مهاجرة الى ....حبه 18ج2

4.7K 260 44
                                    

الحب معجزة لا تحدث للجميع ...وحبك لي معجزة في حد ذاتها .....وشعورنا بالإنجذاب القوي نحو بعضنا قبل معرفتنا بوقوع أحدنا في حب الآخر.....كرؤية وميض البرق في السماء قبل سماع صوت الرعد

راقبت  ظهور أول شعاع لضوء شمس الصباح من نافذة غرفتي و التي كانت رفيقتي الوحيدة طوال الليل أراقب من خلالها الحديقة المظلمة دون أن أرى شيئًا بعيني الجامدة فاقدة كل احساس  بالزمان والمكان من حولي تائهة  في متاهة ذكرياتي المؤلمة محاولة اجتيازها والخروج منها وإعادتها إلى ذلك الصندوق الأسود المدفون في إحدى  زوايا عقلي المظلمة لتقبع هناك كما كانت ولا تطل بوجهها القبيح في أحلامي مرة أخرى
لكنني لم أكن أدرك أن هذا الصباح سيحمل معه  تغيرا جذري في مجريات حياتي
تحركت منتزعة نفسي من دوامة أفكاري المعذبة متنقلة في جميع أنحاء الغرفة  أجمع أغراضي داخل حقيبتي دون وعي لما أفعل أو ما أضع داخلها
حتى أنني لم انتبه لباب غرفة النوم يفتح أو لوجود شخص ما يراقبني بصمت حتى لاحظت حركة صغيرة بطرف عيني فالتفت نحوها لأجد ثائر يقف بالباب يسد مدخله بجسده الضخم وطوله الفارع وهو يضع يديه في جيبي بنطال الجينز الذي يرتديه وعيناه تنظران نحوي بغموض .....منذ متى وهو واقف هنا دون أن ألاحظه ؟أدركت أنني أرتدي ثوب نومي الأبيض المفضل المطرز بزهور ياسمين فضية بارزة فأسرعت إلى الوشاح الأبيض الملقى بإهمال على طرف السرير وقمت بتغطية ذراعي وصدري المكشوفين أمام عينيه الحادتين مبعدة شعري بأصابع يداي المرتجفة خلف أذنيّ بعصبية وأنا أسأله بصوت  مختنق من التوتر :
-كيف تجرؤ على اقتحام غرفتي بهذا الطريقة..... دون أن تطرق الباب؟
ظل واقفا بصمت أمامي كتمثال حجري دون أن يرمش لثوان معدودة وكأنه لا يراني أو يسمعني ......كدت أن أعيد سؤالي على مسامعه ....لأجده فجأة يتقدم داخل غرفة النوم واقفا في منتصفها تحديدا على بعد خطوتين مني وهو يمد يده نحوي بعلبة بيضاء متوسطة الحجم مغلفة
حدقت به للحظة ثم عدت للنظر إلى ما يحمله بتوجس حذر لأسمع صوته الرجولي الأجش مجيبًا على سؤالي السابق :
- لقد طرقت الباب لكنك كنت شاردة الذهن .....تفضلي....
عدت بنظري نحوه مجددًا حريصة على ألا تلتقي عيناي بعينيه متسائلة بضعف:
- ما هذا ؟
ارتفع أحد حاجبيه بسخرية وقد ظهرت شبه ابتسامة فوق زاوية فمه المكتنز :
- ماذا تظنين ؟  .....عندما ظللت صامته بعناد دون أن أجيب على سؤاله زفر بقوة موضحا  لي بصبر :
- إنه هاتف نقال ....فقد  لا حظت أنك لا تمتلكين واحدًا ....
كان دوري لأرفع حاجبا متسائلة بدهشة:
- ولماذا أحتاج واحدًا الآن ؟
حدق بي مطولا لأراه يتقدم خطوة باتجاهي لاتراجع بالمقابل خطوة للخلف
قطب حاجبيه وهو يلاحظ حركتي تلك مجيبًا بنبرة ناعمة سلسة :
- لأننا بحاجة للتواصل معا من أجل العمل ....لكن ياسمين لماذا دائما أراك تتراجعين للخلف
اتسعت عيناي بخوف وتوتر وأنا أجيبه بصوت متقطع :
- هذا ....لأنك ....دائما ...تتقدم للأمام
أمعن ثائر النظر في الفتاة التي تقف على بعد خطوات منه تنظر نحوه بحذر بعينيها الخضراء مرتدية ثوب نوم أبيض وقد انسدل  شعرها البني الطويل بفوضوية محيطا  بوجهها ذو البشرة البيضاء الصافية وقد أضفى عليها ضوء الشمس خلفها هالة سحرية من الجمال والبراءة لامست شغاف قلبه الذي فقد نبضة من نبضات السريعة داخل صدره ملاحظا انتشار اللون الأحمر القاني فوق وجنتيها .... وهي تقضم شفتيها بقسوة  كما اعتادت عندما تشعر بالاضطراب يتملكها وقد انسدلت رموشها الكثيفة فوق عينيها كستار تخفي بع ما يعتمل داخلها ...
تنهد بقوة كانت مثالًا للبراءة والشجاعة التي لم يرى مثلها في عالمه من قبل
وهذا ما جعله ينجذب نحوها بقوة  ......أحس بصدمة تهزه من الأعماق عندما باغتته مشاعره تلك اتجاهها  .....نعم ...... نعم لطالما شعر منذ لقائهما بجاذبية تشده لها بخيوط غير مرئي ولكنه كان يرفض الاعتراف بذلك  الأمر حتى لنفسه
فبعد أن ذاق مرارة الخيانة في مقتبل حياته رفض أن يعرض قلبه أو مشاعره لهذا النوع من الألم من جديد كانت هذه المرة الأولى التي يشعر فيها بأنه مقسم الي شخصين أحدهما منجذب إلى ياسمين
والآخر يرفض أن يعرض قلبه للأذى بسبب ذلك الضعف اتجاهها
في تلك اللحظة التقت عيناه بعينيها ودون أن يدرك ما يفعله تقدم ثائر نحوها لتتراجع ياسمين حتى اصطدمت بالجدار خلفها ليقف هو أمامها مباشرة ومازالت عيناه متصلة بعينيها وكأنهما مسحوران ببعضهما أمتدت أصابع يده باتجاه وجهها لتشيح بوجهها بعيدا عنها ولكنه هذه المرة لم يتراجع كعادته عندما لاحظ خوفها غير المنطقي

 رواية مهاجرة إلى حبه ج1  (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن