.
.
.
.
وصل اقرباء الملك المتبقين في اليوم التالي الى القصر، وعلى عكس الاخرين لم تلتقِ بهم ميراج وهم في المقابل لم يفكّروا بتقديم انفسهم اليها...
لطالما نظرت طبقة معينه من مصاصي الدماء الى البشر كالمخلوقات التي تقع عند اخر الهرم الغذائي، ولم يشعروا بالحاجة الى الاعتراف بهم في مجتمع المملكة ، بالرغم من حاجتهم الماسة اليهم.
ربما يعود ذلك الى النظام التطوعي الذي فرض على البشر بعد ان كاد المصاصي الدماء يطيحوا بالاسرة الحاكمة بالتعاون مع السحرة حين شعروا ان حقوقهم مضطهدة وانهم محرومون من الغذاء بسبب القوانين الصارمه التي فرضها الملك لضمان سلامة البشر.
كان النظام التطوعي ينص على قيام مجموعة من البشر بالتطوع بكامل ارادتهم لأطعام مصاصي الدماء شريطة ان لا تتكرر اسماء هؤلاء الاشخاص خلال الاسبوع ذاته، لذلك عندما سمعت ميراج بهذا النظام اصبحت بالفعل تلاحظ مجموعة البشر التي تزور القصر يومياً في اوقات محدده وغالباً ما تكون بعد الظهر، اي عند نشاط مصاصي الدماء.
.
.
.
تنزهت ميراج كعادتها في ممرات القصر بعد الغداء وهي تكرر الاسماء التي علمها اياها بيكاسوس و تمكنت من تذكرها، فاليوم وكما خشيت...كان يوم الحفل الكبير!
وبما انها تذكرت بيكاسوس...اين كان هو ياترى؟ فهي لم تره منذ مشاجرتهما قبل يومان...
خطف ظل من امام عينيها كادت ان تصطدم به واعادها الى ارض الواقع:
- سيد مارك!
قالت ميراج بخوف وهي تضع يدها على قلبها لتهدئة دقاته المتسارعه.
- اجد نفسي...مجبراً على الاعتذار انستي لانني تسببت بأفزاعك...
اجابها الشاب في الملابس السوداء وهو ينظر اليها بعينيه البارده دون ان يطرف حتى.
- ل...لا عليك...، الخطأ خطأي، كنت شاردة الذهن.
- اجل، ولكن ...من دافع النبل ان يتحمل الرجل المسؤولية...الا تظنين؟
لم تعلم ميراج كيف تجيب سؤال ذا وجهين كهذا، فأذا قالت نعم، كان ليظنها ضعيفة وعديمة المسؤولية وتعتمد على معشر الرجال في كل شيء، واذا قالت كلا فأنها ستسخر من مبادئ الكياسة والنبل التي يتبعها الناس هنا...
نظرت ميراج حولها وهي تبحث عن كارل الذي كان ليسعفها في هذا المأزق ولكنها لم تجده في اي مكان:
- هل انت هنا لوحدك؟
سألت ميراج الشاب بأستغراب وقلق، فحسب كلام كريستن ، لا يغادر كارل جانب اخيه مطلقاً خوفاً عليه.
- اه...يمكنكِ قول ذلك...
اجابها وهو ينظر خلفه ببطئ واومأ لها معتذراً ليبتعد وهو يقول...:
- لا تخبري احداً بأنكِ رأيتني حسناً؟
شاهدته ميراج وهو يسير مبتعداً بخطى بطيئة نسبة الى مصاص دماء، وتملكها الذعر... ماذا لو حدث له شيئاً ما او شعر بالتوعك فجأة دون ان يكون هناك اي احد الى جانبه...
- سيد مارك!... ماركوس!
صاحت ميراج وهي تركض خلفه لتصل اليه بعد بضع خطوات ولكنه لم يتوقف لذلك بدأت تواكب خطواته وهي تقول:
- هل... هل ستكون بخير؟
- بأفضل حال انستي.
قال قاطعاً ثم سارا معاً في صمت حتى تنهد وضغط على بداية انفه بأصبعيه وقال وهو ينظر لها:
- انسه ميراج...لا حاجة لي بجليسة اطفال...فلقد عشت اكثر منكِ واستطيع ان اعلم تماماً بأنكِ لا تشعرين بالارتياح لوجودكِ الى جانبي لذا اذهبي لتجهيز نفسك للحفله ودعيني اقوم بجولتي في سلام.
بدت ميراج مندهشه لثواني ولكنها لم تشعر بالحاجة للتصنع معه. لقد كان شاباً صريحاً ولا يحب ان يلقي المجاملات او الكذب حتى انها كادت ان تتركه وترحل لولا الظلال السوداء التي بدأت تتخطف من امام عينيه لتخفيهما بين الحين والاخر.
- تبا...
شتم ماركوس وهو يدير ظهره الى الحائط ليبحث عن اي شيء يعينه على الوقوف الا ان الاخير لم يساعده فأنزلق ليجلس على الارض وهو يضع رأسه بين يديه وقطب حاجبيه. كان يحاول التركيز على وعيه وعلى الالم الذي سيطر على صدعه.
- سيد مارك!
نادته ميراج وهي تجلس بجانبه:
- هل انت بخير؟ هل يجب ان اذهب لأحضار كارلوس؟
لكنه لم يجب وذلك سبب لها الذعر! حاولت النهوض لمناداة اخيه الا انه امسك رسغها ليحثها على العودة والجلوس الى جانبه وحاللما فعل ذلك ابتعدت الاشباح المظلمه من امام عينيه لتعود قزحيته الصفراء بالظهور مجدداً ويبدا الالم بالتلاشي شيئاً فشيئاً.
- أ...أبقي...
قال ماركوس وهو ينظر اليها بأستغراب وفضول. فالظلال لم تكن لتختفي الا عندما يكون اخاه الى جانبه ويشعر به والان، كان متأكداً بأن كارلوس نائماً في غرفته.
جلست ميراج بحذر الى جانب مصاص الدماء وهي تستند بظهرها على الحائط وماركوس ممسكاً برسغها.
- من...انتِ؟...
سأل ماركوس بعد مدة وهو يترك ذراعها بعد ان شعر بتحسن كبير.
- م...ماذا تعني؟...
اجابته وهي لم تفهم مغزى سؤاله فقال:
- اقصد ماذا تكونين؟...
-اه...انا...انا من البشر...اذا كان هذا ما تعنيه...
اغمض ماركوس عينيه واتكأ برأسه على الحائط:
- بشر؟...
قال بأستهزاء وطرف شفتيه يرتفع بأبتسامة كادت ان تلمح بالكاد...لقد كانت اكثر من بشر وهو الان يعلم ذلك...
- لديكِ...النور...
قال لها والتعب يتسلل الى عينيه، فهو لم ينم منذ يومين ولم يخبر اخيه بذلك حتى لا يتسبب له بالمزيد من المشاكل.
- ن...نور؟
سألته ميراج ولكنه لم يجب بل بقي صامتاً ومغمض العينين حتى ادركت بعد عدة دقائق انه قد نام على الارض وهي الى جانبه!
نظرت ميراج الى الارجاء وهي تبحث عن احد الخدم لينادي على كارلوس ولكن لم يكن هناك اي احد، فجميع الخدم اتجهوا الى المطبخ لتقديم المساعده بينما انصرف بعضهم لتجهيز انفسهم من اجل استقبال الضيوف.
- مارك!
بعد نصف ساعة سمعت ميراج صوتاً ينادي على ماركوس ولحسن الحظ لم يكن سوى كارل.
- نحن هنا!
قالت ميراج بحذر خوفاً من ايقاظ الكائن المظلم الذي قبع رأسه الان على كتفها. لقد علمت ان كارل سيسمعها فهو في النهايه ليس بشري ، وبالفعل سمعت خطواته المسرعه تقترب حتى توقف كالبرق امام عينيها.
- انسه ميراج! ماذا جرى...
ثم ركع الى جانب اخيه ليتفحصه جيداً:
- لا شيء...لقد غط في النوم بعد ان اشتكى من صداع في رأسه...
نظر كارلوس الى ميراج بغرابه...كيف تمكنت من ارساله الى النوم بهذه البساطه؟
- اعتذر لكِ انستي...لا اعلم كيف غاب عن عيناي...
- لا عليك...فصحبته كانت...مثيرة للاهتمام.
قالت ميراج وهي تبتسم وتنظر الى الجسد الهش الذي اصبح الان بين ذراعي اخيه.
- هل سيكون بخير؟
سألته بقلق فأومأ وقال وهو يضحك:
- اجل، سترين ذلك في الحفل. بالرغم من نظرته السوداويه للحياة الا انه يجد الحفلات مناسبات ممتعه.
- حسناً اذن...اراكما في الحفل...
قالت ميراج وهي تبتعد عن الاثنين لتبدأ بتجهيز نفسها من اجل حفلها.
عندما دخلت الى غرفتها وجدت ان تشاستين وضعت فستانها على السرير بحذر وغادرت.
نظرت مطولاً الى الفستان وهي تشعر بأحساس غريب يسري في معدتها، ربما كان ذلك الخوف؟
الخوف من مقابلة العائلة الملكية بأكملها؟ او من وقوفها امام المملكة ليحكموا عليها ويتشاركوا الهمس والنميمه التي ستكون هي محورها بالطبع...ام عينا الملك الذي ستقف بجانبه والى الان لا تعلم كيف ستفعل ذلك دون ان تشعر بركبتيها تضعفان وقد تخوناها في اي لحظه...
امضت ميراج بعض الوقت وهي تحاول ارتداء الفستان بالشكل المناسب ولكنها واجهت صعوبة في ذلك، ففي كل مره ظنت بأنها احسنت صنعاً كان هناك خطأً ما ولحسن الحظ لم تتأخر عليها تشاستين التي دخلت الغرفة دون ان تطرق حتى برفقة المزينة الخاصة بها وبدأتا العمل فوراً على ضيفة الشرف، فأخذت احداهما تضع القليل من لمحات المكياج على وجهها بينما اعتنت الاخرى بشعرها لتضعه بتسريحة بسيطه وتدعه يتدلى بجماله الفاحم على كتفها الايسر وعندما انتهيتا لم تتمكن ميراج من معرفة تلك الفتاة التي اخذت تطالعها في المرآة.
- انا ابدو...
- رائعة الجمال!
اكملت تشاستين عنها وهي تنظر اليها في المرآة. شفتاها بلون الاحمر الفاتح وكذلك وجنتيها الصغيرتين كما برزت عيناها بالكحل الاسود ليشع على بشرتها العاجية.
اما الفستان...حسنا لقد كان قضية اخرى، وبالرغم من ضخامة الفساتين في هذه الحقبه الا ان ميكائيل لم يرغب ان تضيع ميراج تحت طبقات من القماش المنفوخ وفضل ان تبدو بهيئة فخمة وبسيطه.
.
.
.
.
في تلك الاثناء، بدأ الضيوف بالتوافد على قاعة الحفل ، كان هناك العديد من المخلوقات ومن جميع الممالك لان ميكائيل اراد ان يجعل نيته الحسنه تجاه البشر مرئية للجميع من اجل ان يبعد الشبهات عن مملكته.
وقف اثنان من الحراس على جانبي الابواب الضخمه المؤدية الى القاعة ،كان احد منهم ينادي بأسم الشخص الذي حضر ليعلن عن مجيئه بينما تكفل الاخر بفتح الباب من اجل الضيوف. وكالعاده كان الملك وعائلته اخر الوافدين الا ان اليوم، كانت ميراج اخر من ستطئ داخل القاعة.
تعالت اصوات الحضور وهم يتحدثون فيما بينهم ويتمتعون بالاهتمام ومظاهر البذخ ولم يتوقفوا الا عندما يتم الاعلان عن الضيوف، حيث يسود الصمت ولا يسمع سوى الهمسات بين النساء للتعليق عن الثياب او تبادل اخر الاشاعات عن الوافد الجديد.
كانت مملكة الجن اول المتقدمين الى القاعه حيث حضرت الملكة افرودايت برفقة كلاً من اختيها الاميرتان جنجر ولينا وجنرالها الاول اوديس الذي لم يفارق جانب خطيبته الاميره الوسطى.
وبعدها فتحت الابواب لتعلن عن وصول الملكة فجر وزوجها اليكساندر مع مستشارتها لورين ثم دخلت العائله المضيفه حيث اعلن اولاً عن مانغوس وإدنا التي تسببت بالخوف للكثير من البشر الحاضرين،و التوأم ماركوس وكارلوس اللذين جذبا اهتمام الانسات من كلا المجتمعين وبعدهما خطى الملك وبرفقته تشاستين وهي ممسكه بذراعه بيدها وبفستانها الاحمر الداكن بيدها الاخرى.
ضل الجميع صامتاً حتى توقف الملك عند كرسيه المذهب وواجه الحضور ، لم تغب عن عينيه ابتسامة فجر الساخره ولا كيف حملقت به لورين كعاشقه مجنونه ولكن كل ما انصب عليه اهتمامه، هو تلك الفتاة التي اصبحت الان تقف خارج الابواب وهي تنتظر الاشارة منه للدخول.
* أحب ان ارحب بالبشر، ومصاصي الدماء والسحرة والجن الذين لبوا دعوتي الى هذا الحفل*
قال ميكائيل وهو يجذب انتباه البقية اليه بينما وقف اقربائه على كلا جانبيه وهم يبدون كدمى رخامية رائعة الجمال بلونهم الشاحب وعيونهم الواسعه الملونه.
* منذ مئات السنين... كان والدي يملك حلماً...او رؤيا اراد تحقيقها...*
استرسل الملك وهو ينظر الى فجر وتبعه بقية عائلته، لانهم وضعوا اللوم عليها لمساندتها مجموعة مصاصي الدماء الذين حاولوا القيام بأنقلاب ضد العائله الحاكمه واستعباد البشر، فالجميع يعلم انها زودتهم بالسحرة والتعاويذ اللازمه لأضعاف جدران القصر والوصول الى الملك وزوجته، ولكنهم لم يضعوا في الحسبان وريث العرش الذي استولى عليه الظلام يومها ليكتسح اراضي القصر ويقتل كل من شارك في هذا الانقلاب العقيم.
* اراد ان يجلس البشر ومصاصي الدماء على طاولة النبلاء ذاتها ومناقشة مصالح المملكة بشكل سلمي...اراد ان يرى الأطفال يلعبون في الشوارع دون ان يدعوا بعضهم البعض بألقابٍ ...
ك * وحش * او...
* وجبة طعام *...
اراد ان يجعل يوم العطاء يوماً يجتمع به الاحباء وجميع المخلوقات وهم يتبادلون انواع العطايا دون اي مقابل ولكن... لم يكن لديه الوقت لرؤية هذا كله ...لذا...
وفي هذا اليوم...
ارفع نخباً لوالدي ولحلمه المنتظر واقدم لكم اول ممثلة للبشر في مملكتي داعياً بقية الممالك للحذو على هذه الخطى من اجل تحقيق السلام بين الجميع...*
قام الخادم عند الباب بأعلان اسم ميراج وفتح الابواب بمساعدة رفيقه لتخطو ببطئ وهي تنظر الى الارض وقلبها يرفرف من الخوف، لم تعلم ما اذا كانت لديها القوة لتصل الى جانب الملك او حتى ان تكمل الطريق دون ان تفر هاربه...
* ارفعي رأسكِ ...*
سمعت ميراج صوتاً داخل رأسها يحدثها ولم تصدق ذلك...لقد كان صوت الملك بكل تأكيد وذلك ما دفعها لترفع رأسها بالفعل بدهشة وتقابل عينيه اللتين تبدوان كالزمردتين المحمرتان تحت اضواء القاعه.
لم يبدو على وجهه اي تعبير يمكن ان تفهمه ميراج ، بل كان جامداً كغير عادته ونظراته بارده تثقب الروح والجسد...
ربما خيبت ظنه...
قالت في نفسها وهي تكمل خطواتها...
ربما لم تبدو جميلة كفايه كما توقع............اجل لقد خيبت ظنه لا محاله...
عادت لتنظر الى الارض وهي تتجاهل همس الضيوف من حولها وبدت فكرة الهرب كفكرة لا بأس بها الان...
عندما رفعت رأسها للمرة الاخيرة لتراه قبل ان تفر من القاعة لم تجده في مكانه...
كان ميكائيل ليحبس انفاسه لو استطاع التنفس اساساً، لقد بدت الفتاة التي امامه كأميرة احد القصص الخياليه ولم يصدق عينيه اللتين رأيتا الكثير خلال القرون ولكن لم يكن هناك اي شيء ليقارن بالجمال الذي وقع امامه الان...
اراد ان يركض اليها ويحميها من نظرات الناس حولها وافكارهم الملعونه ويخبرهم بأنها له وحده، ولكنه الملك...كيف سيبدو لو فعل ذَلِك؟
لذا وعوضاً عن تهوره، قام ميكائيل بنزول السلالم الثلاث التي قبعت فوقها منصة العائلة الحاكمة ووقف امام ميراج ببضع خطوات حتى انها توقفت حين رفعت عيناها ورأته امامها. وسمع هو دقات قلبها المتسارعه بالاضافة الى بقية مصاصي الدماء الموجودين ولم يعجبه ذلك، لذا فعل ما كان سيفعله اي احد في مكانه...
نظر اليها بعيون حمراء داكنه تملئها الرغبه وارتفعت شفتيه بأبتسامة خفيفه ادهشت الحاضرين ثم رفع يده نحوها وهو يدعوها ان تأخذها.
بدت ميراج متردده لثوان قليله ثم اخبرت نفسها بأن الشخص الذي امامها هو الملك...ملكها...الشخص الذي عفا عن حياتها وزودها بالتعليم والعناية واعطاها غرفة ملكية ومنصباً يحلم به الكثيرين وفستاناً تحسد عليه...كما كان قد وعدها بالحماية وان لا يتسبب بفعل اي شيء يؤذيها...
اريده...قال قلبها واستجاب جسدها لذلك برفع يدها ووضعها في يد الملك برفق وبادر الاخر بأخذها وسحبها قريباً منه ثم رفع يدها نحو الاعلى حتى لامست فمه وقبل مفاصل اصابعها.
- اهلاً بكِ رسمياً في القصر.
قال ميكائيل وهو ينظر في عينيها وينسى ماذا يجري من حوله، ولم تجبه هي، بل بقيت تطالع عينيه الآسرتين حتى قاطعهما كريستن الذي تقدم منهما ورفع كأس النبيذ في الهواء وقال بصوت رسمي للغايه:
- نخب العهد الجديد.
فأعاد الجميع الكلمات خلفه وهم يبادرون برفع كؤوسهم وشرب النبيذ وحينها بدأت الاوركيسترا الملكية بالعزف، لم يتمكن احد من رؤيتها لأنهم كانوا يقبعون خلف الستائر المغلقة من اجل خلق جوٍ اسر.
توجهت ميراج بعد ذلك برفقة الملك ليقوم بتقديمها الى بعض الشخصيات المهمه فكانت الملكة افرودايت واختها جنجر اول من تعرفت بهم.
تذكرت ما اخبرها بيكاسوس عنهم وشعرت بالحزن على وحدة الاخوات حتى جاء رجل ذو بنية محارب من خلفهم وطلب من جنجر رقصة سريعه. لاحقاً علمت من الملكه ان هذا المحارب هو جنرالها الاول وهو لم يكن سوى زوج جنجر المستقبلي.
في تلك الاثناء دخل بيكاسوس وهو يبدو مرتبكاً ومتأخراً عن غير عادته.
دهشت ميراج منه، فهي لم تره خلال يومين، ولقد فاته تقديمها الذي لطالما جلسا معاً وتخيلا كيف سيكون...
حالما وطأت عيناه عليها ، تلألأ وكاد ان يفقد صوابه، ولكنه اتجه نحوها وهو مصمم على الحصول على رقصته التي وعدتها له قبل يومان ولم يمانع الملك خاصةً وان ميراج كانت فرحه بمبادرة بيكاسوس...على الاقل هو لم ينسى...
- ارى بأنها قررت الظهور اخيراً...
جاء الصوت من خلف ميكائيل ولكنه علم تماماً لمن يعود، فشكل قبضة صلبه بيديه الاثنتين ثم أرخاهما ببطئ حتى لا يظهر مقدار الكراهية التي يمتلكها نحو هذه المرأة.
- اجد ان كلماتكِ محيره يا خالتي العزيزه...
كانت فجر تكره ان يناديها ميكائيل بخالتي ، لطالما وجدت هذه الكلمة تزيد من عمرها وتشعرها بالكبر والعجز.
- نصفك الاخر... ارى بأنها قررت الظهور اخيراً...
اجابته وهي تحاول ان تنتقم منه ، فهي تعلم جيداً ان ليليان وغابرييَل لم يحظيا بالوقت الكافي ليخبرا ابنهما عن نصفه الاخر ووجدت المتعه في قيامها هي بالامر.
تتبع ميكائيل نظرتها حتى وصل الى ميراج التي بدت تشع في منتصف الساحة.
- اوه، لم تكن تعلم؟
سألته فجر وهي تصطنع الصدمه:
- عزيزي، انها نصفك الاخر، وعاء نورك...لقد حرصت على ذلك بنفسي...
قالت كمن حققت الانتصار او فعلت امراً يجب ان تتلقى المديح من اجله.
- خالتي...انا لا اصدق كلمة واحده من الهراء الذي تتفوهين به.
اجابها بنبرته البارده فضحكت هي وقالت بمكر:
- اوه لا تقل لي بأنك لم تشعر بها؟...الا تجد السكينة الى جانبها؟...الا يرفرف قلبك المتحجر من اجلها؟
- ذلك ل...
كان ميكائيل على وشك ان يكمل كلامه حتى سمع اصواتاً غير مألوفة في القصر...كان هناك مجموعة من الناس ...غير ضيوفه...وغير خدمه...يجوبون القصر ويقتربون شيئاً فشيئاً الا ان سمعه كان مشوشاً للغايه بسبب قرب ميراج منه.
اشار الملك بأصبعه الى اقربائه اللذين نهضوا عن طاولتهم واتجهوا نحوه عدا مانغوس وإدنا فكان كريستن اول المتقدمين:
- ماذا هناك؟
قال بحذر فأجاب الملك:
- المتمردون...انهم هنا في مكانٍ ما، خذ كارلوس وعدّن وجدوهم.
اومأ كريستن وخطى بعض الخطوات نحو كارل ليتحطم زجاج احد النوافذ ويتسبب بهلع الضيوف.
نظر الجميع الى بعضهم البعض وتوقفت الموسيقى والناس عن الرقص حتى اخترق سهم حديدي النافذة المكسورة ليقتحم قفل الثريا الكبيره التي توسطت ساحة الرقص وسقطت بأكملها على الارض.
عم الصراخ القاعة وركض الجميع نحو موقع الحادث والضحايا ليروا من اصيب.
كانت الاميره جنجر اول الخسائر حيث اخترقت شظية كريستال معدتها لتتركها دون فرصة لقول الوداع، بينما انقد بيكاسوس ميراج بسرعة البرق وابعدها عن الساحة كمن كان يتوقع حدوث ذلك في اي لحظه.
شعر ميكائيل بخوفها واخذ يتلفت يميناً وشمالاً باحثاً عنها حتى وقعت عينيها عليها. تخلصت هي من قبضة بيكاسوس وركضت ناحية الملك دون ان تفكر وقبل ان تصل اليه انبثق جمع غفير من المتمردين عبر النوافذ محطمين الزجاج وهم يصرخون بعدائيه:
- ميكائيل سيلفادور!
صاح صوت من بين صفوف المتمردين ليخرس الجميع، ثم خرجت أمرأة ببنية قوية كالرجال واشارت بسيفها ناحية الملك:
- هذا من اجل أستريا غرين!!
وركضت لتحاول قتل الملك دون ان تأبه لقوته الغير بشريه.
دفع الملك بدوره ميراج الى الخلف واشار لجنراله رودز بحمايتها واشتبك في القتال مع اقربائه الى جانبه.
لم يترك حلفاء الملك القاعة كباقي البشر بل قاتلوا الى جانبه ...جن...سحره...ومصاصي دماء، حتى علت صرخات الضحايا من الطرفين.
سيطر كل من تشاستين وكريستن وماركوس على منافذ القاعه تحسباً لفرار المتمردين او دخول وفد جديد بينما انخرط كارل في قتال الى جانب زوج الملكه فجر اليكساندر.
- خذي.
قال الجنرال رودز وهو يناول ميراج سيفاً ثقيلاً بالكاد تمكنت من حمله.
- اضربي كل من يقترب اليكِ بكل قوتك ولا تترددي فهمتِ؟
اومأت ميراج بالموافقه وقبضتها ترتجف حول غمد السيف. لمحت بطرف عينيها ميكائيل وهو يقوم بتمزيق البشر كقطعة من القماش البالِ بيديه العاريتين.
- ميراج اهربي!
كان كل شيء صاخباً من حولها والنيران اندلعت من الستائر الى السقف لتملئ القاعة بالدخان السام، لم تعلم متى وصل المتمردون الى رودز الذي بدا كأنه يواجه صعوبة في المقاومة وبحركة غير متوقعه قام احد المتمردين بضربه على قمة رأسه ليسقطه ارضاً ويدع دمائه تسيل الى جانبه.
- رودز!
صاحت ميراج وهي تركض ناحيته دون ان تبالي بالمتمردين الذين شدت انتباههم. جلست على ركبتيها بقوه واخذت رأسه بيديها المرتجفتين لربما كان لا يزال على قيد الحياة:
- رودز استيقظ ارجوك!
ولكن دون جدوى، اخذت دمائه تسيل على فستانها ويديها بغزارة وتلبدت عينيها بالدموع .
- ارجوك...ارجوك ارجوك...بيكاسوس! ... اه يا الهي...
اخذت تهمس وتترجى الرجل المتوفي وتصرخ لتجذب انتباه بيكاسوس الذي اختفى من القاعه دون اثر.
لمحت المتمردين يعودون يحيطون بها واغمضت عينيها بقوة من الخوف، وتوقعت الشعور بالالم من ضرباتهم او حتى طعناتهم ولكن لم يحدث شيء...
- هذا من اجل غفوتي ...
قال ماركوس بصوته البارد وهو يقف خلفها والجثث من حوله ، ولأول مره شعرت بالرغبة في عناقه لولا استيلاء الضعف عليها.
اخذت النيران تزداد فجأة في القاعة لتبتلع المنتصف بأكمله، كان منظراً غير طبيعياً وتأكدت ميراج من ذلك عندما رأت فجر في مركزها وهي تصرخ بجنون والى جانبها جثة رجل ملقاة في بركة دماء.
- هذا ليس جيداً...
قال ماركوس وهو يسحب ميراج من ذراعها لتقف:
- هيا لنخرجكِ من هنا...
ركض بها ماركوس نحو احد النوافذ التي كان يحميها ثم حملها بين ذراعيه وقفز بها من بين الستائر المشتعله ليحط على العشب في الحديقه الخارجيه:
- اذهبي الى بوابة القصر الداخلي واتجهي الى غرفة الملك، اختبئي هناك؟ هل سمعتني؟
اومأت ميراج وهي تمسح دموعها بيديها الملوثتين بالدماء لتترك خيوطاً حمراء على وجنتيها.
- ادخلي خزانة الملابس او اختبئي تحت السرير لا تخرجي ابداً حتى يأتي احدنا لأحضارك حسنا؟
- ح...حسنا...
قالت له فقام بدفعها بعيداً عنه لتذهب دون تأخير وعاد الى القاعة التي بدأ الدخان والسنة النار تخرج من نوافذها نحو الحديقه.
ركضت ميراج وهي تحمل اطراف فستانها المبلل بالدماء نحو بوابة القصر لكنها لم تتوقع رؤية المتمردين هناك ايضاً.
- تلك! تلك الفتاة اقتلوها ايضاً!!
صاحت كيت احدى خادمات القصر على اثنان من المتمردين الذين وقفوا الى جانبها.
.
.
.
.
يتبع...
أنت تقرأ
مشعوذة الجنرال
Vampir*مكتمله* لم يكن ظلام الليل ولا علو الشرفة التي وقف عليها كافيان لأخفاء تلك النظرة التي وجهها لها من الاعلى، وما زاد الامر سوء ، تغير لون عينيه من السواد الى الاحمر المشتعل، كعيني وحش غاضب مختبئ في الظلام... لكنه كان آسراً، كل جزء من معالم وجهه الصار...