؤولية اتجاه شعبه، اما السبب الثاني هو أنتِ -و أشار بأصبعه ناحية زينة- و أردف:"ربما أنت لا تملكين أي مشاعر اتجاهه لكنه يفعل،بينما كنت تحاولين معالجته من أجل العودة إلى بلادك كان هو يتمنى العلاج من أجل رؤيتك مرة ثانية....لقد أحبك من أول يوم لكما أحب جرءتك التي لا حدود لها أحب شجاعتك و قوتك التي لم تخاف منه بل ظللتي تصرخين عليه مع علمك بأنه أمير لكنك لم تستسلمي يوم سجنك أنت و أصدقائك ،وجد فيك الشجاعة التي لم يجدها في شعبه...
ضحكت زينة ضحكة خفيفة و قالت:"نديم الغبي.. لكن من اين عرفت هذا
رد العجوز:"أخبرتني روحه بذلك أخبرتني بكل شيئ هل نسيتي بأنني أحمل روحه الآن؟!
قالت زينة :"حسنا فلن نفعل شيئ ربما يعيده إلى الحياة. لكن هل من المحتمل أن يشفى"
قال الحاكم روشارد:" نعم بالطبع فلكل داء دواء..."
قال رامي :"مادمت تعرف الدواء لماذا لم تعالج حكام بلدنا"
_لم يسألني أحد لذلك لم أفعل إضافة إلى أن الحكام السابقين كانوا مثل أبي ظالمين هدفهم كان إبراز قوتهم و جاههم فقط ..
قال ربيع:"إذا ما هو دواءه؟"
_ عودوا الى بلد الأرواح و غيروا مايجب تغيره، شيئ لم يكن من قبل لكنه الأن أصبح موجود ما إن تجدونها سيشفى الأمير لكن عليكم بالصبر و المثابرة  ...
و بعد هذه الكلمات و هذا اللغز المبهم  صفق  الحاكم  بكلتا يديه ليختفي بعدها كأن لم يكن، لم يركض و لم يطر بل اختفى....

بلد الأرواححيث تعيش القصص. اكتشف الآن