11~

1.9K 109 11
                                    

في هذه الفترة لم ييأس صادق من البحث عن وظيفة وساعده "علي" الذي كان يرتد كثيرا الى بيته , فترحب به أم صادق جل الترحيب وتقدم له احسن الضيافة , حتى تعلق بها تعلقا شديدا كأنها والدته , وأصبح يتردد مع صديقه لإلقاء المواعظ دائما فأصبح التأثير عليه قويا , فقد التزم بصلواته الخمسة وأصبح يقرأ القرآن وانشرح قلبه للتدين كصادق , وهذا الأخير الذي سعد لأجله كثيرا وكانت الفرحة الكبرى حين تخلص من الأموال الربوية والتزم بوظيفته كمدرس في ثانوية مما جذب الطلاب اليه كما كان يفعل صادق من قبل , فالصاحب ساحب وهاهو علي يقع في صحبة جيدة تأثر بلفعل..
..
ونقى قلبه من الحب المحرم وجاء في ليلة يتناول العشاء مع صادق يبشره برغبته بالزواج ..ودار بينهما الحديث المرح

:"هل نويت الزواج اخيرا .."
..
"نعم, سأتزوج اريد الاستقرار وبناء اسرة .."
..
"وهل ستزعج زوجتك بالحساب والضرب والقسمة  وقصص آنشتاين  ونظرية طاليس الرياضية.."(بمرح)
..
"سأكون اقل ازعاجا منك ,لعلك تزعج زوجتك بالحلال والحرام ولايجوز ويجوز..
رمقه نظرة غضب مصطنعة ونفخ خديه وحبس انفاسه بطرييقة غريبة..
"مالذي تفعله!"
..
"احاول منع نفسي من قول لايجوز وحرام وحلال"
..
ضحك الرجلان لحديثهما المرح ,فسكت علي بعدما جلست أم صادق معهما . واحمر وجهه قائلا ..
:"نويت الزواج يا أمي"
..
"أمك! هل نحن أخوان بالرضاعة!"(قالها صادق بمزاح)
..
:"ألف مبروك يا بني , اتمنى ان تجد العروس المناسبة وان لم تجد ساخطب لك بنفسي فأنت بمقام إبني"
..
وقف صادق وكأنه يمثل مشهدا مسرحيا ..
"سيداتي سادتي ,نقدم لكم الخطابة أم صادق"
..
وضحكا من تصرفه الغريب ثم عمت دقيقة صمت حتى كسرها علي مرة اخرى ..
:"لقد وجدت العروس .. احتاج فقط للموافقه "
..
"ومن يرفض عقل آنشتاين مدرس الرياضيات.."
..
"لا اعلم لم أكلم أخاها بعد رغم وجود رقمه معي"
..
"حسنا اتصل عليه الآن , "
..
حمل علي هاتفه والصقه بأذنه , وفجأة رن هاتف صادق ..
..
:"يا صديقي لقد أخطأت انت تتصل على رقمي"
..
سكت علي وأومأ رأسه حتى رد صادق على جواله فسمع علي يقول له ..
..
:"مرحبا سيدي , أود أن أخطب يد كريمتكم "أبرار" على سنة الله ورسوله"..
.
وضعت الأم يدها على صدرها من الفرحة , بينما تجمد وجه صادق وهو ينظر لملامح علي الهادئة , خشي للولهة الاولى أن يرفضه ولكنه قال .
:"كيف أعطيك يد أختي! , هل ستعيش أختي دون يد!"
..
ضحكوا لجنونه ثم قال بجدية ..
:"القرار لأختي , إن وافقت سأوافق طبعا"
..
ووضع يده على كتفه باسما مطمئنا إياه

ذهبت الأم مهرولة الى حجرة ابنتها , كانت مركزة مع الحاسوب الذي أمامها تطقطق اصابعها على لوحة المفاتيح , ضمتها أمها من الخلف حيث ارعبتها ,وأصبحت تقبلها وتضمها لصدرها تلاعب خصلات شعرها الطويل ,,
..:"ستصبحين عروسا عن قريب ياصغيرتي"
..
"عروس!!"
..
"نعم لقد خطبك علي صديق أخاك للتو ما رايك!"
..
بدت علامات الاستفهام على وجه الصبية , إرتدت حجابها لتلقي عليه نظرة خاطفة من وراء

ضحكت لأمها ضحكة صفراء ثم هرولت لغرفتها مرة اخرى بينما تبعتها الأم بحيرة ..
:"يستحيل ان أتزوج هذا المتطفل"
قالت لأمها وهي تركز في شاشة الحاسوب بوجه عبوس ..
..
"لماذا! مالذي يعيبه!"
..
"لا أريد فحسب .."
..
ضربت الأم كتف طفلتها وهي ترص على اسنانها غضبا ,, "هذا خامس عريس ترفضينه , إن لم يكن هناك سبب مقنع فسوف اغضب منك كثيرا!"
..
وخرجت الأم بغضب بينما تأففت أبرار من كلامها , "
..
في مكان آخر كانت هناك فتاة تعمر الفرحة وجهها وهي تحزم أمتعتها لترحل لعش الزوجية الجديد .
كان عرسا بسيطا بين الاقارب والأهل وبعض الجيران , لبست العروس فستانها الأبيض وهي تعقد يدها بيد العريس الذي هو بأبهى طلة ,

كانت مزامير السيارات تعمر الحي والعروس قد غطوا جمالها بدشداشة العريس , وعلت الزغاريد حتى زلزلت العمارة , واتجها العريسان الى الفندق لقضاء ليلة البناء ..
..
بعدما تفرق الناس وانتهى العرس كانت أسيل ترى البيت موحشا بغياب اختها , هذه المرة الأولى التي شعرت أنها وحيدة , تفقدت زوايا المنزل الصغير فرأته باردا رغم تدفأة المنزل , ضمت ركبتيها واسندت رأسها على فخذيها , تبكي بأنين مسموع , حتى قاطع نوبة بكاءها رسالة هاتفيه من رقم غريب ..
:", ألف مبروك لأختك الصغيرة , والعاقبة لك أيتها الجميلة , ....عمر"
..
تأففت حينما قرأت إسمه في آخر الرسالة , مسحت دموعها وهرولت لتنام , كانت ليلة باردة , وحيدة كالظل, الآن وقد شعرت أنها بحاجة الى رجل فعلا!!.
...
..

كان يجلس على طرف سريره , شارد في الأمد البعيد, كأنه يفكر في أمر ماا, رفع عينيه للسقف كأنه يستنجد بالله , يكلمه بلغة العيون وهو على يقين أن الرحمان يعلم مافي النفوس.
..
استلقى على ظهره وجمع كلتا كفيه على مؤخرة رأسه وغاص في أفكاره ..
..
وبعد دقائق معدودة جاءه إتصال من رقم غريب , ضيق عينيه وهو ينظر لشاشة هاتفه , ضغط على زر الرد وهو ينتظر , إن كان صوت امرأة أغلق السماعة وإن كان رجلا كلمه ليرى مايريد ..
ولكن لحسن الحظ كان رجلا ذو صوت خشن للغاية , أردف قائلا ...:"ألو.. الأستاذ صادق!"
..
"وعليكم السلام من معي!"
..
"أنا مدير مدرسة إعدادية ,أبحث عن مدرس مادة الدين يكون مناسبا ليربي الأجيال على تعاليم شريعتنا الإسلامية , سألت في كل مكان وأغلبهم رفض لقلة الأجر .."
..
حسنا, من أين جئت برقمي .."
..
"لقد سمعت لصدفة في مقهى أحد الأحياء يتحدثون عنك بكل إيجابية وينتظرون يوم الأسبوع لتأتي لإلقاء موعظتك ..
. .. سألت عنك حينها ومدحك الجميع , طلبت رقمك من صاحب المقهى فأشار لرجل يجلس في طاولة تحوي كرسيين ظننت في البداية أنه انت  , ..
قد أخبروني أنه صديقك, هو شاب طويل القامة , أبيض البشرة وأصفر الشعر تعلوه عينيان زرقوتان بلون البحر مع لحية خفيفة صفراء , قد ظهرت عليه علامات التقوى"
..
تبسم صادق بعدما عرف أنه علي من خلال اوصاف الرجل.
..
"دلني عليك وأعطاني رقمك مادحا إياك بكل خير .. "
..
"انا موافق سيدي , فقط أرسل لي موقع الإعدادية"
..
"توافق قبل أن تعرف المقابل?"
..
"المقابل ياسيدي رضا الله وإعداد جيل صالح تقي يخاف الله عزوجل ,هذا هدفي من التعليم .."
..
ظهر السرور على صوت الرجل , وقال بحماس ..
:"سنتقابل غدا إن شاء لله , السلام عليكم سيد صادق.."

.."وعليكم السلام"
..
علت البسمة وجهه وقال فرحا ,, شكرا يالله , شكرا لأنك لاتنساني وتعوضني دائما بالخير..

مـحبوبي آلمـلتحي !حيث تعيش القصص. اكتشف الآن