.
.
.
.
عندما قام بيكاسوس برفع فستانها ليكشف عن الجرح وتغطية بقية جسدها بالغطاء الابيض الذي وجدته ميراج يدفئها عندما استيقظت، لم يهتم بكيف وصلت الى الحديقه او حتى ماذا حدث للجرح، كل ما رأه امام عينيه هو صورتها وهي تتمسك بالملك بقوة وكيف كانت نظرة الالم على وجهها عندما تركته مجبره وتباعدت نظراتهما عن بعض.
تحركت ميراج قليلاً وتأوهت من الالم عندما لامس المعقم سطح جرحها المتفوح حديثاً وذلك ما سبب الاحباط للطبيب...آلمها...
- لقد غبت لنصف ساعة فقط!
قال بيكاسوس وهو يضع ضمادة جديده على جرحها.
- نصف ساعة فقط ميراج! وانظري ماذا حدث!...استيقظتي...تركتي السرير...خرجتي دون اذن...ثم سقطتِ بيد ميكائيل! كيف حدث ذلك كله بهذه السرعه! لم يكن من المفترض ان تتحركي حتى!!
- انا...اسفه...
اجابت ميراج بلغة ذات لكنة غريبه قليلاً ولكنه كان امراً متوقعاً بما ان هذه اللغه ليست لغتها الاصليه.
مسحت دموعها التي صبت عند نهاية عينيها من الالم بعد ان انتهى بيكاسوس من عمله وساعدها على اسدال فستانها وتغطيتها جيداً.
- كيف وصلتِ الى ذراعيه؟!
قال بيكاسوس بأحباط:
- الم تخافي؟! الم تعتقدي بأنه سيتخذ منك وجبة عشاء؟
امسكت الفتاة الغطاء واومأت بالانكار على المخدة التي تناثر شعرها عليها.
- لم يكن...ليفعل.
اجابته بثقة فقطب حاجبيه بأرتباك:
- لماذا؟
سألها بدافع الفضول وهو يعلم تماماً ان امراً غريباً يحدث للملك بسبب هذه الفتاة.
- لا اعلم...لكنه...فقط...لن يؤذيني...
بدإت ثقتها بالملك تسبب الغضب لبيكاسوس، كيف يمكنها ان تثق بشخص كهذا؟! لقد علم بالطبع بأنها طيبة القلب وتعتقد ان الجميع ذوي ارواح طيبه ولكن هل كانت ساذجه لهذه الدرجة!
- انه مصاص دماء يا ميراج...
قال بيكاسوس بحزن وهو يقف لينهي اول محادثة يخوضها مع فتاته الصغيره ثم اكمل وهو يقف عند الباب ليستعد للخروج...:
- انه مخلوق ليتسبب بالأذى...
- انك ...مخطئ!
اجابته ميراج بلكنتها الثقيله قبل ان يخطو من الباب فنظر اليها بحزن وهو يتمنى ان لا تعلم يوماً ما حقيقة ميكائيل ولا حتى بشاعة بني جنسه ثم تركها وحدها في العياده لتستريح.
.
.
.
بعد ان تلوت ميراج من الالم بين يديه، لم يتمكن ميكائيل من البقاء الى جانبها، كان المه اعظم من ان يتحمله وذلك ما كاد ان يصيبه بالجنون!
كيف يحدث كل هذا له! ماذا تسمى هذه الاحاسيس والمشاعر التي كانت تطرأ عليه بسبب هذه الفتاة ولماذا هي دون غيرها! لقد عاش قروناً كثيره ليلتقي بالعديد من الفانين والخالدين ولم يصادف اي احد فعل به مثلما فعلت هذه الصغيره.
بحق الجحيم كان لا يزال يشعر بوخزات الالم حتى بعدما توجه لغرفته وعادت الضجة والاصوات الى عقله واذنيه!ارادها الى جانبه...
هذا ما فكر به عندما استلقى على فراشه في محاولة اخرى يائسه للنوم...
اراد شعرها الاسود على وسادته... اراد مراقبة اهدابها المغلقه ومراقبة ارتفاع صدرها واخفاضه عند كل نفس... اراد صوت حفيف الغطاء تحتها عندما تتحرك...اراد السكون والهدوء الذي تجلبه معها حينما تظهر...ارادها كلها...
وهذا ما اخافه، انه مصاص دماء...ملك...وجنرال معروف بجيشه القوي في الممالك المجاوره، كيف تستطيع فتاة لا يتجاوز عمرها بعض من الثواني المعدوده بالنسبة له ان تتسبب له بهذا الضعف المفاجئ؟
عادت تلك الاصوات لتتحدث في رأسه مجدداً ولكن هذه المره كان هناك صوتاً واضحاً اكثر من البقيه...
* يجب ان تبتعد عنها...انها خطر...الا تتذكر ما قالته العرافه؟...*
اما بقية الاصوات فتجادلت في رأسه كما لو كان يمتلك اكثر من عقل واحد داخل جمجمته:
* اجل ابتعد...عنها...*،
* اقتلها...*،
* قربها اليك اكثر...الم تسأم من الوحده؟!*،
* الا يعتبر كلام العرافة باطلاً؟... لا يوجد حبر على ذقن الفتاة الان...*
* ميكائيل...*، * ميكا...ئيل*، * ...ميكائيل...*، * ميكائيل! *
صاحت الاصوات في رأسه وليسكتها لم يصرخ عليهم بدوره فقط قال بهمس:
- كفى...
لتهدئ قليلاً ويعود كل صوت الى زاويته المظلمه. كانت تلك احد لعناته العديده ، مجموعة من الاصوات المجنونه تفسد وعيه وتفكيره وترسله في نوبات غضب لتعميه عندما تنتصر عليه .
اغمض الملك عينيه بعد ان هدأ شعور الوخز وقرر ما اراد ان يفعل...
...سيتجاهلها...
ذلك افضل حل يمكنه ان يجده...سيتجاهلها لكي لا ينتبه احد على اهتمامه الزائد بها او ضعفه تجاهها حتى يعثر على الاجابة المناسبه لأسئلته.
.
.
.
.
في صباح اليوم التالي كان خدم القصر منزعجون للغاية وهم يقومون بالتجهيز لزيارة الانسة انغريد لوكهارت التي قررت ان تحضر دون سابق انذار كالعاده...
انغريد لوكهارت كانت احد مصاصي الدماء الذين ينحدرون من العائلات النبيله، لطالما نظمت زيارات غير متوقعه الى القصر حيث كانت تفرض بقائها في القصر كضيفة للملك.
لم يكن الخدم ولا حتى مصاصي دم القصر يحبونها او يستلطفونها ولو بالقليل، كانت تعامل الجميع كأنهم ادنى من طبقتها الاجتماعية وغالباً ما ازعجت الخدم بأوامرها ومتطلباتها التي لا تنتهي ولطفها الغير مبرر لهم امام الملك وحاشيته.
تلك الفتاة ارادت الملك لها كزوج، حتى لو لم تملك اي مشاعر تجاهه، فالطالما اخبرت نفسها بأنها تستحق ان تكون ملكة ولا شيء يصلح لها غير ذلك.
ولهذا السبب، كان ميكائيل غالباً ما يتجنب رؤيتها عندما تأتي الى القصر ويتمسك بمكتبه طوال اليوم حتى يحل الليل ويتجه للقيام بجولته اليوميه في الاراضي.
- تشاستين عزيزتي!!!!
قالت انغريد بصوت عالي النبرة يسبب الازعاج لأذن اي مصاص دماء حساسه.
اصطنعت تشاستين ابتسامه متشنجه وهي تبادل انغريد القبلات على الخدين بحذر خائفة من انتقال المكياج الثقيل من وجه انغريد على وجهها.
- صباح الخير انسة انغريد...
اجابتها الفتاة المسكينه وهي تبتعد بعض الخطوات عن فستان الضيفة الذي كاد ان يصبح عقبه في ممرات القصر بطبقاته العاليه والكبيره.
- ارى بأنكِ لا تزالين هنا تشاستين...
سألت انغريد بتحبب مصطنع فأجابتها تشاستين بالمثل:
- والى اين سأذهب اذا لم اكن هنا؟
- لا اعلم...
قالت انغريد ثم تنهدت واكملت:
- لو لم تكوني قريبة ميكائيل لاعتقدت بأنكِ تنافسيني للحصول عليه!
وضحكت بأعلى صوتها حتى ان تشاستين المسكينه شعرت بطبلة اذنيها وهي ترقص من الذبذبات العاليه.
- لست انا من يجب ان تقلقي منها عزيزتي انغريد.
قالت تشاستين بأبتسامه مرحه وهي تتمتع بتعابير انغريد التي تحولت الى الجديه.
- ماذا تقصدين؟
قالت انغريد بأرتباك:
- من تقصدين؟
عادت لتقول بألحاح بينما ضحكت تشاستين بلطف وهي تتجنب طيات فستان انغريد لتكمل طريقها نحو العياده ولم تجب بل اكتفت بالسير دون ان تقول كلمة واحده وهي تشعر بالرضا التام بما فعلت.
أنت تقرأ
مشعوذة الجنرال
Vampiro*مكتمله* لم يكن ظلام الليل ولا علو الشرفة التي وقف عليها كافيان لأخفاء تلك النظرة التي وجهها لها من الاعلى، وما زاد الامر سوء ، تغير لون عينيه من السواد الى الاحمر المشتعل، كعيني وحش غاضب مختبئ في الظلام... لكنه كان آسراً، كل جزء من معالم وجهه الصار...