... عندما يسقطْ الملكّ 👑 ...

6.1K 373 17
                                    

.
.
.
.
ماذا ستفعل عندما تخسر الشخص الوحيد الذي يمكنه ان يرسم الابتسامة على وجهك؟
الشخص الوحيد الذي تقبلك بكاملك بالرغم من اختلافاتك العديده؟
بالرغم من جنونك؟ غضبك الغير مبرر تجاه هذا الكون؟ سوداوية روحك؟
ماذا ستفعل لو غرقت مجدداً في الظلام وانت تعرف جيداً ان الشخص الذي ينتشلك في كل مره لن يمد يده لك لتنهض الان؟
هل ستدع روحك المعذبه للغرق؟
هل ستناضل من اجلها؟
هل ستصارع عندما تمتلئ رئتيك بالدخان الاسود ويبدأ بقتلك؟
هل ستحاول ان تفتح عينيك حتى عندما تشعر ان اطرافك تتخاذل ويبدأ التنمل بالاستحواذ عليها؟
هل ستستحق الحياة فرصة ثانيه منك؟
.
.
.
.
صراخ...
.
.
المزيد من الصراخ
.
.
.
بكاء
.
.
.
~ بيكاسوس...انقذني...
.
.
~ اخي...
.
.
.
نحيب...ثم صرخة هزت كيان بيكاسوس الذي انتفض من زاوية غرفته المظلمه التي استلقى عندها بعدما عاد من الغابه:

- شارلوت...

لفظ بيكاسوس الاسم بضعف وهو يمرر يده فوق جبينه وعبر خصلات شعره الطويله التي تبللت بالدموع والعرق...
- كل ما افعله من اجلكِ يا شارلوت...
قال هامساً الى نفسه وهو يرى امام عينيه شبح الطفله...

~ لكني لا اريد منكَ شيئاً...

لقد تركتها تقتلني...

لماذا لم تساعدني اخي...

- شارلوت...
همس بيكاسوس بضعف والدموع تتجمع امام عينيه الزجاجيتين لتتوقف عن تعذيبه لكنها استمرت...

~ خائن...

بيكاسوس خائن!

اصبحت واحداً منهم...

لن آسامحك ابداً...

- كفى!!
صاح بأعلى صوته ليوقف صوتها وليتلاشى طيفها من امامه...
- اعلم بأني خائن...اعلم ذلك!!
صاح مجدداً ودموعه تنهمر ثم ضرب الحائط خلف ظهره بقوة حتى تفطر الطلاء من عليه وفي تلك اللحظه فتح الباب دون اي طرق لتركض ميراج وتتبعها تشاستين الى الغرفه، كانتا قد سمعتا صراخه :
- بيكاسوس!
نادته ميراج وهي تجلس على الارض الى جانبه وتنظر اليه بقلق:
- ماذا جرى، ما بك؟
سألته وهي تأخذ وجهه البارد بين يديها الصغيرتين الدافئتين...
اجل دافئتين...دافئتين لدرجة ان نفدات الثلج كانت لتذوب مباشرة بين يديها بينما تبقى وتستمر بتثلجها بين يديه هو...
دافئة مقارنةً بوجهه الصلب الذي لا يجرح ولا يتجعد ولا يشعر بحرارة الشمس...
* لماذا هي هنا...*
تسائل في نفسه وهو ينظر اليها من بين دموعه...
لقد تركها في بداية المعركة وكانت لتموت...تجاهل ندائها عندما سمعها تستنجد بأسمه بينما فر بعيداً لمساعدة المتمردين...
- بيكاسوس! انظر لي! ماذا حل بك! هل انت مصاب؟!
مصاب؟ اجل...
قلبه ...كبريائه... مبادئه...ذهنه...
لقد كان مصاباً في كل مكان...ولو لهذا الالم شكل ...لكان امتلاء جسده بالكدمات...
- هل تشعر بالالم؟! اجبني؟!
الالم... بالطبع كان يشعر بالالم... انه في حالة يرثى لها... لم يعد يمتلك ذرة من الاحترام الذاتي...لقد اخطأ واقترف الذنوب...لو رمى نفسه في نهر من المياه المقدسه...لم تكن لتغسل اخطائه...
- بيكاسوس...
همست ميراج بأسمه وهي تنظر اليه بخوف ودموعها تكاد تسقط حزناً عليه...لقد امضت ست سنوات معه، ولم تره ولو لمرة واحده يذرف اي دمعه:
- اجبني ارجوك...
توسلت به وهي تضع جبهتها على جبهته ودموعها تتساقط...لقد شعرت بالخوف عليه...لطالما كان بيكاسوس قوياً فماذا جرى الان...
انهار بيكاسوس ليقع في حضنها ويختبئ بين طبقات القماش الاسود الناعمه...
- أنا اسف...
كان كل ما تمكنت ميراج من سماعه من بين انتحابه...لم يرغب ان يؤذيها، لم يرغب ان يجعلها تبكي او تتألم، كل ما اراده هو رحيل ميكائيل، او بالاحرى موته.
لم يرغب ان يقتل الابرياء بسببه، كل ما اراده هو ان يعيش البشر في مكان بأمكانهم ان يدعوه بالوطن...اراد لهم العيش الكريم ، اراد حمايتهم حتى لا يحدث لهم ما حدث له...
- لا بأس...لا بأس...
اخذت ميراج تربت على شعره وهي تطمأنه...
- فقط قل لي ما بكِ... ارجوك انت تقلقني...
توسلت به مجدداً وهي تمسح دموعها من على خديها...
- انا...متعب...فقط... ليس الا...
قال بعد ان هدأ قليلاً...
- فقط... متعب...
صحيح، كان بيكاسوس متعباً، فبالرغم من ابتساماته للجميع ومساعدته لهم الا انه كان يعاني من الوهواس القهري الذي انهكه حتى النخاع...
لا يكاد يتوقف عن التفكير بماذا كان سيجري لو لم يصبح مصاص دماء؟
كانت شارلوت لتكبر الى جانبه وتتثقف، كان هو ليجد شريكة حياة ويقوم بتأسيس عائله صغيره، كان لينام ليلاً الى جانبها بينما يركض اولاده في الصباح لأيقاظهم...كانوا ليكبروا وينجبوا له احفاداً...لولا القدر لكان الان في قبره...يشعر بالسلام والسكينه...
- ميراج...
نادت تشاستين على صديقتها من عند الباب...
- اعلم ان الوقت غير مناسب...لكن ميكائيل يقول ان وقت الدفن قد حان...
دفن...
اجل دفن ضحايا البارحه...جثث بشر ورماد مصاصي الدماء ورفات جنجر...
- الا يمكن الاستمرار بدوني؟
نظرت ميراج الى صديقتها بنظرة ترجي الا ان الاخرى اومأت برأسها بالرفض مع الحزن...
- اذهبي ... لا بأس...
قال بيكاسوس وهو ينهض عن فستانها...
- اذهبي... انا بخير...
- لكن...
حاولت ان ترفض الا انه ابتسم لها من بين عينيه الزجاجيتين الخاليتين من الحياة ووجهه الشاحب الذي التصق بيه الان خصلات من شعره الذي ربما كان في يوماً ما اشقراً ...
- هذا واجبكِ الان...اذهبي...
اصر عليها وهو ينهض كسجد خالٍ من الحياة ليرمي بنفسه على السرير بينما نهضت ميراج لتتبعه...
- س...سأعود...
اخبرته وهي متردده في تركه...
- كلا... احتاج لان اكون بمفردي...
سكتت ميراج وهي تنظر الى الارض...لقد ارادت ان تبقى الى جانبه ولكنه كان محق...لقد اصبحت لديها واجبات يجب الالتزام بها...لا يمكن ان تخيب امل ميكائيل بها ...ليس في بداية الطريق...
- كما...تريد...
قالت وهي تتجه نحو الباب لتغلقه بهدوء بعد ان سبقتها تشاستين...
بعد ان خرجت وضعت يدها على الباب وهي في صراع داخلي مع نفسها، هل تبقى ام ترحل...
لم يتركها بيكاسوس ولا مرة عندما احتاجته...عوضا عن البارحه...
- ميراج؟...
نادتها تشاستين على بعد بعض خطوات عنها...
- قادمه...
اجابتها وهي تعود للسير بعيداً عن الغرفه وتلمح ميكائيل ببذلته السوداء الرسميه يقف امامها ويمد لها ذراعه لكي تأخذها، وفعلت.
بل تشبثت بها بكلتا يديها كما لو كانت حبل نجاتها:
- استطيع ان اشعر بحزنكِ...
قال لها وهما يسيران نحو بوابة القصر الاماميه:
- كل شيء سيكون على ما يرام... الجميع سيكون على ما يرام...
لقد دخل الى افكارها مجدداً...
- الا يمكني ان احضى بالقليل من الخصوصيه سيدي...
قالت بيأس وهي تحاول ان تخلص ذراعها عن ذراعه الا انه وضع يده فوقها مانعها عن ذلك:
- انها الهبة واللعنه...
لا يوجد باليد حيله...
احياناً اشعر بأني محظوظ لامتلاكها...
واحياناً اخرى... كاليوم ... اشعر بانها لعنه...

مشعوذة الجنرالحيث تعيش القصص. اكتشف الآن