الفصل السابع والعشرين

2.4K 51 13
                                    

الفصل السابع والعشرين
جى
اطمأنت انه سيخرج براءة اغمضت عيونها ثم ابتعدت لخارج المحكمة بعدما تركت خطابها مع المحامى لن تعود لقد انتهى عملها وادت وعدها عادت الى وائل نظر اليها وقال
" انهيتى المهمة "
هزت راسها وقالت " نعم اريد عمل كما وعدتني "
قال " بعد الولادة لن تتحملى "
قالت بإصرار " بل ستدهشك قدرة تحملى فلم اعد جى الضعيفة التى عرفتها لقد تغيرت كثيرا "
قال" لا اظن فتلك هى نفس النظرة البريئة التى عرفتها ولم تتغير ربما الحزن احاطها ولكن مازال الحب كاسيها "
ابتعدت عيونها وقالت " دكتور ارجوك انا اريد العمل ولا اريد اى حديث عن الماضي "
هز راسه وقال " مدام رضوى سيدة عجوز مريضة سرطان طلبت ممرضة خاصة لتقيم معها باسوان من عائلة كبيرة هناك عاشت هنا سنوات طويلة والان تريد ان تعود لبلدها لتمضي بها ما تبقي لها من عمر هل توافقي؟ "
هزت راسها وقالت " نعم اوصلنى اليها الحقائب بالتاكسي "
كانت رضوى امراة مسنة احاطها الايمان بنور جميل يريح النفس احبتها جى كعادتها فهى مازالت نفس الفتاة التى تصدق كل الناس وتساعد كل الناس سافرت معها الى اسوان ورغم مشقة السفر الا انها تحملت وعرفت المراه بحملها وسعدت كثيرا بها واحاطتها بما تبقي لديها من حب وحنان
“ صباح الخير اراكى مبتسمة اليوم "
قالت رضوى " رايت زوجى بالمنام وكان يبتسم لى ويخبرنى انكى ستنجبين ولد اسمه احمد "
تراجعت وقالت " احمد.. اسم جميل "
" كنتى تريدين فتاه؟ "
زالت البسمة فقالت رضوى " جى ماذا تخفين؟ "
نظرت لها وقالت " لا شئ انتى تعرفين كل شئ ولكن هو تمنى فتاه وانا تمنيتها من اجله "
ربتت على يدها وقالت " مازلتى تحبينه "
هزت راسها فاكملت  " لم العذاب والبعد اذن؟ "
قالت " اهون من قربه الذى يؤلمنى "
قالت رضوى " لماذا يا بنتى لابد ان تغفرى من اجل ابنك "
قالت جى " حتى لو غفرت لن اعود ومن اجل ابنى ايضا كى لا يسمع ابوه وهو يعايرني كل مرة لانى ممرضة ابنة السائق جاسر لن ينسي وانا لن اغفر "
قالت رضوى" لا اظن ان بعد ما حدث له سيظل على ما كان لابد ان تغيره الاحداث والشدائد عودى اليه وامنحيه فرصة "
قالت بالم " لا لا استطيع لقد فات الاوان من فضلك انهى الموضوع اذا كنتى لا تريدين يمكنني ان اذهب و.. "
قاطعتها المرأة " لا بالطبع اريدك لم يعد لى سواكى لن اتحدث مرة اخرى ولكن لا تذهبي " هزت راسها
عرفت من الجرائد بزواج لى لى وتابعت الامر واستأذنت فى السفر حاولت بكل الطرق اخفاء بطنها التى ظهرت عليها معالم الحمل واستمرت حتى رات الحفل ورات لى لى كانت تبكى من سعادتها بها وراته من خلف الاشجار تغيرت ملامحه قليلا بسبب الحزن الذى يكسو عيونه ولكن مازال على وسامته واناقته التى اخذت قلبها كم اشتاقت اليه والى احضانه تحرك جنينها وكانه يخبرها بوجوده نظرت لبطنها وقالت
" نعم هو والدك حبيبي لم ولن احب سواه "
استدار ناحيتها ولكنها كانت قد اختفت ورحلت قبل ان يصل لمكانها ويشتم عبيرها 
ومرت الايام ووضعت ابنها احمد الذى نطقت ملامحه بملاح والده فرحت رضوى بأحمد الصغير فهى لم ترزق بأولاد لم تعد تستغنى عنه ولا عن وجوده ومرت الايام صحيح ان المرأة كانت تنبض بالألم ولكن ايمانها كان اقوى وافعال الخير التى تؤديها اكثر من انفاسها واعادت لجى نفسها الطيبة ونست ندى وقسوتها معها ولم تعد تفكر الا فى احمد ورضوى و رغم انها تعرفت على الكثير من الشخصيات الهامة فى المدينة النائية الا انها كانت تتحرك فى اطار انها ممرضة رغم ان رضوى لم تكن تعتبرها كذلك وشاركت مع اهل المدينة فى كثير من المناسبات و الاعياد والمجاملات
“ يوسف عبادى اتصل وسيأتي اليوم  "
نظرت لرضوى وقالت " وماذا؟  "
كانت تعلم انه رجل اعمال معروف بالمدينة كان يعتبر نفسه صديق لزوج رضوى رغم فارق السن و منذ ان رأى جى حتى اصبح اكثر قربا
قالت رضوى " لقد تحدث معى مرة اخرى عنكى "
نظرت اليها وقالت " وانا اخبرت حضرتك قرارى انا لن اتزوج ساعيش لابنى فقط من فضلك تخبريه "
سمعته يقول "ولم لا نعيش سويا له "
نظرت اليه شاب فى نفس عمر جاسر ولكن اين هو من وسامة جاسر او قوامه او رجولته او شخصيته قامت وقالت
" اهلا يوسف بيه تفضل "
حدق فيها بعيونه السوداء وقال " تهربين ام ماذا "
قالت بأدب "لم اعتاد على الهروب انا امامك ولم اذهب "
قالت رضوى " تفضل يا يوسف واجلس "
قال " ماما رضوى كيف حالك اليوم؟  "
قالت " الحمد لله "
عاد اليها وقال " جى هل اخبرتك ماما رضوى بطلبي "
هزت راسها وقالت " نعم واعتقد ان حضرتك سمعت ردى "
وقف امامها وقال " سيكون احمد ابنى وسأكون والده اعدك بذلك فقط وافقى جى انا معجب بكى و اريدك زوجة لى من فضلك فكرى جيدا "
ابتعدت وقالت " لا داع للتفكير لأنه لن يغير قرارى انا لا افكر بالزواج "
عاد اليها وقال " هل هناك رجل اخر "
نظرت بغضب وقالت " يوسف بيه لا اسمح لك "
اسرع يقول " اذن لماذا الرفض؟ "
قالت وهى تزيد البعد " لأننى لا اريد اكتفيت بما عشت ولا اريد الا ابنى فقط فمن فضلك لا تضغط على اكثر من ذلك "
اخفض رأسه وقال " حسنا ولكن انا لن اياس سأظل على امل ان يلين قلبك "
نظرت اليه ثم قالت " ماذا تحب ان تتناول؟ "
ادرك انها تغير الموضوع فاستسلم و اتجه لرضوى وجلس امها وقال " لا شئ تعالى اجلسي كى نتحدث عن المشفى "
ومرت سنه على احمد وبعد عيد ميلاده الاول كانت رضوى تودع الحياة بين يدى جى وقالت " جى ان الاوان لان اذهب "
قالت بحزن " انتى ايضا ستتركينني مثلهم "
قالت المرأة بألم " تمنيت الا افعل ولكن ليس بيدى لقد انتهى الاجل.. اسمعينى انا ليس لى احد وانتى اصبحتى كل من لى انتى واحمد لذا انا تركت له كل ما املك كتبته باسمه وانتى الوصية عليه لن اطلب منكى ان تعودى لزوجك او توافقي على يوسف ولكن عودى للحياة ولا تتركيها انتى اقوى من ان تهربي عودى وابدئى من جديد اريدك ان تكملى المشفى الذى يشارك فيه يوسف و تخصصي فيه قسم لعلاج الفقراء بالمجان باسمى انا اتفقت معه على ذلك وباقى المشفى للأغنياء لتنفقى من هذا على ذلك عديني ان تفعلى يا جى عديني "
هزت راسها من بين الدموع وقالت " اعدك كما وعدت عمى كاظم من قبل "
ورحلت المرأة تاركة لها ذكريات قليلة ولكنها جميلة ومؤلمة فى ذات الوقت...
اقامت المشفى التى طلبتها رضوى مع يوسف الذى اعتبرها فرصة ليتقرب بها منها ولكنها اوقفت كل محاولاته وربما ادرك فى النهاية ان قلبها مشغول بسواه ولكنه لم ينجح فى اكتشاف ذلك الرجل الذى ملك مشاعرها وانما خمن انه ربما يكون والد احمد الى ان حكت له فى النهاية وتأكد من حبها لجاسر ففقد الامل فى ان ينال قلبها واكتفى بان يكونا اصدقاء ..
انطلق معها فى اقامة المشفى بعد ان تركت اسوان وعادت واهتما بانشاء قسم المجان وترك لها يوسف ادارة كل شئ لما راه من ذكائها وحسن ادارتها وتولت هى كل شئ واختارت لقسم المجان اجهزه افضل من اى مشفى خاص وافتتحته واخذتها الايام واستسلم يوسف للصداقة التى كانت تمنحه وجودها فى حياته ولم يعد ياتى كثيرا لانشغاله بالسياسة فهو مندوب بالبرلمان فى اسوان فكان يتابعها بالتليفون وكلما اشتاق اليها يأتى ليراها بحجة متابعة العمل ومر الزمن سنة واثنان اصبحت المشفى اثنان وفى الجديدة نفس القسم المجان وباسم رضوى ايضا واصبح اسمها بين الجميع كالجوهرة فى طيبتها واخلاقها مع الجميع سواء العاملين او المرضى او الاطباء
" مدام جولى المعدات الجديدة وصلت الن تريها "
قالت " بلى ساراها ولكن هل طلبت دكتور سعد لأمير الصغير "
" نعم يا فندم وهو بالطريق "
قالت " تمام هيا دعنا نذهب و.. "
سمعت صراخ امرأة فقالت " ما هذا؟  "
قال الدكتور الذى يقف معها " اعتقد انها حالة ولادة "
ولكن ما ان اقترب رجال الاسعاف حتى رات لى لى فانقبض قلبها وانطلق شلال الذكريات وفتح باب الالم ولكنها لم تهتم وانطلقت اليها لن تتركها فهى اختها ولم تفكر ان جاسر ربما يكون معها ..
انطلق الى المطار وركب الطائرة وقلبه ينبض بالخوف على اخته فهى ابنته وعائلته كلها تذكر عندما اخبرته انها حامل وكم كانت سعيدة لأنها كانت تنتظر سنتان الى ان شاء الله وقتها تذكر هو الاخر عندما عرف ان جى حامل لم يعرف ماذا يقول او يفعل كاد يطير من الفرحة والسعادة ولكن زالت الفرحة وانقضت السعادة ترى اين هى وما هو مصير ابنها اوابنه اذا كانت قد انجبته فهو الان فى الثانية او ربما سنتان ونصف او ثلاثة لم يعد يعلم ولم يعد يعد الايام ليته يراها ويضمها لاحضانه مهما مرت الايام مازال حبها يسكن قلبه لم يقل قيراط واحد ولكن الى متى سيظل الحلم حلم دون ان يتحول لواقع
وصل الى المشفى بأقصى قوة واخبره الاستقبال بمكانها فاسرع الى المصعد وما ان فتح بابه حتى اندفع خارجا منه بكل قوة دون ان يهتم بمن امامه فاصطدم بها واستدار ليرى بمن اصطدم وتوقف وتوقفت واختفى الجميع من حولهم والتقت العيون وتعالت الانفاس وتساقطت الذكريات وتعالت صيحات القلوب فرحة باللقاء...
هل يمكن ان يكون هو؟  كانت تعلم انها ستراه طالما لى لى هنا فلابد ان يكون هو ايضا هنا ولكنها ظنت انها اقوى من ان تهرب من مواجهته ولكن شعرت بالضعف يجتاحها وهى تنظر بعيونه تغيرت ملامحه بتلك اللحية المنمقة بعناية زادته وسامة وهيبة ولكن مازالت هى نفس العيون كما هى نفس عيونها التى تعلق بها ولكنها تغيرت اصبحت اجمل وانضج وارقي اكثر اناقة وجمال لكن نفس الحزن ونفس البراءة بنفس العيون
اخذها صوت الدكتور " مدام جولى هيا تأخرنا على الاجتماع "
عادت لنفسها وبصعوبة ابعدت عيونها واتجهت الى المصعد ولم تنظر اليه وهى تخفى عيونها وربما تمنع دقات قلبها من ان تفضحها وقبل ان يغلق الباب نظرت اليه وكأنما الباب ايقظه حيث نطق باسمها
" جى انتظرى جى "
لم ترد فقد اغلق المصعد اسرع الى السلم ونزل وجد المصعد فى الطابق الاسفل نزل مرة كحاخرى بقوة وقلبه يدفعه دون وعى لن تذهب بعد ان وجدها وما ان وصل لاسفل حتى وجدها تركب سيارة وينطلق بها السائق حاول ان يلحق بها ولكن لم يستطع
نظر الى سيارتها ولم يفهم من هى الان لقد تغيرت كثيرا هل يمكن ان تخطأ عيونه.. وماذا عن قلبه الذى شعر بها ودق لها لا لن يخطأ فى تلك العيون كاد ينطلق وراءها ولكن تذكر ان ليس معه سيارة فتوقف دون اى امل فى اللحاق بها..
عاد الى الداخل واتجه الى الاستقبال وقال " هل يمكن ان اقابل مدام جى "
نظرت اليه الفتاة وقالت " مدام جى من؟  "
مرر يده بلحيته ثم قال " جولى.. مدام جولى صبري "
قالت الفتاة " اه لقد ذهبت الان الى المشفى الاخر ولن تعود اليوم ربما غدا صباحا يا فندم "
نظر اليها وقال " المشفى الاخر؟  اى مشفى ومن صاحبه "
قالت " هى يا فندم انه ملكها مثل هذا المشفى "
تراجع وهو لا يفهم اى شئ جى تملك كل ذلك من اين لها ذلك لقد اعادت اليه كل ما تملك اخرج هاتفه واتصل
" الو عابد من فضلك تحرى عن صاحبة مشفى..... ومشفى.... وأخبرني بكل شئ عنها بأسرع وقت "
" حاضر يا فندم "
اغلق الهاتف وقد تملكته الحيرة انها هى جى ولكن ما كل هذا واين كانت تلك السنوات ومن اين؟؟
يتبع

رواية انين القلوب     بقلمى داليا السيدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن