عصف التوتر بثائر عند رؤيته (يوسف) يقف أمامه مبتسمًا بمرح وعينيه لا تكادان تفارقان وجه ياسمين المشتعل بخجل والذي تسبب فيه تطفله غير المرغوب به عليهما
ضغط ثائر شفتيه بغضب آمرًا إياها بلهجة خشنه :
- يمكنك العودة إلى غرفتك ......
ليبادره يوسف ممازحا :
- توقف أيها الضخم .....فأنت تخيف الفتاة المسكينه
ناظرًا نحوها بتعاطف متابعا بنعومة :
- ألن تقدمنا لبعضنا ثائر أم ننتظر حتى تصاب الفتاة بالبرد
التفت ثائر محدقا نحوها بقسوة صارخا في وجهها :
- الم تسمعي ما قلته ....عودي إلى غرفتك
حدقت فيه بغضب يماثل غضبه وأنا أشعر بالإهانة لتحدثه معي بهذه الوقاحه فأنا لا ذنب لي في كل ماحدث ....فهو المتسبب الوحيد بهذا الموقف المحرج لهما وها هو يصرخ في وجهي وكأنني ألقيته عمدًا في ذلك المسبح محطمة غروره وكبرياءه الغاليين أمام صديقه
استدرت مبتعدة عنه عائدة إلى الجناح وأنا أدعو الله أن لا ألتقي بالسيدة جمانه أو جوليا وإلا لن أسلم من تعليقاتهما الساخرة
تسللت عابرة البهو بسرعة وحذائي المبلل يصدر صوتًا عاليًا في كل خطوة أخطوها لكنني نجحت أخيرًا في الوصول إلى غرفتي دون أن يراني أحد حتى جدتي منتزعة ملابسي المبللة ملقية إياها بعنف على أرضية الحمام الرخامية وأنا انظر لمظهري الذي تعمه الفوضى وشعري كشلال يتساقط منه الماء على جسدي والغيظ يستهلك قدرتي على التحمل أكثر صارخة في وجه صورتي في المرآة
- أيها المتسلط المغرور ....كم أكرهككان العشاء مع آل البيسار حقل ألغام ينتظر ان يدوي صوت انفجاراته في أي لحظة خاصة مع مجيء ابن شقيق السيدة جمانه ( يوسف زين علم الدين )
والذي على ما يبدو أن ثائر لم يكن على علم بقدمه من أوكرانيا الا عندما تفاجأ به جمهورًا متفرجًا لذلك المشهد بيننا في حوض السباحة والذي لم يرق له أن يراه ذلك المدعو يوسف والذي قدم نفسه لي ونحن في غرفة المعيشة بانتظار قيام الخدم بدعوتنا لتناول الطعام وما زاد الأمر سوءًا هو احتلال يوسف مكان ثائر بجواري مما جعل هذا الأخير ينظر له بطريقة مميته. لكنه اتجه نحو المقعد المقابل لجده مترأسًا الطاولة من الناحية الأخرى
لم تتوقف السيدة جمانه عن الحديث مع ابن اخيها عن إقامته في أوكرانيا وهل أعماله تسير على ما يرام هناك مع اشتراك جوليا والسيد جاهد معهما في الحديث على الرغم من صمت ثائر الملحوظ من قبل الجميع
حاول المدعو يوسف إشراكي أكثر من مرة في الحديث ولكنني كنت ارد باقتضاب فلم تعجبني نظراته نحوي ونحو ثائر في كل مرة يتم الإشارة إلينا بالحديث
ومع انتهاء وجبة العشاء كنت على شفير الانهيار العصبي من الضغط النفسي الممارس ضدي عبر تلميحات جوليا وسخرية السيدة جمانه المبطنة حول عملي ومهارتي في الرسم والمنصب الكبير الذي سوف أشغله مع غمز يوسف لي بعينيه عند أي تعليق يجمعنا وثائر وكأنه يريد به الإشارة لما حدث في حوض السباحة مع تحديق ثائر المستمر نحوي بلا سبب
- إذن متى ستباشر العمل في الشركة
ليصدح صوت ثائر عبر الطاولة مجيبًا بالنيابة عني
- غدًا ..... لذا اعتقد أن عليك الخلود للنوم مبكرا ياسمين فنحن سنغادر في السابعة صباحا
ولم أكن أنتظر سوى هذه الذريعة لإنقاذي لألقي عليهم تحية المساء مغادرة قاعة الطعام و كأنني سجين حصل على حريته أخيرًا منطلقة نحو جناحي
بخطوات سريعة لا تسمح لأحد باعتراض طريقي
دخلت إلى غرفة جدتي كانت قد خلدت للنوم منذ وقت طويل من نزولي لتناول العشاء اقتربت من فراشها راكعة بجواره وأنا أصغي لصوت تنفسها
كعادتي لتنتفض من نومها تسعل بقوة
لأشعر بالألم يعتصر قلبي وأنا أرى ما تعانيه لاستعادة أنفاسها وهي تتقلب في فراشها لتعود إلى النوم مجددًا
نظرت اليها مطولًا للحظات قبل ان اتجه إلى غرفتي وقد اتخذت قرارا حاسما بأن علي مغادرة هذا المنزل قريبا والبحث عن شقة في المدينة نقيم بها أنا وجدتي لكي تتسني لي الفرصة للاهتمام بعلاجها
أنت تقرأ
رواية مهاجرة إلى حبه ج1 (مكتملة)
Lãng mạnالنهاية زحف البرد القارس يمزق أوصالي الرقيقة ويرج جسدي الضئيل والذي لا يكاد يحميه ثوبي الممزق هذا ..... لا أعرف كيف وصلت الى تلك الحديقة أو كم من الوقت استغرقته في الجلوس فوق هذا المقعد الخشبي فهذا لا يهمني لأن كل ما أشعر به الآن هو البرد والوحدة...