الفصل الثالث عشر

1.9K 112 0
                                    

تحركت هيلينا بتوتر.. تحاول إخفاء مزيج المشاعر التي تجتاح كيانها.. خوفها منه وعليه...قلقها الذي ينمو كلما سمعت صوته الغاضب.. شكها حول هذا العنف الذي يعاملها به وكأنه يعاقبها.. نظراته المشتعلة بلهب موجه نحو قلبها.. تعمده الضغط على حروف الإسم المستعار الذي تستتر خلفه ليوصل إليها رسالة إنكشافها أمامه.. توقفت فجأة لتلتفت إليه وجدته يسير خلفها بوجوم شديد.. يرمق ساقها المجروحة بنظرات غامضة.. تورمت الغصة في حلقها لدرجة خانقة لكنها تحاملت علي نفسها واذدردت ريقها بصعوبة بالغة قائلة بصوت مرتجف : هل تشعر بالتعب من السير؟

عض على جانب فمه يحاول منع نفسه من صفعها بقوة حتى تزيل الحواجز التي ترتفع بينهما نتيجة الظنون المتأرجحة في رأسه ثم أجابها بعد لحظات من الصمت المتوتر بسخرية : أنا بخير.. أنت الذي تسير بعرج.. ماخطب ساقك؟.. هل جرحتها؟.. أم أنك مولود بعاهة؟

تلعثمت بشكل ملفت وخرجت الحروف من بين شفتيها غير منسقة وكأن حجراً سقط على رأسها جراء أسئلته المفاجئة حول جرح ساقها.. إستجمعت شجاعتها ثم ردت عليه بحديث أشبه بالهذيان : ساقي.. تؤلمني قليلاً ..لكنني بخير

ضحك بخفوت قائلاً : يمكنني حملك حتى نصل إلى وجهتنا

جحظت عينيها بتوتر ثم أردفت بإرتجاف واضح : كيف تحملني؟!.. أنت تهذي؟

ضيق عينيه يقول بابتسامة هازئة : هل غضبت.. فيرات؟... كنت أود مساعدتك فقط.. ساقك تبدو متعبة للغاية.. أعدك أنك ستستمتع كثيراً بين ذراعي

شهقت عالياً ولم تستطع السيطرة على حالة التذمر التي اصابتها من كلماته المريبة وصدحت به بعصبية : أنت وقح .. من فضلك إلتزم حدود الأدب

إشتعلت نظراته بشكل مخيف مما جعلها تتراجع إلى الخلف بخطوات متعثرة لكنه أسرع في الإمساك بذراعها غارزاً اظافره في لحمها يتعمد إيلامها ثم هدر عالياً بصوت كاد أن يخترق أذنيها : أخفض صوتك وأحفظ لسانك وإلا قطعته وأطعمته لك.. ساقك المجروحة لا تعنيني في شئ..

تجمعت الدموع في مقلتيها تحاول التحدث لكنه منعها بصوته الهادر مرة أخرى بعصبية أكبر : إعتدل في سيرك أمامي لا تتعثر مثل النساء

أغمضت عينيها تجاهد ألا تبكي قائلة بصوت مهزوز : عذراً .. لكن ساقي تؤلمني قليلاً

دفعها بعنف لتسقط على ظهرها أمامه قائلاً بصراخ : لا تشكو همك.. لقد حذرتك وإلا اغرب عن وجهي لا أريد رؤيتك

نهضت من مكانها تحاول إخفاء ألمها .. تشعر بنزف حاد في ساقها من أثر سقوطها لكنها لم تظهر شيء أمامه خوفاً منه وإستقامت واقفة ثم قالت بثبات زائف : تستطيع السير أمامي حتى لا ترى خطواتي المتعرجة

تجاوزها قائلاً بحدة : حقاً أنا متعجب من إختيار لوكا لأحمق مثلك حتى يساعدني..

إبتلعت إهانته وسارت خلفه تجر ساقها غصباً .. تجاهد على إخفاء ألمها.. لكن دموعها رفضت الإختباء أكثر من ذلك.. بكت بشهقات مكتومة حتى لا يصب جام غضبه على رأسها .. أما هو كان يتمزق ندماً على ما إقترفه في حقها.. يريد الالتفات إليها ليرفعها بين أحضانه .. قلبه يحثه على تضميد جرح ساقها.. لكن ماذا عن جرح روحه النازف؟.. وعنقه الخاضع لنصل بارد يشد أوردته بهدوء قاطع.. يعاني ويلات مميتة أقلها ضرراً الثعبان اللعين الذي ينتظر أوامره..

( خادم الوشم) بقلم ( نيللي العطار)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن