الفصل الثلاثين، تصحيح خطئ...
. جلدت نفسي عن الهوى ومنعت قلبي عن الحياة وأخذت عليه العهد والميثاق الغليظ، ولكن جبان وخائن، خفق باكياً لوداعها، ولغيابها، اتي لنفسه مصبية أخري، أيها الملطشة يا صاحب المصائب، أخرس ولا تحدثني مرة ثانية وان رأيتك تشتكي يوماً من جفاءها ساقتلك وارتاح منك ومن حديثك الثرثار... نعم انا أعي ما اقول اسكت واصمت تمامآ، لا رد الله لك صوتاً....هدير بحزن... هتنزل لغلاب...
أدهم بهدؤء... لا تعبان وهنام على فرشتي...
هدير بسعادة... بجد.. طاب اتسبح وانا هجبلك العشا... انت جعان صح...
ادهم بهدؤء... جعان...
هدير بهدؤء وسعادة... ثواني والاكل يكون عندك. وانطلقت سريعاً لإعداد الطعام، فربما يحدث بينهم حديث يصلح بعض ما أفسده أمس... وربما يكون هناك أمل... بعد كل شيء مر....
سكنت وسام في فراشها وبجوراها حليمة تراقبها في سكون، ورحل الجميع لغرفهم... وهنا سكنت هدير في فراشها تود الحديث إليه، تود إيضاح الصورة، أو تبيض صورتها، خلق بعض الود بينهم بعض السكينة، توترها كان واضحا لقلبه حتي قال وهو يعتدل بجذعه مستند علي الوسادة قائلا... مالك عايزة تقولي حاجة...
هدير بهدؤء... مش عايزة اقصد كنت عايزة اعرف فينك الايام اللي فاتت...
أدهم بهدؤء... يهمك تعرفي... لو حاجة قولي..
هدير ببعض الشجاعة... ايوة عايزة، عايزة اطمن علي، علي جوزى. ..
أدهم بهدؤء... متقلقيش انا بخير زى ما انتي شايفة...
اخفضت رأسها بحزن، وامتلئت عيناها بالدموع قائلة بندم " انا عارفة انك مش مسامح وعارفة انك زعلان وانا كسرت تقريبًا كل حاجة بينا، بس والله انا كنت خائفة ومكنتش عارفة اتصرف، انا حاسة نفسي خائنة، حاسة اني وحشة اووووى، انا مخترتكش بالغصب، انا اختارك وانا عارفة انك الإنسان الصح، والله العظيم مافي حاجة ما انت اللي شوفته أو فكرت فيه. أدهم ممكن تسمعني، اسمعني... "
أدهم بهدؤء وهو يمسح دموعها... اتكلمي... بس هدير فلتري كلامك.. هاه الدبش العسللل بتاعك دا مش وقته....
هجيب بابتسامة توراي ضحكاتها.... هو كان إعجاب بشخصية عبدالله الله يرحمه، كان عاجبني انه بياخد قراراته من نفسه مش بيراجع حد، كان في جزء شبهي حسيت انه شخصيته وهبته شيء جميل، كان نفس الصورة اللي رسمتها لبابا قبل ما يتشل، لأنهم قالوا انه شبهه، بابا اتبدل بعد مرضه ومكنش قدامي غير الصورة، صورة بس...
أدهم بهدؤء... والصور والحاجة اللي شايلها شايلها لي...
هدير بهدؤء... معرفتش احرقها معرفتش احرق صورة بابا، انا فضلت سنين اقارن بينهم لحد ما شوكة معتصم قويت وحسيته فعلآ سندي وبتحامي فيه، وعمره ما رفضلي طلب، وقتها نسيت الصورة بعبدالله وفضلوا في العلبة، لحد ما اتجوزنا وحسيت بالذنب بإعجاب زمان. ؤ وخصوصا انه اخوك، بس والله العظيم لولا السبب دا عمري ما كنت شوفته، في الأساس انت الراجل الوحيد اللي لو ليا نصيب في الرجال فيكون انت مش غيرك، أدهم انا مش عايزة اخسرك... ممكن تفضل وتسامحني اديني فرصة... عشان خاطر ربنا....
تنهد في هدؤء، حديثها لا يحمل الكذب ولو بشق تمرة حديثها صادق، حديث نادم وبشدة وقلبه مشتاق حقا، مد يده ليشمل وجهها ويقربها منه، لتري إنه قبل اعتذارها وتندفع الي أحضانه، باكية بحرقة، فقد عاشت ليالي طويلة، ذاقت فيها ألوان الوجع والاشتياق والندم، زاد مرضها فيها ولم يكن الدواء بطبيب مناسب، لغيابه، فهو طبيب غيابه وسكن حالها،... لحظات حتي غابت في أحضان لتنام بسكون ورفق وهوو يمسح على شعرها بحب ويقبل جبينها، وينظر لهآ بعشق متزايد وحب جم.... حسنا عزيزتي لعل القادم خير لا تقلقي........
.... وفي غرفة رضوانة قالت بهدؤء... أي يا معتصم مش هتاكل...
معتصم بهدؤء... جعان نوم والله يا بت عمي...
رضوانة وهي تربت على كتفها... ما خلاص الغايبة اللي مطيرة عقلك رجعت بالسلامة مالك..
معتصم بهدؤء... رضوانة دي أمانة..
رضوانة بهدؤء... شيلتك تقيلة عارفة...
معتصم بهدؤء... ابوي كويس صح...
رضوانة بهدؤء.. نحمده على كل حال... أي هتنام.. دا انت بقالك كتير مش بتطل علي... ولا حتي بتشوفتي للدرجة دي زاهد فيا...
إبتسم بهدؤء قائلا... رضوانة انتي مراتي وعارف اني مقصر معاكي في حاجات كتير بس اوعدك هعوضك الفترة اللي فاتت كانت صعبة واهئ عدت...
وشملها بيدها لتتسود احضانه وهو مدد علي الفراش ليقول " وان شاء الله هنجهز قريب لفرح كرم طولنا عليه"
رضوانة وهي تنظر لها بهدؤء... " ربنا يسعده ويفرحنا بعوضه" وصمتت قائلة... عايزة اطلب منك طلب بس خائفة تزعل...
بهدؤء قال... قولي...
صمتت ثوان قم قالت... البت عطر بتتعوز كل فترة تزور ابوها وكنت عايزة إذن يعني
معتصم بهدؤء... اذنك معاكي يابنت عمي خليها كل اسبوع تزور ابوها وتقرأ ليه الفاتحة ولو عايزة فلوس توزعي على روحه قولي رقبتي سدادة..
رضوانة بهدؤء... تسلم يا معتصم...
قبل مقدمة رأسها بهدؤء وأخذ يمسح على شعرها وراسه يمور بالأفكار والخواطر، ليلاحظ تذمر ملامحها ظن منها أن يفكر بها، ليتقرب منها بهدؤء مقربا جسدها لها، معطئ لها بعض من وقته وتفكيره، فهي زوجته، ولم يلحظ تغير حالها الا من فترة ليست بقربية، كام عاشوا سنوات جافة وكانت تلؤم دائما علي حالها اول تلك السنوات ولكن مع الوقت والصبر تندمل الجروح وهي يعلم رغبتها في طفل تعيد فيه حقها السابق، طفل يكون الوريث والسند والأمان، وهي لم تخطئ يوما في غيرتها عليه فهو حقها، مثلما هو يلوذ بحق قلبه، هو يعلم أنها حرة حسب حكمه فهي زوجته ليس لأحد حكم عليهآ غيره، كانت دائما تكره شروده حقها أيضا، حتي اخطاءها بفعل الغيرة حقها، فهي انثي والانثي تحب وتحب أيضا حد الامتلاك وهي فقط تريد أن يكون لها نصيب منه ومن كل شيء يحوذ على إسمه، ولكن أعود مكررة انها زوجته وكل شيء حقها حتي أخطاء غيرتها مباحة.......
وفي حق المباح والمرفوض، سكنت شقتها ببكاء وشهيق شديدين لجرح كرامتها وقلبها الحديث، خدعها دمرها، جعلها عاهرة، عاهرة باسم الحب وبارداتها، تصرخ وتبكي بشدة تخبط رأسها في الحائط، تضربها نفسها بلا رحمة، لا فائدة لن تتطهر من ذنبها حتي عندمآ جمعت قوتها وهي تستند على الحائط وتسير للمرحاض لتشغل المياه وتسكن تحتها لعله تستطيع إضافة جزء نضيف أو إيجاد حل يعيدها طاهرة خالية من روث هذه الحب، تغمض عيناها فتتذكر مذبحتها، هي الدجاجة التي وضعت حافة السكين على رقبتها بل وأمرت الجلاد بالتنفيذ، هي من حكمت في قضيتها ولم تنتظر التهمل بل انطلقت تبحث عن بقايا حب لتجد رماد روح، لتجد مبدأ جديد تحي به، وهو الانتقام لا يستنفي ولا يستحدث من عدم بل يتكون بإرادتنا وبيدنا ولعن الله قلوباً، قلباً قلبا يوما واحدا، زاد بكائها ونحبيها، لتفتح إلهام باب المرحاض وتغلق صنبور المياه الذي أغرقها واغرق ثيابها، وتحاول جذبها من مكانها وهي تنتفض وتبكي بألم، لتعلم انها بكل سرعتها وقوة زوجها، لك تنقذها من هذا الفخ المسموم بواسطة نياب هذا المارد... أخذت تضم اختها التي دفعت حالها داخل احضانها شاهقة باكية... تربت على ظهرها بحنان تعلم مقدار ألمها وتعلم مقدار خطئيتها ولكنها اختها الصغري من الصعب القسوة عليهآ، لحظات حتي برد جسدها وسكنت لدقائق ساقطة أرضا بلا حراك، لتصرخ الهام بخوف قائلة "نسيم نسيم اختي رد عليا يا باشا الحقنيييي"..........
..... وفي مثل هذا الوقت قالت زمزم... متأكد من قرارك دا...
مالك بهدؤء... ب٩٠ في المية ايوة متأكد...
زمزم بهدؤء... خايفة تتظلم...
. مالك بهدؤء... كانت هتغرقنا كلنا لوهم في دماغها لازم تفوق..
زمزم باشفاق عليهآ... بس مش بالغصب يا مالك برضو...
مالك بهدؤء... متقلقيش انا واخد بالي منها برضو وهحط الف عين تطمني عليها.. متقلقيش..
زمزم بهدؤء.... انا واثقة انك هتعمل الصح..
مالك بحب وهو يرفع وجهها له.... بجد.
زمزم بهدؤء... ايوة بجد..
ضمها إليه قائلا... ربنا يخليكي ليا واكون قد ثقتك دي....
إبتسم له وجعلها تسكن أحضانه.... لتنعم ببعض الخدؤء، ثم يزورها النعاس لتسكن بهدؤء داخله، وليتعمق في النظر إليها، يعشقها أكثر فأكثر كل لحظات القرب والبعد، هي سكنت داخله، حقا احبها بنهم شديد، ذاق في عيناها إحساس ذو طعم خاص لا مثيل له.... لحظات حتي سكن هو الآخر بأمان وقلب مشتاق ولكن شوق طفيف يزوره ولكنه يعد نفسه بأنها ايام فقط، لتكون خاصته قلبا وقالبا مجرد وقت......
..... عاد معتصم من صلاة الفجر، وفجأة وجد قدمه تمر على غرفتها وبه رغبة تفقد أحوالها لاحساسه أنها ليست بخير .. دلف الي الغرفة بهدؤء، هذا جناحهم الذي كان المفترض أن يكون جنة ولكن جحيم لا أكثر، لاحظ تصبب العرق الغزير منهآ، وتاوها، واقترب يلاحظ ألمها المتزايد ويتذكر حالها عندما في نفس الحالة من ذي قبل، ولكنها في اسؤء منها وأشد.. تنفسها بطئ وصعب أيضا، وجسد يرتعش من شدو الحرارة ونظرة على جرحها الفائق الحي، ليجد متلهب وحاول لمسه، فتالم بدون وعي منهآ وسط مرضها هذآ، لتدلف والدته قائلة بتعجب.. معتصم..
معتصم بهدؤء... كويس انك جيتي تعالي ساعدني نغير لها الجرح وخلي حد يجيب الحقن بتاعها بسرعة...
تقدمت والدته له تساعده في تغيير جرح تلك المسكينة التي أصابها الاعياء الشديد... وحضرت الخدامة بعد قليل بالحقن المطلوبة... وقامت سناء بصنع بعض الكدمات لها... وحقنها معتصم بتلك الحقن، وعدل وضعية نومها وأمر الخدامة فور إتيان مطاوع أن تبعثه لاتيان بالطبيب. .. بينما هي هدأت قليلاً بعد أخذ الدؤاء.... ليقول لوالدته.. روحي ارتاحي انتي يا أمي... ابويا هيقوم وممكن يحتاج حاجة وحبة وهتلاقي حليمة فاقت...
همت بالاعتراض فقبل رأسها قائلا... أي انتي عايزة الحج يزعل مننا ولا أي...
سناء بهدؤء... إللي تشوفه، خد بالك عليها وانا صاحية لو احتاجت حاجة شيعلي، بس هي رضوانة هتسكت على قعادك...
معتصم بهدؤء.. متشليش هم انتي...
غادرت متعجبة، فهي تعلم أنها لن تصمت علي ما حدث هذا. ... بينما هو جلس بجوار تلك المريضة... التي مسح علي رأسها بهدؤء متألم ملامحها التي تعذبه لا أكثر.... وأخذت عينه يتألم تلك الشامة التي توجد يمين وجهها أعلي شفتيها بحب شديدين، ملامحها وذكريات الأمس تسرقه ليرحل للماضي ايام كانت ذات اربع خمس أعوام لا تعلم شيء لم يلوث قلبها بالماضي ومافيه ولا بمتاعب الحياة واليتم، ولحظات لاحظ شعرها بشيء من البرد فدثرها جيدآ بالغطاء متذكرا لعبها هنا وهناك وتذكر عشق لعطر ما جعله عطره المميز فيما بعد، يتذكر برائتها وعفويتها السابقة، تلك الذكريات التي تحييه وسط زحام حياته وتهالك روحه، وسط أزماته يجد بعض السرور الماضي الذي وجده في الأغلب جلف وجاف.... وعند إشراق الشمس... افاقت حليمة قائلة بصدمة" معتصم"... آفاق من شروده سريعاً... قائلا.. كويس انك قومتي، خدي بالك عليها، عن ازنك...
لم يلبس دقائق حتي غادر حتي لك تعرف لما اني الي هنا من الأساس؛.. وما حدث ولكن هذا الشاش والقطن الملقي يوضح أن فتاتها كانت تعاني وهو اتي ليساعدها وسط نومها من شدة التعب، كيف نامت ولم تشعر بصغيرتها المتالمة وسط نزوله قابلته رضوانة بغضب قائلة... كنت عندها...
نفث في ضيق قائلا... بعدين هقولك يا رضوانة...
أمسكت يده قائلة... لا دلوقتى يا واد عمي...
شمل وجهها قائلا... مش بحب ابرر بس متحسيش جرح لكرامتك، انا رجعت من صلاة الفجر وطليت عليهآ لقيتها تعبانة غيرتلها علي جرحها وامي كانت معانا واتطمنت انها بخير ومشيت وهمشي عشان ورايا مصالح...
وتركها ورحل... هو لا يقدم الأعذار في العادة ولكنه لاحظ انها وقفت جريحة تمنعه من الرحيل، فللصدق قليلاً، هو أخطأ في حقها، فكيف يكون في غرفتهم ومعها ويفكر في أخري، رغم أنها هناك شيئن لا يريدان الاجتماع في أحدهما، فرضوانة تشعر برجولته، بسلطته الموجودة بدونها أيضا ولكن تهبه بعض الحنان الذي يستحيل أن يطلبه من والدته بعدما أصبح مسئول عن الجميع، تمنحه الإهتمام، وتشعر أن بعض بعض عقله الذي يمنح لها وحكاياتها شيء هام ويري أن طفلهم الذي لم يأتي بعد إنتصار عظيم لها وحدث يستحق الاحتفال من أجله والقلق لعدم حدوثه أيضاً، وهذا حقا لم يكن بتلك السهولة، فكم تحمل اتهامات في بداية هذه الزواج انه السبب في فقدان زوجها ورحيل اب ابنتها ليتركهم وحيدتين في هذا العالم الظالم ولكن باللين والعدل والايام ليرحل البأس ويعم بعض الهدؤء والعدل والمحبة، وأما وسام فهي قلبه وقطعة من روحه مدللته الصغري، رغم حبه ولكنه يظل ثباتا أمامها رغم أنه أضعف من ذالك، وأنه يلين بمجرد رؤية ابتسامة ولكنه يطل صلب لا يشتكل أمام أحد ويخفي ما بداخله لا يبوح به ولا يعلن عنه حتي وإذا اقسم العالم علي شيء فهو لن يتزعزع ويتغير ويتبدل وهو يعلم أنها لا تريده، وان آخر مرة وهي تودعهم كلن وداعها مخيف وهي تراه سفاح لا أكثر، كان عليه أن يعلم أن الصغيرة لن تنسي له ابدا قتل فرسها الصغير ولكنها ستظل صغيرة لا تعلم شيئا إلا الظاهر وهو يتكلل عناء الحماية والرعاية والصبر، ويتحمل فوق قدراته ويحارب حروب ليست له ولا يريدها من الأساس ولكن هذا كله ليس فقط لوصية عمه ولكن من أجلها هي، هو لا يريدها بمكروه حتي وان لم تكن بين يديه وملكه، فقد قال جده من ذي قبل القلوب لا تملك بل تتملك...... وهو لا يمتلك قلب أحدهم وحتي وان كان أحدهم ملك وامتلك قلبه سراً...... باشار عمله وأخذ يتطلع للحسابات والعمال والحصول ويطمئن على إنتاج هذه العام وعلي إنزال عائلته واستقر أمره في مزرعته يزور ويري شان ساكنيها من البشر والحيوانات وخاصة عزيزه كهرمان... فرسه الغدار القوة الذي اشتاق له حيث انه لم ينتطيئه منذ حادثه الأخير، ليطمعه بحب قائلا.... وحشتك صاحبك يا كهرمان...... وأخذ يمسح على عنقه ليداعبه الفرس بحب ويمد راسه على كتف صاحبه بسعادة بالغة... ويعود ياكل حبات السكر من يده... ويبتعد عنه قائلا وكأنه يخبره، هيا عزيزى لنتجول قليلا باقصي سرعة ممكنة لنسابق الرياح حتي تلقي همومك، اشتقك لك انا ايضا، أليس لي حق!!! ".... لحظات حتي قرأ معتصم عيون فرسه وركبه لينطلق الآخر بسعادة كبيرة يتجول في الحقول والطرقات وكل مكان يعرفه وذهب به صاحبه من قبل.....
..... أشرقت الشمس ولكن قلبها مظلم ولم تتحرك من الأمس قيد أنملة ... مازالت علي حالها بدموع صامتة، ليطالع محياها قائلا... حور انتي سامعني انتي كويسة طايب... حاول مسح دموعها الساقطة التي تعذبه فابتعدت يده عنها في عنوة وازداد نحبيها واختفت وجهها بألم شديد... فتالم قائلا.. حور انا اسف انتي غلطتي، انتي طلعتني عن شعوري.. مكنش قصدي....
وحاول الاعتذار منها ولكن لا فائدة مازالت تبكي ويزداد بكاها وحرقتها، لفت الغطاء حول جسدها بإحكام شديد وتعالات أصوات شهقاتها لا أكثر، هي مذقته بصراخها هذا، شعر بأن قلب صريع يصارع الموت، لا يستطيع الحياة لثوان ليهوى لأقرب مقعد يحاول جمع شتات نفسه، يحاول إيجاد حل لهم، لعله يعيد شيء مما قد تحطم.... وهو ينظر لها بحزن شديد قاتل، يضنئ حاله ويجلدها على غضبه المتزايد............. .....
........ جلست زهر بهدؤء في شرفة منزلها لتستمع فاضل يحدث والدتها قائلا... يعني محدش لقي الصورة يا حجة...
فوزية بهدؤء... لا والله يا ولدي... محدش لقي حاجة.
وهنا اندفعت زهر وهي تضع وشاحها على رأسها قائلة... في أي ياما...
تعجبت فوزية من فعلة ابنتها، فلا يجوز أن تظهر أمامه ولو علم أحدهم لسوق تقوم كثير من المشاكل هم في غني عنها....
هتف فاضل بهدؤء... لا مافيش حاجة..
وهنا أخرجت صورة صغيرة من جيب عبائتها قائلة... بتسأل على دي....
ونظر للصورة بهدؤء وهو يضع يده أسفل يدها قائلا بهدؤء... ايوة هي شكرا ليكي....
واسقطت الصورة في يده للحظات نظرت له ولكنه أغفل عينها عنها وأخذ حاجته ورحل، لتنظر لها والدتها بشيء من الصدمة قائلة... اللي جاب حاجته عندك يابت بطني...
زهر بهدؤء كاذب... البنات كانوا بيفضوا الهدوم، وقعت وخدتها عشان اديها لعدنان ونسيت ولقيتها الصبح في الهدوم فشتالها.....
فوزية بشك... وماله يابنتي، بس بعد كدا مالكيش صالح بأي حاجة انا هعملها بنفسي، يلا قدامي....
..... ودلفت زهر بتذمر الي غرفتها وهي تتنفس بضيق، تخاف من يلاحظ أحدهم تبدل حالها وخاصة أمس عندما كان بضيافة وأخذت تسرق من حين لآخر السمع والنظر له... تبدو كلعبة ولكنها حقا نهايتها لو علم أحدهم بشيء، هي لا تريد لها السؤء ولكن غرق قلبها يا بشر غصبا عنها، حاولت الهروب ولكن تهرب لتجد حالها تغرق في ملامحه والحديث الذي تسمعه من والدها واخاها في مدحه وقولهم انهم حقا قوى وصاحب خلق وصبر، ولكنهم لم يخبروها يومآ من هو، وهي لا تملك قوة السؤال، لأنه هذآ غير مباح، وخاصة لها... وقع عند ابيها الكثير وتقدم لها الكثير من الرجال كانوا أجمل وأشد وطئا ولكن فقد لمس داخلها وتر لم يمسه احد... دون حديث، فمابالك لم تحدث واستمع له، ولكن تفيق من هذا كله علي الواقع، أن حدث المستحيل وشعر بأن هناك قلب يريده، فقانونهم سوف يرفض هذا بكل السبل وربما يودي بحياتها وحياته اشتد الأمر سؤءا، ولهذا نفضت مافي داخلها من أفكار وسكنت تنظر لأحد الكتب التي في يدها لتكمل قرائتها ولكنها تشرد لتعود لنفس النقطة، لتجد دموعها نزيلة حزنها الدائم...... وأما فاضل فكان يبلغ والده وقادته بكل شيء يصل إليه وكان مخططه يسير بشكل رائع، فعلمه بالطرق السرية في المكان وخطوات السير ساعدتهم في الحد من حدوث جرائم والأمساك بالكثير من المجرمين ولكنه لم يصل بعد لمراده ومعرفة من ارواد قتله، لأن آخر ما توصل له أخبره بأن من يراقب ليس من يحاول قتله، فكر وخشي أن يكون هو، ومن غير يستطيع صنع هذا وحتي إذا استعان بمجرمين، انها قائد ولا عتب ولا عتاب عليه ولا علي شخصه، ولكنه لو أراد قتله لصنعها منذ أمد، لما كان يبعده عن شيء، اختلطت عليه أفكاره، هل الراغبي يحاول إبعاده عن عائلته ام انه لم يصل بعد لضالته، ومن تلك العصابة التي تحاول قتله والتي استخدمت نوع سلاح حديث وحاول أن يتذكر رسم هذه الرصاصة محاولا تذكر أن رآها من قبل ولكنه لم يتوصل الا لرؤية مشوشة فقط... لم يصل لدليل ولا لضالة ولكن علم بعد فترة مكثوه هنا أن من حاول قتله ليس عصابة ولا فرقة ولا عدو ولكنه فقط ثار قديم، فليس عليه أن يعلم أكثر من هذا أن السبب في جروحه السابقة هو لا غيره..... ولكنه سوف يلعب معه ويتابع الأمور من جميع الزوايا وتذكر انه من فترة طويلة لا يعلم اي شيء عن صغيرته اي شيء ولا عن حمزة وبسام، حقا أهمل في حقهم............ ....
...... وفي هذا الوقت جلست الهام بجوار أختها التي أصابها حالة انهيار حاد كنا سبق وذكر الطبيب، جلست بجوارها بهدؤء تراقبها وتراقب ماحدث لها، فقالت... هنعمل اي يا باشا...
الراغبي بهدؤء.... ولا حاجة هنستني الأول تقوم ونعرف حصل اي بالظبط وبعدين نقرر العقاب... لك ليها وليه.. بس تقوم عشان نرجع... ..
الهام بهدؤء... يارب، انا اسفة على اللي حصل، و...
الراغبي مقاطعا... عارف انك زعلانة بس مش انتي اللي هتتحملي الغلط دا... هروح ارتاح ولو احتاجتي حاجة بلغي الرجالة....
.... ورحل وهي تعلم أنها هذا الأمر خالف قواعده ولكنها لم تضحي باختها بأي حال من الأحوال وهي تعلم أنه لن يكشف سرهم ولن يخبر احد، بل سيكون أكبر دعم لهما وأكثر من يساعدهم على الانتقام... لاحقاً ولكن بالأول وفي البداية فلتعود هي من غفلتها تلك... وأما عن المارد فهو جلس يحرق حاله غضبا، يتذكر انه يتألم ولكنه يتذكر انه اذاقهم بعض من ألم ابنة عمته التي بكت كثيرآ من فقدان والديها، وخاصة والدتها التي قتلت بدون وجه حق، هو مهما أعجب أو تحب أن ينسي العذاب ورائحة الدماء التي طالت عائلته قديماً، هو لم ينسي عذابها، عذاب اخته التي علم انها ذاقت بسبب تلك العائلة الكثير من الحزن والفقد وخالها المتالم الصامت ترك حق بسبب خداع اختها له، كذبت عليه واستغلت ثقته لتجلده متعذبا بمشاعره، لتأتي تلك الغبية وترمي كل هذا الأوراق في يده وتحدثه عن الحب، اي حب عزيزتي العالم لا يحمي المغفلين، والعشق لا ينجي من الهلاك ولا يغفر ويعيد من رحلوا وتالموا...... ...
وفي هذا الوقت استقظيت لوجين بعناس لتلاحظ انها ليست على فراشها وأن هناك من يجلس يتربص بها وبتحركاتها ليقول " صباح الخير ياختي كل دا نوم"
انكمشت بفزع لوجوده في غرفتها ليكمل قائلا " لا متخفيش والنبي، واعملي حسابك أن النهاردة استثناء بس وبعد أكلنا وربنا وغسلنا وشقتك يكونوا علي افضل حال، تتعاملي مع اللي هنا كويس والضحكة من الودن للودن، عايزة تشمي هوا هتطلعي بلكونة اوضتك بعد ما تخديلك ساتر، ولبسك هيطول ومافيش طلوع من غير إذن ومافيش نقاش ولا إعتراض واي غلطة هتشوفي وش ما يعلم بيه الا ربنا انتي فاهمة ولا اعيد تأني "
كادت تشل من كمية التعليمات التي قالها عليهآ مرة، كادت تشل حقا، انه يطلب منها المستحيل ؤفهي لا تجيد اي شيء مما قال ولا تستطيع أن تظل تحت حكم بهذه الطريقة أو بغيرها، فكان ابيها كريما يدعها تتصرف بحرية كيفما شاءت واردات ولكنها تجد حالها الان في مأزق يضيق عليه يكاد يختلع روحها منهآ... صمتت ليخرج قائلا مستنكي تحت عشان تفطري معانا....
وهبط لاسفل.... تلحقه بعد دقائق لتجلس مكان ما يشير لها قائلا... هعرف باللي موجودين... دي امي ست الكل الحجة سعاد... وأشار بحبور قائلا.... ودا سيد الكل جدي سلطان....
ودي اختي الصغيرة آخر العنقود مروة ودا جوزها حسين وابن عمنا الموسطن.... واخواتي البنات كلهم متجوزين برا مصر وحسين عنده اخ برا واخت عائشة في محافظة تانية......
سلطان بهدؤء... متعزم على مراتك تاكل يابني...
فراس وهو يتناول طعامه بهدؤء... مش محتاجة عزومة يابو قلب حنين انت... يلا كل عشان علاجك مش كل يوم...
سلطان بهدؤء... متقلقيش عليا انا كويس...
فراس بمزاح... وهتبقي كويس اكثر لما اعرف غيم كيس البن اااي رفعالك ورفعلي الضغط دا .
سلطان بهروب... ضغظ اي يابني وبن وقهوة، ياه دا انا من زمان ..
فراس بضحك... خلاص يابو الكل متحلفش انا عارف اني هلاقيه...
هتفت مروة بحب... ايوة علي المدعي عبء الإثبات...
فراس وها يتاملها بمشاكسة... ضحك عليكي بكام يا حلوة يا صغيرة انتي...
سعاد بهدؤء.. خلاص يا فراس قولنا مافيش كلام علي الاقل...
مروة بضحك... خليه يمكن الاكل يقف في زوره ونخلص...
آمنت لوجين في سرها وسط ضحكهم فنظر لها شرزا... وقال... دا ببعدك ياحبيبتي بعد الشر عني..
مروة بمزاح.. قطة بسبع أرواح بتتكلم اول مرة اشوف قطة بسبع أرواح بتتكلم، ياعم دا انت لسا طالع من يومين من مصبية أحمد ربنا...
فراسوهو ينهي.. النية صافية... بس... يلا انا ماشي. وبليل مالك وأهله جايين اعملوا حسابكم... سلام..
ورحل يتابع شئون عمله وبعد قليل رحل حسين ليغادر لعمله أيضا...........
. ..... وفي القصر كانت وسام تجلس في غرفتها حتي أتت الجدة قائلة.. زينه دلوقتي يابتي...
وسام بهدؤء... الحمد لله... احسن من الاول...
جلست بجوارها قائلة... طاب سبيبي الكتاب اللي في ايدك وريحي روحك حبة...
وسام بهدؤء... امتحاناتي قرب وعايز أنجز...
الجدة بهدؤء.. وانا عايزة اقعد معاكي واشبع منك..
وسط وهي تضع الكتاب جانباً وتبسم لها وتضع رأسها علي ركبتها... احكلي اي حاجة عايزة اشبع من كلامك.... .
الجدة بإبتسامة... ياه يابتي، هحكليك لما كنتي بت اربع سنين وكنتي بتحبي تلعبي مع البط كتير جوى، وتجري وراهم في المياه وكذا مرة معتصم يلحقك من الغرق ولكن مافيش لازم كل يوم تروحي المزرعة وتطلعي تجري وراهم وتاكليهم.... وكنتي بتحبي الهدوم اللي عليها شكلهم ؤحتي كان في كرتون اسمه بسم الله الرحمن الرحيم..
وهنا هتفت وسام قائلة بحبور... بطوط
ابتسمت الجدة قائلة.... ايوة هو كنتي بتحبيه قوى... ويوم من الايام معتصم منع الرجالة يخليوكي تنزلي وراهم عشان كان في افعي في الترع وكان خائف عليكي وانتي زعلتي وادهم حب يراضيكي وقالك نلعبوا استغماية..فرحتي وهربتي منيه...
ضحكت قائلة... اوعي تقولي اني روحت الترعة..
ضحكت الجدة قائلة بحب ... لا روحتي تستني البط في مكان نومهم لحد ما رجعوا من اكلهم وشربهم ولقوكي وصراحة عملوا فيكي عمايل كتير، غريب وسطهم بقي، منهم فضلوا يعضوكي وانتي عايزه تلعبي معاهم والدينا برا مقلوبة عليكي ولما خلاص فاض بيكي طلعتي تثرخي، وتجري لحد ما لاقيكي معتصم جريت عليه واخذلك في حضنه وانتي بتشكليه من اللي عملوه فيكي.. وأكملت قائلة... كنت صغيرة بنت تلات سنين تلاتة ونص أربعة كدا مش هتفكري كل حاجة حصلت وقتها ؤلكن انا فاكرة كأنه إمبارح....
ابتسمت وسام قائلة... بجد مافيش حاجات تاني... دا انا كنت مسخرة علي قد...
الجدة بحب وهي تمسح علي شعرها... لا كنتي قمع عسل مصفي وكنتي بتحبي العسللل قوى كمان والعسل وكل الحلويات اتحرمت عليكي من الدكتور عشان كان في حاجة في سنانك تعابكي... وممنوع الحلو عنك وانتي تعيطي عايزة العسل مش بتفطري غير لما يكون قدامك وزعلتي وماكلتيش ورحتي من ورانا لاوضة الحزين وجبت كرسي معرفش إزاى زقتيه يا معفوثة أنتي، وواخدة معلقة وبتطلعي عشان تطولي بلاص العسل اتقلبي فيه... وقعدتي تعيطي لحد ما هو طلعك كان عارف انك مش ساهلة وهتعمليها...
وسام بعدم فهم... مين دا...
الجدة بضحك... يوه معتصم يابتي...
وسام بتذمر... مش فاكرة الحوار دا...
الجدة بهدؤء... ايوة انتي بس فاكرة الفرس اللي قتله معتصم...
وسام بشيء من الحزن علي ذاك الفرس التي كانت تطمع أن يكون من نصبيها ولكن قتله هذا الغدار ومن يومها بدأ الكره يتسلل داخله ناحيته.... " فرسي... الله يرحمه بقي"
الجدة بهدؤء... فعلآ، لاسف اتصاب بحمي معدية واتعزل ومافيش فائدة من علاج والحكيم قال لازم يقتل عشان ميعدش باقي المزرعة، وقتها معتصم زعل جوى عليه دا كان مربيه ليكي ولكن اضطر يقتله ويدفنه....
تعجبت وسام لهذا الأمر قائلة... محدش قالي بعدها لي...
الجدة بهدؤء... عشان انتي مسالتيش...
وسام بهدؤء.... مش مشكلة هخلي جدو يخلي واحد باسمي لما انزل معاه هناك...
فضحكت الجدة قائلة.... زى البط أكده...
وسام بهدؤء... خلاص كنت عيلة الله، بس تعرفي جدو عسل كان بيجبلي عرايس ولعب كتير... رغم اني زعلانة منه ولكن بحبه برضو...
الجدة بهدؤء.... جدك ربنا يديه الصحة عمره ما عز حاجة عنك وياما جبلك حاجات وغير عديتك وكسوتك ومصروفك حتي لو انتي مش معانا، بس مش لوحده اللي كان بيعمل كدا...
وسام بهدؤء... ايوة عارفة معظم اللي هنا كان بيدني عيدية وبيجلي حاجات حلوة...
الجدة بهدؤء.... بشوقك بقي...
وسام بتساؤل... كنت هبلة وانا صغيرة للدرجة...
الجدة بإبتسامة... ياه كنتي عسلللل مكرر يابت الغالي... بكفايا حديث عشان ترتاحي شوي...
وسام برجاء... لا خليكي لحد ما انام....
أكملت الجدة بالمسح على شعرها وجهها حتي غفت الأخري بوهن وتعب شديد... لتغيب في عالم النوم، بعدما وعدتها الجدة أن تجالسها من ل يوم لتقص لها طفولتها أثناء صغرها في الأعوام لها وذكريات ابيها أيضا وكل ما تعلمه، فهي تريد أن تتدخر بعض الذكريات للقادم، فربما ترحل عن هنا وتبقي الذكريات....... فهي تعلم أن لهذا الوقت وقع ابيها خطأ أهان به الجميع وكرامة انثي أيضا ولكن كل هذا فائت ومنقضي وحقا صدقوا عندما قالوا لكل وقت أذان ولكن زمان حديث ومقال وفعل... ويبقي الماضي حرب تحرق الجميع هكذا، حيث أن لا أحد يعلم الحقيقة كاملة ولا أحد سيعلم فصاحبها ليس هنا وانقضي أمره لربه ليحكم فيه... وعند الله تتجمع الخصوم........... يتبع. ..........
أنت تقرأ
" سلسلة معزوفة العشق"... الجزء الأول.. (.... شعاع عشق بلهيب إنتقام)......
General Fiction...... من بداية اللحظات... الي نهايات ألم ثار وإنتقام وظلم وجهل.... ولكن هل من مخرج..... بدون أن اخسر قلبي.. قبل روحي... التي تعني أنت...