الفصل الخامس
"حبيبتي . أنا لا أستطيع رؤيتك هكذا دلالي هذا يمزق قلبي "
قالها مروان و هو يشد على جسدها ليهدئ بكاءها الخافت . قالت دلال بألم " لا أستطيع مروان . أنا للأن لا أصدق أني فقدته . أجد راحتي تتجه لمعدتي لتمسدها كما كنت أفعل و هو موجود . لا أستطيع أن أصدق أني لن أراه بعد أشهر كما كنت أنتظر "
قال مروان بحزن " حبيبتي هذه إرادة الله هل سنعترض . هيا دلالي كفاء بكاء و أنهضي أريد أن أخذك في نزهة اليوم . لا بل أريد أن أخذك في رحلة لبضعة أيام وحدنا بعيداً عن المنزل و الجميع لنكون أنا و أنت فقط ما رأيك "
قالت دلال بحزن " لا مروان ليس لي مزاج لذلك ربما وقتا أخر أرجوك ليس الأن "
تنهد مروان مستسلما " حسنا حبيبتي و لكن لنذهب للعشاء عند والدي على الأقل . لهم أسبوع يلحان علينا لنذهب "
أومأت مستسلمة رغم أنها لا تريد أن تذهب لخالتها و هى تعرف كم كانت تنتظر طفل مروان , عند ذلك الفكر عادت للبكاء ثانياً قائلة " حسنا سأستعد بعد قليل "
تركها تذهب لتجهز فتنهد مروان بحزن متمتما " أقسم حبيبتي ليس هناك ما في رأسك . أنا لن أسمح لأحد يوماً بأن يقول كلمة تكون سبب ضيق لك "*****************
تتقلب على الفراش بعدم راحة و هى تنظر إلى الساعة بجانبها لتجدها قد تخطت التاسعة . منذ ذلك اليوم و هما يتجنبان بعضهما يغفو جوارها و لكن لم يعد يلمسها و ذلك يحرق صدرها و يؤكد شكوكها التي أبى أن يعترف بها . لم يعد يحضر زينة لهنا أو يأخذ الولدين لهناك كما تعود . و لأجل أزمة شقيقها و زوجته لم تخبر والدتها الفترة الماضية . لم تشأ أن تكون سبباً في ضيق أخر لها . فقط تلتقي بمنار و تمسك بدليل إدانته و عندها .. فتح الباب و دلف محي للداخل بهدوء . أضاء المصباح و أغلق الباب خلفه و بدأ بنزع ملابسه و حذائه . توجه للخزانة ليخرج سروال منامة و أرتداه متجاهلا وجودها و هو يعلم أنها مستيقظة . فالوقت مازال باكرا . استلقى بجانبها بصمت يتطلع لسقف الغرفة . فقالت بضيق و هو تتحكم في غضبها " لقد نسيت الضوء "
التفت إليها محي و قال بهدوء " أريد أن أغفو و هو مضاء لديك مانع "
همت أن تنهض لتخرج من الغرفة قائلة " حسنا على راحتك "
أمسك بذراعها يمنعها ترك الفراش قائلاً بحدة " لأين "
ردت ببرود " سأتركك تغفو على ضوء النهار إن أردت و لكني لست مجبرة "
قال محي بجدية " لن أسمح لك بترك الغرفة هناء فلا تفتعلي مشكلة "
قالت بسخرية و بمرارة " أين كنت للأن "
أجاب بصدق " لدى ياسين تناولت معهم العشاء "
نظرت إليه بألم . مازال يذهب إليهم . ليؤكد شكوها لا لينفيها
أخفضت عيناها تخفي دموع القهر و استدارت تعطيه ظهرها . حسنا لا تريد دليل و لا تتأكد من شيء ليتركها إن كان يريد الأخرى ..شعر بالغيظ من برودها و عدم مبالاتها الن تسأله على الأقل ماذا جعله يذهب بعد حديثهم . ألا تهتم بما يفعله .. هل عمى لهذه الدرجة عن صدق مشاعرها تجاهه .. كل هذه السنوات كان بالنسبة لها مجرد زوج و أب لأولادهم.. ليس حبيبا؟؟ . بالطبع فهما لم يتزوجا عن حب بل كانت زيجة كمئات الزيجات يتعرف على العروس و إذا أعجبته يتزوجها و هو .. هو لم يختلف كثيرا عن تلك الزيجات بغير شيء واحد فقط هو أنه وقع في هواها منذ لحظة دخولها تحمل أكواب العصير خجلة مرتبكة ليجيب قلبه عنه و أنها هى ساكنته .. قالت بصوت جامد تخفي ما يعتمل في نفسها
" إذا أردت الطلاق أنا .. أنا موافقة فلننتهي "
تتحدث بلامبالاة و قلبها يموت ألما . قال محي بهدوء غير مظهرا لمشاعره " حسنا كما تريدين و لكن بشرطين إثنين "
أغمضت عيناها بقوة و صرخة عذاب تريد الخروج من صدرها لهذا الحد لم يعد يبالي بحياتنا معا و لا بأولادنا ببساطة يريد ترك كل شيء و شخص من أجلها لهذا الحد يحبها . متى حدث هذا و هو كل يوم كان يغفو في أحضاني كما كان يقول . فيما قصرت معه . فيما أخطأت .. لم يصدر عنها ردة فعل و هى تعطيه ظهرها فوضع يده على كتفها يديرها لتنظر إليه بعيون دامعة قائلاً " لم تسألي ما هما الشرطين هناء "
خرج صوتها مختنق " لن يفرق معي محي المهم أتخلص منك "
كم يؤلمه حديثها . كم يؤلمه عدم ثقتها به . كم يؤلمه التخلي عنه بهذه البساطة و عدم المحاربة من أجله . هى لم تحاول التمسك به و لو قليلاً .. قال بهدوء " شرطي الأول أنت هناء "
ملامح وجهها جامدة من الصدمة تحاول أن تنفي ما خلف حديثه و تؤكد لنفسها أنها فهمت بشكل خاطئ و هو لا يطلب ذلك حقاً . قالت بجمود " لم أفهم "
قال محي بقسوة من شدة قهره لشكها به منذ البداية و أوصلتهم لهنا " قلت أنت أريدك كزوجة محبة كما كنت معى كل تلك السنوات "
لاحظ أرتجاف جسدها من الصدمة و لكنه لم يهتم حقاً لقد جرحته بتخليها عنه بهذه البساطة . أضاف ببرود " أنهضي و تجهزي لي . ضعي عطري المفضل و أرتدي الثوب الذي أحبه و أتركي شعرك مسدلا و لا تضعي حمرة أريد أن أشعر بمذاق شفتيك لا مذاق الحمرة "
قالت بصوت مرتعش " أنت لا تطلب هذا حقاً "
قال لها ببرود " لماذا لا أطلب . أنت مازالت زوجتي و لي حق في كل شيء بك جسدك قلبك روحك و حتى أنفاسك "
لن تظهر ألمها له ليشمت بها لن تريه أنه قتلها و طعنها في مقتل بحديثه و طلبه لن تظهر له أنها تريد الموت الأن و أنها لا تتخيل أن يلمسها و هو سيتركها من أجل أخرى . لن تسمح له بذلك و لو كان أخر ما تفعله .." شرطك الثاني لأعرفه أولاً "
تريد أن تعرف لأي درك هبط .. قال بلامبالاة " عندما تقومين بشرطي الأول "
" أنت لا تظن حقاً أني سأفعل ذلك معك بعد الأن "
قالت بصوت مختنق
قال لها بمرارة " لم لا .. ألا تريدين وداعي أنت أيضاً "
أغمضت عيناها بألم أيسأل القاتل المقتول إذا كان يوافق على طعنه ليموت . فتحت عيونها ترمقه بجمود قائلة بخفوت تقول اسمه بألم و خيبة " محي "
أضاف بجمود " أعديها شكراً لي لتركك كما تريدين "
تمتمت بألم و قلبها يتمزق لأشلاء
" حسنا "
نظر إليها بقسوة رغم حزنه و ضيقه من نفسه لم يفعله بها و لكنه حقاً مشتاق إليها و لن تقبل تقربه برضاها . و لم تتح له الفرصة خلال الفترة الماضية للحديث و التفاهم معها منتظرا ليجتمع بالجميع و يتواجهون و هذا ما كان يأخذه لمنزل ياسين حتى لا يظلم أحد و يتأكد قبل أن يواجههم بها مستغلا فترة إنشغال الجميع بمصاب دلال و مروان و لكن هى بدلا من سؤاله عن ما كان يفعله هناك تخبره أنها موافقة على الطلاق دون أن يطلبه منها .. حسنا هناء لن أشعر بالشفقة على وضعك هذا و أنا أعلم أنك تموتين بداخلك من فكرة قربي و أنا على علاقة بأخرى .قال محي بهدوء " أنهضي إذن و أفعلي ما قلت "
نهضت بألية كالروبوت تتحرك في الغرفة أمامه تخرج ثوب مكشوف الصدر قصير بحمالات رفيعة تبدله أمامه و تتجه لطاولة الزينة تمسك بالفرشاة لتمشط شعرها و تضع بعض العطر و تعود للفراش بجانبه تجلس و عيناها تختفي خلف سحابة كثيفة من الدموع و تكاد تمطر بغزارة . وضع راحته على وجهها ليديره ناظرا إليها لم تتبين تعابيره من كثرة دموعها التي بدأت تهطل بغزارة .. أنحنى نحوها و شفتيه تلتصق بوجنتها المبللة برقة تمر عليها بحرارة و يده تزيح حمالة ثوبها . أغمضت عيناها بقوة و جسدها يلين تحت لمساته لتكتشف أنها تشتاق إليه و تريده بالفعل . كيف ستتحمل ابتعاده عنها . كيف ستكمل حياتها بدونه كيف ستتحمل فكرة أنه مع أخرى و لم يعد لها بعد الأن . خرجت شهقة بكاء خافتة ليمنعها هو أخراج أخرى و هو يدفعها لتستلقي و شفتيه تكتم شهقاتها و عقلها ينغلق على كل شيء إلا هو و لمساته الرقيقة المحبة كما كان زوجها من قبل . لا تفهم شيء إذا كان يحب أخرى لم يلمسني بكل هذه الحرارة كما اعتاد . فكرت بمرارة ربما هى عادة بالفعل أيتها الحمقاء . همس في أذنها برقة " لا تفكري إلا بي و بحبي لك "
كادت تصرخ غاضبة . حب ماذا و أنت ستتركني لأخرى تمتم بحرارة و يديه تزداد جراءة فاقدا سيطرته على مشاعره و لا يتذكر غير عشقه لها . " اه حبيبتي حبيبتي اشتقت إليك . أحبك . أحبك هناء "
بكلماته لم تحاول كبح جماح رغباتها هى أيضاً ليكون لقاءهم حار يأس متفجر تركهم فاقدي الشعور بما حولهم إلا ببعضهما..
أنت تقرأ
مدللــــــــــــــتي
ChickLitمدللتي أواصرٌ تحت قبة الدفء و الوئام ... تداولت بينهم الحكايات و الأيام ... فهذان تلقفتهما يد الحياة و الحبّ قد وُلِد معهما ، لتدور عجلة الزمن و يكلل الهوى بزواج تعاهدا به على ديمومة الود ... فأراد القدر اختبار صبرهما بامتحان صعب واجهاه ندّا لندّ...