.
.
.
.
*لا يمكنه...*
.
.
*لا يمكنه ان يعلم...*
.
.
*يجب ان اخرج كل ما رأيت من رأسي...*تمتمت ميراج في نفسها وهي تسير في الممرات وتتخبط بكل ما حولها كالعمياء وكل ما ارادته هو ان تخرج تلك المعلومات الفاسده من رأسها قبل ان يسمعها ميكائيل ويفوت الاوان لبيكاسوس...
ماذا ستفعل الان؟ كيف ستحمي ما في رأسها من الملك؟
مسكت ميراج رأسها بيديها الاثنتين وهي تتكئ على الحائط بعد ان خانتها عيناها ونزلت دموعها:
- لا اريده داخل رأسي...
همست لنفسها:
-لا اريده...لا اريده...
ليس من اجل سلامة الطبيب، بل لانها لا تصدق ما قرأت، بيكاسوس لن يفعل هذا، هو لن يقوم بخيانة المملكة، فماذا عن قتل ميكائيل وقتلها؟!
ربما لو عادت وتأكدت منه لأثبت بأنها مخطئة...
* انتِ فقط لا تريدين تصديق ذلك...*
اخبرها صوت عقلها في رأسها:
* كل خيط دليل يقود اليه...اين كان حين بدأت حفلتكِ واين ذهب بعد ان ظهر المتمردون...*
- اخرسي...
قالت لنفسها وهي تحاول ان تنكر الحقيقه...بيكاسوس لن يمسها بسوء، كيف يفعل ذلك وهو الذي قام بحمايتها وتعليمها كل ما تعرفه الان؟
- ميراج؟
سمعت صوت تشاستين من خلفها ،فمسحت خديها بيديها واصطنعت الابتسامه:
-م...ماذا هناك؟
قالت بصوت مرتجف قليلاً ، قطبت تشاستين حاجبيها واجابت:
- ميكائيل يبحث عنكِ...هو يرغب برؤيتكِ الان فلقد توصل الى خطة...
- اه...ح...حسناً...سأذهب اليه...عن اذنك...
قالت وهي تسير بعيداً عن مصاصة الدماء، بالطبع لم تكن لتتجه الى الملك، ارادت ان تتجنبه ويبقى بعيداً عنها حتى تكتشف كيف تخرجه من رأسها.
هرعت الى الجناح الثاني وبعد ان وصلت الى غرفتها اغلقت الباب بسرعه وابتعدت عنه كما لو كانت اتعس مخاوفها تقبع ورائه، لقد علمت ان الملك سيشعر بها ولن تطول الدقائق حتى تجده قادماً اليها.
وبالفعل، علم ميكائيل ان امراً ما قد حدث، لقد اخبره ذلك الشعور بالضيق في قلبه ان فتاته تعاني...
- ميكائيل؟
نادى كارل عليه ليجذب انتباهه.
- ماذا هناك؟
قال وهو ينظر في وجه الحاضرين:
- هل نحن متفقون اذن؟
سأله ويرلوك الذي جلس الى جانبه:
- اجل...والان اذا سمحتم لي...
قال وهو ينهض من مقعده عند رأس الطاوله:
- لدي بعض الاعمال الغير منجزه...
سار الملك خارج القاعة وقدماه تحثانه على الاسراع ، حاول ان ينصت الى ميراج...دقات قلبها كان موجوده ولكن ليس صوتها...لم يتمكن من سماع افكارها او يستشعر ما في بالها! فخشي الاسوء...
عندما وصل ميكائيل الى غرفة الفتاة قام بطرقه بعجل:
- ميراج...اعلم بإنك هنا ، افتحي الباب.
امرها وهو ينظر الى الباب بغضب كما لو كان قد وضع في مكانه بشكل متعمد ليفصل بينهما...
جفلت ميراج وتراجعت اكثر حتى لامست الشرفه في اخر الغرفه، الان لا شيء يرعبها اكثر من الملك نفسه...
-م...ماذا هناك...
صاحت وهي تمسح دموعها:
- افتحي الباب يا صغيرتي اعلم انكِ لستِ على ما يرام.
سمعته يقول لها فأرادت ان تترك دموعها تغمرها ولكنها تراجعت عن فعل ذلك واجابت...
- انا بخير...احتاج الى الراحة فقط!
- ميراج...استطيع الشعور ان هنالك خطبٌ ما لذا افتحي.
- انا بأفضل حال...صدقني، اذهب لأنهاء اعمالك...
- اذاً لماذا تمنعيني من الدخول الى عقلك!
توقفت ميراج وعينيها تحدقان بالباب...
- ماذا قلت...
همست له ولكن الملك عاد لطرق الباب بشكل اقوى حتى تفتحه...
- لماذا تمنعيني من معرفة بماذا تفكرين!!
صاح خارج غرفتها ليجفلها ويشعرها بالخوف، لقد بدأ يشعر بالغضب وهذا سيء...قد تخرج ظلاله في اي لحظة وتتمكن منه وهي لم تكن لتسمح بذلك...
- انت...لا تسمع ما افكر به حقاً؟...
سألته وهي تقترب من الباب:
- كل ما اسمعه هو نبض قلبكِ المجنون!
امسكت ميراج المفتاح بتردد وهي خائفه...اذا لم تكن تريده ان يصاب بالجنون بدوره اذن...كان عليها ان تفتح الباب...
وما ان ادارته قام ميكائيل بدفعه بقوة ليكشف عن الفتاة المرتعبة...
اغمضت ميراج عينيها وهي ترفض وتخاف من ان يقرأ ميكائيل افكارها في اي لحظه ودهشت حين شعرت بذراعيه تطوقان خصرها وبوجهه في خصلات شعرها...
- ما الخطب صغيرتي اخبريني لما لا تدعيني داخل رأسك الجميل هذا؟
سألها بهمس فستمسكت بذراعه بلطف وكذبت:
- ل...لا اعلم...
-كاذبه...
قال لها فتجمدت بين ذراعيه وهي تظن ان كل شيء انتهى...
- كوني لا استطيع الولوج الى رأسك يعني بأنك لا ترغبين بي هناك...انتِ تمنعينني ...لماذا يا صغيرتي...ماذا حدث؟
-هل...الامر...بهذه البساطه؟...
سألته وهي تتراجع لتنظر في عينيه بينما تسللت اصابعه الى شعرها...
- هذا ما يبدو...ماذا تريدين ان تخبئي عني؟...ما الذي لا تريديني ان اعرفه لهذه الدرجه؟
- لا شيء...لا شيء...
اجابته وهي تهز رأسها نافية شكوكه:
- لا شيء...فقط لا اريد ان اسبب لك القلق في هذه الفترة الحرجه...
- استطيع ان اعرف بأنك تكذبين...نبضاتك تتسارع حين تفعلين ذلك...
نظر اليها ميكائيل بخيبه، فهي لم تكذب عليه سابقاً، والان كان عاجزاً اذا لم تخبره عن السبب وبالرغم من ان ميراج قد قرأت عينيه ككتاب مفتوح، الا انها لم تكن لتدع بيكاسوس يلاقي حتفه دون محاكمه او حتى معرفة اسبابه، لذا قررت الكذب...المزيد من الكذب....
- انا خائفه...
همست له بعينين ممتلئتين بالدموع:
- ماذا لو قامت فجر بأيذائك؟ او اخذي بعيداً؟ ماذا لو لم يجرِ كل شيء على ما يرام...ماذا سيحدث حينها؟
تراجع ميكائيل قليلاً الى الخلف وهو يطالعها بحواجب مقطبه:
- لن يحدث اي من هذا.
قال بثقة:
- ماركوس سيكون هناك وكارل وكريستن وويرلوك وحتى تشاستين بالرغم من اني لا احتاجهم...جميعهم سيكونون معي...سننهي الامر بعد اسبوعين ولن يبقى منه سوى الذكريات العابرة، صغيرتي، لا شيء يستحق دموعكِ هذه، ولا حتى انا، سأقوم بما يجب فعله وسأعود لأبدأ حياتي الأبديه معكِ لذا ثقي بي، حسناً؟
اومأت ميراج وهي تتكئ برأسها على صدره النابض...حياة ابديه؟ حسناً ربما يكون ذلك ممكناً ولكن ليس قبل ان تحل العقبة التي اكتشفتها قبل قليل...
.
.
.
بعد مرور اسبوع على ما جرى، لم تتمكن ميراج من مواجهة بيكاسوس، بل وجدت نفسها تهرب في كل مرة كادت ان تراه او تصطدم به، وفعلت ذلك ايضاً بالملك، الذي لم يغفل عن تحركاتها المريبه، فشعورها بالخوف كان حقيقياً للغايه، حتى ان الكوابيس راودتها في الليله السابقه، حيث رأت بيكاسوس يحاول طعنها خلال نومها وتسبب ذلك بأجفالها واستيقاظها حتى الصباح.
لحسن حظها لم يتمكن الملك من قراءة افكارها حتى الان وذلك ما ازعجه ، كيف تعلمت ميراج ان تصد قواه بهذه السرعه...ربما لانها نصفه العاكس؟...
كان ميكائيل يتجول خارج القصر وحول الاسطبل عندما سمع صوتاً يناديه وعلم تماماً من هو، لقد نسي امره منذ انشغاله مع ويرلوك...
- ميكائيل...
قال بيكاسوس وهو يواكب سير الملك:
- ماذا هناك؟
اجاب الملك وهو يقطب حاجبيه كالمعتاد:
- يجب ان اتحدث اليك.
قال الطبيب فرفع الملك حاجبه الايسر وادار رأسه لينظر الى مستشاره واجاب:
- كلي اذان صاغيه.
- اعلم انكَ لا تثق بي يا ميكائيل.
تحدث الطبيب فوقف الملك في مكانه وحدق به ليستمع اليه ينطلق:
- هل اعتقدت بأني لن الحظ؟ تلك الظلال التي تحوم حولي؟ اولئك الاشخاص الذين يتبعوني في كل مرة اغادر القصر؟ عدم طلبي في مكتبك لمناقشة كل ما يجري؟ هل اعتقدت بأني بذلك الغباء؟
- اقترح ان تنتبه الى نبرتك تلك.
قال الملك ببرود فتنهد الاخر بنفاذ صبر واكمل:
- ميكائيل، هل اقنعك كريستن بهذا؟ اعلم بأنه قد فعل...تعلم جيداً كم يكن الكره لي، منذ ان وصل الى هنا وانت تستمع له لا الى اي احد غيره...لقد اعطيته منصبي انا دون ان تبلغني بذلك!
- كريستن اكبر منك سناً ،واكثر خبرة، وعوضاً عن الانتحاب، بأمكانك مرافقته والتعلم قليلاً منه طالما لا يزال هنا.
اقترح ميكائيل وهو ينظر الى ملامح بيكاسوس الجديه:
- لن افعل.
اجاب الطبيب:
- لن افعل ذلك، ارفض رفضاً قاطعاً حتى تسترجع ثقتك بي.
امسك الملك بأعلى انفه ليهدئ من صداعه المعتاد وقال:
- انتما تتصرفان كالاطفال والان ليس الوقت لذلك!
- لست انا من يتصرف كالاطفال، انه هو! استطيع ان اجزم بأنه هو من حثك على مراقبتي خاصةً بعد ان بدأ بنشر الشائعات التي لا صحة لها عني في القصر!
- اي شائعات؟
تسائل الملك وقد بدأ يغضب فأجاب الاخر:
- انه يقول بأني انا من قمت بدس السم لك في الشراب، فقط لان لدي علاقة جيده مع الخدم...
-بيكاسوس...
نادى عليه الملك بعدم التصديق...في الواقع اخبره كريستن سابقاً ان بيكاسوس هو من سممه، ولكن الان يخبر من في القصر دون وجود دليل حتى؟
- لقد اعمته كراهيته تجاهي لهذه الدرجه، حتى انه نسي ان فجر وانغريد قد تكونا خلف ذلك!
رمى بيكاسوس بفخه امام الملك ليسقط فيه دون ان ينتبه...
بالطبع...فكر ميكائيل...كيف لم يلحظ ذلك...لقد حدث الامر تماماً بعد الحفل وقد يكون انتقام فجر المبكر...
سكت الملك امام مستشاره فقرر الاخر ان يتمادى اكثر ويراهن بحظه:
- كل ما ارغب به هو ثقتك ميكائيل...كنت معك منذ اقل من مئة عام ولم افعل يوماً اي شيء سيء في هذا ااقصر...اريد حريتي...خصوصيتي القديمه...لا يمكنني ان اسير في ارجاء القصر دون ان ارى ظلالك من حولي او رجالك في كل الاروقة والشوارع...اريد ان اذهب بميراج الى السوق تماماً كما في السابق...الم تلحظ بأنها ليست على ما يرام؟ لقد علمت بشأن امر مراقبتي وهي على ذلك الحال منذ حينها...
هي ليست على ما يرام بالفعل...هل يعقل بإنها حزينة عليه؟!...فكر الملك في نفسه، ربما ظلم بيكاسوس فعلاً بأستماعه الى كريستن...
اذا كانت حريته ستعطي ميراج السعادة اذن له ذلك فهو يعلم مدى قوة علاقتهما ببعضهما ولا يرغب ان يكون سبباً في فسادها حتى لا يتسبب بالأذى لفتاته...
- حسناً اذن...
قال الملك:
- لك حريتك يا بيكاسوس، وبأمكانك ان تحضر اجتماعنا القادم يوم غد.
تسللت الابتسامةالى وجه بيكاسوس واجاب:
- لن تندم على ذلك...
ولكنه كان يقصد العكس كلياً، سيندم الملك، وبشكل كبيرايضاً...
استدار الطبيب بعد ان قام بأنحنائه بسيطه بالكاد قد تلاحظ، ثم اتجه لأصلاح خطأه الاخر، الا وهو ميراج فلقد اعتقد ان اعتزالها ومزاجها السيء لم يكن الا بسبب بروده معها في الاسبوع السابق.
كانت ميراج في هذا الوقت واقفه امام الشرفه، تنظر الى الحديقة الملكيه والمملكه الواسعه التي تقع خلفها بعينين شاردتين، لقد اعماها التفكير حتى انها لم تشعر بالطرق على الباب...
كل ما جال في بالها هو ان لم تقتلها فجر او انغريد، فقد يفعل ذلك بيكاسوس ولكن هل لديها القوة الكافيه لأخبار ميكائيل وإيقافه؟ هل بأمكانها ان تتخلى عنه ومشاهدته وهو يموت على الاغلب؟...
الاجابة كانت واضحه الا وهي...
...كلا...
كيف يمكنها؟ انها تحب بيكاسوس...هو كفرد من افراد عائلتها وامضت برفقته الكثير من الوقت، حتى اكثر من ميكائيل نفسه، ولبرهة ظنت بإنها تعرفه...تعرف ذلك الشاب الذي حاول ان يضحي بحياته من اجلها حين احترق الكوخ...الذي اخذها في نزهة تحت المطر...والذي نطقت بأسمه وتحدثت مجدداً من اجله...
أنت تقرأ
مشعوذة الجنرال
Vampiros*مكتمله* لم يكن ظلام الليل ولا علو الشرفة التي وقف عليها كافيان لأخفاء تلك النظرة التي وجهها لها من الاعلى، وما زاد الامر سوء ، تغير لون عينيه من السواد الى الاحمر المشتعل، كعيني وحش غاضب مختبئ في الظلام... لكنه كان آسراً، كل جزء من معالم وجهه الصار...