الجزء الأول ( مهاجرة إلى ......... حبه ) 7

5.9K 243 32
                                    


   الفصل السابع (7 )
   أمعن تحسين النظر في هذه الفتاة التي تقف أمامه الآن والتي لا تشبه اطلاقا تلك الفتاة الخائفة التي وقفت أمامه منذ أسبوعين في ذلك المخيم على الحدود فهذه مليئة بالثقة والابتسامة لا تكاد تفارق وجهها وكأن الشمس قد بدأت أخيرا بالظهور من بين الغيوم لتملىء الدنيا حولها بالدفىء
استفاق تحسين من شروده على صوت ألديمير يسأل ياسمين بالإنجليزية :
- هذا التصميم على السجادة أين رأيته؟
عقدت ياسمين حاجبيها الناعمين بعدم فهم لما يقصده السيد الديمير  
وهي ترد عليه متساءله :
- لم أره في أي مكان لقد نسجته من مخيلتي...... لماذا هل هناك خطأ فيه ؟
وأخذت تتفحص القطعة التي أمامها مجددا بتمعن لعلها تكتشف الخطأ الذي لاحظه السيد ألديمير ولم تلاحظه هي .....نظركل من  السيد تحسين والسيد ألديمير لبعضهما للحظات بدهشة
سعل السيد تحسين مصدر صوتا للفت انتباهها ومتحدثا بلهجة مطمأنه
- لا  على العكس تماما   نحن معجبان جدا بهذا التصميم الجميل ونريد منك رسم بعض التصميمات الأخرى  من مخيلتك ليقوم باقي النساجون بنسجها أيضا فما رأيك ........وسوف تحصلين على مكافأة مقابل ذلك
أومأت موافقة بسعادة  فبهذه المكافأة سأعرض  جدتي على أفضل طبيب في المدينة فقد نصحها الطبيب الموجود  في المستشفى العام والذي فحص جدتها في اليوم التالي لوصولهم لبافاريا أن عليها عرضها على طبيب مختص بأمراض الصدر
معلنة لهما موافقتي بحماس كبير
صاح السيد تحسين وعيناه تلمعان بالإثارة :
- ممتاز
ليمسك بيدها فجأة مصطحبا إياها  أمام أنظار جميع العمال والعاملات في المصنع إلى مكتبه مجلسا إياها على الطاولة الخشبية واضعا أمامها بعض الأوراق والأقلام الكثيرة مبتسما لها بتشجيع
- هيا ..... أبدئي الرسم
............................................
خرج (ثائر ) إلى الشرفة ممسكا بكأس من عصير البرتقال وهو يراقب منظر غروب الشمس على التلال البعيدة والتي تجعل أشجار الحديقة تتلألأ كالكريستال بسبب قطرات الثلج العالقة بها والتي توشك على الذوبان
ملقيا بجسده الضخم فوق أحد المقاعد الخشبية الموضوعه على الشرفة زافرا بإرهاق وهو يضع ساقا فوق الأخرى وقد كشفت فتحة عنق قميصه الأزرق عن صدره البرونزي وعيناه تتابع بشرود المنظر الرائع الذي أمامه اما عقله فلا يكف عن التفكير في المشكلة التي تواجهه حاليا بسبب استقالة قسم التصميم لديه
سمع صوت هاتفه الخليوي يزأر فالتقطه ليجد اسم صديقه أصلان على الشاشه ليعتدل في جلسته مبتسما فمنذ وقت طويل لم يلتقيا ويتحدثا
رد بمرح متسائلا :
-  متى وصلت إلى ألمانيا ؟
استمع إلى إجابة صديقه لتتسع ابتسامته
- أجل لما لا دعنا نتقابل هذه الليلة على العشاء
أغلق هاتفه ليجد جوليا تقف مستندة على أحد أعمدة الشرفة تراقبه لتسأله بعد أن أنهى مكالمته بنعومة :
- هل ستتناول العشاء في الخارج هذه الليلة ؟
أومأ برأسه مؤكدا ما سمعته وهو يتجرع ما تبقى من كأسه دفعة واحده
تنهدت بحزن مصطنع وهي تقول بمكر آملة على ما يبدو في أن يدعوها معه للعشاء في الخارج :
- يبدو أنني سأتناول العشاء  وحدي هذه الليلة
التفت ثائر نحوها رافعا أحد حاجبيه بتسائل صامت لتجيبه على سؤاله الصامت بنبرة حزينه :
- والدتي  ستتناول العشاء مع صديقاتها هذه الليلة وجدي ليس على ما يرام وقد أمر بإحضار الطعام إلى جناحه وكنت أعول عليك  لتتناول العشاء معي .......لكن يبدو أن لديك خطط  أخرى
ارتفع جانب فمه بسخرية متسائلا ببرود :
- لما لا تخرجين للعشاء مع أحد أصدقائك .......فلديك الكثير منهم ينتظرون إشارة صغيرة منك ......... لذلك أرجوك توقفي عن ادعاء الوحدة لتحصلي على تعاطفي
وهب واقفا ليغادر الشرفة بسرعه
لتتشبث بأحد ذراعيه بقوة أثناء مروره أمامها وهي تحدق فيه وهي تتهمه بصوت غاضب حاد كفحيح الأفعى :
- لماذا لا تستطيع النسيان كان الامر مجرد نزوة وانتهت
وقفت أمامه تحدق في عينيه وعيناها مليئتان بالدموع متابعة التحدث بصوت مرتجف
- أرجوك ....لما لا يمكنك مسامحتي ؟ لماذا لا أستطيع الحصول على غفرانك لأجل هذه الهفوة
نظر إليها ثائر بغضب صارخا في وجهها بقسوة وعيناه الرماديتين تنظران إليها بإحتقار
- بالنسبة لي لم تكن مجرد هفوة جوليا بل كانت خيانة وعموما هذا الأمر لم يعد يعنيني في شيء
لينفض يدها بعيدا بعنف
مبتعدا عنها عابرا الشرفة بسرعة بساقيه الطويلتين
نظرت إليه بحدة وهو يبتعد وقد اختفت الدموع التي في عينيها كالسحر و الغضب والكراهية غيرت ملامحها الجميلة تماما
وهي تصرخ خلفه بحنق :
- اللعنة عليك
.........................
يمكن القول إن ساحة "الكسندر بلاتس" هي واحدة من أشهر الأماكن في برلين وهي أكبر ساحة في ألمانيا. ...
والتي تنتشر فيها أفضل المطاعم الراقية خاصة المطاعم اللبنانية المشهورة التي تقع في منطقة " فريدريكشاين" تناول الصديقان العشاء في مطعم (القدموس ) وهو أحد أشهر المطاعم اللبنانية حيث يقدم المطعم مأكولات عربية لذيذة خاصة شوربة العدس وجبن الماعز ( وشيش طاووق)
وضع النادل القهوة أمامهما بعد الإنتهاء من وجبتهما ............كانا قد لفتا بوسامتهما أنظار رواد  المطعم خاصة النساء  اللواتي حاولن جذب أنظارهما بكل وسيله لكنهما تجاهلا الأمر بخفة فقد سبق لهما أن تعرضا لهذه المواقف سابقا والتي تعاملا معها دا ئما بلامبالاة  كما الآن
ارتشف أصلان قهوته وهو ينظر إلى صديقة بتمعن
- اذن ماذا ستفعل بخصوص قسم التصميم لديك ؟
حرك ثائر أكتافه وأجاب بلامبالاة
- هذا من اختصاص قسم شؤون الموظفين هم المسؤولين أمامي عن توظيف غيرهم في أسرع وقت ممكن
رغم أن الزمن ليس في صالحي فمن المفترض افتتاح المعرض السنوي الخاص بماركتنا خلال شهرين
استرخى أصلان  في مقعده وهو يبتسم بثقة  : 
- أعلم أنك ستحرك السماء والأرض حتى تحصل على ما تريد
ابتسم ثائر بسخرية :
- أنت تعتقد إذن أنك تعرفني جيدا
ضحك أصلان بصوته الرجولي الأجش
- بالتأكيد ......... أنت شخص خطير لا أحد يفكر في جعلك عدو له إلا إذا كان غبيا
ضحك ثائر أيضا وأمأ موافقا وهو يقول :
- أتعلم ...... هذا ما أفكر به عنك أيضا
...........عاد ثائر إلى القصر متاخرا فقد كانت الساعة  تشير إلى الثانية بعد منتصف الليل كان قد قضى باقي ليلته مع أصلان  في إحدى النوادي الصاخبة  ورغم ذلك اتجه   مباشرة إلى مكتبه لإنجاز  بعض الأعمال كما اعتاد كل ليلة فلا رغبة لديه في النوم الآن جلس على المقعد  خلف مكتبه وقام  بفتح حاسوبه لينهي ما تبقى له من أعمال تحتاج إلى أن يطلع عليها  ليجد  رسالة مرسلة له  عبر البريد الألكتروني من السيد ألديمير مدير مصنع بافاريا  عقد حاجبيه وهو يضغط  على الملف المرفق داخله ليفاجأ بمجموعة من الصور لقطع من السجاد الذي قام المصنع بإنتاجه خلال الشهر الماضي كما هو مذكور  في الرسالة ليتم عرضه في المعرض السنوي
ظل ينظر إلى تلك الصور مندهشا من جمال النقوش والتصاميم التي يراها فكل قطعة من السجاد هي لوحة فنية بحد ذاتها
اخرج ثائر هاتفه الخليوي بسرعة غير مهتم بتأخر الوقت ليتحدث إلى الطرف الآخر بلهجة آمره
- قم بتجهيز الطائرة الخاصة  غدا صباحا للسفر إلى بافاريا
......................
خرجت من عند الطبيب المختص بأمراض الصدر والذي استدعاني ليعلمني بنتيجة التحاليل والفحوصات  التي طلب من جدتي فكرية القيام بها بسرعة بعد فحصه  لها  ............ لكن ما أخبرني به اليوم جعلني أكاد أفقد صوابي  هل سأفقد جدتي أيضا كما فقدت جميع أفراد أسرتي ؟
لا لا ...... أرجوك يا الله ساعدني لا تجعلني أفقدها هي الأخرى شعرت بقلبي يكاد يعتصر من الألم ودموع اليأس  المتحجرة في عيناي جعلتني لا أعلم إلى أين أتجه ؟ أو إلى أين أسير ؟
خرجت من صدمتي فجأة  على صوت حاد لمكابح سيارة تحاول التوقف بصعوبة
لأشعر بشيء يصدمني  بخفة لأسقط على الأرض بقوة صرخت  من الألم  الذي شعرت به نتيجة احتكاك ركبتاي ويداي بالأرض الإسمنتية الصلبة
صاح ثائر بغضب :
- اللعنة ... هل ترغب هذه المجنونه بالموت
ترجل من سيارته بسرعة متجها بغضب إلى تلك الفتاة الملقاة على الأرض أمام سيارته رافعا إياها من مرفقها بعنف لتصطدم بصدره العضلي بقوة
حدق الاثنان في بعضهما  ............ليتجمد الزمن بهما معلنا تمرده ورافضا التحرك قيد أنملة

أتمنى اسمع رأيكم تفاعلكم يحمسني لإكمال القصة
وتشجعي على كتابة هذا النوع من الروايات الشرقية ❤️🌹🌹🌹🌹

 رواية مهاجرة إلى حبه ج1  (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن