... خائنّ؟ ...

6K 391 14
                                    

⚜️لا تخذليني الان يا قدماي⚜️
⚜️خذيني الى خط النهاية⚜️
⚜️قلبي يتمزق عند كل خطوة اخطيها⚜️
⚜️ولكن لا يزال لدي امل بالوصول الى البوابة⚜️
⚜️التي ستكون لي عندها...⚜️
.
.
.
.
لم تتوقف ميراج لتدارك الامر او معاتبة كيت بطريقة دراميه بل غيرت وجهة انطلاقها وركضت بشكل اقوى نحو الغابة عند اطراف القصر.
بالطبع كانت تخاف من الغابه بعدما حدث لها عند الكوخ ولكن الامر الان كان يختلف...كان يجب ان تهرب، لم يكن هناك اي احد الى جانبها ليساعدها هذه المره، فأذا ماتت، ستموت دون ان يعلم اي احد، سترحل دون ان تقول الوداع الى ميكائيل وبيكاسوس وتشاستين...
.
.
ضحك
.
.
همس
.
.
ضحك
.
.
كان هذا ما سمعته ميراج خلفها عوضاً عن صيحات المتمردين، في الواقع لم يكن هناك اي احد خلفها او هذا ما اعتقدته، حتى بدأ ظلان يتخطفان خلفها وصوت ضحكات فتاة صغيره ينبثق من بين الاشجار الكثيفه...
- لا...تهربي...
قالت الفتاة الصغيره وهي تضحك بصوت تقشعر له الابدان فركضت ميراج بسرعة اكبر وهي تتجاهل قدميها المتألمتين:
- قلت لا تهربي!!
صاحت الطفله بشكل هستيري وبدأ ضل صغير يقترب من خلفها حتى شعرت بقوة تدفعها نحو الامام وتسقطها ارضاً.
لم تنظر ميراج الى ما يحدث خلفها وجمعت ما تبقى لها من قوة ونهضت مجدداً لتركض صوب صوت النهر الذي بدا واضحاً امامها، ربما اذا وصلت اليه ورمت نفسها فيه سيجرفها النهر بعيداً عن هذا الكابوس.
- لا يسعني الانتظار حتى اغرس انيابي قي رقبتكِ ايتها البشريه...
قالت الطفله من ورائها لتزيد خوفها وارتباكها ... لقد كانت مصاصة دماء... ولكن كل هذا انجلى عندما لاحت ضفة النهر ووصلت اليها وحالما فعلت استدارت نحو الغابة لترى من الذي كان يلاحقها وعندما فعلت، لم تتمكن من اخفاء ملامح الصدمه...
لم تكن سوى تلك الفتاة الصغيرة من الحفله...إدنا كان اسمها...ومانغوس...
لكن ماذا يريدان منها؟ فهي لم تفعل اي شيء لهما ولم تتحدث اليهما حتى!
- لن ينقذكِ النهر ايتها الصغيره...
قال مانغوس وهو يقهقه وعيناه تشتعلان بلون الدم بينما اخذ يربت على شعر ابنته التي لم تكد ان تبلغ السبعة اعوام!!
- ماذا تريدان مني!
صاحت ميراج بخوف وهي تخطي مجدداً الى الخلف:
- اوه لا شيء... فقط قتلكِ...ربما شرب دمائكِ...
اجاب مانغوس فصرخت عليه ميراج:
- انت مريض!!
- لا بل مصاص دماء.
ثم ضحك هو وابنته كما لو قال نكتة لم يفهمها احد عداهما.
- بماذا كنتِ تفكرين عندما ظهرتِ فجأة واخذتي منصباً كهذا؟
قالت لها الفتاة الصغيره التي تحدثت كأمرأة ناضجه مما جعل مظهرها مرعبا وفهمت ميراج سبب هلع كريستن منها...
- الم تعلمي ان البشر ليس لهم اي حقوق في هذه المملكة؟ البشر مجرد طعام ، هذا ما هم عليه، وهذا ما سيبقون عليه!
اقترب الاثنان من ميراج التي لم تتمكن من الخطو الى الخلف بسبب قرب حافة النهر وقال مانغوس:
- جيد بأن اولائك الحمقى نفذوا هجومهم في هذه الليله، حتى لا يشك الملك بنا اليس كذلك صغيرتي؟
- بالفعل...
اجابت إدنا وهي تبتعد عن والدها لتلتقط صخرة ثقيلة  اكبر منها حجماً واقتربت من ميراج:
- ماذا تفعلين؟
سألها مانغوس فقالت وهي تبتسم:
- لقد تناولنا العشاء قبل قليل لذا لا يمكننا شرب دمائها او تلويث يدينا بها...تعلم ان ميكائيل يملك انف كلب. لذا لنجعل الامر يبدو كالحادث...
- اجل افعلوا ذلك...
قال صوت من بين الاشجار خلفهم سبب لهم الرعب الا ميراج.
- س...س...سيدي...
قال مانغوس وهو يبتعد عن الاشجار وعن العينين الحمراوتين اللتين شعتا في الظلام...
- ك...ك...كنا ن...نمزح معها ل...ليس الا...
- كان يجب ان اقتلكما منذ وقت طويل...
قال الصوت واخذ يقترب شيئاً فشيئاً حتى ظهر ميكائيل وخلفه تشاستين وماركوس.
كانت تشاستين ترتدي فستانها الاحمر الداكن الانيق الا انه الان اصيب بالتمزق والاحتراق حتى اختفى جماله بالكامل اما ماركوس فكان على نفس حاله مغطى بالسواد تماماً...
- مارك... قريبنا يحب المزاح... لما لا تمازحه قليلاً...
نظر ماركوس الى قريبه كالمجنون واخذ يقترب منه شيئاً فشيئاً والظلال تحيط به.
- وانتِ؟
قال ميكائيل مشيراً الى إدنا التي وقفت تنظر الى والدها وهو يفر بعيداً وعلى اثره ماركوس:
- أنا؟
اجابت بأبتسامه وهي تحتضن الصخرة دون ان تتركها:
- انا مسالمة للغاية جلالتك وضعيفه...انظر...حتى ان هذه الصخرة بدأت ترهقني لذا ...خذيها عني...
قالت وهي تدفع الصخرة وترميها الى صدر ميراج بقوة حتى خطت الى الخلف وسقطت الى النهر والصخرة فوقها...
- ميراج!
صاحت تشاستين وهي تركض الى النهر ولكن ليس قبل ان يسبقها الملك.
غاصت ميراج في النهر وهي تحاول ان تدفع الصخرة عنها دون جدوى، لقد اثقلت رئتيها حتى افرغتهما من الهواء قبل ان تسقط والان شعرت بأنها ستخذلانها في اية لحظه.
لا يمكن ان تموت... ليس الان... ليس في المياه على الاقل... كل ما كانت تخشاه في حياتها هو الغرق...
لحسن الحظ لمحت شخصاً ما يتجه نحوها وخلال ثواني رفع الصخرة عنها بكل سهولة كما لو كانت تزن لا شيئاً، لم تهتم بهويته طالما ينقذها.
طوق منقذها ذراعه حولها وشعرت بالذبذبات الكهربائيه المألوفه التي سرت داخلها فتمسكت به اكثر بينما اتجه بها نحو سطح الماء.
حالما طفى الاثنان اخذت ميراج نفساً عميقاً وتمسكت بكتفي الملك اكثر كما لو ارادت ان تخبئ نفسها بداخل جسده:
- اكره الماء...اكره الماء...
رددت ميراج من بين سعالها وانفاسها المتسارعه ولم تهدئ الا عندما شعرت بيده تربت على شعرها بلطف بينما حملها الى الخارج...كما لو كان الماضي يعيد نفسه...
عدما خطى الاثنان على اليابسه لم يجدا اي اثر لتشاستين ولا إدنا، حزر الملك ان الاخيره قد فرت ولحقتها تشاستين عبر الغابه...
- هل انتِ بخير؟
سألها وهو يجلسها على الارض فأومأت وهي تمسح وجهها الشاحب بيديها مِنْ البلل، لقد ظنت ان مياه تتساقط من شعرها على عينيها ولكنها كانت مخطئه...فتلك لم تكن سوى دموعها التي انسابت دون ان تشعر...
- ال...القصر؟
سألته دون ان ترفع عينيها عن الارض:
- لقد انسحب المتمردون ...
اجابها وهو يحاول ان يلمح وجهها دون جدوى:
- ذ...ذلك جيد...
- للأن...ميراج انظري الي...ما بكِ؟
لكنها لم ترفع رأسها، كانت الان مهتمه بالتربة والحشائش الضاره التي جلست عليها وبأيقاف رجفة يديها اكثر من النظر اليه حتى قفزت من مكانها وهي تسمع صرخة تلك الطفله المرعبه في مكان ما في الغابه وهي تشق سكون الليل.
- لا بأس...
طمأنها وهو يضع يده على كتفها ولكن حتى لمسته افزعتها الان فأبتعدت عنه...
- انا...انا اسفه...
اعتذرت له على ردة فعلها...لم فعلت ذلك؟ لا احد يشعرها بالامان اكثر من لمسته ووجوده الى جانبها؟ هل هي غبيه ام ماذا؟!
هذا ما فكرت به وتسبب بشعورها باليأس والالم والان ارادت ان تهرب عن حق، بعيداًعن هنا، بعيداً عن هذه المملكه المضطربه والعائله المجنونه...
- لا احد سيؤذيكِ...لا داعي للهرب...
اخبرها ميكائيل وهو يتناول ذقنها الصغير بأصابعه البارده ليجعلها تنظر اليه...
- لا تدخل الى رأسي...ليس الان...
اجابته بيأس وهي تنظر اليه، لم ترغب ان يقرأ افكارها ويعلم كم هي جبانه وضعيفه...
ليس بيد ميكائيل حيله، مهما حاول كانت تلك قدرته ولعنته، لقد سمع افكارها جميعاً ولم يعتقد ولو للحظه بأنها ضعيفه، بل بحق الجحيم، لقد كانت فتاته شجاعه وقويه ولم تفر كباقي البشر عند اول الهجوم ولم تصرخ او تهوى غائبة عن الوعي بضعف ولو فعلت لم يكن ليلومها مطلقاً!
تناولها بين ذراعيه بحذر شديد خائفاً من نفورها ولكنها لم تفعل بل التصقت به وبثيابه المبلله ووضعت اذنها على صدره الصَّلب وما سمعته ارسلها في موجات من السلام الداخلي...
.
.
نبضه
.
.
نبضه
.
.
نبضه
.
.
بدأ قلبه يعمل مجدداً لقرب نصفه البشري منه وشعر بها تهدأ تدريجياً بين ذراعيه حتى كادت ان تختفي ارتعاشة جسدها.
بقي الاثنان جالسين على الارض مبللين حتى عادت تشاستين ورأتهما...
- ميكائيل... يجب ان نعود... لا نعلم ما قد تفعله فجر الان...
كانت شكوك تشاستين صحيحه، فهو يعلم الى اي حد يمكن ان تذهب اليه خالته المجنونه، خاصةً بعد ان فقدت زوجها قبل اقل من ساعه...
ابتعدت ميراج عنه ببطئ وحاولت النهوض الا انه منعها وعوضاً عن ذلك قام بحملها بين ذراعيه وقريباً من قلبه، فهو لن يدعها تسير تلك المسافة البعيده بفردة حذاء واحده وبأرجل منهكه ورئتان متعبتان ولم تقاومه هي، بل كانت ممتنة له لأنها شعرت بالخوف بعيداً عنه حتى لو كانت المسافة سنتيمترات قليله...
- هل هي بخير؟
سمعت تشاستين وهي تسأل الملك وشعرت به يومأ لها.
- جيد ان كل شيء انتهى الان...
قالت تشاستين ولم تكن ميراج لتوافقها اكثر... لقد انتهى كل شيء...انها بأمان...ميكائيل بأمان فهي لم ترَ اية خدوش او دماء على الملك سوى تلك التي تعود لأعدائه...
تمسكت بثيابه بقوة عندما راودتها فكرة موته برفقة اليكساندر ورودز وجنجر...ماذا كانت لتفعل...هل سيكون هناك حوادث كهذه مرة اخرى؟...
- لا تَمتْ...
هربت الكلمات من بين شفتيها كهمسة ولكنها لم تغيب عن مسامع الملك الذي ضمها اقرب اليه وابتسم لهذه الفكره...
- لن افعل...
اجابها وهو يتذكر كلمات فجر التي حلت اللغز الذي دار في عقله منذ ان ست سنوات...
.
.
.
. عاد ميكائيل برفقة تشاستين وماركوس الذي التحق بهما عند منتصف الطريق بعد ان ارسل مانغوس الى الجحيم حيث تنتظره أبنته.
ترك جميع الامور العالقه خلفه واتجه الى غرفته ليضع ميراج النائمه في فراشه ويتجه لحل مشاكله الجديده، واول من مشكله ظن بأنه سيتعامل معها هي افرودايت واوديس ولِّينا...
ولحسن حظه وجدهم في غرفة الضيوف جالسين معاً في صمت مطبق ...
- اقدم لكم التعازي...
قال ميكائيل وهو يدخل الى الغرفة بخطواته الهادئه ولكن لم يجب عليه احد...
- جزء مما حدث كان خطأي...كان يجب ان اتوقع حدوث امر كهذا...
- انه ليس خطأك ميكائيل...
قالت افرودايت وهي تنهض لتقف امامه وتضع يدها على كتفه...
- المتمردون هم مشكلتنا المشتركة...لقد تجاهلنا وجودهم لوقت طويل حتى تمادوا كثيراً...كانوا مستعدين لنا...يملكون اسلحة لقتلنا جميعاً...، صحيح، خسرنا احد اخواتنا...
اكملت وهي تمد يدها للينا التي اخذتها ووقفت الى جانبها:
- ولكنك فقدت اشخاصاً من مملكتك ايضاً... اذا لم تمانع...نرغب ان نبقى هنا حتى موعد دفن الضحايا...
- بالطبع ليدي افرودايت...
قال ميكائيل بأحترام لرغبات الملكة:
- شكراً لك...
اجابته لينا وهي تعود للجلوس الى جانب اوديس المهزوم...
بعد ان تأكد من حسن نية مملكة الجن قرر التوجه لمشكلته الكبرى...
...فجر...
الاخرى قامت بحرق القاعة بأكملها ولولا سرعة مصاصي الدماء لاصبحوا رماداً الى جانب جثث المتمردين الفاحمه...
سمع ميكائيل صوتها وهي تصرخ بأعلى صوتها من غرفة الضيوف الاخرى وعلم ان مهمته صعبه...لقد خشي الحرب معها في حال وضعت اللوم عليه وعلى المملكة، كما خشي على ميراج لأنها وحدها من تعرف بحقيقتهما...بل هي السبب في ذلك...

مشعوذة الجنرالحيث تعيش القصص. اكتشف الآن