13~

1.9K 98 11
                                    

في غرفة مليئة بآلات الرياضة , كأنها صالة صغيرة تخص أهل المنزل فقط . يقف ذلك الثلاثيني على آلة الجري , يضع سماعاته بصوت عال يستمع لأحد المحاضرات المهمة , وجهه الذي يصب عرقا , لحيته السوداء التي لمعت كلما مسح وجهه بالماء ..
..
وقفت تلك الحسناء مربعة يديها الى صدرها وقد أسندت كتفها على الباب تنظر اليه ..
..
انتبه لوقوفها فأزال السماعات من أذنيه وقال ..
:"آسف لم أنتبه .. "
..
"لا عليك ., أنا موافقة"
..
"موافقة على ماذا"
..
"على الزواج من علي"
..
أوقف آلة الجري وهو ينظر اليها بصدمة مخلوطة بالفرح ..
:"حقا!!"
..
"نعم"
..
أرجو أن لاتكون أمي من جعلتك توافقين تحت ضغط منها, لأنني لن أقبل بتزويج أختي دون رضاها"..
..
"أمي لم تعلم بعد بموافقتي"
..
"حسنا سأخبرها لاحقا"
..
وخرجت "أبرار"من حجرة أخيها دون أن تزيد حرفا , ولكن لم يبدو على وجهها السرور ولا الفرح ولا حتى الحياء , ألا يقال أن موافقة البكر تكمن في سكوتها? ..
..

رجعت الى حجرتها وهي تسند رأسها من الخزانة تتأفف من قرارها المفاجئ ,
..
دق عليها الباب فأذنت له بالدخول ..
:"هل انتي بخير ايها الزعيم?"
..
"نعم انا بخير "وابتسمت بسمة مصطنعة تحاول إخفاء تلك الدمعة التي حبستها بين جفنها ورمشها ..

.. ضم اخته الى صدره بقوة فانفجرت باكية ولم تستطع السيطرة على مشاعرها ..
مسح يده على خصلات شعرها الحريرية وبقي يهدئ من روعها ,, يقبلها على جبينها ويطمئنها أن لديها أخا تستطيع الوثوق به وأنه السند لها في هذه الدنيا , لن يصيبها سوء بوجوده ..
..
نظرت في عينيه اللامعتين , ومسحت دموعها بكم قميصها ..
برم شفتيه مازحا ..
:"لو فتحنا مصنعا للدموع لأصبحنا أثرياء , لقد أغرقت ثوبي من دموعك..:"
..
ضحكت وسط بكاءها وما اجمل المبسم الذي يختلط بالدموع ..
جلست على طرف سريرها بينما يخاطبها بحنان ..
:"أخبريني ماسبب حزنك . إن كان علي لا يعجبك فليس الزواج بلقوة , "
..
أومأت برأسها نافية عن ذلك السبب ..
:"لا أنا فقط لا أود مفارقتك أنت وأمي , "
..
إصطنع الغضب وعقد حاجبيه وحول عينيه بطريقة مضحكة ..
:"سيحضرك كل يوم الى  زيارتنا  , وإن لم يفعل سأضع أصابعي في مقلتيه وأخرجهما كي ألصقهما في أذنيه .."
..

ضحكت لتصرفه الغريب وضمته بقوة ..:"احبك يا أغلى سند لي في الكون"
..
:"أحبك ايضا أختي الزعيم"
..
دخلت الأم عليهما بالصدفة وضمت كفيها ومالت برأسها إليهما ..:"ماهذه المشاعر الفائضة الجياشة"
..
"أمي ارجوك لاتقطعي لحظات الرومنسية"
..
"دعني ازوجك وأفرغ رومنسيتك في زوجتك ليلا ونهارا"وغمزت له..

احمر وجهه خجلا وحمحم ليغير الموضوع ..:"أحمم , سيأتي صهرك المستقبلي الليلة , ساعزمه على العشاء"
..
"صهري"!
..
"نعم خطيب ابرار ابنتك"

..
شهقت الأم وقالت مصدومة ..:"وهل وافقت أخيرا "
..
علت زغاريدها البيت , وضمت اولادها الى صدرها بسرور وفرح ,

... تجمدت الأم بينما نظر اليها صادق بقلق ..
:"أماه مابك!"
..
"رائحة عرق مخلوطة بالمسك ."
..
ضرب يده على جبهته وخرج يهرول من الباب وصرخ من بعيد ..:"لقد نسيت ان استحم , انتهيت من الرياضة للتو واشغلتني ابنتك و... انزلق في الحمام كي يصرخ .. ركضت اليه المرأتان بقلق ,دقت امه الباب ..:"هل انت بخير ! هل حصل لك مكروه!!"
..
:"لا ,انا بخير فقط أعتقد ان عمودي الفقري قد إنقسم الى قطع صغيرة .."

..
حسنا استحم واخرج دعني ادهن لك ظهرك ..
رد عليها بصوت يصطنع أنه عجوز ..
:"بالزبدة!"
..
:"لا بالمرهم ايها المشاكس ..!!"
..

.....

تلك الشقراء الصغيرة , ذات العينين الخضروتين والشعر الأصفر المخملي الذي قد قسم الى ضفيرتين ..
تنظر اليها أسيل منتظرة الإجابة على سؤالها التي طرحته للتو باللغة الأجنبية ..
برمت شفتيها وهزت برأسها , "سيدتي أنا لا أجيد هذه اللغة وإن رسبت فيها ستغضب جدتي حقا!"
..
"لا لن ترسبي سأقف بجانبك وسوف تنجحين حتما"(برقة وحنان)
..
مسحت يدها على خدها الناعم تبتسم في وجهها بثغرها الجميل ..
قالت الصغيرة ..
:"تشبهين أمي كثيرا ,,"
..
ضحكت أسيل وقالت مازحه..:"حسنا عرفيني على امك يبدو أنني وجدت توأمتي أخيرا"
..
تجمدت ملامح الصغيرة ولمعت عينيها موشكة أن تسقط حبات الدموع .. :"قد توفت منذ ولادتي ولم أرها الا في الصور التي رآءتني إياها جدتي"
..
شعرت أسيل بقشعريرة تسري في جسدها , قلبها يعتصر ألما , وجهها قد إحمر حين تذكرت طفولتها دون أبويها , كانت بعمر الصغيرة "قمر" دون أم وأب تحتاج من يعلمها, يأويها , يطعمها ويسقيها, لكنها فعلت ذلك لوحدها ,قوية منذ طفولتها .. لحسن الحظ أن "قمر"تمتلك جدة عطوفا تحميها وتربيها حتى يشد عودها.
.

.
قطع شرودها إتصال هاتفي , مسحت على رأس الصغيرة :"سأذهب كي أعد لك حليبا وبعض الحلوى , أكملي الإجابة على باقي الأسئلة ..سأعود حالا.."
..
اتجهت الى المطبخ وردت على المكالمه بغضب مصطنع ..
:"أخيرا تذكرتي أن لك أختا تسألين عنها .."
..
تغيرت ملامح وجهها حين أخبرتها ريم بموضوع سفرها المفاجئ لسبب توظيف زوجها في تلك البلاد وأنها ستغييب عنها مدة طويلة وتحاول زيارتها في الإجازات . واعتذرت لضيق الوقت الذي لم يسمح لها بتوديعها وأقفلت المكالمة بناءا على إنتهاء رصيدها ..
..
..
عادت الى الصغيرة قمر ووضعت أمامها صينية من الحلويات وكأسا من الحليب ..
إشمئزت من منظر الحليب وقالت لها أنها لاتشربه . فبدلته بكأس من العصير اللذيذ ,وانتهى لقاءهما بعدما جاءت الجدة واصطحبتها الى المنزل شاكرة إياها على الدرس, رفضت أخذ مقابل منها بإعتبارها الحصة الأولى كهدية منها

مـحبوبي آلمـلتحي !حيث تعيش القصص. اكتشف الآن