الفصل التاسع

2K 111 1
                                    


إنطلقت هيلينا سريعاً متجهة مرة أخرى إلى أحراش الأوكانا.. تمتطي قلبها.. تقودها دقاته المتسارعة حيث يسكن هوسها.. شغفها.. حبيبها الذي لم تراه عينيها إلا من خلال بلورة سحرية حتى ظنته السحر ذاته.. كلما تخيلت أنها ستمضي الأيام المقبلة بجواره تشعر بسعادة غامرة وسرعان ماتمتزج السعادة بالخوف.. خوف إعتادته عليه منذ علمها بحقيقة أمره.. ذعراً يتملك منها عندما تتذكر خضوعه للعنات خطيرة.. ألماً لا يبرح مكانه.. تود أن تتبادل معه الادوار حتى لو عرضت حياتها للخطر من أجله لكن للأسف حياته مقرونة بهذا الوشم الذي يخترق اوردته والمواجهة إقتربت لا مفر منها..

حاولت إستجماع شجاعتها وإيمانها بالإنتصار.. تقطع عهداً على نفسها بالظفر في هذه المعركة.. ستعيده إلى مكانه ومكانته حتى لو لم يحبها مثلما تعشقه يكفيها شرفاً أن تصحح وضعاً خاطئاً دفعوا ثمنه غالياً

********************

في قصر الأم ريڤا /

حاولت سيلڤيا التماسك أمام الجميع حتى لاتثبط من حماسهم بالرغم من غصتها المريرة التي تعبأ جوفها بطعم صدأ .. خروج إبنتها من أسوار ليبرا يجعلها على حافة الإنهيار.. طفلتها التي حرمت منها منذ ولادتها تقبل التضحية لأجلهم .. فخورة هي بها.. خائفة بل مرتعبة عليها.. متأملة نجاح مسعاها.. متضرعة في قلبها أن تسترد الأمانة الغالية.. إبن قلبها.. وولي عهد روحها.. چايدن الذي ترك بنفسها أثراً دامياً لم يطيب بين أحضان ابنتها الحقيقية .. رسمت ابتسامة هادئة على وجهها وطلبت من مارسيل ولوريس الإتجاه إلى آلابيستر لمتابعة شئون المملكة دون إثارة إنتباه البلاط الحاكم ..بينما مكثت هي وچوليا في قصر والدتهما ..إقتربت منها شقيقتها تنظر إليها بحزن فهي أقرب القلوب إحساساً بها ليس لأنها مرت بتجربة فقدان فلذة كبدها وحسب.. رباطهما الذي انقسم يوم ولادتهما مازال حياً ينبض بداخل كلاً منهما ينصص بينهما المشاعر.. نصف الالم.. نصف الحزن.. نصف الفقد.. يخيل لمن يشاهد إقترابهما أنهما شخصاً واحد لكل منهما نصف قلب..

جلست چوليا بجوار أختها تربط على كفها بحب قائلة : هونِ عليكِ حبيبتي.. لا أستطيع أن أراكِ حزينة

قاومت سيلڤيا دموعها محاولة الإحتفاظ بهدوئها : أنا بخير.. إطمئنِ يا عزيزتي

أحاطتها چوليا بذراعها تمسد شعرها بحنو بالغ بينما هي أسندت رأسها على كتف شقيقتها.. مغمضة العينين تكبح غلالة من الدموع تجمعت في مقلتيها تنتظر لحظة الإنهيار.. أخذت نفساً ثقيلاً حتى تريح من نبض قلبها المؤلم ثم قالت بصوت ضعيف : سيمر چوليا.. هذا الوخز الذي يمزقني سيمر.. أنا على يقين

مسحت چوليا على ظهرها بحنان قائلة : كنت اعلم أنكِ ستتألمين.. لماذا إذن؟.. يكفي ألمي.. لن أتحمل رؤيتك أمامي هكذا

تنهدت سيلڤيا بألم شديد وكأنها تحارب نصل سكين حاد مغروس في صدرها ثم أردفت بخفوت : هذا الألم سكن ضلوعي منذ فراقي لچايدن.. إشتقت إليه كثيراً ..مازال صدى كلمة أمي من بين شفتيه يتردد في آذاني.. رائحته تزكم أنفاسي ولن أرتاح إلا وهو بين أحضاني ..أطمئنه وأشد أزره كما كنت أفعل من قبل

( خادم الوشم) بقلم ( نيللي العطار)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن