الحلقة 9

1.2K 35 0
                                    

أمسك ميران الهاتف ليتصل بها و فجأة 
حركة غريبة بالرواق ، الممرضات يركضن و نداءٌ يقَول :
- الطبيبة "نازلي إكيز " مَطلُوبة فورا لغرفة الانعاش رقم 112 
ميران : إليف ، إليف ماذا يحدث يا الله 
لا أحد يُخبرنا بشيء ، 
و اقترب بخُطواتٍ متثاقلة الى الباب و فرات يُهدِىءُ من روْعِهِ : 
- افتحوا هذا الباب اللعين 
الممرضة : اهدأ سيدي الأطباء بالداخل يفعلون ما بوسعهم .

صرخات و توتر داخل غرفة الانعاش ؛ 
-  نحن نفقد المريضة ، توقف نبضُها 
-  اسرعوا اسرعوا جهاز الصدمات الكهربائية 
-  واحد ، اثنان ، اشحن 
-  واحد ، اثنان ، اشحن مرة ثانية
- مرة ثانية ، مرة ثانية

ميران و قد أضْنَاهُ ما رأى من خلف ذاك الزجاج ، يقف عاجزا و كُلُّ ما حوْلهُ يُغْرِقُهُ 
إليف تلك اليتيمة التي تُشْبِِهُهُ ، فراشةٌ تفتحت في جُنْحِ ربيعٍ عليل ، و قمراها قد أفَلَا مُبكِرًا ؛ 
أُمٌ و أبٌ تواريَا تحت التُراب ، و لا تزال الأحزان و المصائِبُ لا تُبارِحُ الأبواب ،
على جَفْنِها المُتعبِ و عيناها المَسٔروقِ بريقُ الفرحِ منهما دائما ، تمايل الياسمين و نَمَا و فاحت بالطِّيبَة 
هي ألْيَنُ مِنْ أَنْ تخُوضَ معركةً مع الموت 
يا رب كن معها و رُدَّها إلينا .

الممرضة : دكتورة إكيز عاد النبض ، الحمد لله استعدناها .
خرجت الطبيبة لِتُطمْئِن مَنْ بالخارج : 
- سيدي ، الفتاة قوية هناك ما يجعلها تتمسك بالحياة 
لقد زال الخطر و انتظمَتْ مُؤشراتها الحيوية 
أرجو ان تصحو في اسرع وقت 
ميران مُحتضِناً فرات : الحمد لله يا رب ، الحمد لله .

* جونول إلتحفتْ الليل كعجوزٍ ثكلى تَنْدُبُ أقدارها و أفعالها ، لم تُطْبِقْ جَفْنًا على الآخر 
تارة تُكلّمُ نفسها و تارة تصمتُ مُرتعشة ، مُضطربة ، خائفة من الغد و ما سيحمِلُهُ لها 
- موتي إليف موتي و ارتاحي و اتركيني ارتاح مع زوجي 
ثم تُمرِرُ اصبعها على خصلات شعرها و تَلُفُهم 
- إنْ استيقضتِ و تكلمتِ ماذا أفعل ؟! 
يجب أن أُخرِسكِ بأي طريقة .

* ليلةٌ طويلة باردة رغم حرارة الصيف ، تنخَرُ القلب قبل العظم ، عزيزة المُحطمة كُليًّا رغم جبروتها . 
نصوح الذي أصبح مُهانًا داخل بيتِهِ و خارجه 
فَقَدَ اسمهُ و مكانتَهُ ، فَقَدَ احترامَهُ و تَسَلُّطَهُ و الآن قصْرَهُ الذي هو إرثُهُ الوحيد لجذُورِهِ العريقة و أصلهِ .
أزاد و كيف لَهُ النومُ و شِقُّهُ الأيسر يئِنُ ، قَاتِلُهُ نبضٌ لا يستكين ، يُحِبُّها منذُ ان كانت تلك المُضغَةُ بحجم البذرة ، 
نما حُبُّها و غفت الأُمنياتُ على شفا حُفرةٍ من سعير .

* في الصباح الباكر استيقظت جول و اتجهت لغرفة شقيقتها التي اشتاقت لها ،تسللت تحت الغطاء و استلقت بجانِبِها 
جول و هي تُمرِرُ يدها الناعمة الصغيرة على وجه ريان :
استيقظي اختي ( اَبْلا جِمْ) ، هيا استيقظي 
ريان بِعُيونٍ نصف مفتوحة : 
يا الله و انا أقول كيف غفا الورد بجانبي و فاحت رائِحتُهُ التي مثل المسك 
جول : هل انا حُلوة مثل الوردة 
ريان : بل أجمل بكثير بكثير 
جول : و انتِ ايضا تُشبهين الوردة اختي العزيزة و ميران يُشْبِهُ الأمير الذي بالقصص
ريان و هي تبتسم : ما سِرُّ حُبِّكِ لميران أيتُّها المُحتالة 
جول : حُبُّهُ الكبير لكِ الذي أراهُ داخل عيْنيْهِ الجميلتين ،بالإضافة الى أنّهُ وسيم لا أنكِرُ ذلك 
و اعرف انَّكِ تُحبينَهُ أنتِ أيضا أختي 
ضحكت ريان و عانقت جول ثم قامت بدغدغتِها من بطنها و تقبيلِها 
سمعت جول صوت رنين الخلخال بِرِجْلِ أختها فرفعت الغِطاء جانِبًا ثم سكتت 
و وضعت كلتا يداها على فمِها و عيونها تتلألأُ فرحًا
- أُوووو تصالحتُما أنتِ و عزيزي ميران و ألبسكِ الخلخال 
ريان : هُسْ هُسْ لا ترفعي صوتَكِ قد يسمعُنا أحد 
أطبقت جول اصبعيْنِ من اصابع يديها فوق بعض و مررتْهُما على فمها بحركة تُشبِهُ السَّحاب 
- حسنا أختي إنّهُ سِرُّنا .
سحبت ريان الهاتف من تحت الوسادة لتتصل بميران و تَطْمئِنَّ على وضع إليف 
جول و هي تضحك : و اشترى لكِ هاتِفا أيضا 
ريان : كيف تعلمين ان ميران من اشتراه 
جول : و مَنْ غيرُ أميري الوسيم سيفعل هذا 
و انا لديَّ هاتفٌ اشتراه لي جدّي من أجل ان ألعب بِهِ و اتسلى ، لا اعرف كيف أكتب رسالة لكن اعرف كيف اتصل بعزيزي ميران و أَرُدَّ عليْهِ فقد سجلَّ لي رقمهُ و انا وضعتُ جنب اسمهِ صورة الأمير كي اعرِفهُ
ريان : ممممم الآن توضحت عندي الكثير من الأمور 
جِنٍّيتي الحلوة أسرعي للمطبخ و ابحثي عن رَضَّاعتِكَ 
هيا ، هيا .

رن هاتف ميران : 
- ألو حبيبتي ، صباح الخير 
ريان : صباح الخير ، كيف حالكَ عزيزي و ما هو وضع إليف 
ميران : اما عني فأنا مُشتاقٌ جدا ، أما عن إليف فالحمد لله وضعها مُستقر الآن 
الكل هنا ، حضروا منذ الصباح ؛ جدتي و البقية 
ريان : يا ليتني الآن بِجانبِكَ 
ميران : أنتِ بداخلي ، بروحي ، بقلبي حبيبتي 
لا تقلقي سيتحسنُ كل شيء قريبًا

* عزيزة تقول للطبيبة : 
- أرجوكِ أريدُ الاطمئنان على حفيدتي ، أراها عن قرب
أُمْسِكُ يدها و أشُمُّ رائحتها 
الطبيبة : ممنوع سيدتي هذه غرفة الانعاش و المريضة ليست في وضع تستطيع ان تستقبل او تُحِسَّ بمن حوْلها
عزيزة : خمس دقائق فقط 
الطبيبة و هي تُطأطِأُ رأسها : حسنا يا سيدة 
لكن لا تُطيلي المُكوث بالداخل

* عزيزة واقفة بجانب صغيرتها و مُمسكةً يدها : 
- إليف ، هذا حُطامي قد باتَ حطباً تصطَلِي منهُ الأنفاسُ وتحتمي بي ، 
كنتُ قد واريتُ رمادي ذاتَ وجع و حقد و انتقام 
فَيَا نارُ كوني برداً وسلاماً على القطعة الصغيرة بقلبي التي أينعتْ و اخضَرَتْ بإليف 
لا تحرقي روحي بِفقْدِها 
و فجأة شدّت إليف قبضتها حول يد جدتها و فتحت عينيْها : 
- جدتي ....

* خرجت عزيزة مُسرعة إليهم و عيناها ترقصُ فرحا :
- ميران استيقضت إليف و هي لا تنْفَكُ تذكُرُ اسمك 
تريد رؤيتك .

تصلّبت قدَمَا جونول بالأرض و اِصفرت ملامِحُها من الصدمة...

بقلم الكاتبة : كريمة عوجيف ( فيس عائشة م ر )

زهرة الثالوث - Hercai حيث تعيش القصص. اكتشف الآن