الفصل الرابع

3.2K 71 3
                                    

الفصل الرابع
حياة جديدة
اعتادت الحياة الجديدة وبدء الحزن ينكمش داخل قلبها وذكريات والدها تحفر فى عقلها الباطن وبدات تعتاد على الفيلا ولكن ليس بخارج غرفتها أو غرفة كاظم وكل خميس تذهب لزيارة والدها ولم تكن ترى جاسر إلا قليلا عندما يمر على والده لرؤيته فتتركهم وحدهم دون أي حديث فمنذ أن تصادمت معه حتى مات الكلام بينهم ولكن نظرات العيون المتبادلة لم يفهما أيا منهما وعرفت من لي لي انه خاطب وبالطبع عرفت أن الجميع غير راضي عن ندى ولكنها لم تهتم
بدء العجوز يتحسن وشجعته على الخروج إلى الحديقة ولم يتركه دكتور وائل الذي كان يتابعه بالمشفى ولاحظ كاظم نظرات الطبيب لها فتضايق وحاول أن يقلل من زيارته وبدء العجوز يشارك أولاده على مائدة الطعام وبالطبع هي معهم ولكن جاسر لم تكن تراه إلا نادرا على العشاء كانت تمضي وقتها بين القراءة لكاظم أو لنفسها أو مع لي لي عندما تكون موجودة إلى أن تغير الوضع بحضور ندى فى ذلك المساء..
بينما لم يعرف هو سر تعلق والده بهذه الفتاه ولكن الغريب انه منذ ان وقعت فى حياته وهو يفكر بها كثيرا براءتها عندها وربما كبرياءها بساطتها فى كل شئ كلماتها ملابسها حتى ملامحها الجميلة بسيطة وهو ما يذيدها جمالا وعند هذا الحد كان يغلق باب التفكير لم تجذبه اى امرأة من قبل اى مغامرة له كانت من باب المتعة ليس اكثر وهم معدودين فالنساء فى حياته قليلة لم يملك الوقت لهن العمل كان كل حياته متعته الاولى والاخيرة.. لذا حتى ندى لم يكن ينجذب اليها الا لمجرد الشكل العام فقط وهى تعلم ذلك وهو لم يهتم..
“ مساء الخير يا عمي كيف حالك "
نظرت جي إلى ندى ذات العيون الخضراء والفم الدقيق بذلك الروج الهادئ وشعرها الأصفر القصير وملابسها الأنيقة والثمينة ورأت جاسر يدخل خلفها بأناقته المعهودة ويقول وهو يلقى عليها نظرة لم تفهم معناها بادلته بنفس النظرة وكأنها تستفسر عما تخفيه عيونه
" مساء الخير "
لم تتحرك وهي تراهم يحيطون بالرجل الذي قال " اهلا يا ندى كيف حالك متى عدتي ؟"
جلست أمامه ووضعت قدم فوق الأخرى لتظهر كل ساقها من تلك الجيب القصيرة ونظرت لجاسر الذي فتح جاكته وجلس بجانبها وسمعها تقول
" اليوم صباحا أخيرا انتهيت من إجراءات القرية السياحية ما رأى حضرتك لو عزمتك فيها لقد اختلفت بعد التجديدات "
نظر كاظم لجاسر وقال " وجاسر هل سيذهب "
رد " لا أعلم لم اتفق معها على شئ عندي أشغال كثيرة "
قالت ندى بدلال شعرت هي انه مصطنع " حبيبي لابد أن تتفرغ انهم يومان فقط من فضلك "
لم تعد تتحمل ربما ضايقها التصنع او التكلف او ربما شئ اخر داخلها لم تفهمه بعد.... فقامت وهمست لكاظم
" هلا اذهب انا "
ولكن الرجل قال " لا سنتناول العشاء وانتي معنا "
نظرت ندى إليها وكأنها تراها لأول مرة وقالت ببرود " من هذه ؟"
بالطبع لابد أن تتحدث عنها بهذه الطريقة فلا يمكن إجراء أي مقارنة بينهما قال جاسر ببرود وهو ينظر اليها
" الممرضة الخاصة ببابا "
تفحصتها عيون ندى وقالت " وكيف تتناول معنا العشاء من المفروض أن تتناوله مع الخدم "
شعرت بالدماء ترتفع في وجهها وقالت " انا ممرضة ولست خادمة ثم ماذا بهم الخدم انهم بشر مثل حضرتك تماما يعملون ويكسبون المال.. عن إذنكم "
قالت ندى بضيق " كيف تحدثيني هكذا انتي وقحة وقليلة الأدب "
نظرت إليها كادت ترد لولا أن قال كاظم بغضب " ندى انا لا أسمح لكي بإهانة أحد من أهل بيتي اعتذري لها "
تراجعت ندى وقال "ماذا! بالطبع لن افعل جاسر؟ "
نظر جاسر لها ثم قال " بابا هلا نحل هذا الأمر بيننا "
ولكن الأب أصر " قلت اعتذري لها "
احمر وجه ندى ووقفت وقالت " لا بالطبع لن افعل عن اذنكم "
وتحركت إلى الخارج قام جاسر بنفس البرود ليتبعها ولكن كاظم قال " لن تذهب "
لم يتوقف وقال " بابا.."
حاولت أن توقف الدموع ولكنها لم تستطع امسك كاظم بيدها وقال " لا تبكي يا جي هكذا هي ندى انا أعلم أنها جرحتك ولكن.. "
قالت " حضرتك داويت جرحى ..انا فقط تذكرت بابا وعرفت لماذا لم يكن يريدني أن اعمل لأنه كان يرى هذا العالم الذي لم أراه "..
هدأت وهي تعطي العجوز دواءه قبل النوم وجلست لتقرء له ولكن دق الباب ورأت جاسر يدخل قامت ولكن جاسر قال
" انتظري.. بابا من فضلك لابد أن أخبرها أن ما حدث اليوم لن يتكرر مرة أخرى "
قالت بقوة لم تعرف من أين تأتيها " انا لم افعل شئ هي التي اخطأت ام حضرتك لم تأخذ بالك "
نظر إليها وقال " هذا لأن لسانك هذا أطول من اللازم ويحتاج إلى قصه وأنا سأفعل أن لم تكفي "
قالت " لن أكف وأنا انتظر أن تفعل.. هيا انا انتظر.. "
لم تكن تعلم كيف تاتيها القوة للرد عليه رأته يتجه إليها ولكن رغم دقات قلبها القوية إلا أنها لم تخاف وهو يتقدم نحوها ويقول بغضب
" لا تستفزيني أنتى لا تعرفين من أنا؟ أنا يمكنني أن اسحقك بأصغر اصبع لدى فابتعدي عني "
كان الغضب الذي تطاير من عيونه يكاد يحرقها وتأملهم كاظم وكأنه سعيد بهم فقالت
" أخبرتك أني لا أخاف ليس عندي ما أخاف عليه او أبقى عليه هل تريد قتلي فالتفعل ام تريد تعذيبي تفضل فليس هناك الم يمكن ان يؤلمني من بعد الم فقدان بابا هيا تفضل "
توقف جاسر امام عيونها الجريئة والمليئة بالدموع فتراجع وقال " بابا من فضلك ضع لها حد والا لن اضمن رد فعلي معها "
قال كاظم اخيرا " جي هلا تهداي جاسر علي حق "
نظرت اليه فغمز لها فتراجعت فاكمل " علي العموم هي اذا كانت أخطأت فانت تعلم ان ندي ايضا أخطأت "
نظر اليها كانت عيونه السوداء تتأملها ولكن بغضب اسقطت عيونها العسلية بعيدا عنه وسمعته يقول
" نعم ولكن لا يمكن ان تعتذر لها حضرتك تعلم ندي "
اجاب كاظم " اعلم ولكن من اخطأ يتحمل نتيجة خطؤه "
رد جاسر" بابا هلا ننتهي من هذا الامر هذه الفتاة لا يأتي من وراءها الا المشاكل و. "
قاطعه الرجل بحزم " جاسر ندى هي التي افتعلت المشاكل وأنت تعلم أني لن أتنازل عن جي "
" بابا "
" هيا يا جي اكملي لي الكتاب أريد أن أنام "
شعرت بالإحراج لجاسر الذي نظر اليها بغضب ثم انطلق إلى الخارج بغضب واضح وهو لا يعلم سر تمسك والده بها
بالطبع لم تتحسن علاقتها بجاسر ولم تهتم لانها تعلم انها لا يمكن ان تناطح السحاب طولا وهو ايضا لم يهتم لأنه ليس هناك امرأة تستحق اهتمامه ..
“ حبيبي وحشتني "
رفع راسه من علي الاوراق وراي ندي وهي تدخل وتتجه اليه فقال " اهلا ندي لم تخبريني بقدومك "
جلست علي طرف المكتب امامه ووضعت قدم فوق الأخرى وقالت " وهل احتاج للاذن.. "
قال " لا ولكن اين كنتي اتصلت بكي كي اخبرك عن المهندس الذي طلبيته فلم تردي "
قالت بلهفه " بجد هل حصلت عليه من هو ؟ "
قام وتحرك بعيدا وقال " مهندس تعرفت عليه منذ يومين بالجيم وعرفت انه كان يعمل بشركة صغيرة تركها لانه اعترض علي طريقتهم ففكرت بكي "
اتجهت اليه ووقفت امامه وقالت " مهندس صغير ولكن انا اريد شخص كفؤ لن اجازف باي مهندس "
قال بهدوء " لا تقلقي انا اعرف عنه كل شئ "
تعلقت في رقبته واقتربت منه وهمست " حبيبي لا اعرف كيف اشكرك.. ام ربما "
اقتربت منه اكثر لم يثيره قربها ولا رائحة عطرها النفاذة ابعد ذراعيها وقال " ندي نحن بالمكتب "
ولكنها زادت من قبضتها وقالت " جاسر نحن لا نقترب من بعض نهائيا انت دائما تبتعد هيا لابد ان نعتاد على بعض قبل الزواج ولن يدخل احد دعنا نلهو قليلا "
تخللت يدها قميصه وهي تعبس بالأزرار وتخللت يدها صدره وهي تقترب بوجهها منه وتهمس
" جاسر حبيبي "
اقتربت شفاها من شفاهه بدعوة مفتوحة لأي رجل فجذبها اليه وعبست يده بأزرار بلوزتها وكانه يحاول ان يبادلها حركاتها ولكن دون ادنى رغبة منه مجرد مجاراة لها وكاد يكمل تحت تأثيرها المغري لولا ان فتح الباب فجأة وسمع صوت لي لي
" جاسر مفاجئة... "
ولكنها لم تكمل عندما رأتهم في ذلك الوضع وما زاد الامر سوء وجود جي معها التي احمر وجهها مما رأت وتراجعت..
عدلت ندي من نفسها وابتعد جاسر وصدره يظهر من وراء قميصه المفتوح ولم يهتم وهو ينظر للفتاتان بضيق لان اخته وزميلتها رات مثل ذلك المشهد وقال
" لي لي ! ما الذي احضرك "
نظرت لي لي نظرة ذات معني لندي وهي تقول " هاي ندي "
ردت ببرود " اهلا لي لي. "
نظرت لاخوها وقد عدل قميصه وشعره فقالت " عيد ميلادي بعد بكرة ودادي طلب مني ان امر عليك لأطلب منك تدبير الحفل ولكنى لم اعرف انك مشغول "
جلس خلف مكتبه وقال " لم اعد مشغول الان.. الي اين انتي ذاهبة ؟ "
قالت لى لى " سنذهب لشراء ملابس للحفل وسنتناول الغداء سويا "
نظرت ندي لهما وقالت " جاسر انا ذاهبة عندي موعد هام متي سأقابل المهندس "
نظر اليها وقال " سأطلبك ونحدد موعد "
نظرت لي لي اليها وقالت " الن تأتي عيد ميلادي "
ابتسمت ندي ببرود وقالت " بالطبع سأحضر كل سنة وانتي طيبة باي "
اتجهت لي لي اليه وقالت " يدك علي بطاقة الائتمان دادى قال انك ستفعل هيا "
ابتسم واخرج محفظته واعطاها واحدة وقال " تفضلي ستذهبين وحدك "
قالت " لا مع جي "
لم ينظر اليها وقال " واين صديقاتك اصحاب الذوق الرفيع "
تضايقت من كلماته ولكنها لم ترد بالتأكيد بملابسها السوداء البسيطة هذه تبدو كالحمقاء
قالت لي لي " انت لا تعرف شئ انا طوال عمري اشتري ملابسي مع جي ولكن انت لم تكن موجود ام نسيت "
نظر اليها تأملته ثم اخفضت عيونها فقال " نعم. ولكني الآن موجود "
صاحت وقالت " هل تأتي معنا؟!.. من فضلك يا جاسر انت لم تخرج معي من قبل هيا ..نشتري الاشياء ثم تعزمنا علي الغداء هيا لا تضيع الوقت "
امسكته من يده وجذبته ولكنه قال " لا اعتقد ان وجودي سيكون شيء جيد كي تكونوا براحتكم هيا اذهبي انا عندي شغل كثير هيا هل تريدي اي شيء اخر "
احبطت وقالت " لا خلاص مخصماك باي "
ابتسم وتابعها وهي تبتعد وقال " هل اهون عليكى؟ "
قالت بجدية " نعم طالما انا اهون عليك... هيا يا جي "
قال " تعلمين ان ذلك غير صحيح انا فقط مشغول "
لم تنظر اليه وقالت " اعلم الشغل اهم مني "
قام واتجه اليها وامسكها من ذراعها لم تنظر اليه فرفع وجهها بيده وقال " حبيبتي انا لا اتحمل هذا الغضب انتي تعلمين.. "
قاطعته " الشغل نعم خلاص انا ذاهبة "
اعادها وقال " خلاص حبيبتي سآتي معكي فقط لا تغضبي هكذا "
صرخت وقالت " حقا ؟حبيبي يا جاسر "
احتضنته بقوة وقالت " حبيبي بموت فيك هيا بسرعة انا اموت من الجوع "
كانت تشعر بارتباك في وجوده لا تعلم لماذا ولكن لم تعترض
انتقت لي لي فستان ولكن جي انتقت لها واحد اخر وعندما ارتدتهم اعجب جاسر بما انتقته جي دون ان يعلم انه ذوقها واصرت لي لي ان تشتري جي هي الأخرى فستان وبالفعل انتقت واحد اسود اعجبها واشترته مع ملزماته وكذلك لي لي
واخيرا جلس الثلاثة في قاعة الطعام في انتظار الطعام قالت لي لي " لا تنسي ان تعد للحفل "
ابتسم وقال " وهل يمكن ان انسي اختي الصغيرة المزعجة "
ضحكت وقالت " نعم اعلم ... ما رأيك فى الفستان انه ذوق جى دائما هى هكذا تملك ذوقا فريدا "
نظر اليها كما فعلت فلم يرد...رات زميلاتها يدخلون ويشيرون اليها فقامت وقالت
" جاسر ثواني اسلم عليهم "
تفاجأ الاثنان بذهابها اخفضت عيونها وواصلت صمتها الي ان قال " لي لي متعلقة بكي جدا "
نظرت اليه كانت عيونها العسلية تشع ببراءة غريبة قالت " وانا ايضا نحن نشانا معا منذ الصغر كنت اتي عندكم كثيرا مع بابا رحمه الله حتي ينتهي عمله فأعود معه ومن وقتها وانا وهي لا نفترق "
اندهش وقال " ولكني لم اراكي من قبل حتي عندما انزل اجازة لا اعرفك "
قالت " نعم ولا انا عندما كنت حضرتك تأتي كان بابا يمنعني من الذهاب كي لا يزعجك وجودي "
قال " اه هو يعلم انكي بالفعل مزعجة "
نظرت اليه بضيق وقالت " انا.. لماذا وفيم ازعجتك "
لم يتحرك وقال " منذ ان ظهرتي بحياتنا وانتي مزعجة تنهارين بالمشفى ويلتف حولنا الجميع وتنتحرين بالمنزل ويسمع بنا الجيران وبالفيلا اثرتي ضيق خطيبتي اليس كل ذلك ازعاج "
احمر وجهها وتضايقت فقامت وقالت " حسنا انا ذاهبة كي لا ازعجك هنا ايضا "
قال بقوة " اجلسي لا تفرجي علينا الناس.. اجلسي "
ارتبكت وشعرت بانه علي حق فجلست فقال " انا علي حق تصرفاتك تسبق تفكيرك "
قالت " انا.. علي العموم حضرتك لا تعرفني وانا لن اشغل نفسي بتصحيح افكارك فهي لا تهمني "
اقترب منها ونظر بعيونها وقال " بجد ؟ اشك "
قالت بعند " لا لا تشك لا اعتقد اصلا انني من اهتماماتك وحضرتك ايضا لست من اهتماماتي لأني اعرف من انا ومن حضرتك "
ابتسم وقال " ما هذا العقل صدمتيني حقا "
ثم اقترب وقال " هل حقا تعرفين من انتي ومن انا.. اتمني .. انا اصلا لا اعرف كيف تثق لي لي في فتاة مثلك لا مستواها ولا شكلها ولا اي شيء فيها يليق بنا وانا ايضا كيف اجلس الان معكي. لا أعرف "
شعرت بالأهانة وكادت تقوم لولا ان عادت لي لي بروحها المرحة " هيا يا أخي الحبيب اطلب الغدا بسرعة "
لم تنتبه لتلك الدمعة التي كادت تفر من عيونها قبل أن تمسحها ولكن هو انتبه وتراجع في ارتياح ربما تبتعد عن طريقه..
يتبع...

رواية انين القلوب     بقلمى داليا السيدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن