.
.
.
.
- احضرتِ مصاصة دماء الى المملكه؟...
تسائل ويرلوك وهو يطأطأ رأسه وكل ما تلقى كأجابه هو الصمت من قبل اخته:
- لم تفكري بذلك؟...كيف ستطعميها؟ من دمائنا؟!
اكمل ويرلوك والانزعاج بادٍ عليه:
- بالطبع لا!
صاحت فجر:
- ستعود الى المملكه غداً بأمكانها ان تكبح معدتها حتى ذلك الوقت!
نظرت انغريد الى فجر وهي تقوس احد حاجبيها، كانت مضطره على هذه المعامله المهينه، خاصة بعد ان طردها ميكائيل من القصر من اجل بشريه، ولو علم والدها بذلك، لالصق بها خيباته وكلماته الجارحه حتى اليوم الذي ستتحول به الى رماد!
لحسن حظها قابلت فجر على متن العباره التي حملتها نحو منزلها واتفق الاثنان مباشرةً.
وعدت انغريد الساحره بمعلومات عن كل من في القصر وعن تحركات ميراج وميكائيل، بينما وعدت الساحره مصاصة الدماء، بتخلصها من تلك البشريه ليتتمكن من الوصول الى ميكائيل دون اي عقبات.
بالطبع كانت فجر كاذبه، كل ما ارادته هو الوصول الى ميراج وقتلها لكي يفقد ميكائيل صوابه ويغرق في ظلمته دون عوده، واذا حالفها الحظ سيتم اقصائه من قبل رجال مملكته، ولكن لم تحتاج انغريد لمعرفة ذلك.- وماذا تريدين مني تحديداً؟
سألها الامير ليعلم المدى الجنون الذي وصلت اليه اخته.
- لقد ظهر وعاء نوره يا عزيزي ويرلوك، وانا اريده، انها الفتاة التي اتخذها كممثلة للبشر الى جانبه.
قالت فجر بنبرة متحمسه، فأجابها وهو يقطب حاجبيه اكثر بأنزعاج:
- كيف؟
- ستدخل الى القصر كضيف...لا اعتقد ان ميكائيل سيرفض استقبال خاله دون ان يراه حتى، وعندما ستكون الفرصة مناسبه، ستقوم انغريد بتزويدك بالرجال من اجل اختطاف تلك البشريه وسنلتقي في مكان سنحدده لاحقاً...على الاغلب في تلك المملكه اللعينه...فأنا اريد ان اتخلص من الفتاة بأسرع ما يمكن، الا توافقيني يا انغريد؟
قالت فجر وهي تحول نظرها نحو انغريد التي ابتسمت لهذه الفكره.
- ارفض التدخل في شؤونكما...
اجاب ويرلوك وهو يستدير ليخرج من القاعه، فصاحت عليه فجر :
- ويرلوك! لما لا؟!
- لأنك مجنونه ببساطه.
قال الامير بهدوء وهو ينظر اليها من وراء ظهره:
- انتِ لا تفكرين بعواقب افعالكِ حتى.
- من اجل اليكس!!
صاحت فجر وهي تترك عرشها:
- من اجله ويرلوك، لقد قتلوه امام عيناي، الم يكن صديقك؟
امسكت كتفه وادارته نحوها:
- من اجلي...الم افعل لك الكثير؟ الم يحن الوقت لترد الدين لي؟
نظر ويرلوك مطولا في عينيها ليحاول الوصول الى اخته التي عرفها يوماً ما لكن دون فائده، لقد اعماها الغضب لدرجة انها ارادت قتل اخر فرد من عائلتهما دون اي ذنب...
* بل من اجل ليليان...*
قال في نفسه وهو يتذكر اليوم الذي سمع بخبر مقتل اخته بسبب هذه المخبوله...
هذه فرصته الوحيده لمغادرة هذه الارض دون عودة، فرصته الحاسمه للتخلص من فجر، بالتأكيد كان ميكائيل ليستمع اليه عندما يعلم بنوايا هاتين الاثنتين، بالتأكيد سيساعده، فهو لم يفعل له اي شيء سيء، بل كل ما رغب به هو مقابلة ابن اخته العزيزة...
- حسناً...
اجاب ويرلوك وهو ينظر الى الارض...
- سأفعل ما تريدين...
تلألأت عينا فجر وهي تشعر بالنصر واخذت الشاب بين ذراعيها وهي تشكره مراراً وتكراراً...
- لن تندم على ذلك.
قالت فجر وهي تشعر بالفخر به.
* صحيح...بل انتِ من ستفعلين...*
اجاب ويرلوك في نفسه وهو سعيد لهذه الصدفه، سيتخلص من هذا المكان الذي اجبر على البقاء فيه ، سيخرج اخيراً من جحر المجانين هذا الذي لطالما شعر بعدم الانتماء تجاهه وسيتخلص من فجر...
- اذهب، اذهب عزيزي لتوضيب امتعتك ، فالوقت من ذهب.
حثته فجر على الرحيل بسرعة ورحب بالاقتراح، لم يكن لديه الكثير من الامتعة عدا بعض الكتب وصديقته العزيزه، التي ستؤرق سفر انغريد بالتأكيد...
في صباح اليوم التالي كانت مصاصة الدماء مرهقة بسبب الشمس ونقص الغذاء ولحسن حظها اتجهت مع ويرلوك مباشرة نحو الموانئ الملكيه ليستقلوا عبارة حتى مملكة مصاصي الدماء.
جلست انغريد على احد المساطب على سطح المركب، لقد فضلت ان تكون قرب الشمس عوضاً عن تواجدها في غرفتها المحاطة بالسحرة والبشر ولم تتعجب عندما وجدت ويرلوك هناك ممسكاً بصندوق خشبي حمله معه طوال الرحله، فهو لم يترك مكانه منذ ان تحرك هذا المركب اللعين.
سمعت انغريد حثيث من الصندوق وافزعها ذلك لثواني ولكن ويرلوك كان يبدو غير مهتم حتى عندما بدأ الصندوق بالارتجاج وتسلل صوت نقر خفيف منه.
- م...ماذا لديك هناك؟
سألت انغريد وهي تنظر الى الصندوق بخوف، لكن ويرلوك لم يجبها، بل اكتفى بتحويل نظرة اشمئزاز لها ثم عاد لتأمل المياه.
عاد صوت النقر مجدداً، كان هناك شيئاً ما داخل الصندوق، شيئاً حي!
- قلت ماذا لديك في الصندوق؟!
صاحت انغريد بصوتها المزعج وهي تنتفض على قدميها فتنهد ويرلوك واستمر بتجاهلها حتى تقدمت نحوه واخذت الصندوق من يده بقوه.
- هل احضرت جرذاً ام ماذا؟!
قالت وهي تفتح قفل الصندوق واكملت:
- تعلم جيداً ان الحيوانات الاليفه غير مسموح بها على متن القا....
صرخت انغريد صراخاً دوى في المركب بأكمله ورمت الصندوق على الارض وهي تعود الى الخلف وتسقط على مؤخرتها بعنف ولثواني بدا ويرلوك مستمتعاً بما يحدث لها.
زحفت افعى بيضاء اللون ذات جلد لماع من الصندوق واخذت تتجه نحو انغريد وتنفخ ناحيتها كتهديد فزادت الاخرى صراخها وزحفت بدورها الى الخلف حتى لامست المسطبه التي جلست عليها قبل قليل:
- ابتعدي! ابتعدي عني!... تباً لك ايها الساحر افعل شيئاً!!!
صاحت انغريد وهي تخاطب ويرلوك حتى جذبت انتباه القبطان الذي هرع نحوهما ليرى ماذا يجري:
- ماذا يحدث هنا؟
قال القبطان وهو يخاطب مصاصة الدماء.
- لا شيء...
اجاب ويرلوك فتنبه القبطان لوجوده واحنى رأسه بسرعة بعد ان تعرف عليه:
- ايديث...تعالي الى هنا...
قال ويرلوك للافعى فتوقفت عن تقدمها نحو انغريد وعادت نحو الامير لتتسلق قدمه فساقه ثم خصره النحيل حتى تدلت على كتفيه كمعطف بالٍ .
- فتاة جيده...
مدحها ويرلوك وهو يمسح على رأسها:
- بأمكانك ان تعود الى عملك.
صرف الامير القبطان وهو لا يرفع عينيه عن أنغريد ، فأحنى القبطان رأسه وتوجه الى قمرة القياده دون ان يقول شيئاً.
- لا تفعلي ذلك مجدداً...
أمرها ببرود ثم عاد لينظر الى البحر كما لو ان شيئاً لم يحدث.
- عائله مجنونه بحق!
قالت له بغضب فهمهم ضحكة واجابها:
- وبالرغم من ذلك تريدين ان تكوني جزءاً منها...
سكتت انغريد ولم تقل شيئاً، ثم جمعت قوتها ونهضت وهي تتجه نحو غرفتها، فالان، السحرة والبشر يبدون الخيار الامثل مقارنةً بويرلوك.
رسى المركب في موانئ المملكة المجاوره بعد رحلة دامت اكثر من احد عشر ساعه ولم يكن هناك احد متعب بقدر انغريد التي اعتبرت فكرة الهجوم على اول بشري تراه ليست بالسيئه ولكن وجود الامير المخيف الى جانبها جعلها تكبح جماح رغباتها وقررت التوجه الى الكوخ المقصود دون ان تضيع الوقت.
استقل الاثنان احد العربات وتكفلت هي بأعطاء التوجيهات بينما اكتفى ويرلوك بالصمت حتى سمعها تخاطب السائق للتوجه نحو القصر اولاً لايصاله.
- انا اتٍ معكِ...
قال ويرلوك وهو يلاطف ايديث.
- كلا لن تفعل، يجب ان تذهب الى القصر فوراً لملاقاة الملك.
اجابته بحزم ورفض ويرلوك ذلك، كان يجب عليه معرفة مخبأ انغريد ليخبر ميكائيل عنه واذا لم يفعل الان فلن يتمكن من ذلك ابداً...
زحفت ايديث على ذراع ويرلوك حتى وصلت الى كفه فقام بتوجيهها نحو وجه الفتاة التي امامه والتي جفلت بدورها وتراجعت الى الخلف وهي تنظر الى الافعى:
- م...ماذا تفعل!
قالت له وهي تزعق بصوت مزعج فأبتسم واجاب:
- سنذهب الى الكوخ اولاً انسة انغريد، فأنا لا اثق بأمثالكِ...
ترجعت انغريد مجدداً ورفعت يديها لتغطي وجهها عن لسان الافعى الذي بدأ يلفح خديها:
- حسناً ...حسنا... موافقه والان ابعدها ارجوك.
ترجع ويرلوك الى الخلف وهو يقبل رأس ايديث بلطف مبتسماً لفكرة انتصاره على احد المجنونتين.
توقفت العربة بعد نصف ساعة من السير المتواصل بالقرب من منزل كبير في وسط المدينة ، حيث عجت الشوارع بالبشر والبائعين المتجولين ولم يغفل ويرلوك عن اي شارع قد مروا به، بل كل ما فعله هو المطالعه خارج النافذة لكي يتذكر كل شيء.
- لقد وصلنا.
قالت انغريد وهي تنتظر ان يقوم الامير بفتح الباب لها واخذ يدها ليساعدها على النزول، الا ان الاخر فتح الباب لنفسه ونزل دون ان يتلفت ورائه تاركاً مصاصة الدماء في حيرة من امرها مع فستانها الضخم.
- هذا منزل...بطابقين...
قال ويرلوك وهو يتأمل المنزل المصنوع من القرميد الاحمر والاحجار القديمة.
- انه كالكوخ بالنسبة لي...غير صالح للعيش اطلاقاً.
- في وسط المدينه...
- هذا كل ما تمكنت من تحمل تكلفته لذا اليك عني!
صاحت انغريد بغضب لتدفع ويرلوك على رفع حاجبيه...هذه الفتاة كانت اغبى بكثير مما تصور...
- هل ستدخل ام ماذا؟
قالت له بعد ان فتحت باب المنزل فأومأ بالرفض، لقد فضل الابتعاد عنها والذهاب الى الملك بأسرع ما يمكن.
- كما تريد.
اخبرته ثم دخلت واغلقت الباب خلفها بقوة.
توجه ويرلوك الى العربة مجدداً وبعد ان جلس خاطب السائق قائلاً:
- الى القصر الملكي رجاءاً.
فأومأ السائق وانطلق بالعربة مباشرةً دون تأخير بينما اخذ ويرلوك يطالع ما حوله من النافذه ولاول مره شعر بالحماس من اجل شيء ما.
.
.
.
.
أنت تقرأ
مشعوذة الجنرال
Vampir*مكتمله* لم يكن ظلام الليل ولا علو الشرفة التي وقف عليها كافيان لأخفاء تلك النظرة التي وجهها لها من الاعلى، وما زاد الامر سوء ، تغير لون عينيه من السواد الى الاحمر المشتعل، كعيني وحش غاضب مختبئ في الظلام... لكنه كان آسراً، كل جزء من معالم وجهه الصار...