... زفافّ وضيفٌ ...

9.2K 543 61
                                    

.
.
.
.
جلست ميراج على سريرها وهي تنظر الى الفستان الابيض الذي علق امامها قريباً من المرأة برفقة اكسسواراته وباقة الورد الاحمر ...
ابتسمت بينها وبين نفسها لما سيجلبه هذا اليوم لها لكن سرعان ما تلاشت ابتسامتها بعد ان تذكرت بيكاسوس...لقد كانت قلقة عليه ولم يعلم اي احد اي شيء عنه ...
طرق الباب لتدخل الخادمه بعدها وتقول بصوت خائف:
- ليدي ميراج، الاميره لينا هنا...
- ادخليها رجاءاً.
قالت ميراج وهي تنهض من سريرها وتستعد لمقابلة الاميره ، التي حالما دخلت الى الغرفه توقفت واتسعت عيناها من الدهشة وهي تطالع ميراج:
- بحق السماء!
صاحت لينا وهي تقترب بسرعه وتمسك الفتاة من كتفيها:
- اجعليني مصاصة دماء ارجوكِ، لم اعلم من قبل ان التحويل يجعل من البشر مخلوقات بهذا الجمال!
ابتسمت ميراج بفرح واجابتها:
- سعيدة بأني لا اشعركِ بالذعر...
- اي ذعر؟ على الاطلاق! الجميع يعلم ان امراً كهذا كان سيحدث عاجلاً ام آجلاً.
نظرت ميراج الى الارض بحزن، فبالرغم من فرحها ببقائها مع ميكائيل الا ان خوف البشر منها كاد ان يجعلها تتراجع في الايام الماضيه...
- تعالي الى هنا.
قالت لينا وهي تعانقها بلطف ومحبه.
- احدهم يرسل تهانيه لكِ...لقد كان متردداً قليلاً لكنه لم يتمالك نفسه.
تراجعت ميراج والخوف في عينيها الحمراوتين:
- هل هو هنا؟! لا يمكن ان يكون هنا! سيقتله ميكائيل!
قالت بعجل لكن الاميره هدئتها واجابت:
- كلا، كلا اهدئي، هو لم يأتِ... في الحقيقه، انه يشعر بالعار ويرفض رؤيتك لقرونٍ اتيه...
... بيكاسوس...
لقد ارادت ان تراه ، ارادته ان يكون الشخص الذي يمشي معها ويضع يدها بيد ميكائيل الا ان ذلك لا يمكن ...ليس بعد الان...
- هل هذا هو الفستان؟
قالت لينا وهي تشير الى الفستان الابيض لتبعد تفكير ميراج عن بيكاسوس، لقد كان ضيفاً في مملكتهم منذ ان هرب وافرودايت استقبلته برحابة صدر، الا ان لينا نفسها لم تكن تثق به حتى مع اعجاب اختها به...
اومأت ميراج بالموافقه:
- انه جميل للغاية ويناسبكِ كثيراً، الا ترغبين بأرتدائه؟
قالت الاميره فأجابت تشاستين وهي تفتح الباب بعنف من خلفهما حاملة الكثير من الفساتين وتتبعانها مصففات الشعر :
- ليس قبل ان نعد شعرها اولاً ونزين وجهها! لقد احضرت المزيد من الفساتين، لا اعرف ماذا سأرتدي اكاد ان اصاب بالجنون!
- ربما عليك التخلي عن الاسود ولو لمرة واحده يا تشاستين...
اقترحت ميراج وهي تشعر بالخجل لأقتراحها هذا ...الجميع يعلم ان تشاستين ترتدي الاسود حداداً على حبيبها الراحل منذ اكثر من قرن ولم يتجرأ احد على ذكر الموضوع امامها...
- اتعلمين...
قالت تشاستين وهي تطالع فستاناً ذهبياً ذا قماشٍ رقيق:
- ربما سأفعل لهذه الليله!
دهشت ميراج وقالت بسرعه:
- حقاً؟!
- اي شيء من اجلكِ عزيزتي.
اجابت تشاستين وهي ترسم ابتسامة لطيفه على وجهها:
- والان هيا الى الكرسي ، لقد اقترب الوقت!
اكملت وهي تدفع الفتاة الى المرآة واشارت للمصففتين بأتباعها.
جلست ميراج على المرسي دون تذمر وهي تستعد ليوم  زفافها المنتظر، واستمعت الى تشاستين وهي تعطي الارشادات برفع شعرها بأكمله الى فوق ، لقد كان ذلك طلب ميكائيل واحد اوامره الى قريبته، اراد ان يرى الجميع في هذا اليوم الاثر الذي تركته انيابه على رقبة ميراج، ليعلموا انها تنتمي له من الان فصاعداً وليبعد اي منافس محتمل.
بعد ان انتهت تشاستين من اعطاء الاوامر اتجهت هي ولينا الى غرفتيهما لتغيير ثيابهما وتهيئة نفسيهما ثم عادا بعد مرور ساعة تقريباً ليجدا ميراج قد وضعت الفستان على السرير لترتديه:
- دعيني اساعدكِ!
قالت تشاستين وهي تركض نحوها وفستانها الذهبي المتلئلئ يعكس اضواء الغرفه:
- اريد ان اكون الفتاة التي تجد الحب من بعدك!
قالت وهي تضحك فإجابتها لينا:
- لا تخبريني بأنكِ تصدقين هذه الخرافات؟!
- انها ليست خرافات!
اجابت تشاستين وهي تصطنع الالم:
- سترين وستتمنين ان تساعديني في يوم زفافي!
ضحكت ميراج بينما قامت صديقتها بأغلاق السحاب الى اخره وابتعدت لتنظر اليها من مسافه:
- اعتقد ان لدينا مشكله...
صرحت تشاستين وهي تحملق في الفتاة التي بدأت تقلق:
- م...ما هي؟...
اجابت ميراج وهي تتراجع لتنظر الى المرأة:
- سيكون لدينا زفاف دون العروسين... سيخطفك ميكائيل قبل ان يراك الجميع!
قالت تشاستين بجديه وحالما لمحت ارتباك الفتاة اكملت:
- عزيزتي ما اقصده هو، انتِ تبدين مذهله للغايه!
- تخطفين الانفاس!
اضافت لينا وهي تبتسم بأشراق.
- ه...هل سأعجبه؟
سألت ميراج وهي تشابك اصابعها بتوتر:
- ميراج، انتِ تعجبينه منذ اول يوم رأكِ فيه، الا ان قريبي متكبرٌ جداً لقول ذلك!
اجابت تشاستين لتدفع رفيقاتها الى الضحك وبينما اخذن يتكلمن وينتهين من تجهيز انفسهن طرق احد ما الباب:
- تفضل.
قالت تشاستين بحماس فدخل ماركوس وهو يقول:
- الحفل يكاد ان يبدأ ، وتوتنيان في انتظار العروس عند بداية الممر.
عندما انتهى من ما اراد قوله كانت عينيه مسمرتان على لينا بفستانها الاخضر الطويل وشعرها المائل للأحمر الذي رفعته بتسريحة بسيطه.
- هل تسمحين لي؟
قال لها وهو يمد يده لتتناولها ويتجهان الى القاعه.
- ب...بكل تأكيد.
- اجابت لينا وهي تأخذ يده بلطف ليخرجا بعد ذلك من الغرفة.
- من سيرافقكِ هذه الليله؟
سألت ميراج تشاستين التي بقيت تنظر الى الباب ثم قالت وهي تتصنع اللامبالاة:
- لا احد، لا احتاج الى رجل ليفسد امسيتي.
كانت ميراج تعلم بكذبها لكنها سمحت لها بالاستمرار دون ان تؤذيها او تذكر جراحها القديمه:
- هيا لنذهب لقد جاء دوركِ.
تقدمت الفتاتان عبر ممرات القصر حتى تصلا الى القاعة الكبيره حيث ضج صوت المدعوين ولو كان لميراج قلب نابض الان، لانفجر من شدة التوتر والخوف!
توقفت ميراج امام الباب لتجد توتنيان يقف الى جانبها بأبتسامة ابوية حنونه:
- تبدين خلابة ايتها الصغيره، من كان ليصدق ان الطفلة التي اوهبها القرويون للملك ستصبح ملكتهم يوماً ما؟
- اعتقد انها صدفه...
اجابت ميراج فقال توتنيان وهو يربت على يدها التي وضعتها فوق ذراعه:
- بل القدر، لا يوجد شيء يسمى بالصدف، كل ما يحدث هو بسبب القدر.
سمع الاثنان صوت المنادي وهو يعلن عن وصولها في داخل القاعة وبعد ذلك فتحت الابواب ليتسلل النور والضوء على ميراج حتى غمرها بالكامل وفتحت الابواب على مصرعيها.
تمسكت الفتاة بذراع توتنيان بقوه حتى نسيت بإنها مصاصة دماء الان وكادت ان تؤذيه، لكن الاخر لم يمانع وتجاهل الامر بينما اخذ يخطو معها نحو بداية القاعه حيث وقف الرجل الذي انتظرها بفارغ الصبر.
رفعت ميراج رأسها لتبحث عن ميكائيل فوجدته امامها ، واقفاً منتظراً ولآول مرة مبتسماً امام الجميع، واختفت ملامح الصرامة من وجهه:
- انتِ بالفعل...اجمل ما رأيت في قروني التي مضت...
سمعت صوته في رأسها ودفعها ذلك للتبسم، شعرت ان طريق طويلاً وارادت ان تركض لتصل اليه ولكن لحسن الحظ لم تفعل، بل انتظرت حتى وصلت الى الملك الذي كان واقفاً مرتدياً عبائته السوداء وبدلة الجنرالات الخاصة به، وحين عرض يده اليها لم تتردد بأخذها والوقوف الى جانبه بينما اختفى توتنيان ليقف بجانب عدن.
دوى صوت القس الملكي في القاعة ليسكت الجميع:

مشعوذة الجنرالحيث تعيش القصص. اكتشف الآن