الفصل الحادي عشر (11)
التقطت أنفاسي بغضب وانطلقت خلفه بخطوات سريعة ممسكة بذراعه بقوة مانعة إياه من التقدم اكثر ليلتفت نحوي متعجبا لأتجمد فجأة عندما حدق بي بتلك العينين القاسيتين
لأبتلع كتلة خوف سدت حلقي ولكنني جمعت شجاعتي المبعثرة
متحدثة إليه بصوت لاهث:
- أرجوك توقف ......... من تظن نفسك؟
عّم الصمت المكان
لينظر ثائر نحوي وقد ارتفع أحد حاجبيه
وهو يرد بنبرة استهزاء واضحة وبصوت بارد كالثلج :
- هل تنتظرين مني إجابة على هذا السؤال الأحمق ؟
التفت حولي لأشعر بالإحمرار الشديد يغزو وجهي وأنا أرى جميع الواقفين يراقبون المشهد الذي يحدث أمامهم بصمت وقد جحظت عيونهم نحوي بدهشة وقد شحب وجه السيد تحسين معتقدين جميعا بأنني فقدت عقلي لأعترض على أوامر السيد ثائر جودت البيسار
حاولت الرد وأنا أفتح فمي وأغلقه كالسمكة التي خرجت من الماء حديثا وتحاول التنفس
شاعرة بجفاف حلقي فلعقت شفتاي في محاولة لترطيبهما و لم أدرك أن هذه الحركة البريئة قد جذبت عيونه الحادة نحو شفتاي لأقضم شفتي السفلى وأنا أشعر بوجهي يشتعل من شدة الخجل
لكنني حاولت رغم شعوري بالإحراج حاولت الرد على سؤاله ليخرج صوتي مختنقا وأنا أجيبه بتردد :
- نعم ...... لا... أقصد أعلم أنك رئيسي في العمل لكن هذا لا يعني أن تعاملني كعبدة لديك أو كحقيبة تحملها فوق كتفك في آي وقت وإلى أي مكان
خفض نظره إلى يدي التي مازالت متمسكة بذراعه لأفلتها على الفور بسرعة وأنا اشعر بالإرتباك متراجعة الى الخلف بحذر عندما لاحظت بأن جسده يكاد يلامس جسدي
دقق ثائر النظر في ياسمين التي قد استعادت جرأتها مجددا وهي تقف متحدية إياه بشجاعة مثيرة للإعجاب ولكنه لا يستطيع أن يجعلها تفلت بإهانتها له أمام موظفيه بهذا الشكل دون عقاب عليها أن تدرك منذ البداية أن السلطة بيده هو وهي مجبرة على إطاعتها رغما عنها
شعرت بالتوتر والخوف عندما أطال النظر نحوي ثم تحرك فجأة ليدور من حولي وهو يجيب بنبرة قاسية مهينه :
-أتعلمين معك حق ... انت لا تشبهين حقيبتي الرياضية بالتأكيد
سمعت ضحكه خافته صدرت من أحد الواقفين بالتأكيد
- ......لكنني بالتأكيد أستطيع حملك الى اَي مكان وفي اَي وقت أريده
وانحنى فجأة ليهمس في أذني :
- لأن ما يريده ( ثائر جودت البيسار ) يحصل عليه
اتسعت عيناي وأنا أراه يهبط أمامي لأجد نفسي ملقاة فوق كتفه رأسا على عقب لتصدر عني صرخة غضب وأنا أرى نفسي محمولة بهذا الشكل المهين والجميع يحدق نحونا بدهشة منطلقا بي بخطوات واسعه نحو باب المخرج وحراسه يتبعونه وكأنه أمر عادي أن يشاهدوا رئيسهم يحمل فتاة فوق كتفه
وكأن الصدمة أفقدتني النطق لعدة ثوان لأستعيد صوتي وأبدأ بالصراخ بصوت حاد :
- أنزلني فورا ...... هل أنت مختل ؟
سمعته يضحك ...... وهو يهبط الدرج الخارجي للمكاتب برشاقة وكأنه لا يحمل أي شيء يذكر متجها نحو سيارته بسرعه آمرا رجاله باللحاق به
سمعت صوت قفل السيارة يفتح ليلقي بي بعنف على مقعد الراكب الأمامي وأنا أحاول مقاومة الدوار الذي أصابني ليستغل الفرصة ويقوم بتثبيت حزام الأمان من حولي .قمت بضربه بقبضة يدي بقوة على كتفه وانا أقاومه بعد أن استعدت وعيي صارخة في وجهه بحدة
- توقف .... دعني أذهب
لكنه تجاهلني حتى استطاع اغلاق حزام الأمان من حولي وهو يبتسم في وجهي بوقاحة
لأفقد سيطرتي على أعصابي محاولة تسديد لكمة مباشرة إلى وجهه لكنه استطاع الأمساك بقبضتي بين قبضته القوية معتصرا إياها بقوة آلمتني وهو يحدق مباشرة في عيناي أصدرت صوت تأوه مكتوم وانا أحاول جذب يدي من قبضته المؤلمه لأسمعه يقول بقسوة :
- هذا عقاب من يتحداني أو يقلل من شأني ...... وأنت ارتكبت هذا الخطأ مرتين أرجو أن تكوني قد تعلمت درسك جيدا...
شعرت بالدموع تحرق عيناي وابتلعت غصة بكاء أوشكت على الخروج ليقذف يدي بعنف من يده مبعدا جسده عني صافعا خلفه باب السيارة بقوة لأنتفض بخوف في مكاني
يا الله ما الذي فعلته ... هل قمت بجذب النمر من ذيله ليكشرلي عن أنيابه ؟
انطلق ثائر بسيارته الرياضية وهو ينهب الطريق بغضب أعمى متجها إلى المطار وبجواره ياسمين التي شعر بها ترتجف خوفا منه
ليسمعها تصرخ فيه بحدة :
- توقف أرجوك .... علي ان إحضار جدتي
ضغط فوق مكابح سيارته بقوة ليرتفع صوت احتكاك إطاراتها بالأسفلت والغبار يتصاعد من حولها
ناظرا نحوها بدهشة متسائلا :
- جدتك ؟
أومأت برأسي مؤكده :
- أجل علي أخذ جدتي معي فأنا لا أستطيع تركها بمفردها .........فهي مريضة ولا أحد هناك ليرعاها سواي ...فأنا كل ما تبقى لها في هذه الحياة
حدق ثائر في الفتاة الجالسة بجواره وهي تتوسل له بعينيها الخضراوتين الجميلتين
ليضغط على أسنانه بقوة تكاد تحطمها
أنت تقرأ
رواية مهاجرة إلى حبه ج1 (مكتملة)
Romanceالنهاية زحف البرد القارس يمزق أوصالي الرقيقة ويرج جسدي الضئيل والذي لا يكاد يحميه ثوبي الممزق هذا ..... لا أعرف كيف وصلت الى تلك الحديقة أو كم من الوقت استغرقته في الجلوس فوق هذا المقعد الخشبي فهذا لا يهمني لأن كل ما أشعر به الآن هو البرد والوحدة...