الفصل الثاني (12)
عندما يحاصر الحب إنسانا لا يؤمن به ...... محاربا إياه بكل ما يملك من قوة ظنا منه أنه وهم وسراب حتى يصل وبدون أن يشعر الى أقصى درجات العشق ..... المدمر
اتكىء ثائر إلى سيارته الرياضية السوداء عاقدا ذراعيه فوق صدره العضلي بنفاذ صبر فهو لم يعتد يوما على الانتظار طوال حياته فلطالما يصدر أوامره ليسرع الجميع بتنفيذها دون نقاش لكنه لم يستطع التغاضي عن امرأة عجوز مريضه تبقى وحدها دون الشخص الوحيد الذي يهتم برعايتها والمتبقي من عائلتها خاصة بعد صراخ ياسمين في وجهه بتلك المعلومات ... ومن جانب آخر لم تكن ياسمين لتسمح له بالتحرك بها قيد انملة حتى ولو أراد ذلك ولو أفترض أنه بدون ضمير تماما وهذا بالتأكيد غير صحيح رفع يده مداعباً لحيته بتفكير فهذه الفتاه كانت على استعداد بأن تلقي بنفسها من سيارته دون لحظة تردد أو تفكير وهو لم يكن ليخاطر بحياة أحد قد اصبح تحت مسؤوليته حتى ولو كانت فتاة مجنونة مثلها و الذي اوقعه سوء حظه لكي يكون بحاجة اليها من اجل معرضهم السنوي الذي سيقام بعد شهرين تقريبا زفر بغضب وهو ينظر الى ساعته لقد أمهلها نصف ساعه فقط لتجمع أغراضها وتحضر جدتها ولقد أوشكت المهلة على الانتهاء فلما لم تظهر حتى الان امعن ثائر النظر في المبنى الحجري القديم عاقد حاجبيه وقد ظهر عدم الرضا على وجهه عندما شاهد الشقوق والرطوبة تملىء جدرانه البيضاء ...... اخرج هاتفه النقال ليجري مكالمة سريعة الى ألديمير كيف يجرؤ على ترك منازل العمال تصل إلى هذا الوضع المزري هو لن يسمح بأن يقال ان عمال آل البيسار يسكنون في مساكن مهترئة لا تمت للإنسانية بصلة
كان مازال يتحدث عبر هاتفه عندما شاهدها تخرج من المبنى حاملة امرأة عجوزعلى ظهرها ابعد نظاراته الشمسية عن عيناه الرماديتان المتسعتان بدهشة كيف تستطيع بجسدها النحيل الصغير حمل شخص آخر لماذا لم تطلب منه المساعدة
أشار الي احد حراسه ليتقدم هذا الأخير مسرعا باتجاهها لمساعدتها لكنه شاهدها ترفض ذلك بحركة من رأسها لكنها عوضا عن ذلك دفعت بالحقائب القليلة التي تحملها الى الحارس واستمرت بالسير إلى الأمام باتجاههه محدقة به بتحد
اغلق ثائر الهاتف بعنف بعد ان ألقى تعليماته الى الطرف الآخر هو يقوم بفتح باب المقعد الخلفي لسيارته مبادرا إياها بالسؤال بلهجة حادة عند اقترابها منه :
- لماذا لم تسمحي للحارس بمساعدتك؟
وضعت ياسمين جدتها في المقعد الخلفي بعناية شديدة دون ان تسمح له بمساعدتها وبعد انتهائها من جعل جدتها تشعر بالراحة استقامت واقفة مغلقة باب السيارة وملتفة من حوله متجاهلة النظر نحوه وهي تفتح باب مقعد الراكب الأمامي مجيبة على سؤاله بنبرة باردة :
- شكرًا لك ...و لكنها جدتي... واستطيع رعايتها بمفردي دون مساعدة من أحد
حدق نحوها بغيظ وهو يراها تستقل السيارة مغلقة الباب خلفها عاقدة ذراعيها امام صدرها وهي تنظر أمامها بعناد سحب ثائر عدة أنفاس متتالية مهدئة لأعصابه
وهو يفكر أنها فتاة عنيدة وهو ليس لديه الوقت ليضيعه بالجدال معها
استدار ثائر حول سيارته مستقلا مقعد السائق برشاقة وهو يأمرها بحدة دون أن يلتفت نحوها :
- ضعي حزام الأمان
لينطلق بهم بسرعة جنونية ملتهما الطريق كوحش جائع
ربضت طائرة بيضاء صغيرة بانتظارنا على أحد المدرجات الخاصة بمطار بافاريا كانت المرة الأولى في حياتي التي أرى فيها طائرة خاصة ناهيك عن ركوبي لها لم نحتج للمرور بالإجراءات القانونية المعتادة للمطارات بل صعدنا على الفور إليها كانت باردة و أنيقة من الداخل تحتوي على مقاعد جلدية بيضاء فخمة ليقوم بوضع جدتي التي كان يحملها فوق احداها بالقرب من النافذة بلطف دون أن ينظر باتجاهي متجاهلا إياي بإصرار كما فعلت معه سابقا كنت احترق من الدخل لإصراره على حملها رغم رفضي واعتراضي على ذلك لدرجة رغبت فيها بصفعه بشده بسبب غروره وعناده هل يعتقد لأنه يمتلك المال والسلطة ان على الكون أن يسير حسب رغباته وأهوائه
أنت تقرأ
رواية مهاجرة إلى حبه ج1 (مكتملة)
Romanceالنهاية زحف البرد القارس يمزق أوصالي الرقيقة ويرج جسدي الضئيل والذي لا يكاد يحميه ثوبي الممزق هذا ..... لا أعرف كيف وصلت الى تلك الحديقة أو كم من الوقت استغرقته في الجلوس فوق هذا المقعد الخشبي فهذا لا يهمني لأن كل ما أشعر به الآن هو البرد والوحدة...